استهداف الكفاءات العلمية اثناء النزاعات المسلحة الدولية جريمة مسكوت عنها

عامر حادي عبدالله
باحث
(Amer Hadi Abdullah)

الحوار المتمدن-العدد: 8391 - 2025 / 7 / 2 - 14:32
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    

في خضم النزاعات المسلحة الدولية، لا تكون الخسائر مقتصرة على الجنود والبنية التحتية فقط، بل تمتد لتشمل النخب الفكرية والعلمية، حيث يُستهدف العلماء – عمدًا أو ضمنيًا – في إطار سياسات تدميرية تهدف إلى تقويض الإمكانيات المعرفية والتكنولوجية للدول، هذا النوع من الاستهداف يُعد انتهاكًا صارخًا لقواعد القانون الدولي الإنساني ويؤثر تأثيرًا بعيد المدى على حاضر ومستقبل المجتمعات.
ويُقصد باستهداف العلماء كل عملية قتل أو اختطاف أو تهديد أو تهجير قسري يتعرض له الأكاديميون، الباحثون، أو المختصون في مجالات علمية دقيقة أثناء النزاعات، سواء كان الاستهداف لأسباب سياسية أو أمنية أو انتقامية أو بهدف منع الدولة المعادية من الاستفادة من قدراتهم العلمية ومن اهم الأمثلة الواقعية على ذلك هي :
العراق بعد 2003: شهدت البلاد حملة اغتيالات منظمة طالت مئات العلماء والأكاديميين والمفكرين والكفاءات واصحاب الاختصاصات النادرة، خصوصًا في مجالات الطب، الفيزياء النووية، والهندسة، وسط غياب أي تحقيق دولي فعال، ما أدى إلى “هجرة العقول” وتراجع واضح في الكفاءات العلمية
إيران – استهداف العلماء النوويين: منذ عام 2010، تعرض عدد من العلماء النوويين الإيرانيين لعمليات اغتيال ممنهجة، نُسب العديد منها إلى جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد)، بحسب تقارير دولية واعترافات ضمنية من مسؤولين إسرائيليين. ومن أبرز تلك العمليات، اغتيال العالم محسن فخري زاده في نوفمبر 2020 قرب طهران، والذي وُصف بأنه “أب البرنامج النووي الإيراني”، اضافة الى العاىم النووي الايراني فريدوم دواني في حزيران 2025 الذي استهدف مباشرة في غارة جوية قام بها الكيان الصهيوني.
تُعد هذه العمليات خرقًا للقانون الدولي وتهديدًا خطيرًا لقواعد الاستهداف في القانون الدولي الانساني ومبدأ حماية المدنيين، وتثير جدلاً واسعًا حول شرعية الاغتيال السياسي في إطار الصراع الإقليمي، وما يشهده النزاع الحالي دليل على استمرار الكيان الصهيوني في غيه من خلال استهداف كوكبة من علماء ايران النوويين بدون اعتبار لأية اتفاقية أو لقانون دولي.
أما في إطار الاتفاقيات الدولية فوفقًا لاتفاقيات جنيف وخاصة البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977، فإن الأشخاص المدنيين، ومنهم العلماء، يتمتعون بالحماية من الهجمات المباشرة. كما أن استهدافهم يُعد جريمة حرب إذا ثبت أن ذلك تم بشكل متعمد. ومع ذلك، فإن آليات المحاسبة تبقى ضعيفة في ظل هيمنة سياسية على مؤسسات العدالة الدولية ويترتب على ذلك مجموعة من الآثار اهمها:
•نزيف معرفي طويل الأمد: تؤدي هذه الممارسات إلى حرمان الدول من نخبها القادرة على إعادة الإعمار وتطوير الاقتصاد والتكنولوجيا.
•تدمير البنية التحتية للبحث العلمي: مع غياب العلماء، تنهار المشاريع البحثية والمختبرات والجامعات.
•اضطرابات اجتماعية وثقافية: يؤدي فقدان النخبة المثقفة إلى فراغ قيادي وفكري داخل المجتمع.
وفي الختام فان استهداف العلماء أثناء النزاعات المسلحة ليس فقط انتهاكًا للإنسانية، بل هو أيضًا جريمة ضد المستقبل. فهؤلاء ليسوا مجرد أفراد، بل هم الحَملة لرسالة الحضارة والتقدم. حماية العلماء هي مسؤولية جماعية تقع على عاتق القانون والمجتمع الدولي وكل ضمير.

#عامر_حادي_عبدالله (هاشتاغ)       Amer_Hadi_Abdullah#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل