أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بشير الحامدي - نسيان














المزيد.....

نسيان


بشير الحامدي

الحوار المتمدن-العدد: 8225 - 2025 / 1 / 17 - 02:59
المحور: الادب والفن
    


لماذا استيقظتُ في مثل ذلك الوقت تحديدا؟
لماذا استيقظتُ في ساعة الغرباء. ساعة الفصل بين ليل حطّ بكلكله عليّ وأضناني وأرهق روحي كسجن يفترسني.
الصبح أيضا يضنيني ويرهق روحي لفرط المسافات والخطابات المعادة التي لم تعد تجدي لتُحْيِي المعاني وتدفع بها للحياة.
كنت أعرف نعم كنت أعرف أنّ هدوئي كان غريبا.
كنت أعرف أنّ سكوني كان أغرب.
كنت أعرف...
كنت أعرف إنّني لست أنا وإن ما سيحدث زلزال وإنّني مقدم على هول.
كنت أعرف أني أداوي الجرح بالصمت والهدوء. ولكني كنت متيقنا أنّني أرتجف وأن اللوعة كانت بطعم المرارة أو أشدّ.
وأنّني سأنفجر في لحظة ما.
كنت أعرف أنّني أتصدع وأنهار. كنت أعرف إنّني أداري.
ولكني كنت أكابر.
ربما كان خوفي وراء كل ذلك.
ربما كان يقيني بأنّ السقف سيبقى سليما والأركان وأن ما يمكن أن يحدث من خدوش لاشك لن تؤثر.
فالوقت والأيام كفيلة بإزالتها.
ربما كان كل هذا وراء هدوئي ربما.
بعد كل الذي حدث كانت تنتابني رغبة في التصدّع أكثر والانهيار أكثر.
كنت أعرف أنّ هذه اللحظة آتية.
ولكنّني كنت موغلا في النسيان.
هل كان نسيانا ؟
لا ...
كان تناس.
لو لم يكن تناس لما عاودني الجرح وانفتح من جديد وكدّس على كاهلي كل هذه الآلام والأوجاع التي تضني وتضني.
ما أشد أن تصاب بأوجاع الأسئلة والحيرة.
ما أشد أن تضنيك الأجوبة.
وما أشد على النفس أكثر أن تشعر أنك لا تقيم في غير المنطقة الوسطى.
ما أبشع الوسط
ما أبشع اليمين
ما أبشع حتّى اليسار
ما أبشع حتّى يسار اليسار.
كل الاتجاهات مستقرّة في هدؤئك وأنت الواقف على عتبة الأشياء ليس لك من تصريف غير تصريف الكلام.
لماذا حدث كل الذي حدث.لماذا حدث لكِ كل هذا
أَحدث الذي حدث لأنه موعود لكِ الطّرقات الوعرة وموعودة لكِ المسافات كما موعود لكِ السفر الأبدي.
أحدث لكِ كل ما حدث لأنك سليلة الغربة غربة في المكان وغربة في الزمان.
وهل كان من اللزوم أنّ تضاف لهما غربة الروح.
لماذا كتبتِ قبل الذي حدث وبفاصل زمني قصير قصير وكأنك تعلمين ما سيحدث.
أولسنا في الأخير لا نشبه إلا أنفسنا لا نشبه إلا صورنا.
ألا تعلمين لما تشوّهت الصّورة؟
لماذا كتبتِ قبل أنّ يحدث ما حدث: الصورة مشوّهة.
شوّهها الفيروس ولأنه لم يقدر على تحويل الرمز غيّر في ما يسمى بالدلالة.
لماذا كتبتِ: أولسنا في الأخير صور وحروف تذهب وتجيء.
لماذا كتبتِ كل ذلك؟
هل كنت تعلمين بكل ما سيحدث؟
***
بدأ النور يتسلّل إليكِ من نافذة غرفتكِ المقيمة فيكِ كعالمكِ وكففتِ عن الصّهيل كالحصان والتحفتِ من جديد بالصمت إلا أنه هذه المرّة صمت الواثق.
نعم خرجتِ من غرفتك تجمعين لوازم السفر فأنت على سفر وسلمتِ نفسك للطريق تعبرينه دون أن تلتفتي إلى الوراء كما كل الساعين من غرباء مدينتكِ.
ولأنه كان يعنيكِ الرّمز أكثر مما كانت تعنيكِ الصّور فقد عبرتِ منطقة التناسي إلى منطقة النسيان.

الكبارية تونس
2010



#بشير_الحامدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول تجربتي في لجنة التضامن التونسية من أجل إطلاق سراح جورج إ ...
- ما بهم الناس؟
- قصة قصيرة جدا. الحلم
- بدلتك يا هذا ملطخة بالدم
- ستة نصوص قصيرة جدّا
- نص: عندما كنت صغيرا
- نص الشعارات الميتة
- الواقف في الحلق كشوكة
- نصّ: ديسمبر على الأبواب
- قليل قليل من رحلة عمر
- قصيدة حب
- رصاصة في الجيب وأخرى في حقيبة السفر. كتابة تعود لسنوات السبع ...
- فصل ما قبل البداية من رواية - منتصر السعيد المنسي- الكتاب ال ...
- شيء من الذكرى قبل أن يزحف عليها النسيان
- جزء قصير من الفصل الثالث من كتاب - منتصر السعيد المنسي- الكت ...
- من الكتاب الثالث من ثلاثية -ورقات من دفاتر ناظم العربي- الذي ...
- ليته لم يمت
- جزء قصير من الفصل الثاني من نص منتصر السعيد المنسي عنوان ا ...
- المقطع الرابع من الفصل الثاني من نص -منصر السعيد المنسي- الك ...
- من كتاب منتصر السعيد المنسي . الكتاب الثالث من ثلاثية ورقات ...


المزيد.....




- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...
- كتاب -رخصة بالقتل-.. الإبادة الجماعية والإنكار الغربي تحت مج ...
- ضربة معلم من هواوي Huawei Pura 80 Pro.. موبايل أنيق بكاميرات ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بشير الحامدي - نسيان