يعيش الرفيق فهد مؤسس الحزب الشيوعي العراقي وباني كيانه في قلوب الشعب العراقي التي تسقي بدمائها اجيال متعاقبة من الشيوعيين وفي افكار طلائعه الثورية والتقاليد والمثل الاخلاقية التي رسخها في ضمائرهم وتجسدت بآلاف المواقف والصور البطولية والمؤثرة على الصعيد الوطني والعالمي . فهذا النهوض الجبار لشعبنا بعد خمسة وثلاثين عاما من اقسى واوحش نظام دكتاتوري جمع بين كل وسائل اعداء البشرية القديمة والحديثة، والذي تجسد بالانعطاف نحو حزب فهد الذي كرس النظام الدكتاتوري معظم ترسانة ارهابه لمحو اثره، ادهش الاعداء والاصدقاء واصبح مثلا يقتدى من قبل جميع شعوب العالم يعزز ثقتها بقدراتها ويشحذ هممها بعكس ما كان يرمي اليه اعداء البشرية من تقديمه مثلا لتركيع الشعوب واخضاعها لهيمنتهم. وإذ تمتحن البشرية مرة اخرى في تحديها لاشد اعداء البشرية بطشا وارقاها تسليحا وتكنولوجيا في معركة غير متكافئة يواجهها شعبنا الاعزل الا من سليقته الثوريه وتجاربه الغزيرة التي بلورها فهد وجسدها حزبه والملايين من ابناء شعبنا ، معركة تحرره من الاحتلال الامريكي الذي فرض عليه تحت ستار تحريره من الدكتاتورية.
لقد وهب فهد حياته وكرسها لتحرير شعبنا من الهيمنة الامبريالية ووضع كل الاسس لتحقيق ذلك وفي مقدمتها الاستراتيجية الواضحة لمرحلة التحرر الوطني، حدد فيها الامبريالية العدو الرئيس لشعبنا ولجميع شعوب العالم واداتها الانظمة الرجعية والدكتاتورية، التي لا تتوانى عن استبدالها حينما تستنفذ مهمتها في خدمة اهدافها او عندما يفتضح امرها وايغالها في جرائمها لتثير الراي العام العالمي ضدها كما فعلت وتفعل اليوم بدكتاتورية صدام حسين التي دعمتها وتغاضت بل ووجهت معظم جرائمها بهدف تركيع شعبنا.
كان هدف الامبريالية البريطانية في عهد فهد، من هيمنتها على بلادنا قبل نصف قرن استثمار خيراته النفطية وتحويله الى بؤرة للتآمر على العالم العربي اما هدف الامبريالية الامريكية اليوم من احتلالها العراق فلا يقتصر على استثمار ثروته النفطية بل وعلى 80% من الاحتياطي العالمي الذي تنتجه المنطقة وبذلك تهيمن على اقتصاديات حتى الدول الراسمالية المتطورة مثل اوربا واليابان. وتستخدم اراضيه منطلقا للهيمنة على عموم المنطقة وادارة قواعدها والصرف عليها وميدانا لتجارب اسلحتها المتنوعة.
فالامبريالية اليوم اشد خطرا وفتكا على شعبنا وعلى عموم البشرية مما كانت في اواسط القرن الماضي. وإذ ربط فهد دائما بين النضال الوطني والنضال الاممي فان هذا الترابط اليوم يكتسب اهمية اكبر. فبقدر تصاعد الترابط العالمي لقوى الراسمال يتصاعد الترابط العالمي لقوى البشرية المناهضة له. ولم يعد بمقدور أي شعب التحرر من الهيمنة الامبريالية بمعزل عن دعم وتضامن شعوب العالم وقواها الفعالة. والى جانب ذلك ركز فهد على الطابع الوطني للحزب وعلى دور الشعب العراقي الحاسم في النضال، فقال امام المحكمة الكبرى عام 1947:"انني وطني لي تيار خاص في الحركة الوطنية وهو ما يسمى بالشيوعية، ولم ار أي تمايز في معتقدي الوطني قبل ان اكون شيوعيا سوى انني اشعر بمسؤولية اكثر تجاه وطني"حارب فهد دائما خطر التهويل من قدرة الامبريالية وكشف زيف الشعارات الامبريالية في ذلك العهد مثل "بريطانيا العظمى قوة لا تقهر وامبراطورية لا تغرب عنها الشمس"! وعلينا اليوم تعرية شعارات مثل:" امريكا القطب الاوحد والاعظم ولا مرد لارادتها"!! ولنتذكر دائما مصير الامبراطورية البريطانيا والفاشية الهتلرية.
