أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد عمارة تقي الدين - جماعات العنف : كيف تختطف الأديان ؟














المزيد.....

جماعات العنف : كيف تختطف الأديان ؟


محمد عمارة تقي الدين

الحوار المتمدن-العدد: 8315 - 2025 / 4 / 17 - 22:15
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في هذا المقال التأسيسي الذي سيكون استهلالاً لسلسة مقالات أخرى ستجري المحاولة على إضاءة استراتيجيات التلاعب بالأديان ومحاولات أيديولوجيات العنف إفسادها وتقويضها من الداخل.

بدايةً يمكننا القول أن ما تقوم به جماعات العنف والتشدد والتوظيف السياسي السلبي للدين (كالحركة الصهيونية في اليهودية، والمسيحية الصهيونية في المسيحية، وداعش في الإسلام وغيرها) بحق الأديان هي جريمة ثُمانيَّة الأبعاد، تلك الأبعاد التي سنعمد إلى ثبر أغوارها في محاولة لتفكيك استراتيجيات هذا التقويض والإجرام المتعمد بحق العقائد، وتلك الأبعاد هي:

البعد الأول: جريمة إغفال السياق الذي جاء فيه النص المُقدَّس، ومن ثم اقتطاعه منه لإعادة توظيفه في سياق مغاير تمامًا، ليكتسب فهمًا جديدًا هو في أغلبه مضاد لمفهومه الحقيقي.

البعد الثاني: جريمة التأويل المفرط أو الباطني للنص المُقدَّس، وذلك عبر تحميله ما لا يحتمل من معان ودلالات ليندفع في اتجاه تعضيد أيديولوجية هؤلاء مبتعداً كل البعد عن مقصوده الحقيقي بل وربما معادياً له.

البعد الثالث: جريمة الإحلال والإزاحة، أي إحلال نص هامشي ما في جوهر ومركز مصفوفة المعتقدات ليصبح هو العقيدة ذاتها، في مقابل تهميش وإزاحة نصوص أخري جوهرية لأنها لا تتفق مع أيديولوجية هؤلاء المتلاعبين بالنصوص.

البعد الرابع: جريمة تغييب الملابسات التاريخية للنص المُقدَّس وحيثيات واقعه والذي جاء استجابة له في محاولة لمعالجة وتقويم عثراته ومن ثم إسقاطه بشكل مجحف على واقع مغاير تماماً.

البعد الخامس: جريمة التفسير الحرفي الجامد للنص في وقت يتطلب منا النظر إليه برؤية رمزية تأويلية منضبطة وفق اشتراطات ومنهجية صارمة.

البعد السادس: جريمة تضخيم المُقدَّس، بمعنى إضافة نصوص تراثية للدين غير أن هذه النصوص التراثية تكتسب قداسة زائفة بمرور الوقت وصولاً لدرجة تطغى فيها على النص المُقدَّس ذاته وتزيحه عن المركز لتستقر مكانه.

البعد السابع: جريمة أدلجة النصوص المُقدَّسة بمعنى وضعها في إطار أيديولوجية ما ومن ثم لَيّ عنقها لتتفق وما تطرحه تلك الأيديولوجية من أفكار حديدية مغلقة، لنجد أن الدين في نهاية الأمر وقد أصبح هو التابع والخادم لتلك الأيديولوجية وليس العكس.

البعد الثامن: جريمة إغفال المقاصد العليا للأديان، والتي في القلب منها عبادة الله في مناخ من التراحم والتسامح والمساواة والعدالة لكل بني الإنسان، غير أنه جرت قراءة النصوص المُقدَّسة بعيدًا عن هذه المقاصد، وتلك الجريمة هي في اعتقادنا أم الجرائم أجمع وكبيرة الكبائر التي يجرى ارتكابها بحق الأديان.

إذن، وفي التحليل الأخير، فبفعل تلك الجرائم الثمانية تم إنتاج أنماط من التدين أساءت للأديان في إصدارها الأول بنقائها وصفائها وحمولتها الإنسانية والأخلاقية الرائعة، ومن ثم وجدنا أنفسنا أمام أيديولوجيات قتل وإبادة، تدعي زورًا وبهتانًا الحديث باسم الله.

وفي سلسلة مقالات قادمة سنقف عند كل بعد من هذه الأبعاد الثمانية بشيء من التفصيل، مع إيراد عدد من الأمثلة المعضدة لها من كافة الأديان وكيف تلاعبت بها أيديولوجيات العنف والتطرف، ومن ثم اقتراح سبل إنقاذ هذه الأديان من تلك الجرائم لتعود إنسانية تراحمية خالصة مثلما انبثقت من نبعها الأول، وإصدارها التأسيسي، إصدار السماء.

( دكتور محمد عمارة تقي الدين : كاتب وأكاديمي مصري متخصص في الاجتماع الديني والصراع العربي الصهيوني وخبير إعلامي )



#محمد_عمارة_تقي_الدين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ديزموند توتو والمأساة الفلسطينية
- ترامب ونظرية حافة الهاوية
- إشكالية العلاقة بين الدين والأيديولوجيا
- الأديان ومستقبل البشرية
- وسائل الإعلام وحروب الجيل الخامس
- إدوارد سعيد والقضية الفلسطينية
- الإعلام الديني والتراحم الإنساني
- وسائل الإعلام ونظرية المؤامرة
- دراسة في جذور الإرهاب الصهيوني
- الإعلام وتوظيفه لسلوك القطيع
- في دستور النضال الفلسطيني
- ترامب وحافة الهاوية
- عمارة تقي الدين يصدر موسوعة الصراع العربي الصهيوني
- إدوارد سعيد عرَّاب الحق الفلسطيني
- أطفالنا ومخاطر وسائل الإعلام ... ما العمل؟
- مركز ماسبيرو للدراسات الفكرية والإعلامية
- التربية الإعلامية وعصر ما بعد الحداثة
- فلسطين أرضٌ وشعب : قصيدة شعرية
- عائلة روتشيلد وتمويل المشروع الصهيوني
- الأديان وذئب الأيديولوجيا


المزيد.....




- بعد سنوات من الصمت.. “الجمل” يعيد الروح الرياضية للمؤسسة الع ...
- العراق يدعم اجتماع وزراء خارجية الدول الإسلامية في إسطنبول ب ...
- ريشون ليتسيون أول مستوطنة لليهود في فلسطين
- وزير خارجية إيران يدعو الدول الإسلامية للتحرك ضد إسرائيل
- هل عارض ترامب خطة إسرائيلية لقتل المرشد الأعلى الايراني؟
- “ماما جابت بيبي”.. تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 على جميع ا ...
- إعلامي مصري شهير يتهم الإخوان المسلمين بالتعاون مع إسرائيل
- إيران تفتح المساجد والمدارس للاحتماء من ضربات إسرائيل
- وزير الخارجية الإيراني يدعو الدول الإسلامية إلى التحرك ضد إس ...
- TOYOUR EL-JANAH TV تردد قناة طيور الجنة للأطفال الجديد على ن ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد عمارة تقي الدين - جماعات العنف : كيف تختطف الأديان ؟