أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - المنصور جعفر - جزء من الصراع بين القومية والطائفية















المزيد.....


جزء من الصراع بين القومية والطائفية


المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)


الحوار المتمدن-العدد: 8334 - 2025 / 5 / 6 - 12:01
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


يستعرض هذا النص بعض تشابهات وتنافرات الأنشطة القومية والطائفية في سوريا، بمقارنة يجريها بين عموميات حكم حزب البعث العربي الاشتراكي وبدايات الحكم الإسلامي الحاضر في سوريا وكيف تربح المشروعين الليبراليين الإمبريالي والصهيوني من بعض سلبيات وتناقضات حكمي البعث والإسلام وشيء من نزعتيمها الطائفتين.


■□■ في المستوى النظري:

1■ في المجال الفكري:

(أ) بعد الحرب العالمية الثانية نمت الفكرة المحورية لحزب البعث العربي الاشتراكي ثم تلخصت بشعار "الحرية والاشتراكية والوحدة" أي الحرية من أوضاع الإستعمار التركي والإستعمار الأوروبي في الفكر والحياة مع النضال لتأسيس أوضاع "اشتراكية" ضد تبلورات الإقطاع والرأسمالية مع تحقيق وحدة الدول العربية ضد التقسيمات والحدود الاستعمارية المعيقة لتفاعلها وإثراءها للحضارة الانسانية.

تدعمت هذه الفكرة الثلاثية بتمحور حول "قضية فلسطين" كونها خلاصة جامعة لكل أشكال الظلم وتقديم مهمة تحرير فلسطين والتخلص من خطر التوسع الصهيوني كهدف فاروق وتبيان لصدق الدعاوى النبيلة في العالم ومحور جامع وأساس وذروة لأشكال النضال.

تواشجت مهمات الحرية والاشتراكية والوحدة وتحرير فلسطين مع تعزيز لشعارات الإخاء والمساواة وتنضيدها برفوض شتى أهمها: رفض الجبروت الطبقي والطائفي والاثني وأحزابه دون رفض أسسه التجارية! ورفض أفكار الإنقسام والتميز والتحكم الديني أو الطائفي أو الإثني دون رفض جذورها التاريخية الطبقية والثقافية! وأيضاً برفض أفكار الصراع بين فئات الطبقة الكادحة وفئات الطبقة المسيطرة على موارد معيشة الناس رغم دعوة البعث العامة إلى الاشتراكية والحرية من صنوف الإنفراد والإستغلال.

تواشجت كل هذه الأهداف والمهمات في المجال الفكري وثقافته مع اعزاز كبير لأمجاد "التاريخ العربي" وتمييزه دون باقي التواريخ بتمجيد تأسيس الدول العربية الأولى وتصوير توسعها السياسي الجغرافي كفتوح موجبة القيم والنتائج وتقديم التطورات الثقافية والمعيشية فيها دون عرض أي سلبيات أو أزمات رافقت حياة الناس في هذه الدول.


(ب) اما الحكم الاسلامي الجديد فتلخصت أفكاره في تخلص المسلمين ومجتمعاتهم من أفكار وأنشطة وصور الحكم البشري وتبديله بـ"عبادة الله" وتحقيقها بالإتجاه إلى قيادة العالم بمختلف أساليب الدعوة والجهاد، وهو إتجاه تلخص في شعارات "الحكم لله" و"الحكم بما أنزل الله" و"الحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم" وتلخصت هذه الآراء في ثقافة عنوانها "الحاكمية الالهية" أو"الحاكمية الاسلامية".


تواشجت الدعوة "الحاكمية الاسلامية" بمزج فكرة التوحيد بفكرة وحدة "المسلمين" وذلك بإحالة عامة إلى القرءآن والسنة يلازمها امران اما نأي عن تفصيل أي عناصر وعلاقات تثير الجدل أو الخلاف بين "المسلمين" أو فتح مجال للتفقه الدقيق في شأن عام كفقه "الحكومة الاسلامية" أو "فقه التجارة" أو "فقه الدعوة" أو" فقه الجهاد" أو "فقه الضرورة"، ..إلخ مع تنوعات شتى في تخفيف أو في تشديد اعتبار بعض الأمور. وبذا تنوع فقه "السياسة الاسلامية" بأشكال من السكوت وأشكال من الإخبار عن السلف يزعم أنصار كل منها انها تمثل عبادة الله وتحكيم كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.