كما نتذكر الحملة العالمية الجبارة لدرء الحرب على بلادنا والدعم القوي لنضال شعبنا من اجل التحرر من الاحتلال. وتبقى القضية قضيتنا بالدرجة الاولى وعلينا مواجهتها.
واستطاع فهد من خلال هذا الترابط بين النضال الوطني والاممي ومن خلال الاستراتيجية الواضحة من تحويل الحزب الشيوعي العراقي في غضون عشرة اعوام الى حزب جماهيري ونقل الحركة الوطنية الى مرحلة نوعية بتبنيها لهذه الاستراتيجية التي عبر عنها "ميثاقنا الوطني " الذي اصبح محفزا لتلاحم القوى الوطنية :
المدنية والعسكرية، العربية والكردية ومن سائر القوميات والطوائف والاديان وكان الاساس لميثاق "جبهة الاتحاد الوطني " والمفجر لثورة 14/تموز/1958.
وإذ حدد فهد في استراتيجيته الهدف الرئيس باقامة العراق الديموقراطي الحر تحت شعار "وطن حر وشعب سعيد" ووضع الاسس لهذا النظام الديموقراطي والاقتصاد المزدهر والتقدم الاجتماعي والثقافي، لا تزال تحتفظ بحيويتها، ترك لطلائع الشعب وضع البرامج التفصيلية لتحقيق ذلك وفقا لتطور الظروف. وركز على سبل ووسائل تحقيق ذلك وفي مقدمتها وحدة القوى الوطنية.
تشكل الاستراتيجية الواضحة باعتبار الامبريالية العدو الرئيس والهدف الرئيس التحرر من الاحتلال وبناء العراق الديموقراطي المزدهر الاسس التي يجب ان تقوم عليها وحدة القوى الوطنية . وفي كل منعطف تاريخي مر به شعبنا واضطربت فيه الموازين، زاغت هذه الاستراتيجية عن انظار القوى الوطنية وانشغلت عنها باهداف ومواقف فئوية شتت قوى الشعب ومكنت الامبريالية من استعادة مواقعها وفرض هيمنتها من جديد بانقلابات عسكرية وفرض دكتاتوريات مرعبة وكل هدفها تركيع شعبنا واخضاعه لهيمنتها. فهل ستسمح القوى الوطنية لنفسها في هذا المنعطف التاريخي الحاسم بين العبودية المظلمة التي ترسخها قوات الاحتلال وبين التحرر والازدهار ، بالزوغان عن استراتيجية فهد باركانها الثلاث: وتتحمل مسؤولية تاريخية وطنية وعالمية ام ستسارع للتوحيد صفوفها وانقاذ شعبنا من المصير المظلم لاسيما وقد صاغ فهد سبل تحقيق الوحدة الوطنية؟ وذلك من خلال:
-الاهتمام في تعبئة وتنظيم الجماهير من اجل تحقيق اهدافها الانية وفي مقدمتها التنظيم النقابي العمالي والتنظيم الديموقراطي للفلاحين والتنظيم الديموقراطي للمرأة والطلبة والشبيبة ودعم المنظمات المهنية لجميع فصائل الشعب ومساعدتهم على بلورة اهدافهم وادارة شؤونهم، وتدريبهم على مختلف اشكال الكفاح وربط كل ذلك بالهدف الرئيس التحرر من الاحتلال.
