أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ماسة الرمادي - الرفض واثمانه














المزيد.....

الرفض واثمانه


ماسة الرمادي

الحوار المتمدن-العدد: 8386 - 2025 / 6 / 27 - 20:12
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


عندما كُنت في السابعة من عمري، أذكر أنني رفضت بشدة أن تجدّل والدتي شعري كما أعتادت،
لكوني لم أعد أرغب بهذه التسريحة المملة، كان الرد حينذاك هو الصمت الملغّم بالغضب والقطيعة من قبلِها،
لم أفهم وقتها معنى أن يتجاهلني شخص أحبه لكوني لم أعد أرغب بشيء بسيط مثل جديلتي.
بعدها رفضت أشياء ابسط لوالدي ورأيت الرد ذاته وهو الصمت الغاضب الذي يدعونه الآن بـ"الصمت العقابي"
توالت مواقف الرفض عبر مراحل عمري لنطاقٍ أكبر ومواضيع أعمق حتى تحوّل الصمت إلى معنى أوسع وهو النبذ ثم صار اساس العقاب لكل "لا" أنطقها.
كان يقابل سلسلة النبذ تجاه رفضي سلسلة أخرى من نوع مختلف، مضت تتجدل بداخلي خيوط من القلق والهلع تجاه سلوك الغضب المتعملق نحوي لمن أهتم لأمرهم،
ذلك لكوننا ننشأ على ضرورة فكرة أن نكون محبوبين ومرغوبين من الجميع حتى لو كان الثمن استئصال كلمة "لا واخواتها" من عقولنا،
فتسلل هذا الأمر إلى أفعالنا وردودها خشية أن يمسّ رفضنا نسبة القبول لدى المحيط لنا، او أن تنقص قيمة وجودنا المرتبطة بشكلٍ غير منطقي بقبولها لدى الآخرين.
يقول غاستون باشلار في فلسفته للرفض" إن كلمة "لا" هذه ليست نهائية أبدا بالنسبة لعقل يعرف كيف يجدلن مبادئه.
إنها ليست "لا" الدالة على العدمية، بل إنها، على خلاف ذلك، نشاط بنّاء يهدف إلى التفكير وترسيخ الطابع الخصب للتجربة"
أي لو أننا ناقشنا سبب الرفض في كلّ مرة، بدل التجاهل او الغضب لكانت في كلّ "لا"بداية لمفاهيم تُزيد من مساحة الامان بين الافراد والثقة بنفسك كونك تملك رفاهية اللا دون أن يقابلها ثمنٌ بليغ،
وضرورة المرونة في تقبّل رفض الأشياء لنا مثلما نسعى إلى سيرورة القبول،
لا في التردد او النهاية الحتمية التي قضت على الوجود لاشخاص أختاروا في لحظة زهد من الخنوع أن يقولوا او يرفضوا سلسلة من القبول السام بكلمة "لا او كفى"
لم نتأسس على فكرة القبول للرفض او الليونة بالتعامل مع اللا، وأنما ترعرعنا على هوسية القبول او الفناء دون ذلك،
"كائنات إلغاء" كما وصفنا سيغموند فرويد وهو يحلل امكانية الكائن البشري في الميل إلى إلغاء أغلب ايجابيات المرء لموقف او سلوك معين قد يشمل رفضه لنا بشكلٍ ما،
هذا السلوك الدرامي المظلم المركب من حفنة عبارات تنص على الهلع المضاد لكلمة نعم، الذي زاد شقاء النفس البشرية بركضِها نحو حافة الشعور لأختيار الجلّادة او الضحية لهذه الكلمة،
فعندما قررت بعض النسوة عبر الازمان أن تستخدمها كصوت أخير يود أن يُسمَع، او كطوق نجاة لكيان نهشته كلمة نعم، كان الثمن هو الإلغاء التام، إنه الرفض الذي تدفع ثمنه أحيانًا طموحك،
وأحيان أخرى يكون الثمن أكثر خشونة وهو حياتك كلها.
يختلف ثمن الرفض من جنسٍ لآخر ففي عالم النساء ثمنه يكون أكثر رعبًا من الرجال، وذلك لأن تركيبة الموروث والأفكار تقضي دائمًا على احتمالية اندماج الأنثى بهذه الكلمة هي أمرٌ محال!
ولطالما كانت نتيجة هذا الدمج هي خسارات حزينة، دون أن يأبه أحد بهذا الحزن، لأنها خسارات مقبولة من العرف المعلن عن صراحته بهذا الشأن، لن يخشى أحد أن يفرح وهو يخسرها!
في أحد المرات سألت مرأة مجموعة من الرجال: "مالذي يخشونه الرجال من النساء؟ كانت الاجابة هي "الخوف من سخرية النساء منهم"
وعندما سألت مجموعة من النساء: "مالذي تخشاه النساء من الرجال؟
كانت الاجابة هي "الخوف من أن يقتلوهن".



#ماسة_الرمادي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النسوية والوحش
- مساحة نملة


المزيد.....




- إيلون ماسك ينتقد مجددا مشروع قانون الإنفاق الذي اقترحه ترامب ...
- مقتل 20 شخصًا بينهم أطفال في غارة على سوق مزدحم في مدينة غزة ...
- بالصور: المشاهير يتوافدون على البندقية لحضور حفل زفاف جيف بي ...
- عودة 36 ألف لاجئ أفغاني من إيران في يوم واحد
- مظاهرات تطالب بإسقاط الرئيس الصربي بشبهة فساد
- جيش الاحتلال يلقي منشورات في غزة تتضمن آيات قرآنية
- مظاهرات إسرائيلية ترفض صفقة تبادل جزئية
- المجلس الإسلامي السوري يعلن حلّ نفسه
- أنباء عن تقدم بمفاوضات غزة وزيارة نتنياهو لواشنطن مشروطة
- محللون: مستقبل نووي إيران بات غامضا وإسرائيل ستعتمد التعامل ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ماسة الرمادي - الرفض واثمانه