بوحدة أو بتغاير فهم وجود "المسلمين" ومن هو المسلم؟ وتقدير صلاح نشاطهم أو طوائفهم بين بعض الكليات وبعض الجزئيات وتنوع الفقه السياسي بين أركان الإيمان وأركان الإسلام انفتح الفكر السياسي الاسلامي على حالة مثالية أو لانهائية من التنوع جعلت بإمكان متكلميه رفض أو قبول كثرة من الأمور المتناقضة في وقت واحد فصار تقدير صلاحها في بعض الأحيان أمراً بشرياً ودينياً مفتوحاً انفتحت به أبواب خلاف أكثر من أبواب الخلاف في السياسة البشرية.


من ثم بتداخل حال أو حالة الانفتاح وحال أو حالة التحديد اجتمعت الصعوبة والسهولة في الفكرة السياسية الاسلامية: الصعوبة في انتقادها بحكم وجود فقه آخر في كل مسألة، والسهولة في اختراعها ورواجها باعتبارها فكرة عامة خالية من أي تفاصيل مثيرة للاختلافات.



2■ في المجال السياسي:

(أ) دارت منظومة البعث حول تحكم الجبهة الوطنية التقدمية -بقيادة البعث العربي الاشتراكي- في أمور الدولة، تحكماً كانت بدايته أو نهايته نظام حكم جمهوري رئاسي.

( ب) في منظومة الاسلام الحكم لله. يتولاه أتقى/أقوى أصحاب الشوكة ونهايته نظام للإمارة.



3■ في المجال الإقتصادي:

(أ) كان حكم حزب البعث العربي الاشتراكي مع الترتيب الحكومي لأمور الخدمات والمعيشة وقيادة القطاع العام للاقتصاد وفق خطة تنمية.

(ب) تواشج كلام الحكم الإسلامي الجديد مع حرية التملك والمتاجرة الانفرادية وترك أمور الخدمات والمعيشة والاقتصاد مفتوحة للمتاجرة.



4■ في المجال الثقافي:

(أ) الفكرة المحورية لثقافة البعث العربي الإشتراكي هي ربط وجود الأمة العربية بأمجادها التاريخية قبل وأثناء وبعد فترة الحكم الاسلامي بشكل يجمع مختلف قوميات وأديان وطوائف المنطقة في وحدة نضالية ضد الإستعمار العثماني والأوروبي وضد الإستغلال وضد تقسيمات الاخضاع بالإثنية والقبيلة والطائفة والمنطقة بل تنظيم جمهوري لشؤون الدولة والمجتمع.

(ب) الفكرة المحورية للثقافة الاسلام السياسة هي تمكين الإسلام والمسلمين في مختلف مجالات الحياة في العالم وتحويلها إلى مجال للدعوة والجهاد ضد كل أشكال، الفكر والحكم البشري -في البلد المتاح وفي العالم- عبر كل نشاط للدعوة أو للجهاد يدولة أو بدون دولة.



5- في المجال الإجتماعي:

(أ) أهتمت أفكار وأنشطة البعث العربي الاشتراكي بتحقيق حرية الشعب العربي وبلاده ومن كل أشكال الاستعمار كما أهتمت بتأسيس مقدمات للإشتراكية والإخاء بين مجتمعات العالم العربي وكذلك بين أفراده و المساواة والعدالة بينهم في أمور الحقوق والواجبات وفي فرص التنمية، إسهاماً في تكوين مجتمع إنساني الطبيعة مفيد لتطور العالم وتخلصه من أزمات الإنفراد والأنانية والإستعمار.



(ب) اهتمت أفكار وأنشطة الحكم الإسلامي بحرية الإسلام ومجتمعاته من الأفكار والنظم البشرية وان تسلم كل أمورها وشؤونها لله وسلطانه وأولياء أمره في الناس، وتفرز الأفراد والمجتمعات على أساس إيمانها والتزامها بهذا التسليم بالدعوة والجهاد داخل وخارج كل بلد بما يحقق استمرار وتمكين معالم الإسلام [المتفق عليها].



