نداء الى شباب انتفاضة آذار المجيدة

سعاد خيري

الحوار المتمدن-العدد: 258 - 2002 / 9 / 26 - 01:59
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

لقد ابهرتم بانتفاضتكم المجيدة في آذار/1991، العالم اجمع كما يبهر ابطال

انتفاضة فلسطين العالم اليوم ، وعلمتم الطغاة واسيادهم الامبرياليين ان الشعوب

لايمكن ان ترضخ للذل والانتهاك لحريتها وكرامتها مهما غالوا وتجبروا. وإذ فشلت
انتفاضتكم في تحقيق هدفها وقدم شعبنا ما قدم من تضحيات غالية وقدم كل منكم ما

قدم من تضحيات وما تكبد من معاناة في اثنائها وبعدها وحتى اليوم وبعد احد عشر

عاما، فان الخسارة الاعظم هي في خسارة دروسها .

كان من اهم دروس انتفاضتكم هو تشخيص اسباب فشلها الذاتية والموضوعية لتلافيها

في نضالاتنا المقبلة من اجل التحرر من الدكتاتورية والهيمنة الامريكية. وإذ كان

في مقدمة الاسباب الذاتية لفشلها هو غياب القيادة السياسية الموحدة، فان في

مقدمة العوامل الموضوعية هو مساعدة قوات التحالف ولاسيما القوات الامريكية

لصدام على قمع الانتفاضة.

ان افضل سلاح بيد الادارة الامريكية اليوم لتركيع شعوب العالم لهيمنتها هو

نسيان كل تجاربها التاريخية و"تريها الموت كي ترضى بالحمة "كما يقول المثل

الشعبي . واية حمة!! فحمة الاحتلال والهيمنة الامريكية عموما اقسى من الموت .

فالادارة الامريكية اليوم تضع البشرية في توتر مستمر ورعب دائم من الحرب وبما

تملكه من اسلحة الدمار الشامل على الارض والفضاء لتستسلم لهيمنتها بدون مقاومة،

تماما كما فعل هتلر في الحرب العالمية الثانية حيث استسلمت لقواته دول عظمى مثل

فرنسا بدون قتال بدافع الرعب. ان تاريخ الشعوب عامة وشعبنا خاصة مليء بالتجارب

والدروس التي تحصننا ضد هذه الاساليب المضللة.

ألم تحتل بريطانية العراق بعد الحرب العالمية الاولى تحت شعار "جئناكم محررين

لا محتلين" ولم يخرج اخر جندي بريطاني من العراق الا بعد ثورة 14/تموز/1958؟

وبعد معاناة اربعين عاما من الفقر والجل والمرض، وبعد ان قدم شعبنا من اجل

التحرر من التبعية الاف الضحايا واكثر من ذلك لحماية استقلال البلاد؟

فهل اذا دخلت القوات الامريكية الى العراق لتحررنا من صدام ستخرج منها ؟ ففي أي

بلد دخلت القوات الامريكية وخرجت منه منذ الحرب العالمية الثانية حتى يومنا

هذا؟

وهل دخلت القوات الامريكية بلدا وحملت له الديموقراطية والاستقرار ؟ ولماذا إذن

تطالب الادارة الامريكية بمنح قواتها حصانة ضد تقديمهم لمحكمة مجرمي الحرب؟

فرغم كل التعتيم الاعلامي الذي تسيطر عليه الادارة الامريكية فان جرائم قواتها

حيثما حلت تفوق جرائم برابرة القرون الوسطى. من تقتيل وافقار واذلال وافساد

واغتصاب .

وتجربتكم الرائعة في الانتفاضة. ألم تحم قوات التحالف الدكتاتورية من انتفاضتكم

بالسماح لها باستخدام الطائرات لمحقكم ؟ ألم تخذلكم ولم تقدم لكم السلاح؟ ألم

تحاصركم ولم تبقي سوى منفذ مخيم رفحة امامكم؟ ألم تشهد قواتها التنكيل بكم

وبعوائلكم من مجازر ومحارق دون ان تحرك ساكنا؟ كما تسكت وتجبر دول العالم على

السكوت عن جرائم شارون بحق الشعب الفلسطيني؟

هل كان صدام سيجرأ على كل ما اقترفه من جرائم بحق شعبنا من قتل وتدمير وحروب

داخلية وخارجية واستخدام الاسلحة الكيمياوية لولا حماية امريكا له، طوال ما

يزيد عن ربع قرن، ورفضها كل محاولات شعبنا لمحاكمته كمجرم حرب ومجرم بحق

الانسانية؟ وهل استفاقت اليوم لتتذكر كل جرائمه لتحرير شعبنا منه باحتلال

العراق اما من خلال الحرب او الاستسلام رعبا بدون حرب؟.

هل يمكن لاي فرد من الشبيبة المجربة ان تنخدع بالدعاية الامريكية وتتطوع للحرب

من اجل الخلاص من الدكتاتورية؟ هل يمكن لليأس والالام ان تبرر لاي عراقي ان

يبرر لنفسه ذلك ؟ ان كل جرائم صدام جاءت بتخطيط الادارة الامريكية من اجل ان

توصل شعبنا الى هذه المرحلة من اليأس ، لكي نستسلم. كما ان كل جرائم شارون بحق

الشعب الفلسطيني مخطط لها بهدف ايصال الشعب الفلسطيني الى هذا الحد من اليأس

ليستسلم ويقبل بالاحتلال الصهيوني.

لقد اثبت شعبنا كما يثبت الشعب الفلسطيني يوميا بانه لايرضخ ولا يستسلم

للاحتلال الامريكي والصهيوني، الذي يهدد ليس الشعب الفلسطيني وشعبنا فقط بل

والبلدان العربية كلها. ان شعبنا والشعب الفلسطيني اليوم يتحملان مسؤولية

تاريخية جبارة.

كلنا ثقة بشبيبة العراق عموما وشبيبة انتفاضة آذار المجيدة بالوقوف ضد الحرب

الامريكية وضد الدكتاتورية والنضال من اجل تحرير شعبنا من الدكتاتورية والهيمنة

الامريكية وبذلك يساهمون بانقاذ الشعوب العربية وعموم البشرية.

سعاد خيري  في 23/9/2002

 الطريق

 

#سعاد_خيري (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل