أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد عمارة تقي الدين - ترامب وإسرائيل والحرب المقدسة















المزيد.....

ترامب وإسرائيل والحرب المقدسة


محمد عمارة تقي الدين

الحوار المتمدن-العدد: 8383 - 2025 / 6 / 24 - 14:04
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


دكتور محمد عمارة تقي الدين
"هو ذا شعب يرتفع كأسد، لا ينام حتى يأكل فريسته ويشرب دم القتلى" ، تعد تلك الفقرة، والتي وردت بالتوراة وتحديداً في سفر العدد، بمثابة الشعار المركزي لليمين الصهيوني المتطرف الحاكم لإسرائيل.

ومن ثم فلا عجب أن تشتق منها الحكومة الإسرائيلية الحالية مسمى (الأسد الصاعد) لتطلقه على العدوان العسكري الذي تشنه على إيران في لحظتنا الراهنة.

فالقناعة لديهم، ولدى تيار المسيحية الصهيونية المتماهي معهم والمتحكم بالسياسة الأمريكية بقدر كبير، أن تلك الحرب هي حرب مقدسة من أجل القضاء على قوى الشر في هذا العالم، ومن أجل إفساح المجال وتمهيد الأرض لعودة مسيحهم المخلص والذي لن يأتي إلا بعد سلسلة من المذابح والدمار الهائل التي قد يباد فيها أكثر من ثلثي سكان الكرة الأرضية بحسب اعتقادهم وتفسيرهم الحرفي لبعض نصوصهم المقدسة.

والأمر الباعث على القلق هو أن عدداً غير قليل من الشعب الأمريكي يعتقد في ذلك، وبخاصة من الإنجيليين، ففي استطلاع للرأي أجرته مجلة تايم الأمريكية عام 1998م أكد أن 51% من الشعب الأمريكي يؤمنون بهذه النبوءات حول نهاية العالم

وبالقطع فهي تمثل غالبية الكتلة التصويتية التي انتخبت دونالد ترامب مقابل وعود منه بتطويع القرار الأمريكي من أجل تحقيق تلك النبوءات ومساندة مطلقة لإسرائيل وتدمير أعدائها.

لقد روجوا من قبل للحرب على العراق في عام 2003م وأضفوا عليها المبررات الدينية على اعتبار أن دمار العراق هو أحد علامات وإرهاصات الخلاص الديني في آخر الزمان.

تقول واحدة من هذه النبوءات الواردة في سفر إرميا:" فترتجف الأرض وتتوجع ، لأن أفكار الرب تقوم على بابل، ليجعل أرض بابل خرابًا بلا ساكن، كف جبابرة بابل عن الحرب، وجلسوا في الحصون، نضبت شجاعتهم، صاروا نساء، حرقوا مساكنها، تحطمت عوارضها".
وفي سفر إشعياء تأتي نبوءة تدمير سوريا قبل الخلاص على النحو الصريح التالي:"وذا دمشق تزال من بين المدن وتكون رجمة ردم (كومة أنقاض)... "

كذلك ستقابلك نبؤه أخرى تتحدث عن تدمير مصر، يقول سفر إشعياء:"هوذا الرب راكب على سحابة سريعة وقادم إلى مصر، فترتجف أوثان مصر من وجهه، ويذوب قلب مصر داخلها، وأهيج مصريين على مصريين، فيحاربون كل واحد أخاه وكل واحد صاحبه ".
أما فيما يتعلق بإيران، فهناك النبوءة التي وردت في سفر إرميا وتقول : “هكذا قال رب الجنود : ها أنذا أحطم قوس عيلام أول قوتهم, و أجلب على عيلام أربع رياح من أربعة أطراف السماء... وأجعل العيلاميين يرتعبون أمام أعدائهم و أمام طالبي نفوسهم, و أجلب عليهم شرا يقول الرب,و أرسل وراءهم السيف حتى أفنيهم و أبيد من هناك"

وعيلام هي محافظة خوزستان الإيرانية، والآية تتحدث عن تدمير إيران وتحطيم سلاحها، كذلك جرى تفسير فقرة " وأجلب على عيلام أربع رياح من أربعة أطراف السماء" ، أنها تعني هجوم دول عديدة على إيران من جهات الأرض الأربعة حتى تدميرها.
فهم يعتقدون أن إيران (بلاد فارس) ستكون مهبط الملك المخلص من نسل داود والذي سيقود المعارك الكبرى في آخر الزمان، وأنه لن يأتي إلا بعد تدمير المدن الإيرانية وكسر شوكتها العسكرية.

فالمرحلة الأولى، وفقاً لتلك النبوءات، هي احتلال فلسطين، وقد تمت بالفعل، ويتبقى لديهم المرحلة الثانية وهي غزو أرض فارس وتدميرها.

إن ما يعنينا ليس صدق هذه النبوءات بشكل حرفي من عدمه، ولكن ما يعنينا بالأساس هو أن تدفع الصهيونية العالمية مدعومة بالمسيحية الصهيونية نحو تحقيقها عبر إشعال المنطقة وتأجيج الصراعات السياسية داخلها، فالنبوءات تتحدث عن حتمية حدوث معركة كبرى تبيد ملايين البشر.

هي إذن الحرب المقدسة التي يعتقد بها اليمين الصهيوني المتطرف، كذلك اليمين الإنجيلي بالولايات المتحدة والذي انتخب ترامب ويسانده مقابل إشعالها في الشرق الأوسط.

ففي يناير 2016م أعلن القس المسيحي الصهيوني الأمريكي (جيري فالويل الابن) تأييده دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية مؤكدًا أنه سيمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية عبر تدمير منشآتها النووية .

بل ويقول القس المسيحي الصهيوني بات روبرتسون:" لقد أتاني الله في المنام وأراني المستقبل، لقد اصطحبني الله إلى السماء وحينها رأيت الرئيس ترامب جالساً بجوار الله وعلى يمينه"

والحقيقة أن هناك علاقة وثيقة بين الصهيونية المسيحية في أمريكا واليمين اليهودي الصهيوني داخل إسرائيل، فالاثنان يدفعان القرار السياسي الإسرائيلي نحو مزيد من التشدد فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي، إذ ينطلقان من ذات الاستراتيجية، وهي استراتيجية تقوم على محورين: مزيد من الاستيطان، ومزيد من القتل والإبادة للعرب.

كما يشتركان في ذات الرؤى الخلاصية، وإن كانت بصيغ مختلفة بعض الشيء، إذ أن نهاية العالم وفقًا للاثنين سيسبقها مذابح ودمار هائل.

من أجل ذلك يجري تأجيج الصراعات في منطقة الشرق الأوسط، للإسراع والتعجيل بمعارك نهاية الزمان تلك.

من هنا يجري رفض عقد أي معاهدات سلام، بل إن الحرب لديهم هي القاعدة كشرط لتحقق الخلاص الديني، فها هو القس المسيحي الصهيوني جيمي سواجارت يؤكد استحالة تحقق السلام فيما يتعلق بصراع الشرق الأوسط قائلًا:"يمكنهم توقيع كل معاهدات السلام التي يريدونها لكنهم لن يحققوا السلام، فهناك أيام سوداء قادمة" .

وهي ذات الأطروحات التي يدفع القس والتر ريجانز باتجاهها إذ يقول:" اتفاقيات السلام هي خيانة لله ، فالسلام هو دعوى شيطانية" .

تأسيساً على ذلك يمكن أن نفهم عقلية دونالد ترامب الذي يعتقد هو وأتباعه أنه مبعوث العناية الإلهية لإطلاق إشارة البدء لمعارك نهاية الزمان، فهو المجنون الذي سيدمر العالم معتقداً في أن ذلك سيقود لإصلاحه.

إذن، وفي التحليل الأخير، فنحن أمام قوى شيطانية تحكم العالم وتعبث بمصير البشرية، إذ تدفع بكل قوة نحو حروب مدمرة وصراعات لا تتوقف، وما يزيد الأمر مأساوية هو توظيفها لنصوص ومعتقدات دينية بشكل منحرف لتحقيق قناعاتها الأيديولوجية ودون وجود ردود أفعال دولية قوية للتصدي لهؤلاء.

من هنا حاجة البشرية لنظام عالمي جديد بعيداً عن سيطرة الولايات المتحدة وأتباعها، بل نريده بمثابة ديمقراطية عالمية يقف داخله الجميع على قدم المساوة، شريطة أن يجري تشييده تأسيساً على قيم الحق دون القوة، الحوار دون الصراع، التسامح دون الكراهية، البناء دون الهدم .

( دكتور محمد عمارة تقي الدين : أكاديمي مصري متخصص في الاجتماع السياسي والصراع العربي الصهيوني )



#محمد_عمارة_تقي_الدين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإرهاب الصهيوني ...محاولة للتفكيك
- قناة النيل الدولية... إعادة بعث
- وسائل الإعلام واغتيال عالم البدائل
- إلى مؤتمر مستقبل الدراما المصرية
- الإعلام السياسي .. رؤية نقدية
- جماعات العنف : كيف تختطف الأديان ؟
- ديزموند توتو والمأساة الفلسطينية
- ترامب ونظرية حافة الهاوية
- إشكالية العلاقة بين الدين والأيديولوجيا
- الأديان ومستقبل البشرية
- وسائل الإعلام وحروب الجيل الخامس
- إدوارد سعيد والقضية الفلسطينية
- الإعلام الديني والتراحم الإنساني
- وسائل الإعلام ونظرية المؤامرة
- دراسة في جذور الإرهاب الصهيوني
- الإعلام وتوظيفه لسلوك القطيع
- في دستور النضال الفلسطيني
- ترامب وحافة الهاوية
- عمارة تقي الدين يصدر موسوعة الصراع العربي الصهيوني
- إدوارد سعيد عرَّاب الحق الفلسطيني


المزيد.....




- مشاهد تخطف الأنظار لأشجار معمرة على قمة جبلية في سلطنة عُمان ...
- هل وافقت إيران على إنهاء الحرب مع إسرائيل؟
- -بعدما وبخها-.. ترامب: إسرائيل لن تهاجم إيران وطياروها سيلقو ...
- هكذا فاجأ ترامب كبار مسؤوليه بإعلان وقف إطلاق النار بين إيرا ...
- قمة لحلف الناتو لرص صفوف الحلف واسترضاء ترامب
- ترامب -يفجّر مفاجأة- بوقف لإطلاق النار بين إيران وإسرائيل.. ...
- أكثر فعالية وأقل كُلفة من القُبة الحديدية: ما هي منظومة الشّ ...
- إيران: تزايد القمع خلال الحرب تحت غطاء -مطاردة الجواسيس-
- بلدة قصرنبا اللبنانية.. موطن الورد ومائه
- التحول العظيم في العالم ونظرية النهايات


المزيد.....

- اليسار بين التراجع والصعود.. الأسباب والتحديات / رشيد غويلب
- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد عمارة تقي الدين - ترامب وإسرائيل والحرب المقدسة