أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد فرحات - الميليشيا بديل الدولة: من الحلم الإسلامي إلى الوكالة الاستخبارية














المزيد.....

الميليشيا بديل الدولة: من الحلم الإسلامي إلى الوكالة الاستخبارية


محمد فرحات

الحوار المتمدن-العدد: 8280 - 2025 / 3 / 13 - 23:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


""

في المشهد العربي الراهن، تتكرر السيناريوهات نفسها بوجوه مختلفة: دول تتهاوى، وشعوب تُستنزف، وكيانات ميليشياوية تنشأ لتملأ فراغ السلطة باسم التحرر، بينما هي في جوهرها أدوات في يد القوى الكبرى. من العراق إلى اليمن، ومن ليبيا إلى سوريا، تتكرر القصة ذاتها: شعارات كبرى، وواقع صغير هشّ، ومشاريع خارجية تُنفَّذ بأيادٍ محلية.

وفي سوريا، يتجلى هذا المشهد بوضوح فجّ. فعندما يُقال "معظم سوريا"، تتهاوى العبارة أمام واقع جيوسياسي صارخ: الجنوبُ السوريُّ بأكملهِ، حتى ريفُ دمشق، بات رهينةً لقبضةِ الاحتلال الإسرائيلي، بينما يسبح الشمالُ والشرقُ في فضاءِ الهيمنة التركية والأمريكية. ووسط هذا التشظي، تظهر دولةُ الميليشيا — كائنٌ وظيفيٌّ مبرمج، أُعدَّ لأداء ما لا تجرؤ عليه الكيانات الكبرى علنًا.

هذه الدولة — التي تُقدّم نفسها كجبهة تحريرٍ أو كحلم خلافةٍ — لا تُعدو كونها أداةً وظيفيّة، تُعيد إنتاج كلّ قذارةٍ سياسية باسم الدين، وكلّ استثمارٍ استعماريٍّ باسم العقيدة. دولة الجولاني وأمثالها ليست إلا غُرفَ عملياتٍ ميدانية للمخابرات المركزيّة والموساد، أدوات تُنفّذ ما يستنكف الكيان الإسرائيلي عن القيام به، لتُعيد صياغة المشهد النهائي في شكل "معاهدة سلام" تُوقّع لاحقًا، بعدما تؤدَّى المهمّة القذرة.

والسخرية تكتمل حين يُرفع شعار "الخلافة" فوق هذا الخراب، ويُبشَّر الناس بيُوتوبيا الإسلام السياسي، التي لم تكن يومًا سوى واجهةٍ لإعادة إنتاج أدوات الاستعمار في هيئة "تحررية". فالحُلم، هنا، ليس أكثر من واجهةٍ خطابية، يُجمَّل بها المشروع الوظيفي.

إنّ هذا الدور المُرسوم لتلك الدولة "اللقيطة" — كما يُسميها الشاعر خالد السنديوني — يكشف زيف التمثيل السياسي الذي تُروّج له حركات التديّن المسلّح. فـ"الجهاد" بات سلعةً استخباراتيّة، و"الخلافة" صارت مسرحًا دمويًا تُديره شبكات العنف العابر للحدود، بإشرافٍ دوليٍّ محكم.

ما يُقدّم لنا اليوم في ثوب "تحررٍ" هو غالبًا مشروع "وكالة" بصيغة دينية أو أيديولوجية. فالأنظمة تتبدّل، لكن مَن يُمسك بالخيوط الحقيقية يظل ثابتًا. والخلافة التي كانت حلمًا طوباويًا في مخيلة الإسلام السياسي، باتت اليوم أداة لتفتيت ما تبقّى من خرائط المقاومة الحقيقية.

ولعلّ أعظم مأساة يفضحها هذا المشهد هي أن الثورة — التي وُلدت في بعض الأماكن صادقةً ونقيّة — تُختطف دائمًا لصالح مشاريع أكبر منها، تُدار من غرفٍ مغلقة، ويُكتب لها سيناريو محكم، يؤديه ممثلون محليون، ثم يُصدَّر للناس على أنّه قدرٌ جديد، لا مهرب منه.







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسلسل -معاوية-
- حارس الكلمة الأخير
- -مرارًا وتكرارًا- جسور التجريبية والتراث بشعر خالد السنديوني ...
- الوجود والعدم عند مصطفى أبو حسين، قصة -ابن الجزمة- نموذجا.
- تحقيق الشفا للقاضي عياض: بين السخرية العلمية وتزوير التراث
- لينين الزعيم الإنساني الديمقراطي
- نوستالجيا ليالي الحلمية، وزينهم السماحي.
- اسمي نجيب سرور ٧
- صعود
- حلم
- -اسمي نجيب سرور--٤
- اسمي نجيب سرور -1-
- -نعي الأحلام المجهضة-
- -أولاد حارتنا- المبادرة والانتظار .
- عبد القاهر الجرجاني يُنظِرُ لقصيدة النثر.-سأعيد طروادة ثم أح ...
- -بالضبط يشبه الصورة- ومُحدِدات الجنس الكتابي
- نون نسوة مناضلة -بيضاء عاجية، سوداء أبنوسية.-.
- ماتريوشكا
- أحاديث الجنِ والسُطَلِ، المجدُ للحكايات.
- نجيب محفوظ -نبيًّا-.


المزيد.....




- ترامب يدعو لاتفاق سلام بين إيران وإسرائيل: -الاتصالات جارية- ...
- ما مدى انخراط أمريكا في العملية الإسرائيلية ضد إيران؟ مراسلة ...
- الجيش الإسرائيلي يواصل تقليص قواته من غزة لدعم الجبهة ضد إير ...
- هل خدع نتنياهو ترامب في الحرب ضد إيران؟
- ماكرون يصل غرينلاند لتعزيز الدعم الأوروبي للدنمارك
- إسرائيل تمدد حالة الطوارئ حتى نهاية يونيو
- مصادر دبلوماسية عربية تتحدث عن تحرك سعودي عاجل لإعادة إيران ...
- ترامب: قد نتدخل لمساعدة إسرائيل في القضاء على البرنامج النوو ...
- الحرس الثوري الإيراني يعلن إلغاء مراسم تشييع قتلى الضربات ال ...
- الدفاع الروسية: استهداف مركز قيادة أوكراني بصاروخ إسكندر قرب ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد فرحات - الميليشيا بديل الدولة: من الحلم الإسلامي إلى الوكالة الاستخبارية