أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - اليوسفي جواد - اللسان المبتور:في المنفى اللغة الأم ومآلات الوعي المقلوب














المزيد.....

اللسان المبتور:في المنفى اللغة الأم ومآلات الوعي المقلوب


اليوسفي جواد

الحوار المتمدن-العدد: 8319 - 2025 / 4 / 21 - 17:58
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


اللسان المبتور: في منفى اللغة الأم ومآلات الوعي المقلوب

مقدمة
إنّ اللغة ليست أداةً للقول فحسب، بل هي الذاكرة، والهوية، والمأوى. من يتنكّر للغته الأم لا يهاجر من لسان إلى آخر فقط، بل يغترب عن الذات والتاريخ، وينقلب على معنى الانتماء. هذا النصّ يحاكم خطابًا يلبس ثياب "التحرر" و"الأممية"، فيما ينطوي على قطيعة خطيرة مع الجذور الثقافية والطبقية واللغوية.

اللغة كأرض أولى: منظور الجاحظ وأبو حيان
يقول الجاحظ في "البيان والتبيين": "اللسان بيان العقل"، ويفيض أبو حيان التوحيدي في "الإمتاع والمؤانسة" بالكشف عن العلاقة العضوية بين التعبير والمُعاش. كلاهما أدرك أن الفكر لا ينفصل عن اللغة، وأن هجرها هو هجر لنمط تفكير ونمط عيش. ومن ينقل لسانه دون حاجة، إنما يسلخ جلده الثقافي لصالح استعرابٍ أو استغرابٍ فكري.

الأممية الزائفة: نقد مهدي عامل وماركس
من يزعم أن "اللغة الأم لا تهم" باسم "الصراع الطبقي" قد أساء فهم الطرح الماركسي نفسه. فكما بيّن مهدي عامل، لا أممية بلا تحقّق وطني أولاً، ولا تحرر بلا لغة الشعب. إن نقد الإيديولوجيا لا يتم بلغات المهيمن، بل بلغة المستَعمَر حين يستعيدها. لقد علّمنا ماركس أنّ "التحرر لا يتم عبر طمس الخصوصيات، بل بتحويلها إلى أدوات وعي نقدي."

الهوية كمتن ثقافي: من إيكو إلى الكوني
يكتب أمبرتو إيكو عن "السيميائيات" كمفتاح لفهم الحضارة، واللسان هو أهم رموزها. أما إبراهيم الكوني، فصوته الصحراوي صرخ دائمًا ضدّ منفى اللغة. يقول: "من يفقد لسانه، يفقد طهارته الأولى." واللغة ليست وعاءً محايدًا، بل حاملاً للأخلاق والعلاقات والمخيال. والتخلي عنها بحجّة "الحداثة" أو "الوظيفة" هو خيانة مزدوجة: معرفية وأخلاقية.

من دولوز إلى فوكو: اللغة كأداة مقاومة
لا تنفصل اللغة عن السلطة. ميشيل فوكو يفكك الخطاب ليكشف كيف تبني السلطة لغتها، بينما جيل دولوز يرى في تعدد اللغات مقاومة خالصة. من يتبنى لسان الآخر دون وعي نقدي، يُستعمر من الداخل. إن مقاومة السلطة اللغوية جزء من الصراع الطبقي والمعرفي، لا انفصال عنه.

النفري: حيث تقف الكلمات، تبدأ الرؤيا
في "المواقف والمخاطبات"، كتب النفري: "كلما اتسعت الرؤيا، ضاقت العبارة." لكن ضيق العبارة هنا ليس في اللغة الأم، بل في نكرانها. فالرؤيا الحقّة لا تأتي بلغة مستعارة، بل من صمت الداخل حين يتكلم بلسانه الأصيل.

خاتمة
من يتنكّر للغته الأم، لا يصنع حرية، بل يراكم طبقات من اغتراب جديد. الأممية لا تعني تعويم الهويات، بل الالتقاء بها. والتحرر لا يكون بلسان الآخر، بل بإحياء لسان الذات. ما قاله أدونيس ذات مرة عن ضرورة هدم اللغة من داخلها، لا يعني هجرها، بل تفجير طاقتها، لا طمسها. فليعد من باع لسانه إلى بيته اللغوي، قبل أن يصبح بلا بيت، ولا لسان.

المراجع (مقترحة):

الجاحظ، البيان والتبيين

أبو حيان التوحيدي، الإمتاع والمؤانسة

مهدي عامل، مقدمات نظرية لدراسة أثر الفكر الاشتراكي في حركة التحرر الوطني

كارل ماركس، الأيديولوجيا الألمانية

أمبرتو إيكو، دروس في السيميائيات

إبراهيم الكوني، نزيف الحجر

أدونيس، الثابت والمتحول

جيل دولوز، ما الفلسفة؟

ميشيل فوكو، أركيولوجيا المعرفة

النفري، المواقف والمخاطبات



#اليوسفي_جواد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- لماذا لا تمتلك أمريكا المزيد من الساحات العامة على الطراز ال ...
- أستراليا تُجري مراجعة شاملة لأجهزة الأمن والاستخبارات بعد هج ...
- أسمنت بورتلاند (تيتان) تسدد مليون جنيه تعويضًا لأحد سكان واد ...
- في عيد ميلاده.. مبابي يعادل الرقم القياسي لرونالدو
- البابا لاوون ينتقد توظيف الدين لتبرير العنف والنزعة القومية ...
- موسكو تحكم على بريطاني بالسجن 13 عاما بتهمة العمل كـ-مرتزق- ...
- أميركا تفرض عقوبات على سفن مرتبطة بطهران
- دمشق و-قسد- تسارعان إلى إنقاذ اتفاق الدمج
- الجيش الإسرائيلي يكشف تفاصيل الملف البحري -السري- لـ -حزب ال ...
- توجيه اتهامات في إسرائيل لمواطن روسي بالتجسس لمصلحة إيران


المزيد.....

- معجم الأحاديث والآثار في الكتب والنقدية – ثلاثة أجزاء - .( د ... / صباح علي السليمان
- ترجمة كتاب Interpretation and social criticism/ Michael W ... / صباح علي السليمان
- السياق الافرادي في القران الكريم ( دار نور للنشر 2020) / صباح علي السليمان
- أريج القداح من أدب أبي وضاح ،تقديم وتنقيح ديوان أبي وضاح / ... / صباح علي السليمان
- الادباء واللغويون النقاد ( مطبوع في دار النور للنشر 2017) / صباح علي السليمان
- الإعراب التفصيلي في سورتي الإسراء والكهف (مطبوع في دار الغ ... / صباح علي السليمان
- جهود الامام ابن رجب الحنبلي اللغوية في شرح صحيح البخاري ( مط ... / صباح علي السليمان
- اللهجات العربية في كتب غريب الحديث حتى نهاية القرن الرابع ال ... / صباح علي السليمان
- محاضرات في علم الصرف ( كتاب مخطوط ) . رقم التصنيف 485/252 ف ... / صباح علي السليمان
- محاضرات في منهجية البحث والمكتبة وتحقيق المخطوطات ( كتاب مخط ... / صباح علي السليمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - اليوسفي جواد - اللسان المبتور:في المنفى اللغة الأم ومآلات الوعي المقلوب