أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - تاج السر عثمان - كيف تكونت الطبقة العاملة السودانية؟















المزيد.....

كيف تكونت الطبقة العاملة السودانية؟


تاج السر عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 8334 - 2025 / 5 / 6 - 16:21
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


١
نتابع بمناسبة أول مايو اليوم العالمي للعمال ونعيد نشر هذا المقال عن تكوين وجذور نشأة الطبقة العاملة والعمل المأجور.
ترجع جذور الطبقة العاملة السودانية إلى فترة الحكم التركي _ المصري ( ١٨٢١ - ١٨٨٥) عندما قامت ترسانة الخرطوم للنقل النهري ومصانع الذخيرة والنيلة والصابون وتطور العمل المأجور ، وظهرت فئات عاملة بأجر مثل : الكتبة والموظفين والقضاء والمعلمين ، وكذلك نتيجة لترك أعداد كبيرة من المزارعين سواقيهم واراضيهم الزراعية بسبب الضرائب الباهظة ، أي تحررت أعداد كبيرة منهم من الارتباط بالأرض ، ولكن نظام الرق ونظام السخرة الذي كان موجودا في بعض المؤسسات لم يساعد في إيجاد عمال أحرار في التنقل ، إذ أن من الشروط الأساسية لظهور ونشؤ الطبقة العاملة أن يكون لها حرية التنقل وحرية التعاقد ، أي حرية بيع قوة عملها . ذلك أنه في نمط الإنتاج الرأسمالي كما يقول ماركس في مؤلفه " الرأسمال "أصبحت قوة العمل بضاعة ، وقيمة قوة العمل هذه شأن قيمة كل بضاعة أخرى تتحدد بكمية العمل الضروري اجتماعيا لإنتاجها ، إذن قيمة قوة العمل هي تكاليف إعادة تكوين قوة العمل هذه في إطار اجتماعي محدد ( المأكل ، الملبس ، المسكن ، . الخ ) .
(للمزيد من التفاصيل : راجع تاج السر عثمان الحاج.. خصوصية نشأة وتطور الطبقة العاملة السودانية.. ١٩٠٠١٩٥٦، الشركة العالمية ٢٠٠٧).
وبالتالي يمكن القول وبهذا المفهوم أن الشكل الحديث لتكوين ونشوء وتطور الطبقة العاملة لم يظهر إلا مع بداية القرن العشرين عندما تم إلغاء نظام الرق والسخرة في السودان .
٢
كان من ضمن أهداف الاحتلال الإنجليزي للسودان إلغاء تجارة الرقيق ، وجاء في صلب اتفاقية 1898 م إلغاء تجارة الرقيق ومنعها منعا باتا في السودان وإلغاء كل أشكال التعامل بالرقيق . جاء في المادة ( 11 ) من الاتفاقية ( ممنوع منعا مطلقا إدخال الرقيق إلى السودان أو تصديره منه ).
وفى بداية الحكم الاستعماري واجهت الإدارة البريطانية مشكلة الرقيق التي وصفها أحد السياسيين الإنجليز كما يلي : كان على الحكومة الخيار بين أمرين أحلاهما مر : فإما الاعتراف المؤقت بالرق السائد أو التحرير الفوري للرقيق ، الأمر الذي كان يؤدى إلى تقويض الاقتصاد في البلاد ، ذلك لأن التحرير الفوري كان يؤدي إلى هجر أكثر المزارع الكائنة على ضفاف النيل ، والى فقدان قطعان كثيرة من الماشية التي يملكها البدو والى موت آلاف من الأبرياء الذين أجبروا على العيش دون خطأ من جانبهم على العيش في ظلال نظام اجتماعي معاد للأفكار الغربية ، والتي قبلوها باعتبارها أمرا ضروريا لاغنى عنه لممارسة الحياة اليومية ، والتحرير الفوري للرقيق كان يعنى إطلاق سراح آلاف الرجال والنساء دون تحمل للمسئولية في مواجهتهم والذين كانوا يصبحون مصدرا للشغب والإخلال بالآداب ( محمد عمر بشير : مشكلة جنوب السودان ، 1983 م ، ص 59 . )
ولحل مشكلة الرقيق كانت السياسة الحكومية تقوم على المبادئ والإجراءات التالية :
_ العمل على تخديم الأفراد وتطوير نظام العمل بالأجر ( كبديل عن العمل عن طريق السخرة ) وذلك عن طريق تطوير الاقتصاد .
