أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صلاح السروى - تبعات الضربة الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية















المزيد.....

تبعات الضربة الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية


صلاح السروى

الحوار المتمدن-العدد: 8381 - 2025 / 6 / 22 - 20:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


طالعتنا وسائل الاعلام في فجر الأحد 22 /6 بضربة أمريكية على ايران باستخدام طائرات b2 (سبيريت) الشبحية المحملة بالقنابل المخترقة للأعماق gbu 57 التي تزن ما يقرب ثمانية أطنان من المتفجرات.
ولابد في البداية من الإقرار بأن هذه الضربة الأمريكية لم تكن مفاجئة على أي نحو، بل كانت متوقعة تماما لدى أي متابع لتطورات وقائع هذه الحرب. ليس فقط من خلال التجهيزات والتحشدات التي قامت بها القوات الأمريكية في منطقتي الخليج والشرق الأوسط، وفي قاعدة دييجو جارسيا في المحيط الهندي، ولكن أيضا، من الناحية السياسية، من حيث عدم قدرة أمريكا على تحمل نتائج فشل إسرائيل في تحقيق أهداف ضربتها الاستباقية التي شنتها في يوم 13 يونيو، (والتي كانت شرارة البدء لاندلاع الحرب الجارية)، واتي ارتدت على الكيان الصهيوني بدمار لم يشهد له مثيلا على مدار تاريخه، منذ قيامه عام 1948.
فمن البديهي أن تقوم أمريكا باستكمال ما عجزت عن تحقيقه إسرائيل، ليس فقط، لطبيعة العلاقة العضوية بينهما (فإسرائيل، في كل الأحوال، هي رأس الحربة الضاربة بالنسبة لأمريكا، وأحد أذرعها الطائلة، في منطقة الشرق الأوسط والعالم، وهذا الأمر لم يعد في حاجة الى براهين)، ولكن أيضا لإنقاذ سمعة أمريكا بوصفها القوة العسكرية الأولى في العالم. فخسارة اسرائيل تمثل انتقاصا، بالضرورة، من العتو والهيبة الأمريكية المتعجرفة. فضلا عن أن أهداف إسرائيل هي، نفسها، أهداف أمريكية، كما سبق القول.
ولكن المهم الآن تسجيل أن هذه الضربة تعني انخراطا أمريكيا، على نحو معلن ومباشر، في تلك الحرب. وهو ما يعني انتقال الحرب من وضعيتها الإقليمية الى وضعية أخرى ذات بعد عالمي يؤثر على حسابات كل الأطراف العالمية المتصارعة. وهو ما يمكن ان تظهر تبعاته الفارقة، على هذا الصعيد، بعد قليل من الوقت.
أما اذا أردنا تقييم نتائج هذا التدخل، فلقد كان الهدف المعلن منذ بداية الحرب هو القضاء على البرنامج النووي الإيراني، الى جانب اسقاط نظام الحكم في ايران واحلال نظام آخر بدلا منه، (أو ربما عدة أنظمة. خاصة، أنه قد تم الايعاز للحركات الانفصالية والارهابية في ايران باستغلال الظروف الراهنة لتدمير الدولة الإيرانية). ومن أجل هذا قامت إسرائيل بضربتها الاستباقية التي أسفرت عن بعض تدمير لبعض المنشآت واغتيال بعض الشخصيات العسكرية والعلمية، على النحو الذي شهدناه جميعا. ولكن يبدو أن هذه الضربة لم تحسم الأمر ولم تتمكن من تحقيق أي من الأهداف المعلنة، على نحو ناجز وحاسم. بل سرعان ما تماسكت الدولة الإيرانية وقامت بالرد بعد أقل من عشر ساعات من الضربة الإسرائيلية.
وهنا انقلب السحر على الساحر، وأصبحت إسرائيل هي المتضرر الأكبر. خاصة، مع تمكن الصواريخ الإيرانية من انزال خسائر غير مسبوقة بمدن الكيان ومنشآته ومراكزه الحيوية. ولذا كان لزاما على الإدارة الأمريكية أن تهب لنجدة ربيبتها إسرائيل، التي أصبحت في موقف لا تحسد عليه. فلو كانت اسرائيل قد نجحت في مسعاها سالف الذكر، لما اضطرت أمريكا للتدخل. بالإضافة الى أن ايلام إسرائيل على هذا النحو ينقص من الهيبة الأمريكية ويهز موقفها بوصفها القوة العظمى الأولى في العالم (حتى الآن) ويضر بمحاولاتها في الحفاظ على وضعيتها بوصفها "القطب الأوحد" فيه. هذه الوضعية المتضررة أصلا، والتي أخذت تهتز وتبهت بقوة في الآونة الأخيرة، (وقد فصلت هذا الأمر في حديث سابق).
ومن هنا وجدت أمريكا أنها في حاجة ماسة الى ما يعيد التأكيد على أنها لا تزال تتربع على عرش القوة العالمية. (وكانت الضربة الإسرائيلية أحد أدوات هذا التأكيد، خاصة في ظل تخوف إسرائيل من اقتراب ايران من تحقيق حلم امتلاكها للسلاح النووي الذي تستشعر إسرائيل أنه يمثل خطرا وجوديا عليها).
بيد أن أمريكا تعرف جيدا أن دخولها الحرب على هذا النحو المباشر قد يؤدي الى توسيع نطاقها، بما قد يؤدي الى تدخل أطراف دولية أخرى، وتوريطها في مستنقع يستنزف طاقاتها، وهو ما لا ترغب أمريكا في حدوثه. فضلا عن إمكانية تحويلها الى حرب استنزاف طويلة ضد اسرائيل، تؤدي الى تدفيعها أثمانا فادحة، فوق التي تدفعها الآن بصورة يومية. الى جانب تأزيم الموقف الدولي على حساب الهيمنة الأمريكية الآخذة بالضعف. فهناك يلوح شبح ضرب الممرات الدولية وتعطيل الملاحة في كل من مضيقي: هرمز وباب المندب، بما يؤدي الى إيقاف سلاسل الامداد الخاصة بالطاقة البترولية، مما سيعود بالأذى على الاقتصاد العالمي وفي القلب منه الاقتصاد الأمريكي، وبخاصة، على حلفاء الولايات المتحدة في أوربا. وكذلك إمكانية أن يلحق الضرر بدول الخليج التي تتمتع بأهمية استراتيجية كبرى للولايات المتحدة على كافة الأصعدة الاقتصادية والعسكرية واللوجستية المعروفة. كما أنها لو قامت بضرب القدرات النووية الإيرانية، على نحو ساحق، فان هذا قد يؤدي الى كارثة بيئية وإنسانية كبرى لا تستطيع الولايات المتحدة تحمل تبعاتها العسكرية والإنسانية. بل انها قد تؤدي الى اندلاع حرب نووية انتقامية ضدها.
ولذلك فان أمريكا عاشت مأزقا حقيقيا وأزمة كبرى في محاولتها العثور على القرار المناسب الذي يمكنها من اجتياز هذه الأزمة، بأقل الخسائر وأكبر المكاسب، الممكنة.
ومن هنا كانت الضربة الأمريكية المذكورة والتي يمكن اجمال بعض نتائجها على النحو التالي:
1- انها ضربة لم تسفر عن القضاء المبرم على القدرات النووية الإيرانية، بدليل عدم رصد أي اشعاعات ولا هزات أرضية في المناطق المتاخمة للمفاعلات التي تم ضربها، والتي من الضروري ان تنجم عن تفجير المواد النووية، كالتي تم ذكرها، بل لقد ذكر الإيرانيون أنهم قد نقلوا المواد النووية الى مناطق آمنة وهو الزعم الأقرب الى التصديق.
2- أنه لم يتم ذكر القضاء على النظام الإيراني على لسان المتحدثين الأمريكيين بل ان ترامب تحدث عن السلام واستئناف التفاوض مع هذا النظام، وقد يكون هذا ما لا يتمناه ترامب، ولكنه لا يستطيع، في الواقع، تحقيق ما هو أفضل منه. بل انني أتصور أن هذه الضربة قد أدت الى تزايد قوة وتماسك النظام الإيراني وجعله محل اجماع، وتوحد جميع القوى المعارضة تحت لوائه. وذلك، لأنها منحته شرعية إضافية، من حيث أنه يدافع عن التراب الإيراني ويعمل على الحفاظ على استقلاله وسلامة مقدراته.
3- ان هذه الضربة لن تنقذ إسرائيل من انتقام الإيرانيين وحلفائهم والمنتمين اليهم دينيا، ومن الشعوب المتضررة من التوحش الإسرائيلي والغطرسة الأمريكية. بل انني أستطيع القول بأن إسرائيل أبعد ما تكون الآن عن وضعية الأمان والاستقرار اللذين كانت تتمتع بهما قبل القيام بهذه الضربة. فضلا عما أفضت اليه الهجمات الإيرانية من اقناع عدد كبير من الإسرائيليين بأن إسرائيل بلد غير صالح للحياة الهانئة الهادئة، (وهذا أمر خطير للغاية)، على عكس ما بشرت به الدعاية الصهيونية، في محاولتها لجذب اليهود للاستيطان في أرض فلسطين.
4- ان سمعة إسرائيل وأمريكا قد تراجعت بعنف، وصورتهما الرمزية قد تلطخت على نحو مذر، على صعيد الرأي العام العالمي، فضلا عن الإقليمي، فلم تعد إسرائيل مجرد ذلك الكيان المتوحش القاتل، بل انها قد أضحت، بالإضافة الى ذلك كيانا مهزوما مأزوما. والأمر نفسه ينطبق على أمريكا، وهو ما سيكون له ما بعده، من نواح عديدة.
5- ان الأهمية الاستثنائية لهذه الخسارة المدوية لدولة الكيان (ماديا ورمزيا) انما تكمن في القضاء على أسمته الدوائر الإسرائيلية ب"مشروع الشرق الأوسط الجديد"، وطموح نتنياهو في "تغيير خريطة الشرق الأوسط".. الى آخر ما نطقت به أوهام غطرسة القوة التي شعر بها قادة الكيان بعد سقوط سوريا وتراجع قوة حزب الله، وما صحب ذلك من انهيارات في الصف العربي.
لكل ذلك فانني أستطيع القول، بثقة كبيرة، بأن أمريكا والكيان الصهيوني قد منيا بخسارة فادحة: خسارة ستؤثر على وجود الكيان الى وقت طويل، واخفاق كبير لأمريكا سيجعلها عاجزة عن ترميم صورة "القطب الأوحد"، التي ظهر خواؤها وزيفها.
وبالمقابل يمكن القول أيضا بأن ايران، رغم كل الخسائر، هي في موضع المنتصر الآن، فقد احتفظت بقوتها النووية وحافظت على نظامها السياسي وحظيت باحترام الشعوب وتعاطفها معها. وما أشبه وضعيتها الراهنة بوضعية مصر بعد العدوان الثلاثي الذي قامت به كل من إنجلترا وفرنسا وإسرائيل عام 1956، على أثر تأميم عبد الناصر لقناة السويس. فلقد انتهى ذلك العدوان بارتداده في صدور من قاموا به، وخرجت مصر وقد احتفظت بقناتها وظفرت بحماية استقلالها ونجاة قيادتها وسلامة أراضيها.



