طالب كاظم محمد
الحوار المتمدن-العدد: 8231 - 2025 / 1 / 23 - 20:58
المحور:
الادب والفن
غالبا نمضي الوقت بتبادل الذكريات، ليس لاننا نعيش سنواتنا الاخيرة ولم يعد هناك ثمة امل بذكريات جديدة، في حقيقة الامر، اننا نعيش اكثر اعوامنا متعة بعد ان تحررنا من الهواجس، التي كانت في وقت مضى تطرا فجأة وتقتحم تفكيرنا بتخريب مزاجنا، كما كان يحدث في سنوات بعيدة، كل شيء بات الان واضحا وهادئا ومنسجما، يشغلنا الجمال عما سواه، نتطلع في الوجوه والاشياء والنوارس والمعاطف والقباب المزججة بالفسيفساء والكتب المستعملة التي افترشت الارصفة وجوه الاطفال وابتساماتهم والنساء الجميلات والصبايا الحالمات والفتيان بازيائهم المشاكسة كل شيء على جبهتنا، التي كانت يوما ما محتدمة بات هادئا، صاحبي اخبرني بانه فتك بالكثير من العصافير قال بانه اباد اسرابا من العصافير بل انه عد مرجعا في صناعة " المقلاع" او " المصيادة" بالعامية العراقية، فهو ينتقي انبوبا مطاطي، الذي يستخدم في اطارات الدراجات الهوائية، ويفضل ان يكون من عجلات الدراجة "فليبس" الانكليزية، ويختار جسم المقلاع من عضن قوي متصل القاعدة، اخبرني بان مقلاعة لم يخطيء هدفه يوما طوال سنوات عديدة مارس فيها هوايته المفضلة : قتل العصافير
اما الان فهو كلما راى عصفور ، غالبا يحدث الامر امامي يضم راحتي يديه كما يفعل كهنة البراهما الهنود، ويطلب المغفرة من سرب عصافير وجدت ضالتها للراحة في شجرة السدر القريبة من الجامع، الذي يطل على شارع الجمهورية قرب محلة البارودية، ويقول بصوت مشحون بالعاطفة
- انا اعتذر لاني سببت لاسلافكم الما كبير
ثم يلتفت الي كمن يحاول ان يخفي شعوره بالاسى، كان مشهدا مؤثر بل انه اعادني الى طفولتي لاني لم اسبب الاذى لنملة فما بالك بعصفور، بل انني مازلت اتذكر ما قمت به في احد الايام حين كنت في الخامسة اذ وجدت عصفورا ميتا متخشب الاطراف وصادف ان وجدت بالقرب منه قنينة مشروب سبرايت بعنق مكسور، وضعت العصفور بداخل القنينة واسرعت بدفنتها في الارض، حتى بعد عقود طويلة لازلت اتذكر مكان قبرالعصفور .
#طالب_كاظم_محمد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