أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - أحمد رباص - الرباط-الجزائر-باريس: مثلث الاضطرابات














المزيد.....

الرباط-الجزائر-باريس: مثلث الاضطرابات


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 8316 - 2025 / 4 / 18 - 15:44
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


من جهة أخرى، هناك رياح جليدية وغير متوقعة قادمة من الجزائر. ومن ناحية أخرى، نسيم المغرب الصبور والمنهجي المستمر. في الوسط، تضبط باريس أشرعتها وتختار التيار الأكثر ملاءمة. لم يكن مثلث الرباط-الجزائر-باريس غير متوازن إلى هذا الحد من قبل.
ربما كان قابلا للتصور أن الجهود الأخيرة للتقارب بين فرنسا والجزائر من شأنها أن تؤدي إلى فترة من الهدوء في البحر الأبيض المتوسط. ولكن هذا كان من دون الأخذ في الاعتبار ميل الجزائر إلى تحويل كل حادث إلى دراما دولة، وكل خلاف إلى سبب للحرب، وكل انتكاسة دبلوماسية إلى أزمة وجودية.
الحلقة الأخيرة من حيث التاريخ تحمل كل السمات المميزة للمهزلة السياسية. تم اعتقال موظف قنصلي جزائري في فرنسا في قضية إرهابية مفترضة، والآن الجزائر، مستشهدة بسيادتها المنتهكة، تستخدم كل الوسائل الممكنة: فقد أمرت اثني عشر مسؤولا فرنسيا بمغادرة الأراضي الجزائرية.
ومما لا مبالغة فيه القول إن رد الفعل كان غير متناسب. ومن جانبها، ترفع باريس صوتها أيضاً، ولكنها تحافظ على وهم الحوار. أمر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الثلاثاء، بطرد اثني عشر موظفا قنصليا جزائريا واستدعى السفير الفرنسي في الجزائر ستيفان روماتيه للتشاور. واستنكر قصر الإليزيه "التدهور المفاجئ" في العلاقات الثنائية، داعيا الجزائر إلى "إظهار المسؤولية". في قلب هذه العاصفة، هناك هدف واضح: برونو ريتيللو. وتتهم السلطات الجزائرية
وزير الداخلية الفرنسي، الذي كان من أشد المؤيدين للخط المتشدد مع الجزائر، بتخريب العلاقات الثنائية. حتى أن وزارة الخارجية الجزائرية وصفته بأنه يتبع "ألاعيب قذرة لأغراض شخصية بحتة".
ولكن بينما تتجه باريس والجزائر مرة أخرى إلى الخلاف، تعمل الرباط على تعزيز علاقاتها مع فرنسا. أكد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، الذي استقبل نظيره المغربي ناصر بوريطة في باريس يوم الاثنين 14 أبريل، بوضوح دعم فرنسا "غير الملموس" لخطة المغرب للحكم الذاتي في الصحراء.
وقال إن "دعم فرنسا لخطة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب عام 2007، والتي تحظى بإجماع دولي متزايد، واضح ومتسق. وهذا يُشكل الأساس الوحيد للتوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومتفاوض عليه، وفقا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة". وكان هذا الدعم الذي قدم للمملكة بشأن قضية الصحراء المغربية هو الذي أثار في صيف عام 2024 خلافا بين باريس والجزائر. وبعد ذلك استدعت الجزائر، التي تدعم انفصاليي البوليساريو، سفيرها في باريس، مما شكل بداية لسلسلة طويلة من الخلافات الدبلوماسية، تخللتها محاولات خجولة لتخفيف التوترات.
المفارقة الجزائرية
هذا الموقف الفرنسي لا يترك مجالا للغموض. ويأتي هذا في أسوإ وقت ممكن بالنسبة إلى لجزائر. لأن الاعتراف الصريح بالسيادة المغربية على الصحراء ليس جديدا في حد ذاته. لكنه اليوم يتخذ بعداً رمزياً أقوى، في خضم الأزمة الجزائرية الفرنسية. إنها رسالة خفية موجهة إلى الجزائر: بينما أنتم تطردون، فإننا نبرم تحالفاً. بينما أنتم تتذمرون، نحن نتحرك إلى لأمام. وما هو التناقض الصارخ بين العلاقتين؟
من جهة أخرى، تضاعف الجزائر من تحركاتها العسكرية، وتستدعي السفراء، وتطردهم، وتطلق خطابات كاسحة. ومن ناحية أخرى، يواصل المغرب، دون الخروج عن تحفظه المعتاد، تعزيز علاقاته الدبلوماسية مع باريس بشكل سري ولكن حازم، وتعزيز شراكاته الاستراتيجية، وجني ثمار دبلوماسيته المستمرة والمنظمة والمثابرة.
إن المفارقة هنا هي: الجزائر، التي تحب أن تقدم نفسها كنموذج للسيادة المتعنتة، تجد نفسها اليوم معزولة وغارقة في تناقضاتها. لقد انفصلت عن مالي، واختلفت مع النيجر وبوركينا فاسو، وانغلقت على نفسها أمام المبادرات الفرنسية، وغرقت في عزلة بدت غير قادرة (أو راغبة) عن الهروب منها. وحتى الأمم المتحدة تشعر بالقلق إزاء هذا الأمر، وتسلط الضوء، بكلمات خافتة ولكن حازمة، على الافتقار إلى التقدم في العلاقات الجزائرية المغربية.
في هذه الأثناء، يتقدم المغرب إلى الأمام، دون أي تردد تقريبا. وهو يعمل على تعزيز دعمه في الأمم المتحدة، مستفيداً من الإجماع الدولي المتزايد حول خطته للحكم الذاتي، ومعززاً تعاونه مع الولايات المتحدة وأوروبا... وكل هذا من دون أي مظهر من مظاهر الانتصار. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: ما الذي تبقى من الدبلوماسية الجزائرية اليوم؟ خطاب دفاعي، ومواقف نارية، وحنين دائم إلى دور إقليمي لم يعد أحد يعترف به. أرادت أن تجسد صوت الجنوب، وهي الآن تتحدث إلى نفسها فقط. أرادت أن تلعب دور الوسيط في منطقة الساحل، لكن تم استبعادها. إنها تزرع عداءً شديدا تجاه المغرب، وتجد نفسها تعلق على نجاحاته من خلال بيانات صحفية غاضبة.
إنه أمر محزن. وهذا يكشف أيضا عن حقيقة مفادها أن القوة الجزائرية تبدو في حاجة إلى التصعيد باعتباره أكسجينا. وهذا ما يساعدها في الحفاظ على شكل من أشكال التماسك الداخلي، في بلد مليء بالشكوك والإحباطات الاجتماعية والرغبات في مكان آخر. وتصبح الدبلوماسية أداة للسياسة الداخلية: فالناس يطردون، ويدينون، ويشعرون بالسخط، ويبحثون عن كبش فداء لتحويل انتباه الرأي العام بشكل أفضل.
باختصار، تشهد الدبلوماسية الجزائرية انتكاسات وانقطاعات. خلاف ذلك تماما في المغرب الذي يعمل على تعزيز تحالفاته الدولية. ولقد أدركت باريس، بحكم استراتيجيتها المحكمة، أن الشركاء الجيدين لا يتبينون من خلال الانفجارات الدبلوماسية، بل من خلال ثباتهم، بعيداً عن الضوضاء. وفي هذه اللعبة يبدو أن الدبلوماسية المغربية قد خطت خطوة إلى الأمام. والجزائر، من جانبها، تعاني من الفراغ إلى حد ما... بسبب دورانها في حلقة مفرغة.
la quotidienne



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وقائع الندوة الفكرية الأولى ضمن فعاليات المجلس الوطني لقطاع ...
- ارتفاع نسبة الطلاق خطر حقيقي يهدد الأسرة المغربية
- بوزنيقة: هل ستطال حملة تحرير الملك العمومي المخالفين للقانون ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- وفاة معلمة ومؤطر تربوي بعد الاعتداء عليهما يقلص فرح أستاذات ...
- الحراك التعليمي في المغرب: مقاربة سوسيولوجية
- عندما هدد ظهير بشكل مباشر عرش الحسن الثاني
- الأساتذة المقصيون من الترقية إلى خارج السلم يرفضون الجواب ال ...
- الهجمات الإلكترونية: جبهة جديدة في التنافس بين المغرب والجزا ...
- المغرب: دراسة سوسيولوجية للحراك التعليمي الذي عكس أزمة عميقة
- لقاء نتنياهو بترامب: مفاوضات دبلوماسية مع إيران وتركيا
- خالد مونا*: هل نحتاج إلى منظور جديد لمقاربة الحراك في المغرب ...
- وزارة الداخلية تدعو الأحزاب والجمعيات إلى الاستفادة من -صندو ...
- تنسيقية ونقابة تدعوان إلى إضراب وطني احتجاجا على تهميش -أسات ...
- الحوار الاجتماعي: الاتحاد المغربي للشغل يشعر بخيبة الأمل، ود ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- الأساتذة المقصيون من خارج السلم يسطرون برنامج محطة نضالية مف ...
- تالسينت: أستاذات بمجموعة مدارس أسداد يقفن على تحول سكنهن الو ...
- رسوم ترامب: صادرات المغرب إلى امريكا ستخضع لضريبة بنسبة 10% ...
- تمارة: الاشتراكي الموحد يدعو إلى إيقاف المهام الإدارية لقائد ...


المزيد.....




- -إفريقيا قارة المستقبل- – إثيوبيا
- المبادرة المصرية تطالب وزارة الداخلية بتمكين محمد عادل من حق ...
- طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه ...
- مقاتلات هندية تنسحب من أجواء كشمير بعد تحرك باكستاني فوري
- -فضيحة تجسس- جديدة... برلين تتهم وبكين تنفي!
- الاتحاد الإفريقي يرفع العقوبات عن الغابون بعد انتهاء المرحلة ...
- شويغو: إقامة دولة فلسطينية هو السبيل الوحيد لإحلال سلام دائم ...
- بيسكوف يعلق على إمكانية الاتصال المباشر بين بوتين وترامب
- دبلوماسي أمريكي يرجح إعلان واشنطن عن اتفاق المعادن مع أوكران ...
- -رويترز-: الأردن نجح في الحفاظ على المساعدات الأمريكية


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - أحمد رباص - الرباط-الجزائر-باريس: مثلث الاضطرابات