في المستوى العملي:

1■ في الايديولوجيا والنظام الفكري:

(أ) عملاً في الواقع قام فكر ونشاط حزب البعث العربي الاشتراكي كرد فعل على أفكار وإجراءات ونفوذ الإستعمار والتهميش العثماني والاستعمار والتهميش الأوروبي وتقطيعهما منطقة ومجتمعات الهلال الخصيب وهدمهما عزتها وكرامتها واهدرهما حقوقها.

ضمن هذا الرد فعل رفض أدب البعث وأنشطته النزعة الرجعية الرامية إلى إعادة منظومة الخلافة الإسلامية وكذلك رفض النزعة الحداثوية المبجلة للاستعمار والتنظيم الأوروبي ورفض المنظومة الصهيونية، لكنه مع هذه الرفوض الجميلة رفض أيضاً باشكال متنوعة النزعة الشيوعية ونشاطها لإلغاء الترتيب الطبقي لمقومات المعيشة ولانهاء ثقافة التمييز الديني في الأمور العامة.

(ب) عملاً في الواقع قام الفكر والنشاط الإسلامي على موضوع الجهاد ضد كل الافكار والنظم البشرية وذلك بتمكين "المسلمين" و "الإسلام" وسيطرتهم على كل مجالات الحياة وبداية ذلك بإقامة حكم إسلامي شامل.

ضمن محاولات تأسيس هذا الحكم رفض الاسلام السياسي كل أشكال الفكر والتنظيم السياسي الحديث حيث رفض الليبرالية متحجاً بكفرها الديني وطغيانها المالي ورفض الشيوعية متحججاً بكفرها وبمحاولتها حوكمة الاقتصاد والمعيشة والغائها حرية التملك التجاري.

بشكل نسبي رفض بعض متزعمي سياسية الاسلام مظالم منظومة الخلافة الاسلامية دون أن يرفضوا الأسس الاجتماعية السياسية المولدة لهذه المظالم وأولها حرمان الكادحين من السيطرة على أمور وموارد معيشتهم ومجتمعاتهم، والسماح للأفراد بتملك موارد مهمة لمعيشة الناس والمتاجرة بها، إضافة للسماح بربا العمل واستفاضة ملاك وسائل الإنتاج لقيمة انتاج الانسان الكادح الذي أكرهته ظروف البقاء فيمنظومة سيطرة الطبقة الراسمالية وجبروت سادتها على قبول العمل فيها بأجر بخس.



2■ في الممارسة السياسية الواقعية:

(أ) قام تنظيم وأداء حزب البعث العربي الإشتراكي على نسق الحزب الطليعي المحدد البرنامج والتنظيم، وعلى مضاهاة مهمات الحزب بمهمات الدولة، والإعتماد في الانتشار على الأسلوب الدعائي الفكري الثقافي وعلى الأسلوب العسكري والأمني الحكومي في التمكن والبعد عن النخب القديمة و مهاجمتها ورغم دعواه الاشتراكية نأي بنفسه عن الانحياز الظاهر في الحرب الامبريالية الباردة ضد الاشتراكية.

من ثم تورطت قوى البعث الاشتراكي وحلفاءه في اختلافات وفروق مجتمعات الحداثة المدينية والريفية وحملت منها بعض الأمور الموجبة وكثرة من سموم الفروق الطبقية والفئوية وتفاقمها في مجالات العمل وفي أحياء السكن, وقد اسهمت مشكلات وأزمات المعيشة وما اليها من صراعات فئات المجتمع في نقل أمور التنظيمات والدولة من حال المصلح إلى حالة سيئة تحتاج هي نفسها إلى اصلاحات كبرى أو بتعبير أصح تحتاج إلى تغيير إشتراكي جذري.


(ب) في جانب الاسلام تأسست تنظيمات قوى الإسلام في شكل جماعات سائلة ملتفة حول شعار واحد متنوع وبسيط أي كتجمع سهل مفتوح نسبية غير محدد ببرنامج أو بشكل تنظيم صارم، ولا حتى بمبادئي سياسية اجتماعية، بل حياته ونشاطه هي ما يتصوره اعضاءه واميرهم انها لله عاطفة أو فكرة دينية مختلف شأنها بين كل مسلم وآخر.

