أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدي سيد محمد محمود - فارس الخوري: رجل الدولة الذي انتصر للعقل والوطن














المزيد.....

فارس الخوري: رجل الدولة الذي انتصر للعقل والوطن


حمدي سيد محمد محمود

الحوار المتمدن-العدد: 8268 - 2025 / 3 / 1 - 09:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


د.حمدي سيد محمد محمود

يعد فارس الخوري أحد أبرز الشخصيات السياسية والفكرية في التاريخ العربي الحديث، وقد شكّل نموذجًا فريدًا لرجل الدولة الذي جمع بين الفكر المستنير والعمل السياسي الفعّال. وُلد في أواخر القرن التاسع عشر، وعاش في فترة حاسمة من تاريخ سوريا والمنطقة العربية، حيث كان شاهدًا على التحولات الكبرى من الحكم العثماني إلى الاستعمار الفرنسي، ثم الاستقلال. تميز الخوري بعقليته الموسوعية التي جمعت بين القانون والاقتصاد والسياسة، وبرز كأحد رموز الوحدة الوطنية والتسامح الديني، حيث تولّى مناصب عليا في دولة ذات أغلبية مسلمة رغم كونه مسيحيًا، ما يعكس مدى احترامه وتقديره في المجتمع السوري.

الميلاد والنشأة
وُلِد فارس الخوري عام 1873 في بلدة الكفير الواقعة ضمن منطقة حاصبيا (حاليًا في لبنان)، لأسرة مسيحية بروتستانتية. نشأ في بيئة متعددة الثقافات، مما ساهم في تكوين فكره المنفتح. تلقى تعليمه الأساسي في مدرسة أمريكية في صيدا، ثم التحق بالجامعة السورية البروتستانتية (الجامعة الأمريكية في بيروت لاحقًا)، حيث برع في دراسة العلوم والرياضيات، لكنه لاحقًا توجه نحو القانون والسياسة.

الحياة المهنية والسياسية المبكرة
بدأ فارس الخوري حياته العملية مدرسًا للرياضيات والعلوم في الجامعة الأمريكية ببيروت، ثم انتقل إلى دمشق حيث مارس المحاماة. انخرط في الحياة السياسية خلال الحكم العثماني، حيث شغل منصب نائب في البرلمان العثماني عن دمشق عام 1908 بعد إعلان الدستور العثماني. كان من أوائل المفكرين العرب الذين طالبوا بالإصلاحات الدستورية والعدالة الاجتماعية في الدولة العثمانية.

بعد انهيار الدولة العثمانية واحتلال فرنسا لسوريا عام 1920، لعب دورًا بارزًا في مقاومة الاحتلال الفرنسي عبر السبل السياسية والقانونية. أسس مع مجموعة من السياسيين الحزب الوطني السوري، الذي كان يهدف إلى تحقيق الاستقلال.

دوره في استقلال سوريا
خلال الانتداب الفرنسي، أصبح فارس الخوري أحد الشخصيات السياسية البارزة في سوريا، وشغل عدة مناصب وزارية في الحكومات المتعاقبة. عمل وزيرًا للمالية والتعليم، وكان معروفًا بنزاهته وكفاءته. في عام 1944، تولى رئاسة البرلمان السوري، وكان أحد الموقعين على ميثاق جامعة الدول العربية.

لكن الحدث الأبرز في مسيرته السياسية كان دوره في الأمم المتحدة عام 1945، حيث مثّل سوريا في مفاوضات الاستقلال. ألقى خطابًا قويًا أمام مجلس الأمن، فضح فيه ممارسات الاستعمار الفرنسي في سوريا، ما أدى إلى ضغط دولي أجبر فرنسا على منح سوريا استقلالها عام 1946.

رئاسة الوزراء وحكمته السياسية
تولى فارس الخوري رئاسة الوزراء مرتين، الأولى عام 1944 والثانية عام 1954. تميّزت سياسته بالحكمة والاعتدال، وسعى إلى ترسيخ الديمقراطية والاستقلال السياسي. لكنه واجه تحديات داخلية وخارجية، خاصة مع تصاعد التوترات الإقليمية والصراع مع إسرائيل.

كان فارس الخوري سياسيًا محنكًا، لكنه كان أيضًا رجل فكر وثقافة. فقد ألّف العديد من المقالات في السياسة والاقتصاد والاجتماع، وساهم في تأسيس معاهد أكاديمية في سوريا.

موقفه من القومية العربية والعلمانية
رغم أنه مسيحي، كان فارس الخوري أحد أبرز المدافعين عن القومية العربية، ورفض الطائفية، مؤكدًا أن الوطنية تقوم على الهوية الثقافية الجامعة لا الانتماءات الدينية. دعا إلى الفصل بين الدين والدولة، مع احترام القيم الإسلامية والمسيحية في الحياة الاجتماعية.

