غالب المسعودي
(Galb Masudi)
الحوار المتمدن-العدد: 8351 - 2025 / 5 / 23 - 22:09
المحور:
قضايا ثقافية
في السرديات التاريخية كل خطوة نخطوها تفتح لنا أبوابًا جديدة في متاهة الجهل،هناك فجوة هائلة بين التواصل والفهم، انها تكشف لنا عن الواقع الحقيقي وهي فكرة الوجود كمتاهة متعددة الطبقات، حيث كل طبقة تمثل واقعاً مختلفاً من خلال طبيعة الزمن والوجود ،تبدأ بسؤال ملغز...هل الزمن وهم أم حقيقة مطلقة...؟ نحن نتراوح في الواقع بين الوجود والعدم لذا علينا أن نعيش اللحظة بدلاً من مطاردة الزمن الذي يتسرب بين أيدينا ونحن نطارده لكن المعضلة هي ان هناك الزمن النفسي الذي يختلف عن الزمن الفيزيائي ايهما غير قابل للتسرب مما يشير الى ان السرديات التاريخية يمكن أن تكون انزلاقا في العدم إذا لم تُعالج بشكل نقدي. تُروى الأحداث التاريخية أحيانا بطريقة تتجاهل الحقائق من خلال الزمن الفيزيائي، أو تعزز روايات معينة على حساب أخرى من خلال الزمن النفسي، مما يؤدي إلى تشويه الفهم العام للتاريخ. عبارة كل خطوة نخطوها تفتح لنا أبوابًا جديدة من الجهل تعكس رؤية عميقة حول السرديات التاريخية. مما يجعل الفهم الكامل صعبًا ،السرديات التاريخية غالبًا ما تكون متأثرة بالانحيازات ، مما يخلق طبقات من المعلومات المغلوطة مع مرور الزمن، تتغير الآراء حول الأحداث التاريخية، مما يجعل المعرفة غير ثابتة، النسيان الانتقائي حيث بعض الحقائق تُهمل لصالح سرديات معينة، مما يؤدي إلى فجوات معرفية، السرديات التاريخية تتطلب فحصًا دقيقًا ووعيًا بالتعقيدات، وإلا فقد نغرق في دوامة من الجهل رغم محاولاتنا فهم الماضي.
فجوة بين التواصل والفهم
الفجوة بين التواصل والفهم في السرديات التاريخية تطرح اتساؤلات عميقة حول أهمية وجودنا ومعناه. يمكن أن يتواصل الناس حول أحداث تاريخية، لكن الفهم العميق يتطلب تحليلًا نقديًا وتجربة شخصية، السرديات تشكل هويتنا وتوجهاتنا، ولكن إذا كانت هذه السرديات مشوهة، فإن ذلك يؤثر على فهمنا لذواتنا، الفجوة تُبرز ضرورة البحث عن المعني ، مما يمنح وجودنا هدفًا أعمق، الفهم الصحيح للتاريخ يساعدنا على تجنب تكرار الأخطاء، مما يعزز أهمية وجودنا وصناعة مستقبل أفضل ،تتطلب الفجوة بين التواصل والفهم وعيًا نقديًا واهتمامًا بتاريخنا، مما يمنح وجودنا قيمة ومعنى في السياق الأوسع .
فكرة الوجود كمتاهة من الطبقات
فكرة الوجود كمتاهة من الطبقات في السرديات التاريخية تعكس تعقيد التجارب الإنسانية. الطبقات الاجتماعية كل طبقة تمثل وجهات نظر مختلفة، مما يؤدي إلى تعددية في الروايات التاريخية، الأحداث التاريخية تتأثر بالسياقات الزمنية والاجتماعية، مما يخلق طبقات من الفهم كل طبقة تحتفظ بذاكرة خاصة بها، مما يؤدي إلى تباين في كيفية تذكر الأحداث وتفسيرها، الطبقات المختلفة تتفاعل وتتنازع، مما يشير الى تعقيد السرد التاريخي، كل طبقة تبحث عن معنى وجودها، مما يضيف عمقًا للتجربة الإنسانية، تُظهر هذه المتاهة كيف أن السرديات التاريخية ليست تطور تاريخي خطي، بل تتكون من طبقات متعددة تعكس تجارب وتفسيرات متنوعة.
دور السلطة في تشكيل الطبقات السردية
السلطة يمكن أن تحدد ما يُعتبر تاريخًا رسميًا، مما يؤثر على كيفية سرد الأحداث، من يملك الموارد المالية والثقافية يحدد أيضًا من يتم تمثيله في السرديات التاريخية المناهج الدراسية غالبًا ما تُصاغ وفقًا لرؤية السلطة، مما يؤثر على فهم الأجيال الجديدة للتاريخ ،تفرض السلطة رقابة على المعلومات، مما يؤدي إلى تهميش روايات معينة، تُستخدم الأساطير والتقاليد لتعزيز شرعية السلطة، مما يؤثر على كيفية فهم الناس لتاريخهم، السلطة تلعب دورًا في تشكيل الهويات الجماعية، مما يخلق طبقات من السرديات تختلف باختلاف المجموعات.
