حيدر سالار
الحوار المتمدن-العدد: 8334 - 2025 / 5 / 6 - 14:51
المحور:
الادب والفن
ثمة لحظة فارقة في عمر الإنسان لا يعلَن عنها الزمن، ولا تُقاس بالعقارب. لحظة تنكسر فيها ضوضاء العالم، ويتكشّف الصمت لا كفراغ، بل كنداء. نداء خافت يأتي من عمق النفس، يدعوها إلى العودة… لا إلى الأمس، بل إلى الجوهر.
الرحلة إلى الداخل ليست انسحابًا من الحياة، بل مواجهة لها من أصلها. فكم منّا عاش أعوامًا طويلة في خارج نفسه؟ جسد يسير، يتحدث، ينجز، لكنه لا يُصغي إلى الصوت الذي يسكنه. يُخيفه التأمل، كأن في أعماقه ما يخشاه أن يُرى.
لكن الحقيقة؟ الداخل لا يُخيف… الداخل يحرّر.
حين يتأمل الإنسان ذاته دون أقنعة، دون محاكمات، يبدأ في إدراك أن قيمته لا تُقاس بإنجاز، ولا بتصفيق. يبدأ بفهم أن السكينة ليست محطة نصل إليها، بل حالة نخلقها حين نصير في انسجام مع أنفسنا. حين لا ننافق أرواحنا، ولا نغش مشاعرنا، ولا نهرب من أسئلتنا.
"من أنا؟" ليست مجرد سؤال، بل مفتاح. مفتاح يفتح أبواب الإدراك، ويسقط جدران التزييف. وكل إجابة تقود إلى سؤال أعمق، كأن الذات بحر لا قرار له، وكل غوص فيه يقربنا من نورٍ لم نكن نراه ونحن فوق السطح.
هذه الرحلة لا تحتاج إلى زمن، بل إلى شجاعة. شجاعة أن تصمت وسط الضجيج، أن تتأمل وسط العجلة، أن تصغي لما لا يُقال، وأن تحب ما تكتشف، مهما كان هشًا، مكسورًا، أو ناقصًا.
في النهاية، ليست المعرفة الحقة ما نقرؤه عن الحياة، بل ما نعيشه في الصدق مع أنفسنا.
الرحلة إلى الداخل… هي الرحلة التي حين نبدأها، لا نعود منها كما كنا.
#حيدر_سالار (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