المشهد الرقمي وصناعة المواقع الإخبارية

سلطان عدوان
باحث وكاتب صحفي فلسطيني
(Sultan Adwan)

الحوار المتمدن-العدد: 8361 - 2025 / 6 / 2 - 17:37
المحور: الصحافة والاعلام
    

باتت المواقع الإخبارية أحد أبرز وسائل الإعلام الرقمي الحديث وأدواته التي تتجاوز حدود الزمان والمكان، وتقدم المحتوى التفاعلي الفوري المدعوم بالنص والصوت والصورة.

ويمكن القول إن صناعة المواقع الإخبارية ليس مجرد منصة إلكترونية لنشر المحتوى، بل هو مشروع يتطلب جمع الأخبار وتحليلها ومعالجتها، إلى جانب الحاجة والحرص الدائم على التطوير، ودمج الإمكانات المادية والبشرية والتقنية، والفهم المعمق للتسويق واحتياجات الجماهير وأذواقها لضمان الاحتراف والتأثير.

تتطلب المرحلة الأولى اختيار الهوية الإعلامية للمنصة الجديدة وتحديد مجال التغطية والجماهير المستهدفة وأسلوب النشر، ووضع السياسة التحريرية الشاملة، بينما تتطلب المرحلة الثانية بناء الموقع وتصميمه واختيار اسمه وإعداد أقسامه وفقاً لمجال التغطية المحدد مسبقاً.

وفي المرحلة الثالثة التي تمثل الانطلاقة الحقيقية، يبدأ العمل بتشكيل طاقم العمل المتمثل في المحررين والمصورين والمبرمجين، والاعتماد على مبادئ الصحافة الإلكترونية وتحرير المحتوى الذي يتطلب معايير الوضوح والدقة والسرعة والمهنية، مع ضرورة تطوير مهارات تحليل سلوك الجماهير، وتحسين محركات البحث لضمان وصول الأخبار إلى أكبر عدد من القراء.

بعد ذلك، يحتاج القائمون على المنصة الجديدة إلى الترويج لها وربطها بمواقع التواصل الاجتماعي وتفعيل الإعلانات الممولة والتعليقات والنشرات البريدية.

الآن بعد أن بات الموقع متاحاً أمام الجماهير، فإنه يحتاج إلى تحقيق الاستدامة والاحتراف من خلال تدريب الكوادر البشرية باستمرار ومواكبة التطورات المتلاحقة في المجال وتشكيل فرق جديدة أكثر تطوراً، وتحسين الأداء وفقاً لردود الأفعال والتقنيات الجديدة، والتفكير في إيجاد شريك للتمويل وتحقيق الأرباح عبر الإعلانات والمحتوى المدفوع بما يتناسب مع السياسة العامة للموقع.

التحول الرقمي والمواقع الإخبارية

يفرض التحول الرقمي على المواقع الإخبارية تغييراً شاملاً في الثقافة والتفكير وإنتاج الأخبار داخلها، وتوظيف المنصات التفاعلية للوصول إلى الجماهير، وتحقيق النجاح والانتشار.

ولكي يتم ذلك، لا بد من القدرة على تحقيق السرعة والمرونة والتكيف مع تغييرات المشهد الإعلامي وفهم الظروف المحيطة، والاستفادة من البيانات الضخمة وتحليل الجماهير بما يضمن تحسين التجربة الإعلامية وتخصيصها.
وكذلك متابعة التطورات التكنولوجية واستخدام منصات التواصل الاجتماعي لتعميق علاقة الزوار بالموقع، والاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي في جمع وتحليل الأخبار ونشرها، والبحث عن نماذج دعم رقمية من خلال الإعلانات والمحتويات المدفوعة والرعاية والتمويل.

عناصر الاتصال والمواقع الإخبارية

لا يمكن القول إن نجاح وفاعلية المواقع الإخبارية يتوقف فقط على تقديم الأخبار، بل يمتد لاندماج عناصر الاتصال نحو تحقيق الأهداف والالتزام المثالي بمبادئ الصحافة المهنية.

ويرتبط نجاح هيئة التحرير في المواقع الإخبارية بالمصداقية والمهنية والموضوعية، والقدرة على التعامل مع أدوات الذكاء الاصطناعي وتطوير القدرات البشرية وعلى رأسها التحرير والصياغة وإنتاج المحتويات المتعددة وبناء هوية رقمية خاصة.

أما المحتوى، فيجب أن يكون دقيقاً وواضحاً ومفهوماً وجذاباً لاستقطاب الجماهير وتلبية احتياجاتهم عبر الأخبار العاجلة والتحليلات والتقارير والمحتوى التفاعلي.

وقد أسهم التطور في تعزيز القدرة على إنتاج محتويات متعددة الأشكال: النصية والمرئية والمصورة والرسومات والتفاعلية، وتقديم تحديثات مستمرة وسريعة لزيادة القاعدة الجماهيرية المتابعة للموقع الإخباري.

في المقابل، تتلخص شروط نجاح الوسيلة في سهولة الوصول للمعلومات وسرعة نقلها، وتصميمها لضمان بقاء الزوار وتفاعلهم مع المحتوى بما يتوافق مع جميع الأجهزة والمنصات الرقمية.

وقد فرض التحول الرقمي على الوسيلة ضرورة الاستثمار والتحسين المتواصل وفاعلية التصميم وتبني أحدث التقنيات لتقديم تجارب مثالية للزوار.

وبخصوص الجماهير، يعتمد نجاح المواقع الإخبارية على فهمهم وتحليلهم للأحداث وتفاعلهم الفوري، وبالتالي من الضروري على المواقع الإخبارية معرفة هذه الجماهير وميولهم واهتماماتهم، وكيفية استهلاكهم للأخبار حتى يؤدي ذلك إلى تخصيص المحتوى وتفعيل استراتيجيات التسويق، وهذا يتحقق بفضل التحول الرقمي الذي منح المواقع الإخبارية القدرة على تحليل البيانات الضخمة والتعرف على سلوك المستخدمين.

وبكل تأكيد، لا يقتصر نجاح المواقع الإخبارية على عدد الزوار والمتابعة، بل يتم قياسه بمدى تأثير المحتوى والتغيير الذي يحدثه وتأثيره على الرأي العام والوعي.

ولمعرفة ذلك، ساعد التحول الرقمي تلك المواقع على تحليل المنصات المختلفة وانتشارها وقياس التفاعل والمشاركة.

وبفضل التغذية الراجعة، يمكن تحليل التفاعل ومعرفة ردود الأفعال عبر التعليقات والاستطلاعات وتحليل مسار المستخدمين، وبالتالي تحسين أداء المواقع الإخبارية بشكل مستمر وفعال.

#سلطان_عدوان (هاشتاغ)       Sultan_Adwan#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل