ميس الخطيب
الحوار المتمدن-العدد: 8386 - 2025 / 6 / 27 - 08:34
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
من هو الموفد؟
الموفد هو باحث علمي مبتعث من إحدى المؤسسات التعليمية أو البحثية السورية إلى الخارج، بهدف الحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه في اختصاص دقيق تحتاجه البلاد. وغالبًا ما يكون الموفد موظفًا رسميًا، يُرسل ضمن برنامج إيفاد أكاديمي أو مهني، على أن يعود بعد إنهاء دراسته ليخدم في موقعه الأصلي أو في مؤسسة تعليمية أخرى لمدة تعادل مدة إيفاده أو أكثر.
لكن ومع اندلاع الحرب، ونتيجة لانعدام الأمان وتفكك مؤسسات الدولة، وظهور عوائق قانونية وأمنية واقتصادية، وجد آلاف الموفدين أنفسهم محاصرين بين إنجازاتهم الأكاديمية بالخارج، وواقع إداري مجحف في الداخل لم يتغير أو يتطور ليتلاءم مع الظروف الوطنية والإنسانية.
مقدمة
في خضم المآسي التي عاشتها سوريا خلال السنوات الماضية، لا تزال أزمة الموفدين من أكثر الملفات تعقيدًا وإهمالًا...
معضلة بلا حلول حقيقية
الواقع أن القوانين الحالية لم تواكب حجم التحول العميق الذي طرأ على حياة الموفدين منذ عام 2011...
القانون وحده لا يكفي... بل يجب أن يُعاد صياغته
- الإعفاء الكامل أو الجزئي من الغرامات غير المنطقية، خاصة في حالات الحرب وفقدان الأمان.
- إلغاء قرارات الفصل والملاحقة بحق الموفدين، وإعادة الاعتبار لهم كمواطنين لا كمتخلفين عن الخدمة.
- منحهم وظائف تتناسب مع مؤهلاتهم العلمية، بمرتبات تحترم مكانتهم وتكفي للعيش الكريم.
- تقديم حوافز لوجستية مثل السكن والضمان الصحي، لا لهم فقط، بل لأسرهم أيضًا.
- إدماجهم في مؤسسات بحثية ومراكز تطوير حقيقية.
الأسرة ليست عبئًا بل جزء من الحل
الموفد لا يعود وحده، بل يعود بأسرة ربما اندمجت لسنوات في بيئة أجنبية...
فرصة للتغيير… أم استمرار للهدر؟
استمرار النهج الحالي يعني ببساطة خسارة دائمة لهذه الطاقات...
معوّقات وسلبيات العودة الحالية
1. تغيّر جذري في الواقع السياسي والأمني: عودة الموفد كانت تعني الانخراط في مؤسسات نظام فقدوا الثقة فيه.
2. الاندماج في مجتمعات جديدة: الكثير تزوج وأنشأ أسرة في بلد الإيفاد، وأطفاله لا يتحدثون العربية.
3. خطر فقدان العائلة أو الانفصال: بسبب استحالة العودة المفاجئة.
4. ضعف البنية التحتية والخدمات: من ماء، كهرباء، أمن، مدارس.
5. الابتعاد عن التخصص بسبب اضطرارهم للعمل لكسب المال لدعم أسرهم في الداخل.
6. الحالة الصحية للموفد التي قد تتطلب علاجًا غير متوفر في سوريا.
7. انخفاض أجور أعضاء الهيئة التدريسية بشكل كبير من 1000--$-- إلى 200--$-- فقط
8. فقدان السكن الشخصي نتيجة التدمير أو المصادرة.
9. تفكك الأسرة: لأن الأبناء مدمجون في أنظمة تعليم غربية ولا يتقنون العربية.
10. انهيار الدعم المالي للعائلات في الداخل إن عاد الموفد وعاش على راتب غير كافٍ.
11. خسارة الطاقات العلمية التي يمكن الاستفادة منها عن بُعد عبر التعليم والإشراف والتعاون البحثي، بدلًا من محاسبتهم على تأخر العودة.
تشريعات جذرية لأصحاب الرتب الأكاديمية
الإشكاليات الحالية:
تناقض في التسلسل الأكاديمي.
ضعف البنية الوظيفية والراتب.
تأخر تحديث القوانين.
ما المطلوب فعليًا:
- تصنيف جديد للموفدين بحسب مؤهلاتهم وخبراتهم.
- تشكيل لجان أكاديمية مستقلة لتقييم السير الذاتية ومنح الدرجات العلمية.
- اعتماد آلية "تدرج معزز".
- تسوية الغرامات بالليرة السورية مع إلغاء الاشتراطات الأمنية.
معوّقات التسديد المالي
1. الموفدون استنزفوا مدخراتهم لدعم ذويهم وبلداتهم خلال الحرب.
2. توقفت تحويلات الرواتب منذ 2011 بسبب العقوبات، واستُخدمت المبالغ المتبقية لدعم الأهل بدلًا من الادخار.
3. الدولة تطالب باسترداد "نفقات الإيفاد"، لكنها لا تعوضهم عن ما خسروا من بيوت، مزارع، مشاريع وحتى مساهماتهم بإعادة إعمار المدارس والمساجد.
4. الموفدون شاركوا في إعمار مناطقهم من أموالهم الخاصة، دون أن تنالهم أي مساعدة من الحكومة.
مقترحات واقعية: الاستفادة من الموفدين عن بُعد بدل خسارتهم نهائيًا
- الإشراف الأكاديمي عن بُعد.
- التدريس الإلكتروني.
- تطوير المناهج والمشاركة البحثية.
- منح صفة أكاديمية رسمية عن بعد.
خاتمة: التشريع العادل هو السبيل الوحيد للإنقاذ
الحل لا يكمن في مراسيم شكلية، بل في قرارات شجاعة تتجاوز مرحلة العقاب الجماعي إلى مرحلة الاستيعاب الوطني الحقيقي.
الموفدون السوريون ليسوا عبئًا على الدولة، بل هم منارات علمية واقتصادية تنتظر فقط من يُحسن قراءتها ويعيد وصلها بالوطن.
فلا مستقبل يُبنى دون العقول… ولا وطن يُرمم دون رجاله ونسائه من حملة العلم والمعرفة.
الاقتراح العادل:
• عدم المطالبة بإعادة الأموال لمن تجاوز 10 سنوات في الخارج.
• قبول تسويات عادلة بالنظر للظروف الإنسانية والمالية.
• استخدام طاقات الموفدين عن بُعد، بدل محاكمتهم على قراراتهم في زمن حرب.
نقطة شديدة الأهمية: الكفيل
• الكفيل وقّع على مسؤوليته في "زمن السلم"، ولا يجب تحميله تبعات "حرب أهلية" وانهيار شامل.
• المطلوب العادل: فصل الكفيل عن الموفد قانونيًا، والبحث عن تسوية مباشرة بين الموفد والدولة.
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