سربست مصطفى رشيد اميدي
الحوار المتمدن-العدد: 8346 - 2025 / 5 / 18 - 15:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تأسس حزب العمال الكردستاني بتاريخ 27/11/1978 في قرية (فيس) في قضاء (لجى) التابعة لدياربكر، بعد ان كان قد نشط في الوسط الطلابي منذ بداية السبعينات في ظل تنظيم (جمعية الثوريين الكرد) (ابوجي)، وقد مر الحزب بمنعطفات مهمة منذ بداية نشاطه، وكانت تشكل كل منها بداية مرحلة جديدة في تاريخ وعمل الحزب. واهمها هو الانقلاب العسكري التركي بقيادة كنعان إيفرين رئيس هيئة الأركان العامة آنذاك في 12 سبتمبر عام 1980، وأدى إلى الإطاحة بالحكومة المدنية المنتخبة. وجاء الانقلاب في ظل تصاعد العنف السياسي والاضطرابات بين اليسار واليمين، حيث خلّف الانقلاب آثارًا عميقة على الحياة السياسية في تركيا، من بينها، حل البرلمان وتعليق الدستور، وحظر الأحزاب السياسية والنقابات، واعتقال مئات الآلاف من الأشخاص. وتنفيذ أحكام بالإعدام بحق عدد من النشطاء السياسيين. وصياغة دستور جديد عام 1982، لا يزال جزء كبير منه معمولًا به حتى اليوم، وقد اصيح الجنرال كنعان إيفرين أصبح لاحقًا رئيسًا للجمهورية التركية من عام 1982 إلى 1989. هذه الحملات كانت اكثر شدة وقساوة وسعة في المناطق الكردية حيث طالت مئات الالاف من قادة ونشطاء اعضاء حزب العمال الكردستاني الفتي، حيث على اثرها غادر السيد عبد الله اوجلان رئيس الحزب تركيا متوجها الى سوريا سرا مع رفيق دربه علي حيدر قيتان، حيث استمر في قيادة التنظيم واعادة تنظيمه.
والمنعطف الثاني المهم كان اعلان الحزب الكفاح المسلح في 15/8/1984 بتنفيذ عملية عسكرية بقيادة معصوم قورقماز (عكيد) المسؤول العسكري للحزب، حيث سقط نتيجة الحرب الدائرة بين القوات التركية وميليشياتها (قروجي) (الجحوش)، وقوات حزب العمال الكردستاني عشرات الالاف من القتلى والجرحى، وتدمير وتهجير اهالي الاف القرى الكردية.
والمنعطف الثالث بدأ باختطاف المخابرات التركية بالتعاون الكامل مع المخابرات المركزية الامريكية واجهزة مخابراتية اخرى للسيد عبدالله اوجلان في طريق ذهابه الى المطار في نايروبي بكينيا، بعد ان خرج من سوريا نتيجة الضغط التركي، وتحشيدها لقواتها على الحدود السوربة التركية.وقد حكم عليه بالاعدام ثم خفف الحكم لاحقا الى السجن مدى الحياة، حيث قضى لحد الان 26 سنة في سجن جزيرة ايمرالي.
اما المنعطف الاخر المهم فقد بدأ سنة 2013 بانطلاق مفاوضات بين السيد اوجلان والحكومة التركية، حيث على اثرها ظهر مشروع سلام بدأ بسحب حزب العمال لقواته المتبقية داخل تركيا، واستمر المشروع لغاية تراجع الرئيس التركي السيد رجب طيب اردوغان، وبدأ العمليات العسكرية مرة اخرى بين الطرفين، ومن ثم محاولة حزب العمال ادخال العمليات العسكرية الى داخل المدن الكردية في تركيا (حرب الخنادق). قابلتها القوات العسكرية والامنية التركية بقصف عشوائي طالت المناطق المدنية كما في سور دياربكر ونصيبين وغيرها، والتي راح ضحيتها المئات من القتلى وما يماثلها من الجرحى، والاف المعتقلين.
