أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - معتز حيسو - الإعلام المعاصر















المزيد.....

الإعلام المعاصر


معتز حيسو

الحوار المتمدن-العدد: 1792 - 2007 / 1 / 11 - 07:25
المحور: الصحافة والاعلام
    


يتجلى النظام الرأسمالي الراهن بأبعاده المعولمة، بأشكال متفاوتة التطور تتجلى من خلالها سويات التطور الدولي العام والذي يفترض منطقياً سياسيات تتناسب مع المناخ السياسي والإقتصادي المهيمن عالميا وتكون معبرةً عن واقعها الراهن وآفاق تطورها الموضوعي .لذلك فإن آليات اشتغال النظم السياسية يجب أن تكون مدركةً لسياق التطور العام و تحدد سياساتها بناءً على واقعها الملموس ضمن السيرورة العامة للتطور .
إن الدول الكبرى مازالت حتى هذه اللحظة تتحكم في المفاصل الأساسية للتطور العالمي،فارضة هيمنتها على أفاق التطور الدولي ، ويأتي هذا في سياق محافظتها على الإحتكارات التي تشكل أحد أهم مصادر الهيمنة الدولية.
لقد أكد الدكتور سمير أمين على أن الدول الكبرى مازالت تحافظ على موقعها المسيطر بإبقاء هيمنتها على الإحتكارات الخمسة : المبادرة التكنولوجية ، مراقبة حركة التدفقات المالية العالمية ، السيطرة على الموارد الطبيعية للأرض ، التحكم بوسائل الإعلام والاتصالات وأخيراً وليس آخراً إحتكار أسلحة الدمار الشامل . (1)
إن احتكار الدول الكبرى للصناعات الفائقة التطور ، إضافة إلى عدم عولمة القوى العاملة الحية.. يؤكد بأن الرأسمالية الراهنة لم تنتقل بعد إلى مرحلة نوعية جديدة رغم المتغيرات الكثيرة التي طاولت تطورها والتي يمكن إدراجها في سياق التغيرات الكمية التي لم ترتقي لتكون تعبيراً عن نظام رأسمالي معولم ، ليبقى حتى الآن مشروعاً في سياق السيرورة .... . (2)
إن التطورات التكنولوجية الحاصلة أثرت بشكل واضح على وسائل الإتصال محدثة ثورة في عالم المعلومات ، يتضاءل فيها دور الصحافة المكتوبة أمام تزايد دور المحطات الفضائية و الأنترنيت المخترق لكافة الحدود ، بحيث لم يعد مجدياً مواجهة الثورة المعلوماتية بالوسائل التقليدية التي مازلت تتبعها بعض الدول ، ويجب أن نلاحظ بأن الدول المتقدمة وكبريات الشركات الإعلامية شعرت بأهمية الأنترنيت وخطورته على استمرار سيطرتها الإعلامية ، لذلك فإنها إشتغلت على إيجاد الحلول المتناسبة مع التطورات الحاصلة وتوظيف الثورة المعلوماتية للمحافظة على استمرارها ، و قد أوضحت الإحصائيات على إنخفاض معدلات توزيع صحيفة الوشنطن بوست من 62,8 مليون نسخة عام 1985 إلى 55,2 مليون نسخة عام 2002 ، وقد تحول الكثير من متابعين الصحف إلى متابعة القنوات الفضائية والمحطات الإذاعية والإنترنيت ، ولذلك نرى بأن كافة الصحف قد خصصت مواقع خاصة بها على الشبكة الدولية إضافة إلى إتباع أساليب التشويق والإثارة على صفحات جرائدها ، وإرسالها للمشتركين عبر البريد الكتروني ، ومع كل هذا لم تزل الصحافة المكتوبة حتى الآن تخضع لمصالح مالكيها وتوجهاتهم السياسية .(3) ويمكن أن نشير هنا إلى أن محرك الأبحاث الشهير google يرجع بصفة دائمة ومستمرة إلى أربعة آلاف وخمسمائة مصدر من مصادر الأخبار ، يستمد منها المعلومات التي أوردت تلك المعلومات التي يتولى نشرها لحظة تسلمها مع الإشارة طيلة الوقت إلى جميع المصادر التي أوردت تلك المعلومة وهو ما تعجز عن فعله وسائل الإعلام الأخرى .... هناك من يتحدى أنه لايمكن أن يمر أكثر من عشرين دقيقة على وقوع أي حدث مهما كان صغيراً في أي مكان من العالم دون أن يتم نشره على الشبكة العالمية. وفي أحد المؤتمرات الأخيرة ذكر مدير البحوث والتنمية في YAHO أن حجم الشبكة العامة يستوعب أربعين بليون صفحة وأنه يضاف إلى هذا العدد في كل لحظة عدة آلاف جديدة من الصفحات ،......(4)
أمام التزايد الكمي الكبير للمعلومات و تعدد الوسائل الإعلامية فإن الفرد لم يعد يكتفي بما يتلقاه من أخبار ومعلومات من وسائل الإعلام المحلية ، وأكثر من ذلك فأنه لم يعد يكتفي بدور المتلقي للمعلومات بل يساهم عبر الأنترنيت بنشر آرائه ، و ما يتوفر لديه من معلومات ، ويساهم في حوارات مفتوحة ومباشرة ، ويبحث عما يريده في أي وقت يشاء ومن أي مصدر يريد .
إن الثورة المعلوماتية الراهنة حولت الإعلام إلى ساحة مفتوحة للمشاركة ، لم يعد يجدي فيها محاولات المسيطرين على الوسائل الإعلامية في الكثير من دول العالم الثالث التحكم التقليدي بحركة التبادل المعلوماتي و التقييد على الحريات الإعلامية والسياسية .....إن ما وصلت إليه ثورة الإتصالات لايعني بأن نتائجها إيجابية بالمطلق فهي بقدر ما تحمل من إيجابيات فإنها تعاني من الكثير من السلبيات التي تتنافى مع الرسالة الإعلامية الهادفة إلى نشر المعرفة والتقريب بين الثقافات والشعوب ، وتبرز أحد هذه الإشكاليات في الميل المتزايد للسيطرة على الوسائل الإعلامية و توظيفها سياسياً واقتصادياً بما يتناسب مع الميول المصلحية للشركات الإعلامية وتوجيهها لأهداف معينة ورغبات محددة ، إضافة إلى تمركز ملكية الكثير من الوسائل الإعلامية بعدد محدود من الشركات وأصحاب الرساميل .
