نظام ولاية الفقيه ودوافع الاعتقالات العشوائية

جابر احمد

الحوار المتمدن-العدد: 8238 - 2025 / 1 / 30 - 14:06
المحور: حقوق الانسان
    

شهد إقليم الأهواز، إلى جانب أقاليم أخرى في إيران، موجة من الاعتقالات العشوائية التي شنتها أجهزة الأمن الإيرانية، مستهدفةً الكتّاب ونشطاء المجتمع المدني من الشعوب غير الفارسية، الذين يطالبون بحقوقهم القومية. وتأتي هذه الحملة في إطار نهج قمعي متصاعد، حيث يعمد النظام الإيراني إلى التضييق على أي حراك سياسي أو اجتماعي قد يشكل تهديدًا لسلطته المركزية. وقد كانت هذه الحملة أكثر حدة في إقليم الأهواز، نظرًا لموقعه الجيوسياسي الاستراتيجي، حيث يضم حقولًا غنية بالنفط والغاز، إضافة إلى منشآت صناعية حيوية، فضلًا عن إطلالته المباشرة على الخليج العربي، ما يجعل السيطرة عليه أولوية قصوى للنظام. ونتيجة لذلك، تجاوز عدد المعتقلين خلال أقل من شهر ثمانين شخصًا، في مؤشر على تصعيد غير مسبوق يستهدف شلّ أي محاولة للمطالبة بالحقوق القومية.

وعلى الرغم من إدانة العديد من المنظمات الحقوقية، سواء الأهوازية أو الإيرانية، لهذه الاعتقالات، إلى جانب اعتراضات دول مثل كندا وكوستاريكا وأستراليا، إلا أن النظام الإيراني أدار ظهره لهذه الانتقادات، متجاهلًا الضغط الدولي. فالنظام، الذي اعتاد التعامل مع معارضيه بالقمع والترهيب، يدرك أن أي تنازل أمام هذه الأصوات قد يُفسَّر على أنه ضعف، وهو ما يسعى إلى تفاديه بأي ثمن. وعليه، فإن حملة الاعتقالات الأخيرة لا تعكس فقط رغبة النظام في قمع الأصوات المطالبة بالحقوق، بل تشير أيضًا إلى مستوى القلق الذي يعيشه، خاصة في ظل التغيرات الإقليمية والدولية التي بدأت تضيّق الخناق على نفوذه.
وفي هذا السياق، أصدر حزب التضامن الديمقراطي الأهوازي بيانًا أوضح فيه موقفه من هذه التطورات، حيث جاء فيه:
“إن حزبنا يتابع بقلق بالغ التصعيد القمعي وغير القانوني الذي يمارسه نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية بحق أبناء شعبنا العربي الأهوازي، حيث شملت هذه الإجراءات موجة واسعة من الاعتقالات التعسفية، وتهديد الناشطين السياسيين والمدنيين، إضافة إلى استدعاء السجناء السابقين وإجبارهم على توقيع تعهدات بعدم المشاركة في أي احتجاجات مستقبلية.”

وأوضح البيان أن هذه الإجراءات تأتي ضمن استراتيجية شاملة تهدف إلى إسكات صوت الشعب الأهوازي ومنع أي محاولات لإحياء هويته الوطنية والدفاع عن حقوقه التاريخية.

كما أشار البيان إلى أن حملة الاعتقالات الأخيرة جاءت بالتزامن مع الذكرى المئوية للإطاحة بالحكم العربي في إقليم الأهواز واعتقال آخر أمرائه، الشيخ خزعل الكعبي، مما يعكس مخاوف النظام الإيراني من تصاعد وعي الشعب العربي الأهوازي وسعيه إلى استعادة حقوقه التاريخية. وأضاف أن هذه السياسات الممنهجة تشكل جزءًا من مشروع أكبر يستهدف تغيير الهوية الثقافية والقومية لأهالي الإقليم وحرمانهم من حقهم الطبيعي في تقرير المصير.

وأكد الحزب أن هذه الممارسات القمعية لا تنتهك فقط المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان والقوانين الدولية، بل تعكس أيضًا عجز النظام الإيراني عن الاستجابة لمطالب الشعب العادلة. وأضاف: “إن سياسة القمع والترهيب التي يتبعها النظام لن تتمكن أبدًا من كسر إرادة شعبنا، الذي سيواصل نضاله السلمي من أجل الحرية والعدالة والكرامة، دون أن يدخر جهدًا في سبيل تحقيق هذه الأهداف.”

وختم الحزب بيانه بالتأكيد على موقفه المبدئي الداعم لإقامة نظام فيدرالي لا مركزي في إيران، باعتباره الحد الأدنى لضمان الحقوق السياسية والثقافية والاجتماعية للشعب العربي الأهوازي، مشددًا على أن هذا المطلب لا يتناقض مع حق تقرير المصير، بل يُعدّ خطوة أساسية في سبيل تحقيقه وفق القوانين الدولية. كما دعا الحزب المجتمع الدولي، ومنظمات حقوق الإنسان، والمؤسسات الدولية إلى عدم الصمت أمام هذه الانتهاكات الصارخة، وإلى محاسبة النظام الإيراني على جرائمه بحق الشعوب غير الفارسية.

واختتم البيان بالتأكيد على أن دعم الشعوب المضطهدة في نضالها من أجل حقوقها مسؤولية أخلاقية وإنسانية، وأن القمع والترهيب لن يفلحا في ثني الشعب العربي الأهوازي عن مواصلة كفاحه المشروع من أجل استعادة حقوقه القومية الكاملة.

#جابر_احمد (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل