غالب المسعودي
(Galb Masudi)
الحوار المتمدن-العدد: 8335 - 2025 / 5 / 7 - 20:47
المحور:
قضايا ثقافية
تشير الليبرالية الجديدة إلى مجموعة من السياسات التي أصبحت سائدة في أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين. وتشمل هذه السياسات إلغاء القيود التنظيمية والخصخصة وخفض الإنفاق الاجتماعي. غالبًا ما يتم الترويج لهذه السياسات على أنها طرق لزيادة النمو الاقتصادي والازدهار. مع ذلك، غالبًا ما يكون لها تأثير سلبي على حياة الناس العاديين .
العولمة والليبرالية الجديدة
العولمة والليبرالية الجديدة هما ظاهرتان متشابكتان بعمق. يمكن اعتبار الليبرالية الجديدة بمثابة الأيديولوجية الاقتصادية التي سهلت ودفعت العولمة، بينما يمكن اعتبار العولمة بمثابة المسرح الذي تتكشف فيه السياسات النيوليبرالية على نطاق عالمي. ساهمت السياسات النيوليبرالية، مثل تحرير التجارة وإلغاء القيود على حركة رؤوس الأموال، في تسريع العولمة. أدت هذه السياسات إلى زيادة التجارة والاستثمار عبر الحدود، وربط الاقتصادات بشكل أوثق، من ناحية أخرى، عملت العولمة على تضخيم تأثيرات الليبرالية الجديدة. أدت المنافسة العالمية المتزايدة إلى الضغط على الشركات لخفض التكاليف، مما أدى غالبًا إلى استغلال العمال وتدهور البيئة. كما أدت العولمة إلى زيادة قوة الشركات متعددة الجنسيات، مما سمح لها بالتأثير على السياسات الحكومية بطرق تفيد مصالحها.
الأهمية المعاصرة لنقد النيوليبرالية
النقد النيوليبرالي للسرديات التاريخية يكتسب اهميته المعاصرة من فهم تأثير السرديات الوهمية المنضوية تحت ظل تاريخ السرديات التاريخية العام، إن النقد النيوليبرالي للسرديات التاريخية يحمل أهمية معاصرة كبيرة، خاصة في فهم تأثير ما يمكن تسميته السرديات الوهمية. النيوليبرالية غالبًا ما تعيد كتابة التاريخ لتبرير سياساتها الحالية، مثل الخصخصة وتقليل دور الدولة. هذا يشمل تضخيم دور السوق الحرة في تحقيق التقدم وتجاهل أو التقليل من أهمية تدخل الدولة في تحقيق العدالة الاجتماعية ،النيوليبرالية تميل إلى التركيز على الفردية والمصلحة الذاتية، مما يقوض الهويات الجماعية القائمة على التاريخ المشترك والنضالات الجماعية. تتجاهل النيوليبرالية العوامل الهيكلية التي تساهم في عدم المساواة، مثل التمييز والفقر،رغم ان السرديات الوهمية التي تروج لها النيوليبرالية يمكن أن تكون مقنعة للغاية، خاصة إذا كانت مدعومة بوسائل الإعلام ونظام تعليمي ستؤدي هذه السرديات إلى قبول الوضع الراهن حتى لو كان غير عادل، وتثبيط الجهود الرامية إلى تغييره ،النقد النيوليبرالي للسرديات التاريخية لا يسمح بفضح السرديات الوهمية وكشف الأيديولوجيات الكامنة وراءها و يمكن أن يساعدنا على فهم أفضل للتحديات التي تواجه المثقف في بناء سرديات بديلة أكثر عدلاً ودقة ، باختصار فهم النقد النيوليبرالي للسرديات التاريخية أمر ضروري لفهم كيفية استخدام التاريخ لتبرير السياسات الحالية وتقويض الحركات الاجتماعية، كما يساعد على كشف السرديات الوهمية التي تتبناها النيوليبرالية .ان تأسيس نقد مبني على معرفة سياقية، يجب التركيز على فهم السياق التاريخي والاجتماعي والاقتصادي الذي نشأت فيه هذه السرديات الوهمية وتحديد الجهات الفاعلة الرئيسية التي ساهمت في نشرها ، مثل المؤسسات المالية الدولية، الأحزاب السياسية، مراكز الأبحاث، ووسائل الإعلام كما يجب تحديد التحيزات الأيديولوجية الكامنة في السرديات النيوليبرالية الوهمية، مثل تجاهل الحقائق التاريخية التي تتعارض مع الأجندة النيوليبرالية ،تقييم الأدلة التاريخية التي تستند إليها السرديات النيوليبرالية، التحقق من مدى دقتها واكتمالها، وتحديد الثغرات في السرديات النيوليبرالية، مثل تجاهل العوامل الهيكلية التي تساهم في عدم المساواة، و التقليل من أهمية تدخل الدولة في تحقيق العدالة الاجتماعية،كما يتوجب علينا بناء سرديات بديلة تأخذ في الاعتبار السياق التاريخي والاجتماعي والاقتصادي بشكل كامل، تتضمن وجهات نظر مختلفة مع إبراز دور الدولة في تحقيق التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، وتقديم أمثلة تاريخية على نجاح تدخل الدولة في تحقيق هذه الأهداف،و التأكيد على أهمية الهويات الجماعية والنضالات الجماعية في تحقيق التغيير الاجتماعي ، مما يساعد على فهم أفضل للتحديات ودمج منظور ما بعد الاستعمار يضيف بُعدًا حيويًا لفهم أعمق لكيفية تشكيل هذه السرديات وتأثيرها على المجتمعات التي عانت من الاستعمار.