_ اتخاذ إجراءات مضادة ومعادية لتجارة الرقيق ، مماثلة لتلك السياسة التي اتبعت فى بلدان أخرى خضعت للسيادة الأوربية .
_ السماح لكل رقيق بترك سيده إذا قرر ذلك طائعا مختارا .
_ حرمان السيد من ممارسة حقوقه القانونية لاسترداد الرقيق الذي أثر الحرية . ( بشير المرجع السابق ص 59 _ 60 ، وللمزيد من التفاصيل راجع محمد إبراهيم نقد : علاقات الرق في المجتمع السوداني ، 1995 . ) وللقارئ الذي يرغب في المزيد من آليات التحول من نظام الرق إلى العمل المأجور يمكن أن يرجع إلي بحث د . أحمد العوض سكنجة
(Slaves Into Workers ,1898 -1956 , )
بهذا الشكل حاربت والغت الإدارة الاستعمارية نظام الرق المتخلف ، وكان ذلك خطوة للأمام وعممت نظام العمل بالأجر ، أي خلقت شكلا جديدا أرقى من الاستغلال وهو العمل بالأجر بدلا عن نظام السخرة ( الرق ) الذي كان يعمل فيه الرقيق طول الوقت لصالح سيده مقابل معيشته ومعيشة أولاده .
هذا فضلا عن أن الإدارة البريطانية كانت محتاجة لهذا الشكل ( نظام العمل بالأجر ) ، حيث كانت تحتاج لعمال متحررين من قيود العبودية لكي يعملوا في المشاريع الاقتصادية والعمرانية التي كانت تخطط لها في بداية دخولها للسودان مثل : مشروع الجزيرة ، السكك الحديدية ، والميناء . الخ . وان نظام العبودية كان نظاما متخلفا ولا يتناسب مع الشكل الجديد للاستغلال الرأسمالي الذي كانت الإدارة البريطانية تريد غرسه في السودان .
٣
على انه يجب القول أن تحرير الرقيق كان خطوة إنسانية تقدمية في سلم تطور الإنسان السوداني ، فالسودان عرف نظام الرق منذ أقدم مملكة سودانية ( مملكة كرمة عام 2000 ق . م ) ، واستمر هذا النظام في كل الممالك السودانية القديمة والوسيطة ، والتاريخ الحديث حتى نهاية القرن التاسع عشر . هذا إضافة إلى أن المشاريع الجديدة كانت محتاجة إلى عقلية جديدة تتعامل مع أدوات الإنتاج الحديثة التي أدخلها المستعمر ، والواقع أنها بدأت تدخل السودان منذ بداية الحكم التركي مثل : البواخر النهرية التي بدأت تحل محل المراكب ، والتلغراف الذي بدأ يحل محل الهجانة ، والأسلحة النارية التي حلت محل الأسلحة البيضاء وما احتاجته من مصانع للذخيرة والبارود ، كما دخل نظام التعليم الحديث الذي بدأ يحل محل الخلاوى الذي انتشر في فترة السلطنة الزرقاء .
ومنذ نهاية القرن الثامن عشر اندفعت الثورة الصناعية في إنجلترا ومنها إلى بلدان العالم الرأسمالي الأخرى والمستعمرات . بإعادة احتلال السودان عام 1898 م ارتبط السودان مرة أخرى عن طريق إنجلترا بالنظام الرأسمالي العالمي ، وبدأ السودانيون يعرفون القاطرات ، والعربات والشاحنات ، كما بدأت تحل طلمبات الري محل السواقي ، وحلت الطواحين محل المرحاكة ( والفندك والهون ) ، كما حلت عصارات الزيوت الميكانيكية محل عصارات الجمال ، وبدأت التراكتورات تدخل في الأساليب الحديثة للإنتاج الزراعي .
كل هذه التطورات والآلات الحديثة التي بدأت تدخل السودان واتسعت منذ بداية القرن العشرين ، كانت محتاجة إلى قوى عاملة جديدة ، وكانت محتاجة إلى نوع جديد من التعليم للتعامل معها ، وبالتالي طور الاستعمار نظام التعليم ليتواءم مع احتياجاته الجديدة لتسيير مشاريعه الصناعية والخدمية ، ولسد النقص في الإداريين والكتبة لتسيير دولاب الدولة .
هكذا بدأت تظهر طبقة عاملة وفئات متعلمة تعليما حديثا ، وظهرت شركات ومشاريع زراعية وصناعية ، وبالتالي تطورت طبقة التجار الأجانب والمحليين واصحاب الملكيات الزراعية ، وهكذا ظهرت علائق انتاج جديدة ، وتوسع العمل المأ جور الذي حل محل نظام الرق .



