المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)
الحوار المتمدن-العدد: 8314 - 2025 / 4 / 16 - 13:42
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
هذا نص عن بعض تكتيكات أو عمليات تكسير آمال ونضال الشعوب وهي العمليات المختصرة ومشهورة بإسم "الثورة المضادة" وهي عمليات تمارسها النخب بشكليها الشكل الرجعي المتكلم بكثرة ورياء عن الدين وسلوك الأفراد والشكل الحداثي المتكلم بكثرة السمسار عن تجاوب الدولة مع الإستثمار الأجنبي الغرب أوروبي والأمريكي، يوضح هذا النص طبيعة هذه العمليات وأساليبها ضد النشاط الثوري لطلائع الشعب والتغيير الجماهيري سواء في إطفاء أوج النشاط الشعبي أو إخماد جذوته أو قيامها بحرف هذا النشاط عن مساره أو حتى إستغلال نجاحه لدعم تحكم نخبوي في بلد آخر. وهذه العمليات ماثلة في النقاط الآتية::
1■ الإمتصاص:
إمتصاص الهجوم الثوري بداية بجذب جزء من ذروته إلى منطقة خلافات إعلامية أوشخصية أو إغراق العبارات الكبرى في جدالات ثقافوية أو سياسوية تشبه السوائل أو الرمال و استهلاك جزء من طاقة الاندفاع الثوري في خلافات صورية أو في لعبة تجزئة ومفاضلة زمانية بين بعض الأوليات السياسية والإقتصادية.
2■ التشتيت:
تحويل مطالب التغييرات الشمولية إلى جزئيات وتجميع بعض الجزئيات في مطالب شمولية متناقضة وكذلك تحويل اتجاه بعض المطالب من الخارج إلى الداخل، وتحويل المطالب المحلية إلى دولية، والشأن الإقتصادي إلى شؤون ومحاصصات بعضها تجارية وكذا تحويل بعض القضايا الفكرية والسياسية العامة إلى خلافات شخصية وبعض الأمور الشخصية والفكرية إلى تنظيمية وكذا تحويل القضايا التنظيمية والفكرية إلى محاصصات أدلجة وشؤون وطنية وهكذا دواليك بحيث تغيب بداية ونهاية كل أمر وتتلاشى معالمه ويصعب على الثوار تحديده والتعامل معه.
3■ الإختراق:
قيام بعض الآراء والأفراد باختراق بعض الشعارات الواسعة وبعض الروابط أو الجمعيات أو التجمعات المفتوحة أو التسلل والدخول في بعض الأعمال والهجومات الثورية لزيادة ميلها إلى اليمين أو إلى اليسار أو لابطاء حركتها أو تغيير إتجاه جزء من كلامها عن الداخل أو تحبيز أو رفض تعامل معين مع دولة معينة في الخارج بإتجاه مختلف يضر وحدة أو سرعة تقدم النشاط الثوري.
4■ التغلغل:
التغلغل في قاعدة أو وسط أو قمة بعض التجمعات مرة باسم "الانحياز" ومرة باسم "التوازن" ومرة باسم "التجديد و الإضافة"، ومرة باسم "المقاومة من الداخل" ومرة بإسم "رأي المجموعة القريبة" ومرة باسم الرأي الشخصي"!
5■ التحكم:
النفوذ والتحكم في بعض أعمال أو في بعض تصريحات أو في بعض الإخبار عن أنشطة هذه التنظيمات/الجمعيات أو قيادتها. باستخدام وسائط تواصل أو بنشرة اخبار في فضائية اخوانية أو امريكية الهوى وكذلك استعمال تكتيكات انفرادية لإصدار قرارات (فعندما تكون قوى الثورة المضادة أقلية في تجمع تشترط ان لشرعية انعقاد اجتماعاته ان تكون بحضور كل الأطراف وليس غالبيتهم ! أو تشترط لصدور أي قرار من تجمعها ان يكون بإجماع كل أعضاءه وليس بغالبية الحاضرين ! وعندما تكون قوى الثورة المضادة في وضع منتصف تجعل الشغل السياسي لامركزية لتعبث كما تشاء وعندما تصير قوى الثورة المضادة غالبية في التنظيم فحدث ولا حرج).
6■ هجومات أولى:.
مع بداية تمكنها تشن قوى الثورة المضادة هجومات كبيرة على قضايا صغيرة أو تشن حملات توكيد على بعض الأمور التي لا يوجد حولها إختلاف مثل التوكيد على "الوحدة الوطنية" أو "حرية العمل السياسي" أو "قومية مؤسسات الدولة" ثم بشكل ناعم توسع وتحتكر تفسير هذا التوافق الأولي وتستعمله كسلاح ضد بعض حقوق الآخرين.
7■ تكوين إحتياط:
وسط هذا كله تتفرغ بعض قوى الثورة المضادة لتجميع عناصر مختلفة نسبية أو تكوين تيار احتياطي منها غالبا ما يجمع أصحاب الآراء المختلفة حول جزء من فكرة الثورة أو فكرة الثورة المضادة أو مختلفة على جزء من التنظيم الثوري أو التنظيم الرجعي أو جزء من الأهداف ويلمون معهم بعض أصدقاء اصحاب هذه الاراء وبالتدريج والشمول تستخدمهم بعض قوى الثورة المضادة في تحقيق بعض أهدافها مع إنتقاء بعضهم لمهمات خاصة!.
