أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - إناس جبران - العمل المنزلي: من أجل نضال نسوي ضد الرأسمالية البطريركية.















المزيد.....

العمل المنزلي: من أجل نضال نسوي ضد الرأسمالية البطريركية.


إناس جبران

الحوار المتمدن-العدد: 8343 - 2025 / 5 / 15 - 08:43
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


تميزت التعبئة التقليدية لفاتح ماي، اليوم العالمي للعمال والعاملات هذه السنة بخاصية جديدة في الدار البيضاء: انضمت جمعية تحدي للمساواة والمواطنة (ATEC)، وهي منظمة نسوية، إلى مظاهرة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل (CDT) لإطلاق حملة توعية حول العمل المنزلي. وتسلط هذه المبادرة التي تمت بالشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة، الضوء على العمل الذي تقوم به النساء إلى حد كبير، وهو عمل غير مرئي ولا يحظى بتقدير، وتدعو إلى توزيع عادل لهذا العبء داخل الأسرة فضلاً عن الاعتراف بقيمته الاقتصادية.

وفي السياق الحالي لإصلاح المدونة، ينبغي وفقا للجمعية أن يمهد هذا الاعتراف الطريق أمام تقاسم الممتلكات في حالة الطلاق، من خلال دمج العمل المنزلي في تقييم المساهمات بين الأزواج، (اليوم في المغرب، تقوم النساء في المتوسط ​​بـ 5 ساعات من العمل المنزلي يوميا، مقارنة بـ 43 دقيقة بالنسبة للرجال[1]). وهتف موكب ATEC، الذي يتكون من نساء ورجال يرتدون مآزر المطبخ التي تصف وظائف ربة المنزل، بشعارات قوية مثل: “بالنسبة للرجال كما هو الحال بالنسبة للنساء، العمل المنزلي ليس حكرة”.

ويبقى وجود مطالب نسوية تحملها هيئة غير نقابية في مظاهرة الأول من مايو أمرا نادرا في المغرب. ورغم مشاركة العديد من العاملات في مسيرات النقابات، إلا أن احتياجاتهن الخاصة كنساء تظل غائبة إلى حد كبير عن خطابات ومطالب المركزيات النقابية. علاوة على ذلك، فإن التنظيم المشتت لاحتجاجات الأول من مايو، حيث تنظم كل نقابة مظاهرتها الخاصة، يجعل من الصعب دمج ديناميكيات أخرى في المجتمع (الجمعيات، وحركات الاحتجاج، والتنسيقيات، وما إلى ذلك) مثل الجمعيات النسوية. علاوة على أن هذه الأخيرة تفضل أكثر العمل الترافعي عن التعبئة في الشوارع.

ولهذا السبب فإن ما قامت به ATEC يستحق الإشادة، من خلال مشاركتها في الأول من مايو تتصدى الجمعية لإضفاء صفة “طبيعية” على العمل المنزلي (أي باعتباره عملاً أساسا خاصاً بالنساء) لجعله قضية اجتماعية حقيقية، وتؤكد ATEC بقوة أن العمل بكل أشكاله هو مجال للنضال النسوي وأنه يجب تقديره. إن الاهتمام الذي أثارته هذه المبادرة والتغطية الإعلامية الناتجة عنها قد يساعد في زعزعة الأنماط الأبوية الجامدة، سواء في المجتمع أو في هياكل الحركة العمالية. والأمر متروك الآن للمنظمات النقابية لتناول هذه القضايا الأساسية إذا كانت ترغب حقا في تعبئة العاملات في صفوفها.

ومع ذلك يجب توسيع نطاق التفكير والفعل حول العمل المنزلي في مجتمع يفاقم فيه الهجوم الرأسمالي النيوليبرالي عبء المهام المنزلية التي تتحملها النساء، وخاصة النساء من الطبقات الشعبية. لهذا يجب تجاوز الإطار الليبرالي الذي تدافع عنه المؤسسات الدولية، مثل الأمم المتحدة، والذي يحصر هذا العمل في المجال الخاص والعلاقات الأسرية.

إعادة الإنتاج الاجتماعية، شرط بنيوي في التراكم الرأسمالي.

لقد كانت قضية العمل المنزلي جزءا لا يتجزأ من التفكير والمطالب التي طرحتها النسويات من التوجهات التي تحلل اضطهاد النساء من منظور طبقي منذ سبعينيات القرن العشرين، أولا في الغرب، ومؤخرا في الجنوب العالمي. ومن خلال امتداد التحليل الماركسي للإنتاج الرأسمالي إلى المجال المنزلي، وقد أرست كاتبات مناضلات مثل ليوبولدينا فورتوناتي، ومارياروزا دالا كوستا، وسيلفيا فيديريتشي، وسلمى جيمس، أسس نظرية إعادة الإنتاج الاجتماعي.