#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفاهيم الطبقة الاجتماعية والمركز والهامش (٢/٢)
- مفاهيم الطبقة الاجتماعية والمركز والهامش (١/٢)
- ثورة ديسمبر متممة نورها ولو كره الاسلامويون
- حتى لا تتكرر تجربة انفصال الجنوب بعد اتفاقية نيفاشا
- ما دلالات مصادرة الحريات وهلع البرهان من اللساتك؟
- كيف أدت الحرب الي تغيرات في تركيب الطبقة العاملة السودانية ( ...
- كيف أدت الحرب الي تغيرات في تركيب الطبقة العاملة السودانية ( ...
- كيف انتزعت الطبقة العاملة السودانية حق التنظيم النقابي؟
- ٤٥ عاما في دراسة التاريخ الاجتماعي للسودان ( الثان ...
- ٤٥ عاما في دراسة التاريخ الاجتماعي للسودان
- حول دعوة على كرتي لفصل دارفور
- في ذكراه ال ١٥٥ كيف كان دور لينين في الثور ...
- مؤتمر لندن خطوة تحتاج إلى ارادة
- في ذكراها الأربعين تجربة فشل الفترة الانتقالية بعد انتفاضة أ ...
- في عامها الثالث تصعيد جماهيري لوقف الحرب واسترداد الثورة
- كيف أدى الإفلات من العقاب الي الحرب؟
- كيف تشكل المليشيات خطرا على الدولة ووحدة السودان؟
- بعز عامين من الصراع الدامي ضرورة وقف الحرب
- في عامها الثالث وقف الحرب وترسيخ الحكم المدني الديمقراطي
- التنوع الثقافي جذوره عميقة في الدولة السودانية


المزيد.....




- قانون العمل الجديد في قطر: هل يهدد موقع الدوحة كعاصمة مستقطب ...
- كل ما تريد معرفته حول قانون العمل الجديد 2025 pdf .. أعرف ال ...
- العراق تُعلن تأمين رواتب الموظفين من هذا الإتجاه.. مفاجأة ال ...
- العراق تُعلنها.. صرف رواتب المتقاعدين شهر يونيو في هذا الموع ...
- قانون العمل الجديد 2025.. بوابة الخير للإستثمار والعاملين في ...
- قانون العمل الجديد 2025.. بوابة الخير للإستثمار والعاملين في ...
- العراق تعرقل الرواتب.. خبر غير سار لجميع المواطنين حول رواتب ...
- كل 6 أشهر! .. خطوات تجديد منحة البطالة بالخطوات الصحيحة “هنـ ...
- مجمع القطاع الخاص يناقش المفاوضات الجماعية
- مؤتمر اتحاد العمال النرويج “Lo” يناقش المقاطعة الكلية للكيان ...


المزيد.....

- الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح ... / ماري سيغارا
- التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت ( ... / روسانا توفارو
- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - تاج السر عثمان - كيف تكونت الطبقة العاملة السودانية؟