أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - عيد ميلاد -عادل إمام-… الخالد في ضمائرنا














المزيد.....

عيد ميلاد -عادل إمام-… الخالد في ضمائرنا


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 8349 - 2025 / 5 / 21 - 04:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


Facebook: @NaootOfficial
حين لا تعرفُ بلدًا ما: لم تزره ولم تقرأ عنه، فإن هذا البلد بكامله يدخلك، أو تدخله، عبر بوابة "الفن"، من خلال رواية، أو لوحة، أو فيلم. فحين تسمعُ كلمة "روسيا"، فورًا تتذكّر "تشيخوف"، “ديستويفسكي”، و"تشايكوفسكي"، وحين تسمع "هولندا"، ستفكّر تلقائيًّا في "ڤان جوخ"، وترتسمُ على صفحة عقلك طواحيُن الهواء وحقول القمح. وإذا سمعت: "النمسا"، فورًا سيعزفُ أوركسترا عقلك افتتاحيةَ السيمفونية الأربعين للعبقري "موتسارت"، تلك التي استلهمها "الرحابنةُ" لتشدو "فيروز": "يا أنا يا أنا أنا وياك/ صِرنا القصص الغريبة/ واتسرقت مكاتيبي/ وعرفوا إنك حبيبي." وإذا سمعتَ اسمَ "مصرَ"، ولم يسعدك الحظُّ بزيارتها، أو قراءة تاريخها العريق الذي صاغ أرقى حضارات الأرض وأجملها، فسوف ترتسمُ على شاشة عقلك صورةُ "أم كلثوم" تقفُ شامخةً كملكة، عاقصةً شعرَها لأعلى، وإيشاربٌ حريري يتدلّى من خنصرها، لتشدو: “ظالمُ الحُسن شهيُّ الكبرياء" كما كتب كلماتها وموسيقاها العبقريان: “إبراهيم ناجي"، “رياض السنباطي". أو يجلجلُ في خاطرك صوتُ "يوسف وهبي" يقول: "ما الدنيا إلا مسرحٌ كبير"، أو "فؤاد المهندس" يغنّي: “أنا واد خطير"، كلمات "حسين السيد"، وموسيقى الأسطورة "محمد عبد الوهاب"؛ الذي يدهشنا في موسقة الأغاني الكوميدية الخفيفة، مثلما أدهشنا في تلحين أعقد القصائد وأعلاها كعبًا!
ودون شك سوف يصافحُك وجهُ "عادل إمام" وهو يقول: “بلد بتاعة شهادات صحيح!”، أو حتى ملامحه صامتًا متعجّبًا من قول الإرهابي: “أنت مكانك مش هنا، مكانك فوووق"، وعشرات التعبيرات الشهيرة التي غرسها "عادل إمام" في ذاكرة الوعي المصري خلال ستين عامًا من السينما والمسرح والدراما كسرت حاجز المائة وسبعين عملا.
كنتُ كنتُ في المملكة العربية السعودية، وبعد كلمة نطقتُها، توقف رجلٌ من الشرق الأقصى، كان يسير مع أسرته، ثم أسرع نحوي، ودون مقدمات قال لي بعربية متعثّرة: "أنتِ مصري؟" فقلتُ له: “نعم أنا مصرية.” فابتسم بسعادة وقال: (تعرفي "عادل إمام"؟ سلم عليه! ) فابتسمتُ ووعدته بأن أفعل. وبعد سنوات أوفيتُ وعدي في الطائرة التي جمعتني بالفنان الكبير في طريقنا إلى "مهرجان جرش" بالأردن. نقلتُ له تحية الرجل الآسيوي، فشكرني ثم ابتسم ابتسامته الشهيرة وقال: “طب هو مبيجيش ليه؟ مش يبقى يجي؟!"، وانفجر الحضور بالضحك.
"عادل إمام" ظاهرةٌ فنية مصرية لها أثرُها البالغ، وبصمتُها القوية في تاريخ الدراما المصرية. خلال أفلامه طرح وناقش همومَ المجتمع، ورفع إصبعَ الاتهام عنيفًا في وجه أخطر أدران المجتمع. فُصامية التطرف والإرهاب: “الإرهابي"، العشوائيات وأزمة الإسكان: "كراكون في الشارع"، تآكُل السلام المجتمعي: “حسن ومرقص"، الرفض الشعبي للتطبيع مع إسرائيل: “السفارة في العمارة"، الانشطار المجتمعي: “عمارة يعقوبيان"، الفساد والاتّجار الديني: “طيور الظلام"، الوطنية في مواجهة الفساد الإدراي: “اللعب مع الكبار"، الاسترقاق والانسحاق الطبقي: “المنسي"، استغلال الجهل والعَوز: “رجب فوق صفيح ساخن"، و"عنتر شايل سيفه"، البيروقراطية ومتلازمة ستوكهولم: “الإرهاب والكباب"، فساد الأخلاق وإفساد القيم المهنية: “الأفوكاتو"، وغيرها العديد من المشاكل المجتمعية التي تُعثِّر المجتمعات وتعوِّق نهوضَه. يأتي "الفنُّ" ويُسلَِّط الضوء عليها، لكي يرى سوءتَها المُشاهِدُ، فيختصمها وجدانُه ويرفضها، ومن ثم يبدأ المجتمع في علاجها. الأعمال الفنية حاملةُ الرسالة، تعقِد مقارنةً كاشفة بين الخطايا، في مقابل القيم العليا التي تتسرّب إلينا خلال أبطال العمل، فيستقر في ضميره أن الخلود والبقاء لقيم: الحق-الخير- الجمال. وهنا لابد من تقديم التحية للعبقري المصري "وحيد حامد"، وكذلك “يوسف معاطي”؛ اللذين صاغا بقلميهما تلك التحف الفنية.
