محمود نجم الدين المعمار
الحوار المتمدن-العدد: 8331 - 2025 / 5 / 3 - 11:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد أن اشتد خطر الدعوة المحمدية، اجتمعت بطون قريش على مقاطعة بني هاشم وبني عبد المطلب، وفرضوا عليهم حصارًا اقتصاديًا، ووثّقوا ذلك بصحيفة علّقوها على جدار الكعبة، حتى يُسلّم بنو هاشم محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم إلى قريش ليقتلوه.
فاضطر بنو هاشم للاعتزال في شعب أبي طالب، وكانوا يأكلون أوراق الشجر، وسمع الناس بكاء أطفالهم من شدة الجوع.
إلا أن بعض عقلاء قريش رفضوا تلك المقاطعة، رغم وجود إجماع قبلي موثّق. فكان هشام بن عمرو العامري يُدخل الجِمال ليلاً، محمّلةً بالطعام إلى الشعب، وكان من الرافضين أيضًا زهير بن أبي أميّة، والمطعم بن عدي، وغيرهم، حتى أسقطوا تلك المقاطعة.
المفارقة اللافتة مع ما يحدث في غزة:
إن مسلمي غزة محاصرون، تضربهم المجاعة، لا لجرمٍ اقترفوه، بل لإخضاعهم سياسيًا، وهم في وسط محيطٍ عربيٍّ وإسلاميٍّ واسع.
في الجاهلية، برز رجال من مشركي قريش وأعلنوا رفضهم للمقاطعة، فمزّقوا الصحيفة.
أما مسلمو اليوم، وهم يملكون شرايين الاقتصاد النفطي، وتفيض خيرات دولهم، ويُفاخرون بجيوش تدّعي جاهزيتها للدفاع والهجوم – على جيرانها أو شعوبها إن لزم الأمر – يقفون صامتين، وغزة تُباد، وأطفالها يتضوّرون جوعًا على مرأى ومسمع من مئات الملايين من المسلمين، دون أن يتحرك ساكن.
في الجاهلية، ظهر ضميرٌ أخلاقيٌّ داخل المجتمع نفسه.
أما اليوم، فالضمير العالمي يترنّح بين التواطؤ والصمت، و"كيانات" – لا أسمّيها دولًا – تتباهى بالتطبيع، في الوقت الذي يُباد فيه شعبٌ كامل، بحجة وجود عشرات المسلحين فيه.
فهل لنا أن نعود إلى جاهليةٍ تملك شيئًا من العزّ، خيرٌ لنا من أن نبقى في إسلام المهانة؟
#محمود_نجم_الدين_المعمار (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