إن مكمن الخطورة في تحكم بعض الشركات الكبرى في الصناعة الإعلامية يتجلى في تزيف الحقائق أو إخفائها بما يخدم مصالح الجهات المالكة ، تراجع الإعلام الجاد والمسؤول أمام تزايد هجوم الإعلام السطحي المخاطب للغرائز والمكرس للوعي الإستهلاكي ، ميل الصحافة إلى الإثارة والإهتمام بأخبار المشاهير والفضائح السياسية والأخلاقية ...
أما في الدول المتخلفة ، ودول العالم الثالث عموماً فإن النخب السياسية المسيطرة توظف التطور الإعلامي لتأبيد سيطرتها على شعوبها في محاولات متكررة لعزل شعوبها عن تتبع المتغيرات والتطورات الحاصلة على الساحة الدولية ، وهذا يقتضي بالضرورة تقييد حرية الرأي وتقييد الحريات الإعلامية ، وقد تلجأ بعض دول العالم الثالث في محاولة منها لمجارات التطور الإعلامي إلى خصخصة بعض الوسائل الإعلامية أو فتح المجال أمام الشركات الإعلامية الخاصة ، لكن بقدر ما تحمل هذه الخطوات من إيجابيات وتحديداً تقليص هيمنة وسائل الإعلام الرسمية وتكريس التعددية في مجالات العمل الإعلامي التي تفسح المجال لظهور آراء وشخصيات سياسية وإعلامية جديدة ، وإبراز أهمية وضرورة تعدد وتنوع المصادر الإعلامية ... ، فإن السياق الطبيعي لتطور القطاعات الإعلامية الخاصة يقود إلى تحكم رأس المال الخاص في توجيه السياسات الإعلامية بما يتلائم مع مصالح أصحاب هذه الرساميل ، ومن الممكن أن تتحول إلى أدوات تخدم هيمنة الشركات الإعلامية الكبرى المهيمنة عالمياً متحولة في سياق تطورها إلى احتكارات تدور في فلك السياسيات الاحتكارية العولمية . إن هذا لا يلغي ضرورة وجود صحافة حرة تكون معبرة عن الفعاليات السياسية والمدنية .. والدفاع عن حقها في البقاء ، لكونها تمثل وتعكس أهمية التنوع والإثراء والغنى الفكري والسياسي ....
إن الإعلام المعولم وتحديداً بعض الشركات الإعلامية الكبرى تساهم في تزايد حدة الانحلال الاجتماعي والأخلاقي من خلال ما تنشره وتروج له من أشكال ثقافية استهلاكية هدفها الأساسي تحقيق الربح . ولكن هذا يجب أن لا ينسينا الجوانب الإيجابية للثورة المعلوماتية التي قلصت المسافات وحدت من فاعلية الحدود الجغرافية القائمة لينمو شعوراً فردياً مؤسساً على عالمية المواطنة . إن السرعة الهائلة في نقل المعلومات وضعت كثيراً من الحكومات في مواجهة مكشوفة أمام شعوبها ، لم يعد يجدي معها التستر خلف الشعارات الكبرى ، والتذاكي على المواطنين وتضليلهم من خلال سياسيات إعلامية إيديولوجية لم تعد تتناسب مع المرحلة الراهنة ... لتتحول هذه السياسات في السياق العام للتطور لمجرد ردود أفعال تعبر عن حالة من اليأس والعجز أمام المتغيرات المتسارعة ، ولا تعبر إلا عن ميول متنحية سيتجاوزها التطور التاريخي عاجلاً أم آجلاً .
إن الحجم الهائل للمعلومات والسرعة الكبيرة في تبادلها ، إضافة إلى تنوع وتعدد المصادر الإعلامية ساهم بشكل واضح في تزايد إمكانيات الحوار والتقارب بين الثقافات العالمية السائدة مما يساهم في تغيير المنظومات القيمية والأخلاقية والثقافية السائدة ، وكشف مكامن الضعف في هذه المنظومات ، لتتصاعد في بعض اللحظات حدة المواجهات بين رموزها وممثليها مما يعزز ويزيد من حدة التعصب والأصولية المذهبية والفكرية الأيديولوجية ، المتحددة بالمصالح السياسية والإقتصادية .. إن الثورة المعلوماتية تضع بعض الإيديولوجيات أمام اختبار إنحلال أشكالها السائدة المعيقة لحركة التطور التاريخي مما يؤدي نسبياً إلى تزايد إنتشار ظاهرة الأصولية السلفية وتعبيراتها الإيديولوجية في سياق يؤكد بأن الإنسان في الدول المتخلفة عموماً يتمسك بما هو قائم ، ليس رغبة منه برفض التغيير بل خوفاً من أي جديد ، ذلك لافتقاده السيطرة على حاضره ، وخوفاً من تغيير لا يمتلك أدواته إضافة إلى تزايد المد الديني الأصولي بأسوأ تجلياته السلفية رجعيةً ومكمن الخطورة إضافة لما سبق يتجلى في ترابط لحظة التغيير مع سيادة الاستبداد الشمولي القائم على تغييب المجتمع عن ساحة الفعل والمشاركة السياسية والمدنية المستقلة .
أخيراً نصل إلى نقطة مفادها بأن النخب السياسية الراهنة والأشكال الثقافية السائدة في معظم الدول المتخلفة ودول العالم الثالث في مواجهة مكشوفة وصعبة يؤسس لها ويساهم فيها بشكل واضح الإعلام المعولم .