وكنتيجة لهذا الاقتتال ومنذ سنة 1984، فقد دخلت القوات التركية عشرات المرات الاراضي العراقية ولاحقا الاراضي السورية بحجة ملاحقة قوات حزب العمال الكردستاني، ثم اقامت عشرات النقاط والمعسكرات والربايا في اقليم كوردستان وفي شمال سوريا، وعدد منها تقع في عمق الاراضي العراقية والسورية. ونظرا للمشاكل السياسية والاقتصادية التي تواجهها تركيا وعدم امكانية القضاء على وجود حزب العمال الكردستاني بالعمليات العسكرية، على الرغم من نجاح القوات التركية في ابعاد قوات حزب العمال عن الاراضي التركية بشكل نهائي. لكن فاجأ السيد دولت باغجلي رئيس الحركة القومية التركية (MHP) بالدعوة الى فسح المجال امام السيد اوجلان المسجون للمجيء الى البرلمان التركي ودعوة حزب العمال الكردستاني لالقاء السلاح، وحل نفسه. ونتيجة ذلك بدأت التحركات من قبل حزب المساواة والديمقراطية (DEM Party) وشكلوا وفدا من كل من المرحوم (سري سريا اوندر) و(بروين بولدان) و( احمد تورك)، واللذين قابلوا السيد اوجلان والعديد من الشخصيات داخل تركيا وفي اقليم كوردستان ايضا، حيث على اثرها دعا السيد اوجلان بتاريخ 27/2/2025 حزب العمال الكردستاني الى التخلى عن السلاح والكفاح المسلح وحل الحزب، والتحول الى العمل السياسي المدني الديمقراطي. حيث استجاب الحزب عندما اوقف العمليات العسكرية على الرغم من استمرار القوات التركية لعمليات القصف الجوي والمدفعي وعن طريق الطيارات المسيرة. وبعد لقاءات مكوكية من قبل اللجنة الثلاثية واجتماعهم مع الرئيس رجب طيب اردوغان والسيد اوجلان، وعلى الرغم من استمرار القصف المدفعي والجوي للقوات التركية في مناطق تواجد حزب العمال في اقليم كوردستان، فقد عقد الحزب مؤتمره الثاني عشر للفترة من 5-7/5/2025 في جبل قنديل. حيث اصدر المؤتمر قرارات مهمة تاريخية اهمها التخلي عن الكفاح المسلح وحل الحزب، وتخويل السيد عبد الله اوجلان ادارة الحوار مع الحكومة التركية على اساس دعم العمل السياسي والديمقراطي في تركيا، هذا المؤتمر الذي عقد في ظل ظروف امنية معقدة، واستمرار القصف على مواقع الحزب، وفي ظل متغيرات اقليمية كبيرة. وللاسف فان القوات التركية مستمرة بالقصف في العديد من مناطق اقليم كوردستان، حتى بعد ترحيب الرئيس اردوغان وشريكه في الحكومة السيد دولت باغجلي رئيس الحركة القومية التركية بنتائج المؤتمر.
ان حل حزب العمال الكردستاني لنفسه وتخليه عن السلاح انما هو في جزء اساسي يهدف للحفاظ على تجربة كرد روژئافا ودعم موقف قوات سوريا الديمقراطية بقيادة السيد مظلوم عبدي، ووقف الاعتدءات العسكرية للميليشيات التابعة لتركيا ضد مناطق سيطرة قوات قسد. لكن لا يعرف مضامين الاتفاق بين عبد الله اوجلان والدولة التركية، وهل هنالك خطوات متقابلة مفترضة من مؤسسات الدولة التركية حكومة وبرلمانا وعسكر تجاه هذه الخطوة الشجاعة والتاريخية من قبل قيادة حزب العمال الكردستاني، حيث للاسف فان اركان حزب العدالة والتنمية الحاكم يتطرقون الى موضوع هذا (الاتفاق) من خلال سعي واصرار الحكومة التركية والرئيس رجب طيب اردوغان لانهاء (الارهاب) في تركيا ودول الجوار، ويتكلمون بلغة المنتصرين.
عليه فانه يفترض على الرئيس التركي ان يوعز الى اركان حكمه اتخاذ عدد من الخطوات المهمة، والا فان عدم الاستجابة لهذه الخطوة التاريخية من قيادة حزب العمال الكردستاني، يعني ضياع فرصة لن تتكرر على الشعب التركي والكردي في استباب الامن والسلام في تركيا وحتى في سوريا والعراق. وقد تحتاج تنفيذ الخطوات المتوقعة عن ما لا يقل عن سنتين، لكن مسافة الالف ميل تبدأ من الخطوة الاولى. وهذه القرارات المتوقعة من الحكومة والرئيس التركي هي:-
1-وقف اطلاق النار والقصف من قبل القوات التركية في اقليم كوردستان، لكن للاسف بدل ذلك فان تركيا مستمرة في عمليات القصف وارسال مزيد من القوات الى المعسكرات والربايا للجيش التركي وميليشياته السورية وجحوشه.
2-اطلاق سراح السيد عبد الله اوجلان او على الاقل تخفيف القيود عنه، بحيث تتيح له حرية الاتصال واجراء الحوارات والاستقبال.
3-تعديل قانون الارهاب بشكل يؤدي الى اطلاق سراح عشرات الاف المواطنين والناشطين من الكرد والترك، وفي مقدمنهم صلاح الدين دميرتاش، والذي اغلبهم قد القي القبض عليهم بتهم واهية وباطلة وسخيفة، وجميعها في ظل دعوى مكافحة دعم (الارهاب).
4-اصدار عفو عام عن مقاتلي حزب العمال وضمان عودتهم السالمة الى ذويهم وعوائلهم دون ملاحقات ومحاكمات.
5-انسحاب القوات التركية وميليشياتها من اقليم كوردستان، حيث ان هنالك مناطق شاسعة مسيطر عليها من قبل القوات التركية ولا يستطيع اهالي تلك المناطق من العودة الى قراهم خاصة في قضاء العمادية وادلرتي زاخو وسوران.
6-اعطاء الحرية لقادة حزب العمال بين البقاء في اقليم كوردستان او الهجرة الى اوربا او اية دولة يختارونها، وبين العودة الى تركيا دون ملاحقة واعتقال.
7-التنسيق مع الحكومة العراقية وحكومة اقليم كوردستان وقيادة قسد لتحديد الية التعامل مع مقاتلي حزب العمال من حاملي الجنسية العراقية والايرانية والسورية، لضمان توطينهم او سفرهم خارج العراق دون ملاحقة حكومات دولهم لهم.
8-حرية العمل السياسي للاحزاب السياسية الكردية ولاعضاء حزب العمال الكردستاني بعد الحل وعودتهم لتركيا والذين تطبق سراحهم من السجون التركية.
9-اطلاق المجال والحرية امام انطلاق ونشر الثقافة والفن الكردي في كامل التراب التركي، وحرية الاصدار والنشر والتأليف، وفتح القنوات والاذاعات والمنصات الناطقة باللغة الكردية.
10-تعديل الدستور التركي بما يضمن الحقوق السياسية والثقافية للمواطن الكردي في تركيا وخاصة:
أ-الاعتراف بالقومية الكردية في نص الدستور بجانب القومية التركية وقوميات اخرى.
ب-الاعتراف باللغة الكردية والتعلم والتكلم والنشر بها.
11-اعادة رؤساء البلديات االميعدين الى مناصبهم، والغاء وضع (قيوم) بدلهم من قبل الحكومة التركية، لان ذلك يعتبر سلاحا وسطوة سياسية بيد حزب العدالة والتنمية والرئيس التركي، وانها تفرغ اجراء الانتخابات من معناه، بالاضافة لنسفها احد اهم اسس الديمقراطية التي طالما يتبجح بها النظام التركي والسيد رجب طيب اردوغان.
12-بيان مصير المغيبين والمختطفين من الكرد والترك من قبل االقوات الامنية التركية وجماعات تابعة لها، وصرف رواتب تقاعدية لذويهم.
#سربست_مصطفى_رشيد_اميدي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