الوفاة والإرث
توفي فارس الخوري عام 1962، لكنه بقي رمزًا وطنيًا سوريًا يُحتفى به حتى اليوم. يعتبر أحد الشخصيات النادرة التي جمعت بين الفكر العميق والسياسة العملية، وتميّز بموقفه الوطني المستقل ودفاعه المستميت عن حرية سوريا.

لماذا يعتبر فارس الخوري شخصية فريدة؟
1. سياسي استثنائي: جمع بين البراغماتية السياسية والمبادئ الأخلاقية.
2. مثقف موسوعي: جمع بين القانون، الاقتصاد، الرياضيات، والسياسة.
3. مفكر قومي: جسّد نموذج الدولة الوطنية الحديثة غير الطائفية.
4. دبلوماسي بارع: لعب دورًا محوريًا في استقلال سوريا على الساحة الدولية.

يبقى فارس الخوري مثالًا نادرًا على القائد الذي جسّد مبادئ الوطنية والتعددية والعدالة، وأسهم في رسم ملامح الدولة السورية الحديثة. ورغم مرور عقود على رحيله، لا تزال تجربته تُلهم الأجيال في زمن تشتد فيه الحاجة إلى قادة يجمعون بين الفكر العميق والعمل المخلص من أجل أوطانهم وشعوبهم.



#حمدي_سيد_محمد_محمود (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليهود في إيران بعد 1979: بين الهوية الوطنية وشبهة الصهيونية
- مستقبل الأمن الأوربي في ظل التحولات الجيوسياسية العاصفة
- استشراف الأزمات: كيف يفكر جون كاستي في انهيار الحضارات؟
- موت الإله عند نيتشه: فلسفة ما بعد المقدّس وتداعياتها على الف ...
- إشكالية الحرية الدينية بين الإسلام والليبرالية: جدلية الهوية ...
- التحول الكبير: كيف فتحت زيارة نيكسون للصين الباب لصعودها كقو ...
- الدولة والدين: تحديات الولاء في عالم متغير
- الخطاب السياسي الاستشراقي: قراءة نقدية لانعكاساته على الثقاف ...
- الفلسفة العربية وإشكالية العقل الجمعي: قراءة في مفاهيم الترا ...
- الذاكرة الجماعية: دور المعرفة التاريخية في فهم الهوية والتغي ...
- الفلسفة المدرسية وقيم الحكم الرشيد: جدلية السلطة والأخلاق
- الدين والفلسفة في فكر أنطون فيلهلم: جدلية التكامل والتوازن
- مذبحة المحيط الأطلسي: مأساة سفينة زونغ وتجسيد البربرية الاست ...
- شركة الهند الشرقية: صعود الإمبريالية الاقتصادية وبدايات الاس ...
- كيف تعيد الخوارزميات تشكيل الأخبار؟ الصحافة التنبؤية في عالم ...
- المنهج الفينومينولوجي وتطبيقاته في العالم الإسلامي
- العدالة كإنصاف: قراءة معمقة في نظرية جون رولز
- السيادة بين القانون والاستثناء: قراءة فلسفية في كتاب اللاهوت ...
- كيف نعرف ما ليس كذلك؟ قراءة تحليلية في فكر توماس جيلوفيتش
- الجذور الفكرية والمعرفية للفلسفة الإسلامية والمدرسية: دراسة ...


المزيد.....




- كيف رد ترامب على سؤال حول ما إذا كان سيتدخل في نزاع إسرائيل ...
- وزراء خارجية الخليج يبحثون الهجمات الإسرائيلية على إيران
- الصحة الإيرانية تعلن ارتفاع عدد القتلى جراء الهجمات الإسرائي ...
- ترامب يتوجه إلى قمة مجموعة السبع في كندا مع توقعاته بتوقيع ا ...
- -القناة 14- العبرية: انتشال جثمانين آخرين من تحت الأنقاض في ...
- السودان.. مقتل وإصابة 35 نازحا في قصف شنته -الدعم السريع- عل ...
- معهد -سيبري-: عصر انخفاض عدد الأسلحة النووية في العالم يقترب ...
- ماكرون يدعو ترامب لاستخدام نفوذه لوقف التصعيد بين إسرائيل و ...
- عراقجي: النار التي أشعلتها إسرائيل قد تخرج عن السيطرة
- ما المنشآت الإيرانية الحيوية التي استهدفتها إسرائيل؟ وما أهم ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدي سيد محمد محمود - فارس الخوري: رجل الدولة الذي انتصر للعقل والوطن