أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - ماسة الرمادي - مساحة نملة














المزيد.....

مساحة نملة


ماسة الرمادي

الحوار المتمدن-العدد: 7550 - 2023 / 3 / 14 - 18:45
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


في إحدى الليالي الباردة من شهر ديسمبر من عام1988 م، طرقت سيدة في الخمسينات من عمرها الباب، حيث كانت الدماء تسيل من رأسها،
وتغطي الكدمات وجهها، ويخرج منها صوت اشبه بالعواء، كانت تبكي بشكلٍ غريب وكأنها لم تبك في حياتها. وبعد محاولات عدة لتهدئتها
أدركنا بأنها هاربة من منزلها جريًا على الأقدام من نهاية الجزيرة ريف الأنبار/غرب العراق حتى وصلت إلى منزل عائلتي الذي نذهب اليه في العطل.
مازادنا غرابة ونحن ننظر إليها مالذي جعل امرأة بعمرها تهرب كل هذه المسافة في هذا البرد القارص؟
كنت مندهشة وأنا أستمع لصديقتي التي شهدت هذا الحدث في صغرها وهي تقصّه علي لأكتشف بالنهاية بأن هروبها كان بعد تعرضها للضرب المبرح
لأنها لم توافق على قرار زوجها من امراة ثانية، بل أن كل من يعرفها لامها على تصرفها الوقح والمليء بالجحود ونكران المعروف،
فأن زواج فتاة ذات بشرة داكنة التي تمكنت منها عنصرية الإقطاعيين عبر تصديرهم للعرب والريف منهم بشكل خاص قالب المرأة الجميلة
التي لابد أن تكون ذات بشرة فاتحة وإذا كانت محظوظة تكون بيضاء، فالزواج من الأولى هو كرم ومعروف من الزوج له، أما الثانية فهي مكافئة له على معروفه الأول.
تعدد الزوجات في العراق بمختلف أسبابه وبكافة الأعذار المشروعة بمباركة الدين والتي كانت مشكلته الدائمة مع معتنقيه بأنهم يطبقون الأحكام التي تخص النساء بمزاجية ولامبالاة،
او قسوة مميتة، الأمر الذي مازال حتى اليوم يسبب جدلًا وتدليسًا صريحًا لواقع أن التعدد يهين النساء ولا أتى من تطبيقه سوى مرغ كرامتهن ومشاعرهن في الوحل.
وأنتاج أجيال تعاني من القهر والتشتت وعدم إحترام النساء. والدليل بأنه لا يوجد حتى يومنا هذا أي أحصائية دقيقة او عشوائية او تقرير وملف يتعامل مع موضوع تعدد الزوجات بجدية،
او النظر إلى هذا الحكم على إنه اداة صريحة لبطش الظلم الذي يسببه التراث والقبيلة للمرأة الريفية والحضرية.
هناك أحصائية من وزارة التخطيط في العراق لعام 2018 تنبه بأن ناقوس الخطر في الريف قد بلغ أشده.
حيث تصل نسبة الأمية والبطالة للنساء في المناطق الريفية وبشكل خاص في الأنبار لنسبة تتجاوز الخمسة والستون بالمئة.
أن الوضع الذي يسوده التخلف والتردي في حقوق أفراده لم يشمل المرأة فقط بل جميع فئات هذا المجتمع المغمور في تقديس جهله،
ولكن التاريخ يستمر بتعليم البشرية هذا الدرس، وهو بأن الأذى الذي يقع على مجتمعٍ ما يصبح عملاق حين يصل إلى المرأة ويتعملق أكثر حين تكون بشرتها غامقة.
تذكّرني نملة التي يبدو أنها أخذت نصيبها الكامل من اسمها، والتي كانت تُشيّد مملكة على ظهرها ليست لها، لأنها امرأة ريفية سمراء فعليها أن لا تتجاوز مساحتها كنملة،
وكما قالت أحداهن"في دول العبيد النساء عبيد العبيد". فمثلأ في الأنبار عادت المرأة الريفية بعد حرب داعش 2017م خالية الوفاض فلا حرف تعرف تكتبه ولا منزل جدرانه واقفة ولا أرض تحملها هي وأطفالها،
فأن الأراضي التي تركوها وهي مزروعة بالطماطم والخيار عادوا ليجدوا الحصاد الغام وعبوات تلتهم كل من يطئ قدمه عليها.
عادت المرأة التي أخترعت الزراعة سابقًا وبقيت صديقة لها كما تقول الميثولوجيا عن لسان دكتور خزعل الماجدي،
لكي تجد بأن بداية حضارة بلاد مابين النهرين تنتهي أمام عينيها، بأراضي بدل أن تحتضن الزهور، باتت تنبت الموت.
في العراق زحف الريف إلى المدينة ولكن المدينة لم تزحف إلى الريف.
وأصوات التقدمية والمدنية لم تصل إليهم ولم يقدم أحد يوما على شراء مساحة أوسع لنملة في بيتها ولم تتسلل فكرة بأن لونها لم يكن ذنبًا بل كان يمثل كينونتها،
ولم يمنع أحد زواجها في العاشرة من العمر ولم يساند أحد نملة حين أستخدمت حقها في أن تعترض على هتك كرامتها في الخمسين او أن تدافع عن مخزونها للشتاء من أن تأكله شفاه وردية.
ماتت نملة وهي لم تشف من الكدمات وجرح رأسها في تلك الليلة فكانت آخر ماتذكّرته بعد أن تمكن منها الزهايمر هي تلك الجروح لا غير،
وبقيت تردد سؤال" ليش أني سودة؟"
ربما لم تتألم نمله ومثيلاتها بهذه الرقع المظلمة من فكرة الزواج عليهن بقدر ألمهن من تغييبهن عن معرفة السبب الحقيقي او الحصول على أجوبة اسألتِهن التي تبدأ بـ ليش"



#ماسة_الرمادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- محكمة أميركية تلغي حكما يدين -المنتج المتحرش- في قضايا اغتصا ...
- بي بي سي عربي تزور عائلة الطفلة السودانية التي اغتصبت في مصر ...
- هذه الدول العربية تتصدر نسبة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوي ...
- “لولو العيوطة” تردد قناة وناسة نايل سات الجديد 2024 للاستماع ...
- شرطة الكويت تضبط امرأة هندية بعد سنوات من التخفي
- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - ماسة الرمادي - مساحة نملة