-الحل الديموقراطي للقضية الكردية انطلاقا من مبدأ حق الامم صغيرها وكبيرها في تقرير المصير فكتب عام 1945في جريدة الحزب المركزية "القاعدة" في العراق قوميتان كبيرتان رئيسيتان هما العرب والاكراد، يتحكم بهما على السواء الاستعمار ويساعد الاستعمار في تحكمه الاقطاعيون والملاكون الكبار وباقي عملاءالاستعمار من العرب والاكراد . واذا كان لجماهير العرب و الاكراد عدو احد، فما هو واجب الوطنيين العراقيين من العرب والاكراد؟ لاشك النضال ضد هذا العدو المشترك هذا هو جوهر المسألة" . ونبه فهد القوى السياسية الكردية قائلا " اننا ننبه اخواننا الاكراد الى ان قضيتهم الوطنية مرتبطة بقضية العراق التحررية وان حرية الاكراد في العراق لا تاتيهم عن طريق الوعود الاستعمارية من هذا المستر او ذاك، بل بالنضال المشترك من اجل قضية العرب والاكراد قضية استكمال استقلال العراق ومن اجل الديموقراطية".
-كسب القوات المسلحة الى جانب الشعب انطلاقا من القوانين الاساسية للثورة التحررية التي تقضي بنزع سلاح الطبقات الحاكمة بكسب الفئات الديموقراطية في القوات المسلحة . وإذ عمدت قوات الاحتلال الى حل الجيش العراقي باعتباره جيش صدام فان معظم قواعد الجيش العراقي وضباطه عانوا الامرين من دكتاتورية صدام لتأكده من انهم من ابناء هذا الشعب بكل فصائله الذي نصب لتركيعه واعداده للقبول بالاحتلال كاهون الشرين! واستبدلهم باجهزة عسكرية بربرية على شاكلته من حرس جمهوري واشبال صدام وجيش القدس و..الخ فان هذه الجماهير التي اضاعفت قوات الاحتلال من وسائل اذلالها هي قوة مدربة ومسلحة لايمكن للقوى الوطنية التخلي عنها سواء ان بقيت معطلة ام جرى ضمها الى الجيش الذي تعده قوات الاحتلال.
-توضيح الطريق الديموقراطي لتحقيق طموح الشعوب العربية للوحدة هذا الطموح الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بتحرر كل الشعوب العربية من الهيمنة الامبريالية وتطلعها نحو انظمة ديموقراطية كما يرتبط بالنضال ضد الصهيونية التي اصبحت تهدد ليس بتصفية القضية الفلسطينية فقط بل والامتداد من الفرات الى النيل بدعم ومساندة الامبريالية الامريكية .
وشخص الرفيق فهد احد الاشكال الرئيسية للتحالفات الوطنية وهي الجبهة الوطنية وناضل بثبات من اجل تحقيقها. واستطاعت القوى الوطنية بهدي توجيهاته من تحقيق اشكال من الجبهات الوطنية وحقق شعبنا في اثنائها انجازات هامة ما لبثت ان انهارت مع انهيار تلك الجبهات. وعلى القوى الوطنية في هذا المنعطف الحاسم من تاريخ شعبنا البحث عن السبيل الملائم لتحقيق وحدتها وفرض ارادتها على قوات الاحتلال بعقد المؤتمر الوطني وتشكيل الحكومة الوطنية الائتلافية التي تعد مشروع الدستور وتجري النتخابات الحرة باشراف الامم المتحدة . وتطالب مجلس الامن بانهاء الاحتلال فورا وتعمل بكل الوسائل من اجل تحقيق ذلك تمهيدا لبناء العراق الديموقراطي المزدهر .
الذكرى العطرة لفهد ورفاقهستبقى افكار فهد نبراسا لكل مناضل من اجل وطن حر وشعب سعيد!
6/7/2003