تسلط هذه المقاربة الضوء على الدور الأساسي لإعادة الانتاج والتي تشمل العمل المنزلي والإنجاب والرعاية في المجتمع الرأسمالي. وتكشف أن المنزل هو “العصب الرئيسي”[2] لإنتاج قوة العمل، هذه السلعة الأساسية للتراكم الرأسمالي. وتشير سيلفيا فيديريتشي[3] إلى أنه على الرغم من أن إعادة الانتاج يُنظر إليها باعتبارها نشاطًا فرديًا وخاصًا، فإنها في الواقع تشكل “شكلًا من أشكال العمل الاجتماعي” الذي يخلق القيمة، والذي “يسمح باستخراج المزيد من قوة العمل من العمال بعد زيادتها من خلال دمج العمل المنزلي للنساء”، وبالتالي توفير “عاملين اثنين بسعر عامل واحد” للرأسماليين.

وبعبارة أخرى، فإن الرأسمالية تعتمد بنيويا على العمل المنزلي، والمستفيد الرئيسي منه هم الرأسماليون أنفسهم، “الذين وفروا مليارات الدولارات بفضل العمل غير مدفوع الأجر الذي تؤديه أجيال من النساء”.[4]

وفي سبعينيات القرن العشرين، كانت حملة الأجور مقابل الأعمال المنزلية أول من أثار هذه القضايا في النقاش العمومي في الولايات المتحدة وإيطاليا. هدفها: كشف الآليات التي يقوم عليها النظام الرأسمالي، أي كمية العمل التي يستخرجها ويستغلها مجانًا. تحت شعارات مثل “يقولون إنه حب، ونحن نقول إنه عمل غير مدفوع الأجر”، قادت النسويات النضال من أجل تقليص ساعات العمل، ولكن أيضًا من أجل الحصول على دخل أساسي والوصول إلى الخدمات العامة مثل رعاية الأطفال.

بالنسبة لتيثي باتاتشاريا، فإن نظرية إعادة الإنتاج الاجتماعية تدعونا إلى توسيع مفهومنا للطبقة العاملة إلى ما هو أبعد من مجرد العمال والعاملات المأجورين. إن هذا المنظور يسمح لنا بتوسيع نطاق النضال إلى ما هو أبعد من المطالبة بزيادة الأجور أو تحسين ظروف العمل فحسب، وذلك من أجل القطع مع عقود من الاختزالية الاقتصادية. إن إعادة القراءة هذه ضرورية بشكل خاص في عصر الليبرالية الجديدة، حيث يتجاوز هجوم رأس المال إطار العمل الإنتاجي، على سبيل المثال من خلال الهجمات على حقوق العمال وقمع النقابات، ليمتد إلى مجال إعادة الإنتاج الاجتماعية. وتشكل سياسات التقويم الهيكلي والتقشف، مثل خوصصة الخدمات العمومية أو تحرير أسعار السلع الأساسية، المظاهر الملموسة لذلك [5].


الإضراب النسوي: عندما تتوقف النساء، يتوقف العالم

إذا كان العمل المنزلي يشكل أحد الركائز غير المرئية للاقتصاد الرأسمالي، فإنه يجب أيضًا وضعه في مركز النضالات من أجل تحرير العمل في مجمله. ومن هذا المنظور ولدت فكرة الإضراب النسوي كنقطة تلاقي استراتيجي. لقد تم تبني الإضراب وإعادة اختراعه من قبل الموجة النسوية الرابعة، التي ظهرت في بداية السنوات الأولى من القرن الواحد والعشرون ردًا على العنف الجنسي والجنساني، وأصبح الإضراب أداة قوية للتعبئة.

وفي أميركا الجنوبية، أحد المراكز الأكثر ديناميكية في هذه الموجة النسوية الجديدة، كانت إضرابات الثامن من مارس ضخمة وراديكالية في آن واحد. وقد مكنت هذه التعبئة من ربط العنف القائم على النوع الاجتماعي بمنطق التراكم الرأسمالي: وبالتالي فإن الإضراب النسوي يبرز أشكال العمل الهشة وغير الرسمية والمنزلية والمرتبطة بالهجرة، والتي تشكل اليوم قلب الآليات الجديدة للاستغلال واستخراج القيمة الخاصة بالعولمة النيوليبرالية. وهذه الأشكال من العمل على وجه التحديد هي التي تؤدي إلى تفاقم هشاشة الظروف المعيشية بالنسبة لغالبية السكان في مختلف أنحاء العالم.

من أجل منظور تحرري حقيقي لعمل النساء في المغرب

لا يمكن أن يقتصر النضال النسوي حول العمل المنزلي على المطالبة بالمساواة البسيطة داخل المنزل. بل يجب أن يتصدى للآليات البنيوية التي تشكل أساس استغلال النساء، سواء في المجالين الخاص والعام. لا يمكن فصل هذا النضال عن معركة أوسع نطاقا من أجل تحسين ظروف النساء المعيشية بشكل عام، وخاصة من ينتمين إلى الطبقة العاملة.

إن الرأسمالية، من خلال تجزئها تجارب النساء، تضع العمل غير مدفوع الأجر في مواجهة العمل المأجور، مما يؤدي إلى خلق حواجز فاصلة بين النساء أنفسهن. ومن الضروري أن تعمل النسويات على هدم هذه الحواجز. لأن العمل المأجور، على النقيض من الخطاب السائد الذي تتبناه الدولة والمؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة أو البنك الدولي، ليس بالضرورة مردافا للتحرر.

في سياق العولمة النيوليبرالية، يتم دمج النساء في الجنوب العالمي، بما في ذلك النساء في المغرب، على نطاق واسع في سوق العمل في شروط هشة، وغالباً كيد عالمة رخيصة، في الصناعة والخدمات والصحة والتعليم…إلخ، عن طريق ما يسمى بسياسات ” الإدماج” و”الاستقلال الاقتصادي”. بالنسبة للنساء في المناطق القرية ترافق ادماجهن الاقتصادي مع حرمانهن من مصادر استقلالهن التقليدية (الأرض والمياه والزراعة المعيشية). إن الأجور التي لا تكفي لتغطية الاحتياجات الأساسية تصبح فخاً: فبدلاً من أن تفتح الطريق نحو التحرر، فإنها تؤدي إلى الديون/القروض الصغرى وبالتالي خلق شكل جديد من التبعية الاقتصادية. وبدوره، يجبر الدَّيْن العاملات بتفويض بعض من الأعمال المنزلية والرعاية إلى نساء أخريات يشغلنهن، وهو ما يؤدي إلى إدامة الآليات التي تسجن النساء في تقسيم للعمل قائم على النوع، ويتم هذا بشكل متزايد على أسس عرقية باستخدام عمل النساء المهاجرات.

إن برنامج نضال تحرري حقيقي يجب أن يطالب بإعادة التملك الجماعي للثروة التي خلقتها النساء. ويجب أن يطالب بإضفاء طابع اجتماعي على أنشطة الرعاية، من خلال ضمان الوصول الشامل إلى الخدمات عامة جيدة: الحضانات، والصحة، والتعليم، ولكن أيضًا الصحة الإنجابية لجميع النساء، دون تمييز.

ويجب أن يتضمن هذا البرنامج أيضًا الحق في السكن اللائق، وتحسين الأجور، وظروف العمل اللائقة. ويجب عليه أن يتعارض مع المنطق الذي يحرم السكان المحليين من أراضيهم ومواردهم، وأن يدافع عن الظروف الملموسة للاستقلال الاقتصادي والاجتماعي للنساء، بحمايتهن من الاعتماد على السوق وأشكال الاستغلال التي يولدها.

لا يمكن أن يقتصر مثل هذا البرنامج على مناشدة الدولة للتأثير على السياسات العمومية، لأنه يجب أن يتضمن كذلك نقدًا هيكليًا للدولة نفسها، كأداة تعمل على إدامة الهيمنة الطبقية والجندرية. ومن خلال نضال جماعي على الأرض يمكن تحقيق التقدم الاجتماعي الحقيقي. ويجب أن ينسج هذا النضال جسورًا بين ربات البيوت والعاملات بأجر والنساء المهاجرات، مع الاعتراف بتنوع تجاربهن، ولكن أيضًا بتلاقي أشكال الاضطهاد التي يعانين منها في ظل نظام رأسمالي أبوي.

بقلم: إناس جبران و فاطمة الزهراء البلغيثي

[1] المندوبية السامية للتخطيط، المرأة المغربية بالأرقام (2024)

[2] Leopoldina Fortunati, L’Arcane de la reproduction (1981, traduction française 2022)

[3] Dans la préface à l’édition française de L’Arcane de la Reproduction (Lepoldina Fortunati).

[4] Silvia Federici, Grève du travail reproductif et construction de communs reproductifs, dans « Travail gratuit et grèves féministes » (2020)

[5] Tithi Bhattacharya, Social Reproduction Theory : Remapping class, recentering oppression (2017)



#إناس_جبران (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العمل المنزلي: من أجل نضال نسوي ضد الرأسمالية البطريركية.


المزيد.....




- صدمة.. وفاة أوّل امرأة إفريقية تُشرف على بينالي البندقية عن ...
- مراسلنا: 15 قتيلا بينهم 11 طفلا وامرأة في غارة إسرائيلية است ...
- صورة الريفيات التونسيات في مسلسل “رقوج- الكنز 2”
- “800 د.ج“ كيفية التسجيل في منحة المرأة الماكثة في البيت 2025 ...
- فتحت تاني يا سيدات.. تسجيل منحة المرأة الماكثة بالبيت 2025 و ...
- الآثار الجانبية لأوزمبيك تُقلق المرضى والتبليغ عنها يتضاعف.. ...
- دراسة: متلازمة -القلب المكسور- تفتك بالرجال بمرتين أكثر من ا ...
- امرأة متزوجة من روبوت ذكاء اصطناعي تدّعي أنها مغرمة به وتتحد ...
- خشية غسيل الأموال.. العراق يحقق في مهور الزواج المبالغ فيها ...
- الشرطة تطارد -سامية-.. رجل ينتحل صفة امرأة ويمارس الشعوذة في ...


المزيد.....

- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - إناس جبران - العمل المنزلي: من أجل نضال نسوي ضد الرأسمالية البطريركية.