بهذا الجمع الفني بين الروحانية الدينية والحساسية التجارية مارست جماعات الإسلام الانكفاء أحيانا ً والإنحياز أحياناً في الحرب الباردة ضد بعض الأفكار والتنظيمات الليبرالية القومية أو الإشتراكية وضد التنظيمات والأنشطة الشيوعية وبهذا الازدواج كسبت دعم الطغاة والامبريالية لها إما عبر تمويلات من منتظمات في دول الخليج أو عبر زيادة عداوة الأجهزة الأمنية المحلية لخصومها الشيوعيين أو بعض خصومها الإسلاميين.

بشكل هادئي انشغلت جماعات الإسلام بتعزيز تحكمها في مفاتيح بعض شخصيات و أنشطة المجتمع والدولة عبر جهود خيرية للجماعة والمسجد وتركت تحسين مهمات الدولة لاجتهادات الآخرين وللمستقبل وبهذا الانكفاء ارتاحت من جهود وخلافات ومصادمات كثيرة.

وبنفس نمط اختصار وتضييق الكلام السياسي والنظامي وإكثار التعامل والتأثير النفسي الشخصي اعتمدت قوى الاسلام في انتشارها على أسلوب تبسيط الهدف ومهماته والبعد عن أي مواجهات مع النخب بل "الدعوة" و"الحرب خدعة" و الجهاد بـ"التضليل" خاصة بالشائعات والإعلام القشري المضخم لمواجهات لمم وأنشطة صغيرة، والمبرر لبعض مظاهر التزمت.

ارتبط جزء من الانتشار الإسلامي بأحد أسلوبين إما بأسلوب استدرار العطف وتقديم الجماعة نفسها عبر المقالات المكتوبة أو الشفاهية أو عبر تصريحات أو زفرات ككيان /فرد مسكين مضطهد أو مضحي ومستشهد لمصلحة الضعفاء رفعاً لكلمة التوحيد، أو بإتباع أسلوب إستقطاب الإعجاب والدعم بتقديم بعض أفراد الجماعة نفسهم كفرسان مدافعين عن الحق رافضين الظلم. ومجاهدين في سبيل الله، حتى لو كان هذا المجاهد شخصا واحداً وكان باقي الجماعة كذابين و أفاكين وطماعين في المال والنساء والجاه!

وبين هذا "الأخ المستضعف" وذاك "الأخ المجاهد" يقدم كثرة من أفراد الجماعة نفسهم أو يخدعون أنفسهم بأنهم جزء من اختيار إلهي كفئة مختارة منه، وانهم كيان إصلاح وتهذيب قدره الله لهم يهتموا به ويهتمون فيه بإلتزام ما تيسر لهم من معالم الدين وبعض قشوره.

وسط هذه التصورات والتأويلات وما يدخل فيها من مصالح بعض الفئات و بعض الدول غابت عن كثرة من الاسلاميين وعن كثرة من خصومهم الليبراليين والشيوعيين حقيقة أن جدل أسلمة السياسة وتسيس الإسلام والمفاضلة بين ليبرالية تجارة علمانية التحكم وليبرالية تجارة ثيوقراطية التحكم أي دينية الكلام تمثل طاقة تحهيل وتعطيل تقوى كل أسس وأشكال تحكم الظالمين في معيشة وإنتاج المجتمع. وانها مفاضلة تشبه صرف الجهد والوقت في اختيار كوب سم ناقع تم توزيعه على كوبين.

في إطارعلاقات التحكم والإنتشار كثيراً ما تستخدم جماعات الاسلام أمور المعيشة والكسب والتجارة في تكوين وحدات تحكم أو دعم واسناد نفسي ومعيشي تخترق فروق المعيشة وتكسر بعض الحواجز بين المجتمعات الريفية والمدينية وهو ما حقق لها مع باقي وسائل التوجيه النفسي إنتشاراًِ واسعاً ونفوذاً عميقاً واشج السياسة بجلال الله وواشج جلال الله بالقرارات و الإختلافات السياسية.



2■ في الممارسة المعيشية والإقتصادية:

(أ) قامت أفكار وأنشطة حزب البعث العربيه الإشتراكي على ترتيب و حوكمة أمور خدمات التعليم والعلاج ومرافق الكهرباء والمياه والمعيشة والإقتصاد مع ترك مجالات المأكولات والمشروبات والإسكان والمواصلات والنقل والزراعة والصناعة الخفيفة مفتوحة للتملك و النشاط التجاري ثم مع تراكم الفروق المالية في المجتمع جراء تكاثر هذه الأنشطة وزياد دخلها زاد تناقض الوضع المعيشي بين حالتين:
(أ) حالة سرعة غلاء الأسعار وضخامة تربح قلة متملكي هذه الأنشطة،
(ب) حالة انخفاض قيمة الأجور المستحقة لغالبية الناس الكادحين في أعمال القطاع التجاري.

من هذا التناقض الطبقي نمت التناقضات في كثرة من أمور الإقتصاد والمجتمع والدولة وفي دور الحزب القائد وشركاءه، وصارت قراراته ولو من ناحية شكلية مشجباً لتعليق كل الأزمات عليه، إضافة إلى تأثير قرارات وأشكال الحصار الإقليمي والإمبريالي.

(ب) اعتمدت قوى الإسلام على التمويل الخليجي والتمويل الإمبريالي وإستثمارهم في شبكات متفرقة وأخرى متداخلة لأنشطة تجارية التأسيس والكسب. ومع نشر ثقافة الرزق للفقراء وثقافة البركة للميسورين، وسوء أداء أو قلة عطاء الأنشطة الحكومية أو تبرقطها أصبحت أو صارت تجارة الإسلام مربحة الشكل وصارت قواه المهاجرة المغتربة أو المحركة للتجارات الصغيرة مصدر معيشة وتمويل وثراء لجزء كبير من المجتمع المديني.

وفقاً لهذه الميسرة زادت شراسة الإسلاميين في الدفاع عن الأنشطة الطفيلية وأرباحها الهائلة ومع إجتهادهم لزيادتها نمت غفلتهم عن اختلاف كيول الطفيلية وتطفيف موازينها وسمومية تأثيرها على وجود وأخلاق تماسك المجتمع، وتواشج خبثها بزيادتها قيم الأنانية التجارية وتحول المجتمع والدولة بها إلى حالة من الإنتاج المحدود والاستوراد المفتوح زادت وتزيد تداخل المضاربات مع الاختلافات والتغايرات الأسرية والعائلية والمجتمعية والطائفية وما يرتبط بها من فساد حكومي وأمني وعسكري وتعنصر داخلي ونفوذ خارجي وزيادات شتى في كل أنواع الإغتراب والازدواج الفكري والقيمي والمعيشي.



3- الواقع الثقافي:

(أ) كرس حزب البعث العربي الاشتراكي كثرة من أمور الحداثة المعيشية والثقافية عبر زيادته كمية وأنواع أنشطة التعليم والصحة والأعمال الإنتاجية الحديثة وخدماتها,

تأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي لموجة الحداثة الجديدة في سوريا 1970 الى.2000 تواشج مع خوفه من إلغاء معالم النظام الطبقي ومع إبقاءه على نخبوية أعمال الدولة وعلاقتها الأوتوقراطية مع المجتمع.

بين الامل والخوف أهدرت حكومات البعث جهوداً عملية وعلمية جعلت كثرة من الأفكار ومن الناس تتجه إلى اليسر الثقافي والمعيشي بانفصال عن المجتمع والدولة تبحث عن بقاء الذات أو عن تطويرها في مجتمعات أجنبية سواء كانت مجتمعات عربية أو أوروبية.

من ثم باخت عند الباقين في الوطن وعند المهاجرين أفكار المجد العربي وأفكار الصلاح الإسلامي بأشكالها العمومية وحلت محلها أفكار انمساخ انحلالية أو طائفية أو تجارية لا تضع تقديراً لأمور المجتمع والعقلانية والتعايش والتطور الجمعي بل إهتمام الفرد بالأنا والإنفراد وطرق الهروب وطرق الكسب الفردي وطرق القتال وأساليب العبث أو أساليب الوغى.

(ب) في جهة الإسلام السياسي تكرست ثقافة إلغاء العقلانية الإجتماعية والتدبير الحكومي البشري وترافق ذلك التكريس مع انتشار ثقافة "الجماعة الاسلامية" كوحدة تنظيم وطاعة تحدد شرعية وصلاحية كل تفكير أو نشاط بل تحدد حتى حياة وموت أي شخص، وفق تقديرات وتأويلات شتى تحولت بها كل جماعة إسلامية وأميرها إلى "طاغوت" قد يحي ويميت،.

وباعتماد كثرة من الجماعات على ما تريد من الفقه الأموي زاد الشحن والتفرق الطائفي والديني في المجتمع وبعد غياب ستون سنة عادت التصنيفات الطائفية إلى الأنشطة السياسية وتغلغلت في أمور التراخيص والأذون الحكومية وقد كانت عودة غاشمة مدججة بأسلحة الدولة وبفتك قواتها.

الغريب ان قوى الإسلام السياسي التي زعمت عمومية الرسالة الدينية الإسلامية والتعصب لها مدت بثقافتها أغصان السلام لإسرائيل وأمريكا وغرب أوروبا بينما نشطت بشكل دموي في محاربة معالم وجود الطوائف الاسلامية السورية الأخرى! تاركة القوات التركية وثقافتها تسرح وتمرح في شمال البلاد، والقوات الامريكية والإسرائيلية وثقافتها تسرح وتمرح في شرق وجنوب البلاد وفي الحدود مع لبنان، بل واتجه التحكم الاسلامي إلى مخاصمة طوائف إسلامية خارج سوريا في لبنان والعراق وايران واليمن.



■□■ من ثم بهذه التباينات تغيرت سوريا وتبدلت حالتها من مجتمع حرفي كان محاصراً بالنشاطين الليبراليين الإمبريالي والصهيوني وبعض أفكارهم العنصرية وكان متناقضاً بين انحرافات الفكرة القومية والفكرة الدينية وتحولت إلى بلد ومجتمع طفيلي مفكك تتحكم قوى خارجية في معيشته وأمنه وتسيطر على كل جزء من أجزائه ميليشيا طائفية كما تتحكم في شماله وفي شرقه وجنوبه قوات دول أجنبية كانت ولم تزل ترفض وجود سوريا كدولة فعالة وقوية وتكره لمدتمعاتها ان تعيش في سلام وطمأنينة.
□■□■□إنتهى ■□■□■



#المنصور_جعفر (هاشتاغ)       Al-mansour_Jaafar#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف تفكك تنظيمهم؟
- تأسيس الديمقراطية الشعبية
- أحمد خير المحامي
- الثورة المضادة
- أهمية تجميع النضال ضد تفريقه
- تنوع أزمات الرأسمالية
- جزء من محاولة إفشال الثورة
- اتفاق نيروبي
- في المسائل الكوردية
- الذكاء الاصطناعي في الأحزاب وإسهامه في بناء المستقبل
- إنهاء الطبقية يخفض العنصرية
- إعدام المنظومة المولدة للنخب
- في إصطلاح الوطنية
- الإنفراد الاثني سياسة نازية
- بعض كينونات المعرفة
- ثورات الصين الكمومية الضوئية وعواملها الآيديولوجية
- النخب واصطلاح الوطنية
- خطأ إستراتيجي روسي تتجنبه الصين
- التغيير في سوريا
- محمد المرتضى مصطفى


المزيد.....




- تلاسن بين قائدي سيارة عائلية ودراجة نارية على طريق سريع.. شا ...
- سلطنة عُمان تعلن اتفاقًا لوقف إطلاق النار بين الولايات المتح ...
- إبراهيم الدرسي.. فيديو صادم لعضو البرلمان الليبي المختفي منذ ...
- من يلحق بركب التطبيع؟ مبعوث ترامب ويتكوف يلمح إلى توسيع اتفا ...
- وزير الدفاع الأمريكي استخدم -سيغنال- 12 مرة في مواضيع حساسة ...
- ترامب يعلن -استسلام- الحوثيين وتوقف هجماتهم بحرا ووقف قصفهم ...
- مراسلنا في اليمن: غارات إسرائيلية عنيفة على مناطق عدة بصنعاء ...
- قبيل مغادرته للشرق الأوسط.. ترامب يعد بإصدار إعلان بالغ الأه ...
- الحوثيون: الصاروخ اليمني الذي ضرب مطار بن غوريون بدد وهم الت ...
- ترامب يجدد التأكيد على رغبته في ضم كندا بحضور رئيس وزرائها


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - المنصور جعفر - جزء من الصراع بين القومية والطائفية