أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نير باسليوس - مهمة الكاتب: من اثينا الى اليوم














المزيد.....

مهمة الكاتب: من اثينا الى اليوم


نير باسليوس

الحوار المتمدن-العدد: 8361 - 2025 / 6 / 2 - 08:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تختلف مهمة الكاتب المثقف من مرحلة الى اخرى، ويتحدد موضوعه وفقا للعصر الذي يعيش فيه. فقد فتح الكتاب الاغريق الابواب أمام نمط معين من التفكير، ارسي الجذور الاساسية للتقاليد الفكرية الغربية تحديدا، والإنسانية عموما، حتى يومنا هذا. كتبوا عن العقل والفكر العقلاني، وقدموا التفسيرات العلمية المادية للعالم الطبيعي. ويمكن القول ان التفوق الغربي بدأ من هناك، من أثينا، وليس من الحداثة الأوروبية كما يشاع. نحن لم نخسر هذا الارث، بل تجاهلناه، وكأن شيئا من هذا الضوء لم يصل الينا، رغم انه طرق ابوابنا بلغاتٍ متعددة.

لقد مثلث الكتابة اليونانية التزاما بالعقل، وتميزت بفضول عميق تجاه الكون، وبحث دائم عن الحقيقة. ولم يتوقف إبداعهم عند الفلسفة، بل امتد إلى الادب: الشعر، القصة، المأساة، والكوميديا. وكان تاثيرهم على الوعي البشري شاملًا وعميقًا، ولا يزال حيا حتى الآن، بطريقة لم ولن يحققها اي شعب آخر.

اما الرومان، فقد واصل كتابهم ما بدأه الاغريق. لم تكن لهم بصمة فلسفية مستقلة بذات العمق، بقدر ما التزموا بالعقلانية اليونانية. كتّاب مثل شيشرون وسينيكا يجسدون هذا التيار. لكن في العصر الروماني حدث ما يمكن وصفه بأول نكبة كبرى للعقل البشري، مع صعود المسيحية كديانة غيبية بديلة للعقلانية الكلاسيكية.

في الصين، شكلت كتابات موتزو وكونفوشيوس، ثم ماو لاحقًا، تيارا فكريًا محوره الإنسان. قدم هؤلاء مساهمات اخلاقية عظيمة، لكنهم وقعوا ، كما فعلت معظم الثقافات القديمة ، في المزج بين العقلاني والميتافيزيقي، او ذلك الايحاء بأن هناك ما يتجاوز الواقع المادي. إلى ان جاء ماو، فقام بقطع حاسم، وأعاد الفلسفة الصينية نحو العقلانية الكاملة.

اما الهنود، فبالرغم من براعتهم في الرياضيات، لم تكن لهم مساهمات عقلانية متماسكة. جل ما قدموه (تقريبا ) يتمثل في الكتب الفيدية الاربعة، وهي كتب دينية لا عقلانية في جوهرها. ولهذا السبب، ربما، غرقت الهند في الظلام والضعف لقرون، مقارنة بالشعوب الأخرى.

الفرس، في المقابل، كان تاريخهم في معظمه شفهيا، لا كتابيا. ولهذا لا يبدو انهم خلفوا ارثا فلسفيا مكتوبا ذا اهمية كبرى في تاريخ العقل، على الاقل برأيي.

اما العرب، فقد كانت اهم الكتابات العقلانية عندهم امتدادا مباشرا للسلف اليوناني، لكنها حوربت بقسوة. كفر اغلب الكتاب، واتهموا بالزندقة، وقتل بعضهم، وحرقت كتبهم. خنقت الروح العقلانية في مهدها، وما زال اثر هذا الخنق حاضرا إلى اليوم. ورغم ابن رشد، بل ربما بسببه، تجاهلنا هذا الارث وتبرأنا منه، في حين التفتت إليه اوروبا، واعتبرته جسرا نحو الحداثة. لقد اخفينا مفتاحا كان في يدنا، واغلقنا عليه الباب بإرادتنا.

وكما نلاحظ، فإن مهمة الكاتب كانت دائما تتغير من عصر إلى عصر، ومن حضارة الى حضارة.

لكن ما هي مهمة الكاتب اليوم؟

ان مهمة الكاتب اليوم، ببساطة، هي تعزيز العقلانية العلمانية، وترسيخ الأفكار الحداثية والتنويري، لا كترف نخبوي، بل كفعل مقاومة في وجه الانهيار؛ لان البديل هو العودة إلى ظلام نعرفه جيدا، ولا عذر لنا فيه بعد الآن.
هي مواصلة مشروع الكتاب الغريق، والفلاسفة العقلانيين العرب، والصينيين، والرومان.
إن مهمته ان يركز، ويحفز، ويدافع عن هذه الغاية فقط ، باعتبارها خط الدفاع الاخير ضد الانهيار المعرفي والارتكاس الغيبي.







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رمز الام العظيمة: كيف بقي الحجر الاسود واختفت الالهة!


المزيد.....




- 22 اقتحاماً للأقصى ومنع رفع الأذان بالإبراهيمي 57 وقتاً الشه ...
- تثبيت أحدث تردد قناة طيور الجنة بيبي على القمر الصناعي نايل ...
- أميركا.. دعوات لتصنيف جماعة الإخوان -إرهابية-
- الاحتلال يهدم منزلين جنوب المسجد الأقصى
- مقتل دبلوماسيين وتقرير عن الإخوان المسلمين.. هكذا غيّرت غزة ...
- خطاب قائد الثورة الاسلامية في الذكرى السادسة والثلاثين لرحيل ...
- مسجد باريس الكبير: اغتيال التونسي ميراوي جريمة إرهابية معادي ...
- ماما جابت بيبي..تثبيت تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 على الق ...
- ليبيا.. منظمة حقوقية تطالب بتوقيف سيف الإسلام القذافي وتسليم ...
- “سلى أطفالك بأغاني ممتعة” تردد قناة طيور الجنة 2025 الجديد ع ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نير باسليوس - مهمة الكاتب: من اثينا الى اليوم