8■ هجومات كبيرة:
بعد فترة من النفوذ الأولى ثم تجهيز الأركان تبدأ قوى الثورة المضادة في تنسيق تجمعات وهجومات كبيرة تحت أسماء تحالفية اشهرها في السودان منذ سبعينيات القرن العشرين "الإتجاه الإسلامي"ثم في ثمانينيات القرن العشرين "الجبهة" الإسلامية القومية" ثم في التسعينيات والألفينات ظهرت اسمان لـ"المؤتمر .." احدهما شعبي واخر وطني وبعد كسر الجبروت الاسلامي 2019 ظهر اسم "أنصار الشريعة والوطن"كذلك ايضا ترتبط قوى الثورة المضادة بتأسيس تحالفات دموية بعضها سري خبيث وبعضها عسكري عنيف كما بأعمال "كتائب الظل أو الشفشافة" و"الامن الشعبي" و وحدات خاصة داخل المخابرات والأمن والجيش الشرطة والميليشيات بعضها للخبث وبعضها للتلبيس ويعضها للبطش بحيث لا يتمكن الراصد أو الضحية من تصنيف فاعلها.
9■ تراجعات:
بتزامن مع كل هجوم يعلن بعض زعماء القوى الرجعية تراجعات بدون اجماع على التراجع في تنظيماتهم بعني ان يتكلم الزعيم الاسلامي بتقدير واحترام عن فضائل "العلمانية"! أو يتكلم زعيم انفرادات اسلامية عن "فضائل الديمقراطية"! أو يتكلم الجنرال الحاكم عن ان"العمل السياسي مفتوح للجميع"!، كذلك يتراجع الحداثويون المتكلمين بسمسرة عن إهمية الانفتاح التجاري والاستثمار الاجنبي عن اتهاماتهم القديمة للرجعيين بالتخلف والارهاب ويبداون طرح اراء جديدة اما عن "وحدة القوى الوطنية" أو "التصدي لتغول اليسار" أو "التركيز على بعض القضايا القومية"! .. من ثم يجتمع شقا المقص النخبوي على قطع مواثيق الثورة.
10■ الموازاة وتكوين حالة جديدة:
اصطناع قضايا وشعارات وتنظيمات وأنشطة سياسية جديدة موازية يتم إليها نقل فائض وناقص الأفكار والشعارات والتنظيمات والأساليب والأنشطة الأخرى. وذلك وسط هيصة من الابتذال والغثاثة تشمل الشائعات والقصص المشينة والأغاني الهابطة وأحاديث سياسية كبرى مصورة من أشخاص بدون خبرة نقابية أوحزبية أو عسكرية أو ادارية أو تجارية أو صحافية، وعدد كثير من المقالات اليومية والأخبار المنبتة المتناقضة الخ بحيث يصاب العقل باضطراب وتفقد السياسة وأمور تغيير الحياة المنطق.
11 ■ في الختام تنقلب الحالة وتتحول القضية الواقعية إلى حالة مساجلات اعلامية وتقديرات فكرية وعنفية تجعلها تبدو كآمال خائبة وهباء منثوراً وفي نفس الفترة تقوم تاكتاكيات الثورة المضادة المذكورة أعلاه بتغيير وضعها كثورة مضادة من .كونها مجرد رد فعل ذو سخط ولؤم ورفض لسيطرة الكادحين على أمور وموارد معيشتهم وتتحول.إلى قضية واقعية بالنسبة لكل فئة نخبوية اذ ان كل فئة من فئات النهب تجد في انشطة الثورة المضادة أو اهدافها اما: (أ) خفضاً لخسارة متوقعة من نجاح ثورة الكادحين أو ( ب) استقرارا، لفوزها القديم أو (ج) تحسيناً و زبادة لوضعها النخبوي القديم الذي جهجهته ثورة المستضعفين.
يتحقق تحول وضع الثورة المضادة من وهم إلى. نشاط عملي باكتساب القوى المضادة بشكليها الشكل الرجعي المرائي المتكلم عن الدين وسلوك الأفراد والشكل الحداثي المتكلم بسمسرة عن تسليم البلاد للاستثمار الأجنبي، كسباً منظوماً متتالياً لبعض الإمكانات في الإعلام والتمويل و الجمهور والسلاح الحربي ولو كانت قليلة من ثم تقوى بها عزيمة النخبة من جديد (بعد تبريد وتشتيت جزء من النشاط الثوري) من ثم تتجه النخب بواسطة اشرس قواها إلى قمع وتعذيب وتقتيل أنشط مقاوميها في المدن وزيادة استغلال او تهميش كل ما ومن يحيط بها حيث تظن ان الانفراد بالتحكم في الأمور وزيادة تقتيلها الثوار يحقق لها ولأبنائها ربحاً لفترة وهذا أقصى هدف لها حيث لا تنظر ولاتهتم النخب لما بعده.
وهكذا هي الصورة التقريبية لعمليات الثورة المضادة ومسيرتها من الأول إلى الآخر فهلوة ولعب بالبيضة والحجر وانانية تجارة وسمسرة و استخفاف بحقوق المواطنة والشعب واستهلاك واستهزاء بقيم الدين وقيم الوطن.
#المنصور_جعفر (هاشتاغ)
Al-mansour_Jaafar#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