مواكب التشابيه(موكب الضعن) إرث ثقافي ودراما خالدة

بهاء صادق الربيعي
مصور و صحفي اطمح لنشر الثقافقة والفنون
(Bahaa Sadik)

الحوار المتمدن-العدد: 8370 - 2025 / 6 / 11 - 06:02
المحور: الادب والفن
    

موكب ضعن،كلمتين أثارت العديد من التساؤلات و الفضول ,
لغوياً (موكب ضعن) هو مصطلح عربي قديم يشير إلى قافلة تسافر في الصحراء خصوصاً تلك التي تحمل النساء في هودج (علماً ان الهودج هو مقعد يوضع على ظهر الجمل أو الناقة، ويستعمل لحشمة النساء والأطفال في
السفر و للحماية من الشمس والرمال ومخزناً للأمور والوثائق المهمة وغيرها) فموكب الضعن هو أكثر من مجرد وسيلة نقل فهو يمثل جزءًا من تاريخ وتراث وحضارة العرب، ورمز
للجمال والأناقة حيث كان يلون ويزين وفقاً لحاجته و حديثاً يتم الاحتفال به في بعض المهرجانات والتجمعات ويذكر في الأدب والشعر والفنون ولا يزال للان وبكثرة في المناسبات و المهرجانات الدينية للطائفة الشيعية في العراق ومقروناً غالباً بمسيرالإمام الحسين سبط رسول الله (ص) عند توجهه إلى كربلاء سنة 72 هجرية فهو ليس مجرد طقس ديني بل هو سرد حيّ لمأساة تجسدت في قلوب المؤمنين حيث تتلاقى الدموع مع التقاليد حيث تجد في الشوارع صوراً تجسدت بالفطرة لتضهر للناس دراما تاريخية بلغة بسيطة شعبية تحيي ذاكرة التاريخ كل عام من خلال مشاهد حية تأخذك إلى قلب أحداث خالدة بتراجيديا مبسطة في طقوس تعانق الحاضر بالماضي، تنبض بروحٍ تروي قصص الصمود والجمال التي شخصها جيش الإمام الحسين (ع) مجسدةً ذاكرة التاريخ في الشوارع العراقية
فمواكب التشابيه او بما يعرف بـ "موكب الضعن" ليست مجرد مراسيم دينية بل هي إعادة تجسيد مشاهد حية عن مآسٍ واقعية من أحداث مهولة لا يدركها العقل وعملت على تبسيطها درامياً لعقلية المشاهدين حيث تعمل على إبراز مظلومية أهل البيت (ع) لتُقدم صورة حضارية بأسلوب مسرحي مؤثر يعيد صياغة الأحداث باستخدام الأزياء التاريخية وتصوير الأحداث وتجسيد الشخصيات والوقائع التاريخية فنرى أهمية مواكب التشابيه تجسدت بإحياء ذكرى اهل البيت ع حيث تؤدي هذه المواكب دوراً مهماً في إحياء ذكرى اهل البيت ونقل وقائعها للأجيال الفتية بصورة مبسطة وقريبة للاحاسيس, والتعبير عن الحزن والألم حيث تمثل هذه المواكب سبيل للتعبير عن الحزن والألم على مصيبة اهل البيت ع وأصحابهم والوقائع المأساوية التي عاشوها,وهي جزء من التراث الشعبي حيث تعد مواكب التشابيه جزءاً من تراث الشعب العراقي الفلكلوري وتحمل في طياتها عادات وتقاليد متوارثة , واما الجانب الروحي حيث يساهم الموكب في تقوية الروابط الروحية بين المؤمنين ويزيد من إيمانهم بواقعية الوقائع والاحداث التاريخية, اما الجانب الاجتماعي حيث يجمع الموكب الناس من مختلف الأعمار والطبقات ويعزز روح التعاون والتكاتف واخراً في الجانب الفني يعتبر الموكب فناً شعبياً يعبر عن الهوية الثقافية للمجتمع؛ ولمعرفة مكونات موكب الضعن فهي كثرة سناخر اهمها وهو الشخصيات حيث يشمل الموكب مجموعة من الشخصيات التي تمثل أبطال واقعة ما، مثل الإمام الحسين (ع )، والعباس (ع )، وزينب الكبرى (ع )، والامام موسى الكاظم (ع) ، جيوش الضلال كـ الشمر والخلفاء الامويون والعباسيون وغيرهم , والجانب الاخر والمهم وهو الأزياء والديكورات: يتم تجهيز المشاركين بأزياء تشابه أزياء الشخصيات التاريخية وتزين الحيوانات و وتستخدم الديكورات لإنشاء أجواء واقعية تعكس أحداث الواقعة التي يجسدوها , واما الموسيقى والإنشاد فهي تساهم في خلق جو من الحزن والخشوع, و تختلف تفاصيل موكب الضعن من مكان لآخر حيث تتأثر بالتقاليد المحلية والظروف المحيطة والإمكانيات المادية و يعتبر موكب الضعن من أشد المواكب تأثيراً على المشاعر نظراً لرمزية اللحظة التي يمثلها
فمواكب التشابيه هي ببساطة مسرح متنقل او مسرح شارع بشكلها الخاص فهي جزء لا يتجزأ من الثقافة العربية الشيعية وتؤدي دوراً هاماً في الحفاظ على التراث الديني والتاريخي للشخصيات وتجربة حسية وروحية مما يحدث تأثيراً على المشاعر نظراً لرمزية اللحظة التي يمثلها ولا بد للإشارة أنها من الموروثات حيث كانت الحضارات القديمة العراقية تجسد الشخصيات في الاحتفالات والمناسبات لترويع الأعداء أو صنع صورة نمطية عنها كما في شارع الموكب في بابل وتمثال لاماسو في الحضارة الاشورية والهوسات والقصخون قديماً فهي جزء من علم النفس وعالم كبير من الحكايات .

##bahaa_sadik_#بهاء_صادق (هاشتاغ)       Bahaa_Sadik#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل