أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صلاح عبد الرحمن صالح - ما قبل الانهيار– الاصلاح الدستوري إحدى الحلول















المزيد.....

ما قبل الانهيار– الاصلاح الدستوري إحدى الحلول


صلاح عبد الرحمن صالح

الحوار المتمدن-العدد: 8355 - 2025 / 5 / 27 - 12:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما زالت مخاضات تأسيس العراق الحديث مستمرة منذ العام1921 ولحد الآن. العراق الحديث الذي تأسس على فكرة الدولة- الأمة وهي الفكرة التي قامت عليها الدول في أوربا وخصوصاً بعد المخاضات الأوربية بعد الثورة الفرنسية وحالة الصراع بين الأسر الملكية في أوربا وما تمثله من اتجاهات اثنية/ طوائفية، الى ان انتهى هذا التنازع بعد الحرب العالمية الأولى وبنيت الدول على مبدأ الدولة-الأمة والتي كانت تهدف الى انهاء حالة الصراع الإثني/ الطوائفي في أوربا.
بعد التغيير الذي حصل في العراق عام 2003 تم تبني فكرة جديدة من اجل إدامة حياة الدولة العراقية، وهي الديمقراطية الفدرالية. الفكرة الجديدة لم تنشأ اعتباطاً ولم تكن وليدة لحظة سقوط نظام صدام حسين، بل كانت استمراراً ونتيجة لعمل ومفاوضات المعارضة العراقية في خارج العراق قبل 2003، وبالتشارك مع الولايات المتحدة الأمريكية. ولم تكن هذه المفاوضات وماتبعها من افكار لصيغة الدولة بعد سقوط نظام صدام حسين وليدة الصدفة، بل كانت وليدة ونتيجة للتفرد بالسلطة من قبل شخص وفكر واحد وكذلك التهميش السياسي والإجتماعي لشرائح مهمة وأساسية في العراق قبل 2003، سواء كانت شرائح اثنية، طائفية، أو سياسية. وبالتأكيد فقد كان سقوط نظام صدام نتيجة حتمية لحالة أحادية الفكر والنموذج والذي ادى الى دكتاتورية الفرد.
إن اختيار النظام الفدرالي كنظام حكم في العراق لما بعد نظام صدام حسين له عوامل موضوعية وذاتية، وهو كان الخيار الأفضل بالنسبة للعراق من وجهة نظر فواعل المعارضة العراقية في الخارج، وهو من نتاجات المساومة التي قامت بين تلك الفواعل من جهة والجانب الأمريكي من جهة ثانية.
من العوامل الموضوعية مثلاً انتشار فكرة الدولة الفدرالية خلال حقبة التسعينيات عند اعادة تشكيل بعض الدول التي انفرطت بعد سقوط الإتحاد السوفيتي، وخصوصاً الدول ذات الاثنيات المتنوعة. والمثال الأشهر كان البوسنة والهرسك. وهي من الدول الفدرالية التي نشأة بعد صراع اثني/ ديني.
أما العامل الذاتي فهو عامل التنوع الإثني/ الطوائفي في العراق. وهذا التنوع أصيل في المجتمع العراقي وهو من السمات المعروفة والمميزة في العراق منذ النشأة في عام 1921. هذا التنوع كان امراً حاسماً واساسياً في حالة المساومة التي جرت ما بين المعارضة العراقية والولايات المتحدة الأمريكية قبل 2003 وبعيد سقوط نظام صدام حسين.
كان اختيار النظام الفدرالي الديمقراطي حجر الزاوية من اجل استمرار العراق كبلد واحد والهروب من شبح التقسيم الذي كان يحوم حوله في عام 2003. وكانت موافقة القوى السياسية الفاعلة، الاكراد والشيعة اساسية ومهمة من اجل الموافقة على هذا النظام وقد دفعت تلك القوى نحو هذا الاتجاه بشكل كبير ولكلٍ كانت اسبابه الموضوعية والذاتية.
وقد كانت كتابة الدستور مثال صارخ لهذه المساومات بين الأطراف الكردية والشيعية من جهة وبين الأمريكان من جهة ثانية. لذلك فإن عملية صياغة الدستور العراقي لا يمكن تفسيرها باستخدام النظريات التقليدية لكتابة الدساتير، لأنها لم تكن نتيجة لتطور سياسي وتاريخي سلمي وتدريجي. وحتى لو اعتبرنا ان الحالة العراقية هي نتيجة لصراع عنفي كما الحالة في اوربا بعد فترة الحروب العنيفة بين الاقطاعيات والممالك الاوربية قبل تشكل النظم الاوربية، فإن الحالة العراقية متمايزة من الناحية الموضوعية والذاتية.
من الناحية الموضوعية فإن كتابة الدستور العراقي رافقها عوامل الاحتلال، والصراع الطائفي، وتقاسم المغانم بين المتصارعين السياسيين. أما من الناحية الذاتية فقد كان هنالك فارق في الرؤى والخبرات ما بين الاحزاب الكردية التي كانت تمتلك خبرة في الإدارة والدسترة منذ عام 1991، وبين الاحزاب الشيعية منعدمة الخبرة في الادارة والدسترة والقادمة بهدف واحد هو اسقاط نظام صدام. واخيراً الجماعات السنية التي انظمت متأخرة والتي كانت مُقسمة ما بين ضغط فكرة المقاومة، وبين الحسرة على فقدان السيطرة على الحكم وحلم العودة له.
الفدرالية العراقية ليست تطبيقاً كاملاً لعمليتي ((التجمع بالتقارب)) ولا ((التجمع بالتماسك)) حسب الفرد ستيبان، بل هي يمكن اعتبارها ((تجمع بالاجبار)) وفقاً لنانسي بيرميو.
تقول فرح شاكر "إن المنظومة الفدرالية العراقية يمكن تقييمها بأنها تفعل فعلها وأنها تستطيع الاستمرار إذا حققت مهمتها المزدوجة وهي:تغذية الثقافة الديمقراطية والفدرالية، والمحافظة على المساومة الفدرالية السياسية." فرح ((النظام الفدرالي في العراق: النشأة، والأداء، والأهمية)) بيروت 2021
إن هذا الوصف كان من الممكن ان ينطبق على الوضع العراقي قبل ظهور داعش وتغول الجماعات المسلحة. بمعنى آخر أن المساومة الفدرالية السياسية كانت ممكنة ومقبولة ما دامت تجري بين قوى سياسية قبل تغول السلاح وقوة حكم الأمر الواقع. أما اليوم فإن المساومة الفدرالية السياسية في العراق أخذت وتأخذ منهج التباعد والصراع مما يحمل في طياته خطر التقسيم والصراع المستدام، وهذا واضح في الصراع المتجدد بين اقليم كردستان وبغداد. ومن جانب اخر يستمر منهج الإلزام في الأرتباط كما هو الحال في رفض مطالبات بعض المحافطات في تشكيل اقاليم فدرالية كما نص عليه الدستور العراقي.
المنهج الفدرالي الذي يحتاج ان يُعتمد هو منهج الإدراك والتسليم بالتنوع ضمن الإطار الفدرالي ودعم هذا التنوع من غير تصورات مسبقة. هذا الإدراك والتسليم بالتنوع يستوجب النزول عند حق الإطراف في تشكيلاتها الإدارية والمالية والمؤسساتية ضمن مفهوم الفدرالية بدون عوائق من قبل المركز أو الأطراف الأخرى ضمن الفدرالية العراقية.
إن حالة عدم الوضوح فيما يخص تقسيم السلطة بين المركز والأقاليم مثال على فشل الفدرالية العراقية بصيغتها الحالية والقائمة على التوزيع الإثني والطائفي المستمر من فترة المعارضة. هذا التقسيم لم يأخذ بنظر الأعتبار مبدأ التوزيع العادل ولكن إعتمد على فكرة المغالبة في السيطرة السياسية والمالية والإدارية.
من الأمثلة على عدم الوضوح فيما يخص تقسيم السلطة الفدرالية هوحالة التناقض في التشريعات بين ما تضمنه الدستور حول اللامركزية وحق المحافظات والذي اعطاها سلطة واسعة، بالمقابل جاء قانون المحافظات ليسحب هذه الصلاحيات الواسعة ويحددها بيد الوزارات والحكومة المركزية.
كذلك هنالك إختلاف في الصلاحيات المعطات الى الأقاليم عن المحافظات. فالأقاليم لها حرية اوسع كثيراً عن المحافظات وربما جاء هذا التناقض واعطاء صلاحيات اكبر للاقاليم رغبتاً في الحصول على موافقة الأكراد على القوانين والدستور. ولكن هذا التناقض يؤدي الى حالة عدم الاستقرار القانوني الذي يشجع المحافظات على التفكير في تكوين أقاليم للحصول على حقوق لامركزية أكثر. من الأمثلة المهمة على حالة التمرد من قبل المحافظات وخصوصاً الغنية بالثروات هو الصراع بين محافظ البصرة أسعد العيداني مع اثنين من رؤساء الوزارات، حيدر العبادي ومحمد شياع السوداني.
إن الأزمات المتكررة السياسية والدستورية، ومشكلات القيادة السياسية والتي ليس لها ما يُلزمها أو يحفزها للعمل على تفعيل المنظومة الفدرالية، وكذلك الدور الغير مؤثر للمحافظات وعدم توازن العلاقة بين حكومتي بغداد وكردستان، بالإظافة الى انعدام فاعلية صناعة القرار في المؤسسات الفدرالية قد تؤدي الى سيناريوهات متطرفة كتقسيم العراق أو ظهور ديكتاتورية جديدة.

