أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامح قاسم - هل العرب إلى زوال؟














المزيد.....

هل العرب إلى زوال؟


سامح قاسم

الحوار المتمدن-العدد: 8304 - 2025 / 4 / 6 - 00:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"البلادُ التي لا تصحو من حربٍ، تنام على أخرى."
هكذا كتب محمود درويش ذات نكبة. لكنه لم يكن يتنبأ بقدر ما كان يكتب سيرة قادمة لجغرافيا كاملة.
من فلسطين التي تمزقها آلة الحرب الصهيونية في وضح النهار، إلى لبنان الذي بات يجمع على أرضه ركام الأوطان واللاجئين والخيبات، مرورًا بسوريا التي تُركت تَذبل مثل زهرة مهملة في شرفة الخرائط، وصولًا إلى اليمن، حيث تتناسل المجاعات من بطون الجوع، وتُولد الحروب من أرحام الحروب. ثم تأتي أمريكا، وفي جيبها تهديدات لإيران، وفي عينها خطة شاملة لا تُخفى ملامحها: تفتيت ما تبقّى، وطمس ما بقي من اسمٍ يُدعى العرب.
فهل العرب إلى زوال؟
ليست المرة الأولى التي يُطرح فيها هذا السؤال. لقد كُتب في كل عصر دموي، وتردد في كل مئذنة مهدمة، وذُكر على كل لسان أم ثكلى. لكن لم يكن يومًا مؤلمًا وواقعيًا كما هو الآن.
فلسطين: الأرض التي لم تركع
ما زالت غزة تُقاوِم بأسنانها، بما بقي من حجارة وأشلاء وصرخات الأطفال. أكثر من ثلاثين ألف شهيد في أقل من عام، بحسب تقارير أممية، والمشهد لا يتبدل. صمت العالم، تحيزه، تبعيته، كلها عوامل تعيد إلى الأذهان صرخة غسان كنفاني:
"إن قضية الموت ليست على الإطلاق قضية الميت، إنها قضية الباقين."
لكن إسرائيل لا تحارب الفلسطينيين فقط، إنها تُجرب فيهم أساليب الزوال. من الحصار، إلى التجويع، إلى الطرد القسري، إلى تجريم وجودهم البيولوجي ذاته. حرب إبادة ناعمة وصريحة. وأمريكا؟ تتفنن في تغليف القتل بلغة الحداثة والدفاع عن النفس.
لبنان: دولة على شفا وهم
انفجار مرفأ بيروت في 2020 لم يكن انفجار مواد كيميائية فقط، بل كان رمزيةً لانفجار الدولة نفسها. الطوائف تتناحر على ظلال سلطة ميتة، والشعب يتهاوى تحت وطأة الدولار المسعور، واللاجئون الفلسطينيون والسوريون يعيشون في الخيم والهوامش. وفي الجنوب، تنتصب عيون إسرائيل متربصة بكل حركة، والكل يسأل: متى الحرب الكبرى؟
البلد الذي وُصف ذات يوم بـ"سويسرا الشرق" صار الآن مجرد مقبرة مفتوحة للأحلام.
سوريا: ما تبقّى من الدولة
دمشق ما زالت تُشمّ من بين الرماد، لكن البلاد مقسّمة، محكومة بالميليشيات، تُدار من الخارج. مليون قتيل، 14 مليون لاجئ ونازح، بحسب أرقام الأمم المتحدة، و"العالم" لا يملك سوى كلمات الشفقة الباردة.
وكلما بزغ أمل في التعافي، جاء من يذكرها بأنها ما زالت نقطة ارتكاز في لعبة الدول الكبرى. أمريكا تحتفظ بوجودها في الشرق، وروسيا تحرس الشام من خلف الخراب، وتركيا تراوغ شمالًا، وإيران تنسج أذرعها جنوبًا. أما الشعب السوري، فصار ظلًا لاجئًا في كل مدينة.
اليمن: السقوط في قاع النسيان
منذ سنوات، واليمن يعيش أطول حرب أهلية معاصرة. "مجزرة بلا جمهور"، كما وصفتها صحيفة فرنسية. آلاف القتلى، ملايين الجوعى، أمراض منسية تعود لتصطاد الأطفال، وأمريكا تدعم الحرب بالسلاح والتبريرات.
بلاد تُقسم على أسس طائفية وقبلية، وتُهلك بالقصف والحصار. لا ميناء آمن، ولا سماء غير مراقبة، ولا حلم غير مذبوح.
إيران: ذريعة الخوف والتوازن
في الظاهر، تُهدد أمريكا إيران بحرب. لكن في العمق، هي تهدد المنطقة كلها بمرحلة جديدة من الفوضى. المطلوب ليس تأديب طهران فقط، بل تحويل المنطقة إلى مسرح دائم للقلق، لأن الخائف لا يبني، والممزق لا يُفكّر، والمُستنزف لا يقاوم.
إيران ليست بريئة، لكنها ليست الخطر الوحيد. لقد صارت أداة وسلاحًا وذريعة، في يد من يشتهي إبقاء الشرق متوترًا حتى آخر طفلٍ عربي.
هل نحن إلى زوال؟
الزوال، كما كتب إدوارد سعيد، لا يبدأ بانقراض الأجساد، بل حين نُصدّق بأننا عارٌ على العالم، وأن مصيرنا المحتوم هو الاندثار.
لكن، هل زالت الأندلس من الذاكرة؟ هل زال الفينيقيون من بحر المتوسّط؟ هل زال الحرف العربي من جبين الشمس؟
الزوال ليس قدرًا. إنه قرار. والذين قرروا لنا، أن ننسى، وأن ننقسم، وأن نحمل أوطاننا في أكياس اللجوء، لم يربحوا المعركة بعد.
العرب: سؤال الهوية والنهضة
الزوال الحقيقي هو أن لا نعرف من نحن. أن نُستبدل بالنيابة، أن نتحدث بلسان المستعمر، أن نُقاتل بعضنا باسم اختلافات صُنعَت على موائد الغزاة.
لقد قال عبد الرحمن الكواكبي قبل أكثر من قرن:
"الاستبداد أصل لكل فساد."
وأعاد تكراره بعده مالك بن نبي:
"إن الاستعمار لا يدخل بلدا إلا بعد أن يجده قابلاً للاستعمار."
لكن ما لا يُقال في نشرات الأخبار، أن العربي ما زال يقاوم. في القصيدة، في الزنزانة، في الأغنية، في المخيم، في الخبز المجفف، في دمعة الأم، في صمود الضمير.
من الرماد يولد السؤال
"العرب إلى زوال؟"
ربما. إذا استمرت الحروب، وتآكل التعليم، وانهار الوعي، وبقي الإعلام مرآة للتابعين.
لكن…
العرب لن يزولوا ما دام طفلٌ في غزة يكتب اسمه على جدار مهدوم، وما دام شاعرٌ في المنفى يزرع أبياتًا في الهواء، وما دامت أمٌ تنتظر على معبر لا يُفتح، وما دام الغضب العربي لم يُسرق بعد.
نحن لا نُقاوِم بالبنادق فقط، بل بالتذكُّر.
وما دام هناك من يروي الحكاية، فإن العرب… باقون.



#سامح_قاسم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القفز بين منصتين
- للأيام الثقيلة كالهزائم
- الهزائم الشريفة انتصارات كُبرى
- المُطبعون بين الكلب المحبوب والإنسان المكروه
- المساواة في الألم
- ما فائدة الحياة إذا لم تظل مقاوماً؟
- معنى أن تعيش تحت القصف
- الخيانة: من طير الوقواق والقردة إلى بني البشر
- المُطبعون أشد إفكا ونفاقاً
- الألم.. محبتي لك أيها المعلم العظيم
- موجز تاريخ الشقاء
- صوت المقاومة يتحدى الصمت
- ما الذي حل بالكرامة العربية؟
- تسقط إسرائيل.. تحيا المقاومة
- بيروت.. وجه الله في مرآة البحر
- عواقب الخذلان العربي للمقاومة في غزة ولبنان
- المثقف والمقاومة وجهان لعملة واحدة
- الخيانة ليست وجهة نظر
- المقاومة فوق القوة
- المثقفون المرتزقة: من تحريف الحقيقة إلى تشويه الثقافة


المزيد.....




- لأول مرة.. ترامب يلمح لاحتمال تدخل أمريكا في الصراع الإسرائي ...
- -النتيجة صفر عبور-.. ضغوط كبيرة من الكونغرس على ترامب من أجل ...
- الشاباك يعتقل إسرائيليين اثنين قدما خدمات لطهران بتوجيه من ا ...
- الصحة الإيرانية: 128 قتيلا على الأقل في الضربات الإسرائيلية ...
- نتنياهو يزور موقع الضربة الإيرانية في بات يام ويهدد: سيدفعون ...
- مقتل وجرح أكثر من 250 إسرائيلياً في الضربات الإيرانية على تل ...
- تجدد القصف الإسرائيلي على قطاع غزة وارتفاع أعداد الضحايا
- مراسلتنا في لبنان: سقوط مسيرة إسرائيلية عند أطراف بلدة ميس ا ...
- -رويترز-: ترامب استخدم حق النقض ضد خطة إسرائيلية للقضاء على ...
- إيران تطلق موجة ثالثة من عملية -الوعد الصادق 3- الصاروخية في ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامح قاسم - هل العرب إلى زوال؟