#صلاح_السروى (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرب على ايران ونظرية الأمن الاسرائيلي
- هل تقضي الحرب الإيرانية الصهيونية على نظرية الأمن الإسرائيلي ...
- تطورات مهمة تطرأ على الموقف الإيراني - النصر أو الموت
- على مشارف الحرب العالمية - عملية ترميم نموذج -الأحادية القطب ...
- لماذا نعتبر أن هذه الحرب حربنا؟؟
- السيناريوهات المحتملة لمآلات الحرب الراهنة بين ايران واسرائي ...
- الأزمة الأمريكية وأثرها على الأوضاع في الشرق الأوسط والعالم
- اتجاهات البحث فى قضية الهوية المصرية
- جذور الهوية الوطنية المصرية
- العولمة والعولمة الثقافية
- ثورة الثلاثين من يونيو فى مصر .. أهميتها ونتائجها التاريخية
- دلالات مهمة لأحداث الانتفاضة الفلسطينية الحالية
- ضرورة اعادة الاعتبار الى الهامش والمسكوت عنه
- شعرية الهزيمة والرفض عند أمل دنقل
- جورج لوكاتش - مشكلات نظرية الرواية
- شعرية الكتابة عن الآخرين - تأريخ الحداثة العربية فى كتابات م ...
- الثقافة المصرية بين عهدين الأوضاع الثقافية فى مصر منذ ث ...
- كيف تحول عبدالناصر الى رمز حى فى الوعى الشعبى؟؟
- هل تحاول السياسة التركية اعادة التموضع تجاه قضايا الشرق العر ...
- الثقافة والهوية والعولمة نحو دراسة منهجية لعمليات التف ...


المزيد.....




- حصريا لـCNN.. مصادر تكشف عن جهود إدارة ترامب -السرية- لإعادة ...
- سوريا.. أحمد الشرع يثير تفاعلا بما قاله عن -أبناء منطقة الرئ ...
- تقييمات استخبارية: مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب سل ...
- لماذا يواجه نتنياهو -قرارا مصيريا- بشأن غزة بعد إعلانه الانت ...
- نتنياهو: -نعمل على توسيع اتفاقيات السلام بعد انتصارنا على إي ...
- ماذا قال البيت الأبيض عن جهود ترامب بشأن انضمام دول خليجية و ...
- إيران تكشف عن أضرار -كبيرة- بالمنشآت النووي وتؤكد أن تعليق ا ...
- الاتحاد الأوروبي يمدد عقوباته على روسيا حتى مطلع 2026
- إيران تعلن حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية جراء الضرب ...
- مهرجان موازين يحتفي بدورته العشرين بحضور فني عربي وعالمي ممي ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صلاح السروى - تبعات الضربة الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية