زينة ركين
الحوار المتمدن-العدد: 8296 - 2025 / 3 / 29 - 15:56
المحور:
قضايا ثقافية
في لحظةٍ ما، وسط الفوضى اليومية، نستيقِظُ لنجد أنفسنا غرباء عن ذواتِنا.
لا نعرف متى بدأنا الانسياق، ولا كيف تحولت حياتنا إلى نسخة باهتة مما كنا نحلم به. نتحرك بلا وعي، نساير الظروف، نؤجل أحلامنا، نكبت مشاعرنا، نقبل بما لا يليق بنا، فقط لأننا اعتقدنا أن لا خيار لنا. لكن الحقيقية القاسية هي أننا لم نُجبَر،بل إنسَقنا.
خطوة بعد خطوة، تنازل بعد تنازل، خضنا المعارك الخطأ، قاتلنا لأجل أشياء لا تعنينا، وتمسّكنا بما لم يكن لنا منذ البداية...قلنا لأنفسنا إنها الواقعية، لكنها لم تكن سوى إستسلَام صامت.
الانجراف يبدأ خلسة، لا يطرق بابك ليعلن عن نفسِه، بل يتسلل إليك عبر التفاصيل الصغيرة: وظيفة لم تحبها لكنها "مضمونة"، علاقة استنزفتك لكنك "تعودت"، شغف تخلّيت عنه لأن "الوقت لم يعد يسمح"، وهكذا، يمرُ العمر وأنت تؤجل نفسك، تُسكت الصوت الذي يخبرك بأن هذا ليس مكانك، بأن هذا الطريق لا يؤدي إلا إلى مزيدٍ من الضياع.
لكن كيف تعرف أنك انجرفت؟
عندما يصبح كل شيء متشابهاً، بلا طعم ولا لون، عندما تنظر إلى المرآة فلا تتعرّف على الشخص الذي يقف أمامك، عندما تغرق في دوامة "يوم آخر مرّ"، دون أن تشعرَ أنك عشت حقًا عندما يصبحُ الشغف ذكرى، والأحلام ترفًا، والحرية رفاهية لا تجرؤ على المطالبة بها.
لا أحد تُسلب إرادته بالكامل إلا إذا سمح بذلك.
العودة ليست مستحيلة، لكنها تحتاج إلى لحظة وعي حقيقية، لحظة تصرخ فيها: كفى! كفى مسايرة لما لا يشبهني، كفى تنازلات تسلبني نفسي، كفى هروبًا من الحقيقة.
العودة تحتاج إلى شجاعة، إلى مواجهة، إلى قرار بأنك لن تكون ضحية الظروف، بل صانع قراراتك.
الحياة ليست موجة تأخذك إلى حيث تشاء، فأنت من يقرر كيف يعيش، وأي الطرق تسلك، وأي الأبواب تفتح، وأي القيود تكسر.
لا تقبل بأن تكون مجرد متفرج على حياتك! توقف، تأمل، غير المسار، استعد نفسك قبل أن تصبح مجرد ذكرى لشخص كنت تعرفه يومًا.
#زينة_ركين (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