الزمن في السرديات التاريخية
فكرة الزمن في السرديات التاريخية يمثل موضوعًا معقدًا يتأرجح بين كونه وهمًا أو حقيقة مطلقة.من ناحية يُنظر إلى الزمن كعنصر ثابت يقيس الأحداث والتغيرات، مما يعطي إحساسًا بالاستمرارية في الذاكرة الجماعية ،من ناحية أخرى فهمنا للزمن، يخلق وهمًا يتعلق بمدى تأثير الأحداث الماضية على الحاضر، الأحداث التاريخية تتكرر في أنماط معينة، مما يعكس تغيرا في تأثير الزمن على التطورات الإنسانية ،الفلاسفة مثل هايدغر وبيرغسون تناولوا الزمن كمسألة وجودية، مما يضيف عمقًا لفهمنا للزمن في السرديات التاريخية وهو مفهوم معقد يجمع بين جوانب ملموسة وذاتية، ما يجعله موضوعًا يستحق التأمل والنقاش.هناك زمنان يتناوبان احساسنا بالزمن، الزمن النفسي يمثل كيف نشعر بالوقت، وقد يختلف عن الزمن الموضوعي، مما يجعلنا نشعر بالضغط أو الفقدان، التركيز على الحاضر من خلال الزمن النفسي يعزز الوعي الذاتي ويساعد في تقليل القلق حول المستقبل أو الندم على الماضي، عيش اللحظة يعزز التجارب الحياتية، مما يجعلها أكثر عمقًا وثراءً، التأمل يساعد في تعزيز الوعي اللحظي وتقليل مشاعر المطاردة ويساعد على التحرر من قيود الزمن النفسي، مما يسمح بتجربة الحياة بشكل كامل، التركيز على الحاضر بدلاً من مطاردة الزمن يُعزز الرفاهية النفسية ويساعدنا على تقدير اللحظات الحياتية.
الزمن النفسي يختلف عن الزمن الفيزيائي
الزمن الفيزيائي يقاس بالثواني والدقائق والساعات، وهو ثابت وموضوعي، يتدفق بشكل خطي دون تغيير هو تجربة فردية تتعلق بكيفية إدراكنا للوقت. يمكن أن يبدو الزمن أسرع أو أبطأ بناءً على المشاعر والتجارب، يعتمد الزمن الفيزيائي على تسلسل الأحداث، لكنه يتأثر بشدة بالزمن النفسي، حيث تترك الأحداث أثرًا مختلفًا في الذاكرة، الأحداث التاريخية تُروى بشكل مختلف اعتمادًا على كيفية تأثيرها على الأفراد والمجتمعات، في أوقات مختلفة الزمن النفسي يُساعد في تشكيل كيفية فهمنا للأحداث التاريخية، حيث نبحث عن المعنى في تجاربنا الشخصية، الزمن النفسي والفيزيائي يتداخلان في السرديات التاريخية، مما يُعزز أهمية فهم كلا الجانبين لتقدير التجارب الإنسانية بشكل كامل.
دور الدين في تشكيل إدراك الزمن النفسي
الأديان تقدم رؤى مختلفة عن الزمن، مثل الزمن الخالد أو الدائري، مما يؤثر على كيفية فهم الأفراد لتجاربهم الزمنية، السرديات الدينية تساهم في تشكيل الذاكرة الجماعية، مما يعزز من إدراك الزمن كجزء من تاريخ مشترك، الدين يلعب دورًا محوريًا في تشكيل إدراك الزمن النفسي، مما يُعزز من أهمية السياقات الروحية في فهم السرد التاريخي، مفاهيم الزمن الديني تختلف بشكل كبير بين الثقافات، العديد من الأديان تميز بين الزمن المقدس والزمن العادي، مما يؤثر على كيفية إدراك الأفراد للوقت، يُنظر إلى الزمن كوسيلة لتحقيق أهداف روحية، مما يؤثر على كيفية عيش الأفراد للحظة الحالية تختلف مفاهيم الزمن الديني بين الثقافات، مما يعكس تنوع التجارب الإنسانية والفهم الروحي للوقت.
الانزلاق في العدم والسرديات التاريخية
نظام التفاهة يعد من الظواهر المعاصرة التي تؤثر في المجتمعات، خاصة تلك التي تعتمد على السرديات التاريخية والزمن المقدس. حيث تسيطر المظاهر السطحية على النقاشات العامة، مما يؤدي إلى إغفال القضايا الجوهرية التي تؤثر على المجتمع. تساهم التفاهة في فقدان المعنى والعمق في الحياة اليومية، مما يجعل الأفراد يشعرون بالانفصال والقلق، تروج وسائل الإعلام لنمط حياة مستند إلى الاستهلاك، مما يشتت الانتباه عن القضايا التاريخية والسياسية المهمة، في المجمل يعكس نظام التفاهة أزمة في القيم والمعرفة، ويهدد بإنهاء الروابط التاريخية التي تشكل هوية الشعوب هذا يمكن أن يتجلى في الأزمات الوجودية التي يواجهها الأفراد والمجتمعات، يتطلب ضرورة إعادة التفكير في السرديات التاريخية لتجنب الانزلاق في العدم ، مما قد يؤدي إلى اكتشاف زوايا جديدة يمكن أن تُعبرتجارب جديدة من خلال البحث عن قصص اخرى تُثري السرد التاريخي في أوقات الأزمات والتي تعكس التحديات والواقع المرير، مما يُمكن المجتمعات من إيجاد معنى في الفوضى، و يُنتج سرديات جديدة تعكس الروح الإنسانية يمكن أن تُعيد المجتمعات استلهام دروس الماضي للتعامل مع الانزلاق في العدم، وانتاج سرديات جديدة تعكس قوة الصمود ،هكذا يمكن أن يُصبح الانزلاق في العدم مصدر إلهام لإعادة بناء الهويات والتاريخ.
#غالب_المسعودي (هاشتاغ)
Galb__Masudi#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