أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فلاح علوان - جامع المصلوب.. غائب طعمة فرمان














المزيد.....

جامع المصلوب.. غائب طعمة فرمان


فلاح علوان

الحوار المتمدن-العدد: 8279 - 2025 / 3 / 12 - 22:34
المحور: الادب والفن
    


إنعطفت من الزقاق الضيق المتفرع من سوق الغزل والذي ينتهي عند الدهانة متجها صوب الصدرية. عند نهاية سوق الدهانة وقبل الوصول الى الصدرية يقع جامع المصلوب. هناك مازالت العديد من الدكاكين بسقوف خشبية تستند على أعمدة خشبية متهالكة، وتعلو رفوفها العلب المعدنية الملأى بالأعشاب وانواع البذور والأوراق والأوراد من أنواع شتى.
الى جوار جامع المصلوب يقع منزل مهجور كان يسكنه الروائي غائب طعمة فرمان، محاطاً بالعديد من المنازل الآيلة للسقوط أو التي تتكىء على بعض لتؤجل انهيارها الى حين. وقد ورد ذكر الجامع والمحلة المشار اليهما في كتابات الكاتب.
غائب طعمة فرمان الذي صور المدينة والصراع الإجتماعي بتناوله الشخصيات القادمة من أحشاء المدينة، من أعماق الأزقة التي رُسمت مساراتها دون أي هندسة عدا هندسة التاريخ. ورسم الملامح العامة للمدينة والمجتمع عبر بنية الشخصيات، وأغلبها شخصيات الكادح والشقاوة والعربنجي والمصلّح والحرفي. شخصيات مثل صاحب البايسكلجي والشقاوة إبن الحولة ومرهون العربنجي وسليمة الخبازة.
بأزاء دار الروائي تجلس إمرأة تفترش الأرض، تحيك الليف وتستند الى دار متروكة وخربة، تجاور دار الكاتب الذي أبدع في تصوير الشخصيات المستمدة من أناس تلك المناطق. وهاهي شخصية تنبثق من عمق تلك الأحياء تحيا كما يحيا الناس وتعمل وتتخذ الزقاق سكنا وعملا ومعيشة.
ولكن أي مصادفة أن تختار المرأة هذا المكان الذي كان يضم صاحب الخيال الذي تناول أمثالها في رواياته، بل تكاد تكون هي تجسداً لإحدى شخصياته. أو كأنها إنبثقت من بين صفحات رواياته لتمزج الخيال بالواقع. إمرأة تبدوملامحها وهيأتها وكأنها لا تنتمي لأي زمن، ملامحها تختزل العهود العصمانلية –العثمانية- والملكية والجمهورية وعهود الفاشية ثم النيوليبرالية، وبرسوخ لم يلن أو يحور سحنته ومحياه للتكيف مع الأيام، وجه امرأة ينتمي لكل أزمان بغداد. تستند المرأة في جلستها الطويلة شبه الدائمة، الى جدارسميك لدار من تلك الأبنية القديمة، ويبدو أن الدار تعود الى أسرة ميسورة من أسر ذلك الزمان ، إذ أن مساحتها واسعة نسبيا قياساً بالبيوت المحيطة.
لم تعد أزقة غائب تعج بالحياة كما في الماضي، ولم تعد الأحياء تعرف بشخوصها واسطواتها وبيوتاتها. لم يعد إنسان المدينة هو شاخصها. تقزمت الأزقة الداخلية أمام المول Mall والبناية الفخمة الواقعة في ركن المحلة أو أمام الصيرفات. إنفصل السوبر ماركت عن داخل المدينة، أصبح صورة عن التجارة العالمية والماركات.
ماذا لو كان غائب بيننا اليوم؟ ليرى غياب شخوصه وتفكك ذاكرة المحلة والمدينة، ثم ليشاهد شاخصاً أمام داره على دوام البؤس رغم اكتساح الصيرفات والمولات والمليارات واجهات الشوارع وحجب الداخل الذي يخفي بين جنباته ما يخفي.



#فلاح_علوان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قبل عام من الآن – 2-
- قبل عام من الآن -1-
- العالم فلسطيني
- تأملات في سقوط بابل.
- طبقة بذاتها ... طبقة لذاتها
- العراق ينتحب
- المرأة والبنى الفكرية في المجتمع
- خطابات مثقفي اليسار والتوقف عند نقطة التشهير والتحريض.
- في رثاء -أبو مشرق-
- الموقف من الورقة البيضاء (5/5) إستنتاجات
- الموقف من الورقة البيضاء (5/4) نقاط ضعف الورقة
- الموقف من الورقة البيضاء 3/5 - قراءة في مواد وفقرات الورقة
- الموقف من الورقة البيضاء (2/5)
- الموقف من الورقة البيضاء - رؤيا عمالية لسياسة التثبيت والتكي ...
- الملّا حَمَد والورقة البيضاء
- خان النص والموقف من الدين
- ملاحظات على ملاحظات السيد رائد فهمي
- الموقف من الورقة البيضاء
- رد الى السيد حسين علوان حسين
- حول تطبيع الإمارات مع إسرائيل


المزيد.....




- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فلاح علوان - جامع المصلوب.. غائب طعمة فرمان