أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سوزي مداح - حول لبنان والمسافات وال-أبسلونات- الصغيرة














المزيد.....

حول لبنان والمسافات وال-أبسلونات- الصغيرة


سوزي مداح

الحوار المتمدن-العدد: 1812 - 2007 / 1 / 31 - 07:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قبل ان تنتهي الدقائق العشر للمخابرة الهاتفية، قال لي ناصر على عجل أن المسافة بين رقم ورقم شاسعة وباتت تزعجه. أضحكتني الفكرة كثيراً، فالمسافات يمكن أن تكون جميلة أيضاً، يطلع فيها حقلاً من القمح، أو عشباً أخضر..وعندما نشتاق كثيراً نستطيع أن نمنّي أنفسنا ب"أبسيلون"epsilon، وهو الحرف الخامس من الأبجدية اليونانية. ويرمز "الأبسلون" في علم المساحات الى كمية إيجابية متناهية في الصغر تقع تخومها عند الصفر.وهكذا،اذا نظرنا الى المسافات الكبيرة كتجميع للأبسلونات الصغيرة،ربما نشعر أننا أقرب. وأعترف أن هذه النظرة ليست دقيقة، لكنها لعبة ستسلي الكبار والصغار، ولا خوف أن يبتلع الصغار جدا دون الثلاث سنوات من العمر "الأبسلونات"، رغم انها قطع صغيرة جداً، فهي شريكة لهم في طيبتهم وفرحهم والامل النابت كالريش على أجسادهم الصغيرة.(لم يستعمل العالم الرياضي الكبير "إردوس" P.Erdos عن عبث تعبير "أبسلونات" epsilons للدلالة على الأطفال!!)

على درج المكتبة استوقفني رائد وسألني إن كان قد خسر الكثير من الوزن. أخافني سؤاله، بعد حديثه المطوّل عن أوجاع وكدمات وبروز في العروق وأشياء أخرى تصيبه. نظرت إليه جيداً وأجبته "لا" وسبقته بأربع درجات ونظرت إليه من فوق وأعدت فحصه وكررت له "لا". ثم نزلت درجاتي الأربع، لأصعد معه الدرج. فقد فكرت انه اذا ما زادت المسافة بيننا قد اخسره. هذا "اليأس في الدم" كما يحلو لرائد أن يسمّيه، قد يكون شيئاً آخر في الدم، يطلق عليه الأطباء اسماً قد يرعب المرضى وأصدقائهم وأهاليهم أو لا يرعبهم، اعتماداً على المسافة التي بينهم وبين الطب والتطور العلمي، وتلك التي بينهم وبين الله والقضاء والقدر.

لكن المسافات الصغيرة مزعجة أيضاً، ولا تحمينا من الخسارة.أدركت هذا جيداً وأنا أركض من المشرفيةفي الضاحية الجنوبية لبيروت الى كنيسة مار مخايل نهار الخميس.وأدركته أكثر وأنا اتصل بأختي العالقة في الجامعة العربية كـ"طالبة" مراراً وتكراراً وكل مرة أسقط في المسافة بين الصفر والثلاثة وأحاول جاهدة تسلّق خطوط الهاتف والشوارع وعامود الكهرباء والأقمار الصناعية وأي شيء أمامي وتحتي والى جانبيّ.

وبعد حرق الدواليب وتكسير السيارات وتسكير الطرقات بالسواتر الترابية واعادة فتحها لتمثيل مسرحيات أخرى،توضّح السبب الحقيقي للأزمة "السياسية": في لبنان نحتاج الى "أبسلونات" كثيرة. وإذا ما أردنا نحن الشباب معالجة المسافات الهائلة بيننا، قد نستهلك الانتاج العالمي العقلي "للأبسلونات" بأكمله، وهكذا ستزيد المسافات في أنحاء العالم الاخرى وتجبر الكرة الأرضية على الاتساع لاستيعابها كلها, فتتسع الكرة الأرضية وتتسع وتتسع حتى تنفجر بما عليها من نباتات وحيوانات وبشر وأشياء كثيرة أخرى لا نعرف عنها شيئاً.لذا، يجب أن تستمر الأزمة اللبنانية، على الأقل كي لا تذهب أربعة ملايين سنة من تطور الجنس البشري مع الريح ( أو من الأجدر القول مع الفراغ حيث ان الكون متعب لا ريح فيه؟!)

أعرف أن هذه النظرية ليست دقيقة أيضاً، فالمشكلة الحقيقية أننا كلنا في لبنان نحب الحياة،سواء ولدنا في بيروت ام في الضواحي الشمالية والجنوبية ام في البقاع والجنوب ام في كسروان وجبيل...كلنا نحب الحياةوسواء بكرامة او بغيرها، وبكل ألوانها ام بلون واحد.. كلنا في لبنان نحب الحياة،لكن أحداً منا لا يحب الـ "أبسلونات".






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دائرية ككوكب
- ليلى
- يوميات زوج صرصوري متطوّر
- خارج الأشكال الهندسية
- ... ونعبرنا
- يشبه الماء.. يشبه الإحتواء.. يشبههم


المزيد.....




- من اضطهاد إلى جوع.. 8 سنوات على فرار الروهينغا إلى بنغلاديش ...
- -صداقة بلا حدود-.. مراسل CNN يبيّن أهمية زيارة بوتين لشي جين ...
- إسرائيل ترحب بخطة لبنان لنزع سلاح حزب الله.. ماذا قالت؟
- المولد النبوي: كيف تختلف طريقة الاحتفال به حول العالم؟
- - لماذا يحق لسوريا في عهد الشرع التواصل مع إسرائيل؟- – عرض ا ...
- لبنان: إسرائيل تدخل على الخط وتقايض تقليص وجودها العسكري في ...
- وحدة سرية للجيش الإسرائيلي تجمع معلومات عن الصحفيين في غزة و ...
- مكتب نتنياهو: مستعدون للانسحاب من جنوب لبنان إذا نزع حزب ال ...
- نقص التروية يسرع نمو الأورام
- 5 منهم يعملون بالجزيرة.. إسرائيل تغتال 12 صحفيا بغزة في أسبو ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سوزي مداح - حول لبنان والمسافات وال-أبسلونات- الصغيرة