أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بن غربي احمد - تفكيك السلطة استراتيجية الاستعمار الجديد














المزيد.....

تفكيك السلطة استراتيجية الاستعمار الجديد


بن غربي احمد

الحوار المتمدن-العدد: 8398 - 2025 / 7 / 9 - 00:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تفكيك السلطة: استراتيجية استعمارية جديدة لإعادة هندسة العالم العربي

منذ نهاية الحرب الباردة، دخلت الدول القُطرية في العالم العربي مرحلة من الاستقرار النسبي، وإن كان استقرارًا هشًا، ارتبط بدوران أنظمتها السياسية في فلك الهيمنة الغربية، خاصة الأميركية منها. غير أن هذا "الاستقرار" لم يكن سوى واجهة زائفة تخفي خلفها عمليات ممنهجة من التحكم في القرار الوطني، سواء عبر القروض والهيئات المالية الدولية، أو من خلال التحالفات العسكرية والأمنية المشروطة.

لكن في كل الأحوال، كانت السلطة السياسية هي الهدف المركزي في أجندات القوى الكبرى: تُدجَّن حينًا، وتُفكَّك حينًا آخر، بحسب موقعها من النظام العالمي ومقدار تمردها على قواعد "النص الإمبريالي". هذا ما حدث مع نظام صدام حسين، حين قررت الولايات المتحدة الأميركية بعد 11 سبتمبر أن تعيد رسم خارطة "الشرق الأوسط الكبير" باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان. فتم تفكيك السلطة بالقوة، وإنشاء نموذج جديد يقوم على تشتيت مراكز القرار، وترسيخ الطائفية والانقسام.

غير أن الأزمات المتلاحقة، وخاصة الأزمة المالية في 2008، بدأت تُضعف قبضة الهيمنة الأحادية، وتفتح المجال لتنافس قوى دولية صاعدة، مثل روسيا والصين، تبحث عن مواطئ قدم في المنطقة. ومع تصاعد هذا الصراع الدولي، تحوّلت السلطة في بلداننا إلى ساحة تجاذب مفتوحة، ما بين اختراق سياسي، واحتواء أمني، وتفتيت اجتماعي.

جاء "الربيع العربي" ليكشف هشاشة الكيانات السياسية في المنطقة. لم تسقط أنظمة فقط، بل انهارت المنظومات التي كانت تضبط توازن السلطة. ومع كل سقوط، كانت قوى خارجية تتدافع لملء الفراغ: إما مباشرة، كما حدث في ليبيا عبر التدخل الأطلسي، أو بالوكالة، كما في سوريا واليمن والسودان.

وبات المشهد يتكرر: سلطات رسمية ضعيفة، تقابلها مليشيات مسلحة أو قوى موازية تحظى بدعم خارجي، تفرض أمرًا واقعًا، وتتحدث باسم "الشرعية الثورية" أو "التمثيل الشعبي"، بينما هي في الحقيقة أدوات لإعادة هندسة السلطة بما يخدم مصالح القوى الإقليمية والدولية.

وفي هذا الإطار، يمكن قراءة التحولات في السودان، حيث أصبح المشهد السياسي موزعًا بين "جيش رسمي" و"قوات دعم سريع"؛ وفي ليبيا بين حكومة طرابلس وقوات حفتر؛ وفي مالي حيث تصعد سلطة غويتا المدعومة من فاغنر؛ وفي العراق مع فصائل موالية لإيران. أما في غزة، فالمخطط أكثر تعقيدًا، إذ تسعى إسرائيل اليوم، بدعم من سلطة رام الله والإمارات، إلى إعادة استنساخ نموذج المليشيات، كما يبدو في ظاهرة جماعة "أبو شباب"، بهدف ضرب وحدة المقاومة وتفكيك البنية الاجتماعية والسياسية للقطاع.

وفي مصر، بدأت ملامح نموذج مشابه تتشكل من خلال دور "مجموعة العرجاني" في شمال سيناء، وهي كيان اقتصادي–أمني شبه خاص، يضطلع بمهام تنفيذية كانت من اختصاص الدولة، كالتوسط مع القبائل، واحتكار الإعمار والمقاولات، بل والتحرك في المساحات الرمادية بين الأمن والمال والسياسة. وقد يكون هذا التمكين بوابة لتكوين سلطة موازية، تعمل على هامش الدولة، أو ربما داخلها، لكنها خاضعة لسلطة مركزية عليا غير خاضعة للرقابة الشعبية، وهو نموذج مرشح للتوسع في بيئات مماثلة.

ما يجمع بين هذه الحالات، هو ضرب العقد الاجتماعي من الداخل، وتحويل السلطة من مشروع وطني إلى أداة وظيفية لقوى الخارج. يتم ذلك إما عبر المليشيا، أو عبر تحالفات اقتصادية–أمنية تخلق واقعًا سياسيًا مزدوجًا: سلطة لها شرعية شكلية، وسلطة فعلية تقرر وتنفذ.

إننا أمام مرحلة تاريخية جديدة، لا تتجلى فقط في تعدد الأقطاب، بل في تفكيك السلطة بوصفها آلية استعمارية ناعمة. فبعد أن فشل الاحتلال الصريح، وتراجع التدخل العسكري المباشر، عادت القوى الكبرى لتستخدم أدوات داخلية – محلية الطابع، خارجية التبعية – لإعادة ضبط ميزان القوة في دولنا.

وحده الوعي بهذه الاستراتيجية، ومقاومتها ببناء سلطات شرعية، متجذرة في المجتمع، قادرة على حماية وحدة الصف الوطني، يمكن أن يشكل نقطة البداية لاستعادة السيادة. فالمعركة اليوم ليست فقط على الأرض، بل على من يملك القرار داخل هذه الأرض.



#بن_غربي_احمد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الابادة الجماعية في غزة وموت الضمير العالمي
- الديبلوماسية الاستراتيجية في زمن الحرب قطرا نموذج
- قراءة فيما بعد طوفان الأقصى
- حارة المغاربة الذاكرة التى لا تنسى
- ملامح تجذر الموقف الجزائري الداعم للشعب الفلسطيني
- بعد جرائم الإبادة في قطاع غزة القانون الدولي بين الازمة واعا ...


المزيد.....




- صنعاء: تظاهرة بعشرات الآلاف وهتافات ضد إسرائيل وأمريكا
- مسؤول إسرائيلي يؤكد إحراز تقدم في مفاوضات الدوحة ويتهم حماس ...
- لماذذا تهدد روسيا بحظر تطبيق واتساب؟
- قطر تسهل إعادة 81 أفغانيا من ألمانيا إلى بلادهم
- 41 شهيدا بغزة والاحتلال يواصل استهداف المجوّعين
- كيف اعترضت الدفاعات الجوية القطرية الهجوم الصاروخي الإيراني ...
- -لستُ عاملة نظافة عندكِ-.. مواجهة حادة بين وزيرة فرنسية من أ ...
- أمنستي تدعو أيرلندا لإقرار قانون الأراضي المحتلة ضد إسرائيل ...
- الحوثيون يهاجمون مطار بن غوريون بصاروخ باليستي
- ما المداخل الممكنة لإعادة الأمن والاستقرار في السويداء؟


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بن غربي احمد - تفكيك السلطة استراتيجية الاستعمار الجديد