"ويرى واتس [رونالد واتس: (مقارنة النظم الفدرالية) الطبعة الثالة 2008] بأن هنالك فارقاً بين التصميم الدستوري والواقع الإجرائي، وأن الدساتير الفدرالية يمكن على أرض الواقع أن تُطبق وتتطور بطرائق محتلفة. فبعض الدول لها دساتير فدرالية، إلا أنها تعمل بطريقة مختلفة على أرض الواقع… ولايكفي الدليل الدستوري النظري لوحده في الإشارة الى أن الدولة فدرالية أو ديمقراطية لأن قيمة الدستور تعتمد على كيفية تطبيقه، فالتطبيق هو المعيار الحقيقي لتقييم المدى الذي يمكننا ان نصل اليه في اعتبار الدولة العراقية فدرالية " فرح شاكر.
الفدرالية الديمقراطية في العراق والتي تم اختيارها لكي تكون لوح الخشب الذي ينقذ الدولة العراقية الحديثة من الأمواج العاتية التي كانت تتلاطمها بُعيد سقوط نظام صدام حسين بدأ يأكلها ملح السلاح وقوة الأمر الواقع. إن هذه الفدرالية تحتاج الى تجديد جوهري والى تكامل وإكمال مؤسساتها من اجل بناء السفينة الجامعة.
المؤسسات الفدرالية في العراق غير مكتملة لحد الآن، ومن أهم هذه المؤسسات غير المكتملة هي المؤسسة التشريعية. حيث أن الدستور العراقي ينص في المادة 48 "تتكون السلطة التشريعية الاتحادية من مجلس النواب ومجلس الاتحاد". إن الإسراع في إنشاء مجلس الاتحاد يعيد الحياة الى السلطة التشريعية التي اعتراها الكسل وعدم الرغبة التشريعية والرقابية. عدم الرغبة التشريعية والرقابية التي تميز بها مجلس النواب العراقي وخصوصاً في دورته الحالية هو حالة طبيعية لسلسلة من الإفراغات المتعمدة لمبادئ الديمقراطية الفدرالية بدءً من افراغ فكرة الانتخابات من مضمونها وهدفها في عام 2010، مروراً بتعطيل الديمقراطية من خلال قوة السلاح والأمر الواقع. إن وجود مجلس الاتحاد الذي نص عليه الدستور يعطي السلطة التشريعية دفعة قوية ضمن النظام الفدرالي، حيث ان اعضاء مجلس الاتحاد يمثلون الاقاليم والمحافظات العراقية مما يشكل عامل توازن في مقابل الغلبة البرلمانية للقوى السياسية. بالنتيجة سيكون لمجلس الاتحاد كونه الشطر الثاني من السلطة التشريعية امكانية وقوة خلق التوازن في النظام الفدرالي والحد من سطوة السلاح وقوة الأمر الواقع كخطوة أولى نحو اصلاح النظام الديمقراطي الفدرالي.



#صلاح_عبد_الرحمن_صالح (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الليبرالية داخل الحزب والسلطة: مآلات المعارضة والحُكم قراءة ...


المزيد.....




- فيديو لحظة انفجار غامض أدى لمقتل ضابط روسي بارز داخل روسيا.. ...
- الحكومة الإسرائيلية تعلن عن مشروع استيطاني ضخم يضم 22 مستوطن ...
- 12 عسكريا روسيا يحصلون على 15 مليون روبل مكافأة إسقاطهم مقات ...
- الولايات المتحدة ترفع العقوبات عن الغابون
- هزم القذافي وهتف لسقوط فرنسا.. قصة زعيم حكم بلاده بالحديد وا ...
- لبنان.. مداهمة منزل صحافي للتحقيق في اتصالات عاملته المنزلية ...
- -أتلانتيك-: واشنطن تغيب عن جولة مفاوضات التسوية الأوكرانية ا ...
- مقتل 13 شخصا في قصف إسرائيلي شمال وجنوب غزة
- - أسطول الحرية- سيبحر في رحلة إنسانية لكسر الحصار عن قطاع غز ...
- هجوم صاروخي على خاركيف وزيلينسكي يتهم روسيا بالخداع


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صلاح عبد الرحمن صالح - ما قبل الانهيار– الاصلاح الدستوري إحدى الحلول