النيوليبرالية والسياسات الاستعمارية
ان تحليل كيف مهدت السياسات الاستعمارية الطريق لتبني السياسات النيوليبرالية ، مثل فتح الأسواق، قمع الصناعات المحلية، وتشكيل هياكل اقتصادية تخدم المصالح الاستعمارية، إظهار كيف أن النيوليبرالية تمثل استمرارًا للاستغلال الاستعماري بأشكال جديدة، مثل الديون، شروط صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، والشركات متعددة الجنسيات وكذلك نقد السرديات الوهمية التي تصور النيوليبرالية كأداة للتنمية في دول العالم الثالث ، وفضح كيف أن هذه السياسات غالبًا ما تؤدي إلى تفاقم الفقر وعدم المساواة وتحليل كيف أن فرض الأسواق الحرة على الدول النامية تقوض الصناعات المحلية وتجعلها عرضة للمنافسة غير العادلة من الشركات الأجنبية، كما ان فحص كيف يتم استخدام هذه المفاهيم لتبرير تدخل الدول الغربية في الشؤون الداخلية للدول النامية، وفرض سياسات نيوليبرالية عليها.ان تسليط الضوء على أشكال المقاومة المحلية للسياسات النيوليبرالية ، وإظهار كيف أن هذه المقاومة تشكل تحديًا للسرديات النيوليبرالية الوهمية المهيمنة وفحص كيف تروج لثقافة عالمية موحدة تهيمن عليها القيم الغربية، وتقوض الهويات الثقافية المحلية وكيف يتم تحويل الثقافة والتراث إلى سلع تجارية، مما يؤدي إلى فقدان الأصالة والتشويه،ان نقد مفهوم الفردية النيوليبرالية، وإظهار كيف أنه يتجاهل أهمية العلاقات الاجتماعية والتضامن في المجتمعات التي عانت من الاستعمار يتحدى مفهوم التقدم النيوليبرالي الزائف، و كيف أنه غالبًا ما يؤدي إلى تدهور البيئة وتفاقم عدم المساواة.
السرديات التاريخية وعدسة النيوليبرالية
نظرة النيوليبرالي للسرديات التاريخية تأتي من زاوية رؤية العالم من خلال عدسة السوق الحرة، والخصخصة، وتقليل تدخل الدولة، والفردية. هذا غالبًا ما يتحدى أو يعيد تفسير السرديات التاريخية السائدة. السرديات التاريخية غالبًا ما تبرز دور الدولة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، البنية التحتية، وتوفير التعليم والرعاية الصحية، وتنظيم الأسواق. النيوليبرالية تميل إلى التقليل من أهمية هذه الأدوار، والتركيز بدلاً من ذلك على دور القطاع الخاص والمبادرة الفردية. قد يتم تصوير تدخل الدولة على أنه معيِق للنمو الاقتصادي، ويتم التركيز على فشل الدولة كمثال على عدم كفاءة التدخل الحكومي، النيوليبرالية تميل إلى تمجيد السوق الحرة باعتبارها المحرك الرئيسي للتقدم والازدهار،لذا فان السرديات التاريخية التي تنتقد الرأسمالية أو تبرز عيوب السوق الحرة يتم تجاهلها أو إعادة تفسيرها،و قد يتم التركيز على قصص النجاح الفردية في ظل الرأسمالية، وتجاهل أو تهميش القصص الأخرى التي تظهر الاستغلال أو عدم المساواة، النيوليبرالية تركز على الفردية والمسؤولية الشخصية، وتقلل من أهمية الجماعة والتضامن الاجتماعي.. يتم التركيز على قصص الأفراد الذين حققوا النجاح وتجاهل أو تهميش العوامل الهيكلية التي قد تعيق تقدم الآخرين، السرديات التاريخية التقليدية غالبًا ما تنتقد الاستعمار والإمبريالية باعتبارهما سببًا في التخلف والفقر في العالم النامي. النيوليبرالية تحاول إعادة تفسير هذه الأحداث، والتركيز على الجوانب الإيجابية للاستعمار...!، مثل نشر الحضارة أو جلب التكنولوجيا. قد يتم تبرير الاستغلال الاقتصادي على أساس أنه كان ضروريًا لتحقيق النمو الاقتصادي العالمي،في الوقت عينه يتم تصوير السرديات التاريخية التي تبرز عدم المساواة والظلم الاجتماعي على أنها مبالغ فيها. يتم التركيز على النمو الاقتصادي باعتباره الهدف الأسمى، وتجاهل أو تهميش الآثار الاجتماعية السلبية للنمو غير المتكافئ، بشكل عام، النيوليبرالية تهدف إلى تبرير الوضع الراهن وتعزيز الأيديولوجية النيو ليبرالية. ويتم استخدام التاريخ بشكل انتقائي لدعم السياسات النيوليبرالية، وتجاهل أو تهميش الأدلة التاريخية التي تتعارض مع هذه السياسات.
#غالب_المسعودي (هاشتاغ)
Galb__Masudi#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