=====================================================
1ــ دـ سمير أمين : الإقتصاد السياسي للتنمية في القرنين العشرين والواحد والعشرين . الطبعة الأولى ، دار الفارابي الصفحة ــ 187ــ
2ــ راجع : تحديدات أولية في العولمة ونمط الإنتاج المتمحور حول الذات : معتز حيسو ، الحوار المتمدن .
3- راجع : الصحافة .. ومستقبلها الغامض . د : أحمد أبو زيد ،مجلة العربي العدد 567 فبراير2006 الصفحة ــ 30 ــ 34 .
4ــ راجع : التكنولوجية الرقمية والإعلام الجديد . د: أحمد أبو زيد ، مجلة العربي العدد 577 ديسمبر الصفحة 144 ــ 145 .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انتهى ....



#معتز_حيسو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة الوعي الإجتماعي
- تجليات العولمة الثقافية
- المناهضة في زمن العولمة
- تحديدات أولية في العولمة ونمط الإنتاج المتمحور حول الذات
- قراءة في الخارطة الجيوسياسيةواحتمالات المرحلة المقبلة
- جدل اللحظة الراهنة
- الوهم الديمقراطي
- ضرورة التلازم بين المستويين الديمقراطي والتنموي في ضبط التنا ...
- الرأسمالية الراهنة
- بحث في الدولة _ السلطة - المجتمع


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - معتز حيسو - الإعلام المعاصر