أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - وديع حمضي - -التلميذ المجرم-، -الأستاذة الضحية- : التربية في قفص الاتهام-














المزيد.....

-التلميذ المجرم-، -الأستاذة الضحية- : التربية في قفص الاتهام-


وديع حمضي

الحوار المتمدن-العدد: 8313 - 2025 / 4 / 15 - 22:47
المحور: المجتمع المدني
    


"التلميذ المجرم، الأستاذة الضحية : التربية في قفص الاتهام"،
استقبل الجسد التعليمي والتربوي خبر وفاة الأستاذة هاجر الأستاذة المُكوِنة في مكتب التكوين المهني OFPPT بتدمر واستياء وكأننا بالصاعقة. خاصة وأن العالم تعب من العنف...لم تعد الأُذن ومعها أُذن الوجدان قادرة على الإصغاء لنشيد الحقد والفصال الذي أصبح مسموعا أكثر من نشيد الحب والوصال. وكأن العالم ينزف من العنف ...وكأن الإنسان طَبَعَ مع العنف ...مع الموت. وكأن الناس فقدوا القدرة على مقاومة الشر...وكأن لغة الحوار أصبحت لغة ميتة ... وكأن الوحش الذي بداخلنا انتهز الفرصة ليثور على كل القيم.... وكأن الإنسان الأخلاقي الذي بشر به الفيلسوف "إيمانويل كانط" استحال إلى إنسان غير أخلاقي...هي هكذا خواطر تأتي عندما يكن الإنسان على وقع الصدمة، هي خواطر تتحدث بلغة الاحتجاج لما آلت إليه الأوضاع في أسوار مدراسنا اليوم. في السنوات الأخيرة، بدأت تطفو إلى السطح حوادث مؤلمة ومقلقة داخل المؤسسات التعليمية، تتصدّرها أخبار اعتداءات تلاميذ على أساتذتهم، في ظاهرة كانت غريبة عن مجتمعاتنا، لكنها اليوم باتت واقعًا يفرض نفسه بقوة ويجبرنا على طرح سؤال محوري: من المسؤول؟
إنه مشهد الصدمة: الأستاذة الضحية، التلميذ المجرم
أن تتعرّض أستاذة داخل أسوار مؤسستها التعليمية لاعتداء عنيف من طرف تلميذ، ويصل إلى حد القتل إنه مشهد لا يمكن تقبّله تحت أي مبرر. المدرسة كانت دائمًا فضاءً للتربية والاحترام، حيث يحظى الأستاذ بمكانة رمزية كقدوة ورسول وموجّه. غير أن هذه المكانة بدأت تتآكل، وأصبح بعض التلاميذ يرون في الأستاذ شخصًا عاديًا يمكن الإساءة إليه دون وازع أخلاقي أو قانوني. ولا يتسع المقام للوقوف على العوامل التي أدت إلى هذا الوضع، خاصة أن التفكير المركب في الموضوع يبين أن العنف المدرسي ما هو إلا حلقة من حلقات مسلسل عنف مباح أصبح وكأنه لعبة أطفال لأجل التسلية.
التلميذ المجرم: نتيجة أم سبب؟
حين نصف التلميذ بـ"المجرم"، فإننا لا نعني شيطنته أو تجريده من ظروفه الاجتماعية والنفسية، بل نرصد السلوك الإجرامي بحد ذاته. لكن السؤال الأهم: هل هذا التلميذ وُلد مجرمًا، أم أن المجتمع ساهم في تحويله إلى مشروع عنف؟ عندما تتخلى الأسرة عن مهمة التربية وتفقد تلك السلطة التي تُخول لها من قبل المجتمع فإن المجتمع يعود إلى ذاكرته اللاشعورية حيث العنف، الفوضى، الإنسان ذئب لأخيه الإنسان
تأثيرات الأسرة المفككة، وانعدام القدوة، وتعاطي المخدرات، وأحيانًا البيئة المدرسية ذاتها التي تفتقر إلى الدعم النفسي والاجتماعي… كلها عوامل تصنع هذا "الوحش الصغير". إن ما نراه في الفصل الدراسي ما هو إلا نتيجة لسلسلة طويلة من الإهمال. سلسلة من اللامبالاة ...سلسلة من كراهية العقل وتمجيد التفاهة.... النتيجة هو تحول المدرس من فضاء للتنافس التربوي والمعرفي إلى فضاء لتنافس الأعداء..
التربية في قفص الاتهام
في نهاية المطاف، تصبح المنظومة التربوية بأكملها في قفص الاتهام. لا يمكن أن نلوم التلميذ فقط، ولا نرمي بكل اللوم على الأستاذ، بل يجب أن نعيد النظر في علاقة المجتمع بالتعليم، في الخطاب الذي نرسّخه حول قيمة الأستاذ، في البرامج التعليمية التي قد تكون فارغة من المعنى، وفي غياب التربية على القيم والاحترام والمسؤولية.
أين دور الأسرة؟ أين دور الإعلام؟ أين الدعم النفسي داخل المدارس؟ وأين القوانين التي تحمي الأستاذ وتعاقب المعتدي دون تردد؟ إذن الكل يجب أن يُساءل...والكل عليه أن ينخرط في إبداع أو ابتكار الحلول... والحلول موجودة فقط نحتاج لشجاعة الانتقال من التشخيص الذي تعب من التشخيص إلى التعامل مع الظاهرة بواقعية، وليس تقديم توصيات تنسى بمجرد مغادرة أسوار المؤتمر أو الندوة، إذن ما هي الحلول القمينة لتصادي لهذا الانقلاب القيمي، الذي بات يتهدد ليس المدرسة فحسب بل المجتمع والدولة برمتها؟
نحو حلول واقعية
1. تشديد العقوبات على كل من يعتدي على العاملين في القطاع التربوي.
2. إدماج التربية على القيم والأخلاق في المناهج الدراسية بشكل فعّال، وليس شكلي.
3. دعم نفسي واجتماعي داخل المدارس من خلال مستشارين تربويين متخصصين.
4. إشراك الأسرة بشكل أكبر في العملية التعليمية ومتابعة سلوك أبنائهم.
5. رد الاعتبار للأستاذ إعلاميًا ومجتمعيًا، لأنه حجر الأساس في بناء الأجيال.
في الأخير يمكن القول إن قضية "التلميذ المجرم والأستاذة الضحية" ليست حادثًا معزولًا، بل هي جرس إنذار لخلل عميق في منظومتنا التربوية والاجتماعية. فعلينا وعلى كل واحد من زاوية تدخله، أن ينخرط في هذا المواجهة الأخلاقية والقانونية للعنف. فإن لم نواجه هذا الواقع بشجاعة ووعي، فقد نصحو يومًا على مدارس بلا أساتذة، وأجيال بلا تربية.



#وديع_حمضي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- روسو مكتشف قارة الطفولة
- هابرماس وإعادة بناء مشروع الحداثة
- لقد سقطت تلك المساحيق التي تجعل من الباهث لامعا


المزيد.....




- حملات أمنية واعتقالات تطال العشرات في أشرفية صحنايا
- الإمارات تدين -إساءة- استخدام القوات المسلحة السودانية لمنصا ...
- الأمم المتحدة: 92% من الرضّع في غزة محرومون من الغذاء الأساس ...
- روسيا: لا بديل عن عمل الأونروا في غزة
- العفو الدولية تدعو سلطات مالي للتراجع عن مقترح حل الأحزاب
- الأمم المتحدة تدعو الأطراف الليبية للتركيز على مسار توافقي ل ...
- آثار خنق وتعذيب وأعضاء مفقودة.. تحقيق يكشف ما حلّ بصحفية أوك ...
- تركيا تأمر باعتقال 15 شخصا بتهمة التلاعب بالبورصة
- الأونروا تصف حصار غزة بـ-الفضيحة الحقيقية-، ومحكمة العدل الد ...
- أمام محكمة العدل الدولية... أمريكا تبرر حظر إسرائيل لمساعدات ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - وديع حمضي - -التلميذ المجرم-، -الأستاذة الضحية- : التربية في قفص الاتهام-