نجح "عادل إمام" في استصراخ "المسكوت عنه" من أدران الواقع المصري التي نالت منه خلال خمسة عقود، وتسليط الضوء على هموم المواطن البسيط وأحلامه وصراعه من أجل العيش الكريم والتحقق. وتلك واحدة من أهم رسائل الفن وأخطرها. وتتجلى عبقرية "عادل إمام" في تقديم الكارثة عير الكوميديا، فيجعلك تبتسمُ وأنت تتجرّع كأسَ الُمرّ. تتأمل أحداثَ الدراما وتبحثُ عن نفسك بين أبطاله، الطيبين والأشرار. ولا شك أنك واجدٌ نفسك هنا أو هناك، في عمل ما من أعمال "عادل إمام".
القوى الناعمة، هي السفيرُ الأغزرُ سَفرًا، والأسرعُ وصولا، والأعمقُ أثرًا، والأبرعُ تمثيلا لبلاده في عيون الغرباء. القوى الناعمة، المتمثلة في الفنون الستة: “المسرح، الموسيقى، الشعر- العمارة، النحت، التشكيل"، ثم تأتي السينما، الفن السابع، فترتسم في رأسك "الصورةُ الأولى" عن بلد لم تزره. لأن بلدًا لم تطأه قدمُك، سيبادرُ هو بزيارتك في بيتك، عبر الفنون السبعة. والسينما هي الأسرعُ وصولا.
في عيد ميلاده الخامس والثمانين، أقول للزعيم: “شكرًا على الخيوط المحورية التي نسجتها على قماشة الفن المصري الغنية بعظماء فنانيها. كل عام وأنت جميل. ومهما اخترتَ أن تحتجبَ عن عيونِنا، فإن عيونَنا لن تنساك؛ لأنك خالدٌ فيها”.
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زلزالٌ …. إبني …. و-غزّة”!
- -الحُبُّ- يسقطُ …. في أرض السلام و-الحب-!!!
- مدارسُ الراهبات
- أطفالُ غزة… الرصاصةُ الرحيمة …. والموتُ جوعًا!!
- هنا بيروت: التعدديةُ ثراءٌ ... لا إقصاء
- الأوقافُ والأزهرُ في وداع البابا -فرنسيس-
- “صلاح دياب-… عاشَ ليحكي
- -فرحًا مع الفرحين- … عيد قيامة مجيد
- البابا …. غاسلُ أقدامِ الكادحين
- -السَّعفُ-… حين يغدو الوطنُ جديلةَ حُبٍّ
- -ماكرون-… -السيسي- وشعبُه… هذي مصرُ المشرقة
- التهجير... هدرٌ للدم المصري والعربي
- “لام شمسية- … حين تخجلُ الشمسُ
- عيدُ الفطر … ذكرياتُ الفرح
- أنا … -أمٌّ مثالية-... لابنٍ مثاليٍّ
- مع الكُرد العظماء …. في عيدهم
- -يوم زايد للعمل الإنساني-… إرثُ العطاء المستدام
- مآذنُ وأجراسٌ... ومصرُ الواحدة
- طواويسُ الجمال والدهشة
- الإفطار مع -السيدة الأولى-


المزيد.....




- رئيس وزراء إسرائيل الأسبق إيهود أولمرت: جرائم الحرب لا ترتكب ...
- فرحي ولادك وابسطيهم.. استقبل الآن تردد طيور الجنة الجديد 202 ...
- فرنسا: تقرير رسمي يكشف تهديد -الإخوان المسلمين- -للتلاحم الو ...
- -الحياة بعد سهام- لنمير عبد المسيح عن الفقد والذاكرة
- بعد صدور تقرير رسمي عن -خطر جماعة الإخوان-.. تحذيرات من تداع ...
- فرنسا: تقرير رسمي يحذّر من تأثير جماعة الإخوان المسلمين على ...
- -أجدد ندائي الحار-.. بابا الفاتيكان الجديد يعلق عن الوضع في ...
- بجودة عالية.. تردد قناة طيور الجنة للأطفال 2025 على الأقمار ...
- هيئة الفلك تُـبـشـر .. هذا موعد اجازه عيد الاضحى المبارك 144 ...
- فيديو: ما هي أبرز مضامين التقرير الذي صدر في فرنسا حول الإخو ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - عيد ميلاد -عادل إمام-… الخالد في ضمائرنا