أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جلبير الأشقر - غزة وحكمة سليمان














المزيد.....

غزة وحكمة سليمان


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 8300 - 2025 / 4 / 2 - 13:06
المحور: القضية الفلسطينية
    


إن فوز دونالد ترامب بولاية رئاسية ثانية قد أتاح لنتنياهو تحقيق ما كان يصبو إليه، لكنّه ما كان يستطيع ممارسته بدون ضوء أخضر أمريكي. فمع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، جاءه الضوء الأخضر المنشود كي يُنهي المفاوضات على خطة على مراحل تتضمن إفراجا تدريجيا عن المحتجزين لدى الجانبين، إسرائيل و«حماس» وتشمل وقفاً للحرب وانسحاباً للجيش الصهيوني من غزة، وهي الخطة التي أشرفت إدارة جو بايدن على وضعها بالتعاون مع مصر وقطر قبل عام، والتي من الواضح تماماً أنه لم تكن أبداً لدى نتنياهو وحكومته نية على تطبيقها. وبدعم من ترامب، انتقل نتنياهو الآن إلى تغيير منحى الضغط: فبدل أن تستخدم «حماس» ما لديها من الرهائن كورقة ضغط لتنال تنازلات من إسرائيل لقاء إفراج تدريجي عنهم، أعاد نتنياهو احتلال قطاع غزة وأخذ كافة سكانه رهائن، وغدا يهدد «حماس» بالاستمرار بقتل الآلاف منهم والعمل على تهجير معظمهم إن لم ترضخ وتفرج عن كافة المحتجزين لديها، بل وتترك القطاع.
والحال أن أهل غزة باتوا يواجهون احتمالين، لا يلوح ثالث لهما في الأفق المنظور: فإما أن يمضي الحكم الصهيوني قدماً في مشروع استكمال نكبة 1948 باقتراف «تطهير عرقي» جديد يترافق بضمّ القطاع، كما يدعو له حلفاء نتنياهو في أقصى اليمين الصهيوني، أو تجري تسوية تفاوضت عليها الدول العربية، تقضي بخروج قادة ومقاتلي «حماس» وحليفاتها من غزة على غرار خروج قادة ومقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت في عام 1982، ليحل محلهم رجال سلطة رام الله مدعومين بقوات عربية. طبعاً ليس لـ«حماس» أي قول في الاحتمال التطهيري الأول، لكنّها تستطيع التفاوض على الاحتمال الثاني ووضع شروطها.

أما عدا ذلك، فأي خيار آخر لدى «حماس» لتقدّمه؟ إن الاستراتيجية البديلة الوحيدة التي سمعناها من طرف الحركة هي التي تفوّه بها أحد الناطقين باسمها، سامي أبو زهري، يوم الإثنين الماضي، حيث دعا للتصدّي لمشروع التهجير على الوجه التالي: «إزاء هذا المخطط الشيطاني الذي يجمع بين المجازر والتجويع، فإن على كلّ من يستطيع حمل السلاح في كلّ مكان بالعالم أن يتحرّك. لا تدَّخروا عبوّة أو رصاصة أو سكّينا أو حجرا، ليخرج الجميع عن صمته، كلنا آثمون إن بقيت مصالح أمريكا والاحتلال الصهيوني آمنة في ظل ذبح وتجويع غزّة». وهذا التصوّر للمعركة هو تكرارٌ للدعوة التي وجّهها محمد الضيف صبيحة عملية «طوفان الأقصى»: «اليوم، اليوم، كل من عنده بندقية فليخرجها فهذا أوانها، ومن ليس عنده بندقية فليخرج بساطوره أو بلطته أو فأسه أو زجاجته الحارقة، بشاحنته أو جرافته أو سيارته… هذا يوم الثورة الكبرى من أجل إنهاء الاحتلال الأخير ونظام الفصل العنصري الأخير في العالم».
سريعاً ما اتضح في حينه أن المراهنة على مثل هذه الدعوة كانت من الخيال الصرف، إذ لم يحصل شيء منها يجدر ذكره، حتى في الضفة الغربية المحتلة، ناهيك من أراضي 1948 والمحيط العربي. فيا ترى، ما هي فرصة نجاح الدعوة ذاتها اليوم بعد كل ما تكبده شعب غزة من إبادة وخراب؟ أما من يؤيدون هذه الدعوة من خارج القطاع ولا ينفّذونها «بالعبوّة أو الرصاصة أو السكين أو الحجر» وفقاً لتوصية أبو زهري، إنما هم منافقون، يحرّضون كلامياً من بعيد على القتال حتى آخر الغزّاويين. والحقيقة أن «حماس» تواجه اليوم خياراً بين التخلّي عن حكمها لغزة، وهو ما تستطيع أن تتفاوض على شروطه كي تضمن سلامة أهل القطاع وبقاءهم فيه، وبين مواصلة استراتيجية التحرير بالسلاح والأوهام، وهذه الأخيرة، أي الأوهام، أعظم لدى الحركة بالتأكيد من الأولى. هذا ويبدو أن ثمة جدالاً بين قادة الحركة على النهج الذي ينبغي سلوكه إزاء المعضلة التي وصفنا.
يذكّرنا ما بات يواجه «حماس» بالرواية الشهيرة عن حكمة النبي سليمان، لما جاءته امرأتان تتنازعان على أمومة رضيع بعد وفاة رضيع آخر في الدار التي كانت الامرأتان تسكنانها. أمرَ سليمان بشق الطفل بالسيف إلى نصفين ليكون لكل امرأة نصف. فقبلت إحدى المرأتين بينما رفضت الأخرى، مفضّلة التخلّي عن الطفل كي يبقى على قيد الحياة. فأدرك سليمان أن الثانية هي أم الطفل الحقيقية وسلّمها إياه. فهل تُبدي «حماس» عطفاً على شعب غزة مثلما أبدت أم الطفل، فتقبل بالتخلي عن سيطرتها على القطاع حفاظاً على أهله؟



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تركيا والعدوى النيوفاشية
- اليمن «على كف عفريت»!
- سوريا إلى أين؟ تكرارٌ للسؤال
- «أمريكا أولاً» والانقلاب الكبير في العلاقات الدولية
- «لو كنتُ أعلم» موسى أبو مرزوق
- سلامٌ بين الفاشيين الجدد وحربٌ على الشعوب المقهورة
- حماس: «نحن الطوفان… نحن اليوم التالي»
- عصر الفاشية الجديدة وبما يتميّز
- في خطورة مواقف ترامب بشأن غزّة وفلسطين
- أسطورتان متعلقتان بوقف إطلاق النار في غزّة
- بعد خمسة أيام غيّرت وجهه… ما مصير لبنان؟
- سلطة رام الله واستكمال الحصار
- طوفان الأقصى والغرب والمحرقة
- خواطر متشائمة على عتبة عام جديد
- كيف يُعاد بناء الدولة السورية؟
- سوريا إلى أين؟
- ماذا يجري في سوريا؟
- وقف النار في لبنان لن يكون «نصراً إلهيّاً»
- «فريق الأحلام» الصهيوني في إدارة الولايات المتحدة
- ترامب والشرق الأوسط: ماذا ينتظرنا؟


المزيد.....




- المكسيك تستعد للأسوأ: 30 مليون شخص يشاركون في تمرين وطني لمو ...
- أميركا وأوكرانيا توقعان اتفاقية المعادن
- محللون سياسيون: إسرائيل تستغل الدروز لتنفيذ مشروع توسعي بالم ...
- الأمن يستعيد السيطرة على أشرفية صحنايا بعد اشتباكات مسلحة
- سويسرا تحظر حركة حماس بدءا من 15 مايو
- الإعلان عن اتفاق مبدئي لوقف إطلاق النار في صحنايا
- غارات إسرائيلية على أشرفية صحنايا وسط نزوح السكان
- أوكرانيا -مستعدة- لتوقيع اتفاقية المعادن مع أميركا الأربعاء ...
- اشتباكات صحنايا.. مفتي سوريا يحذر من -الفتنة-
- سلطات الهجرة الأميركية تطلق سراح طالب فلسطيني


المزيد.....

- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جلبير الأشقر - غزة وحكمة سليمان