الريد بيل Red pill: فلسفة جديدة لفهم العلاقات بين الجنسين وتحدي الأيديولوجيا النسوية

أحمد زكرد
باحث في مجال الفلسفة و العلوم الانسانية
(Ahmed Zakrad)

الحوار المتمدن-العدد: 8198 - 2024 / 12 / 21 - 20:15
المحور: قضايا ثقافية
    

الريد بيل (Redpill) أو "الحبة الحمراء" هي فلسفة اجتماعية وذكورية نشأت في السنوات الأخيرة، وركزت على فهم العلاقات بين الرجل والمرأة من منظور نقدي لظاهرة النسوية في المجتمعات الغربية. ظهرت هذه الفلسفة للمرة الأولى في عام 2012 على موقع "ريديت" (Reddit)، وسرعان ما اكتسبت شعبية كبيرة بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصًا في مجموعات اليمين البديل والمتفوقين البيض وحركات "المانوسفير" (Manosphere). واستمرت في النمو، وأصبحت تحمل معها سلسلة من القيم والأفكار التي تتعلق بالعلاقات بين الجنسين وحقوق الرجال.
ما هو الريد بيل؟ مصطلح "الريد بيل" مستوحى من الفيلم الشهير "المصفوفة" (The Matrix) لعام 1999، حيث يعرض البطل، نيو، خيارًا بين حبة حمراء وحبة زرقاء. الحبة الحمراء تمثل الحقيقة الكاشفة، حيث تفتح عينيه على واقع صادم ويخرجه من عالم الأوهام، بينما الحبة الزرقاء تجعله يستمر في حياته المريحة دون مواجهة الواقع. وطبقًا لهذه الفلسفة، فإن "أخذ الحبة الحمراء" يعني أن الرجل قد قرر أن يفتح عينيه على "الحقيقة المرة" حول النساء، والعلاقات بين الجنسين، والنظام الاجتماعي المهيمن الذي يعتبر أنه يحابي النساء على حساب الرجال.
الفلسفة وأساسياتها تعتبر الريد بيل فلسفة تهدف إلى توعية الرجال حول القوانين النسوية والأيديولوجيات الأنثوية التي تغلغلت في المجتمع، والتي يُنظر إليها على أنها عوامل رئيسية تؤثر سلبًا على حقوق الرجل. تسعى الحركة إلى تحليل وتفكيك الأيديولوجيات النسوية السائدة، وتحقيق الوعي الذكوري حول طبيعة العلاقات بين الجنسين، وأيضًا كيفية تعامل الرجال مع هذه العلاقات بشكل أكثر وعيًا.
يعتمد أنصار الريد بيل على مجموعة من المفاهيم من العلوم الاجتماعية مثل علم النفس، وعلم الاجتماع، وعلم الإنسان. ومن خلال هذه العلوم، يهدفون إلى تفسير سلوك المرأة، وفهم كيفية تأثير الأيديولوجيا النسوية على المجتمع بشكل عام، وعلى حياة الرجال بشكل خاص. ويركز أنصار الحركة على نشر هذه المعرفة بين الرجال عبر المدونات، ومجموعات الإنترنت، وفيديوهات يوتيوب.
أيديولوجية الريد بيل وموقفها من النساء فيما يخص علاقتها بالنساء، فإن الريد بيل لا تدعو إلى كراهية النساء، ولكنها ترى أنه يجب على الرجال أن يكونوا واعين بما يكفي ليفهموا ما يعتبرونه "التوغل النسوي" الذي أثر على قوانين الزواج، الطلاق، والحضانة. يرى مؤيدو الحركة أن الرجال قد أصبحوا ضحايا للظروف الاجتماعية التي تروج لفكرة أن النساء هن ضحايا دائمين، بينما في الواقع، هم يرون أن العديد من القوانين تدفع الرجال إلى تقديم تضحيات كبيرة دون ضمانات عادلة.
تؤمن الريد بيل بأن الكثير من الأفكار الشائعة حول النساء في المجتمع الغربي هي أفكار غير حقيقية، ويجب على الرجال أن يتجاوزوا هذه الأفكار لمصلحة أنفسهم. من الأمثلة التي يطرحها أنصار الريد بيل على ذلك هي فكرة "الأنثوية الملائكية"، حيث يُعتقد أن النساء لطيفات وعادلات بطبيعتهن، وهو ما يرونه غير صحيح، بل إن النساء أيضًا قد يكن لديهن مصالح وأنماط سلوكية تتأثر بالقوى الاجتماعية السائدة.
الريد بيل والزواج على الرغم من أن الريد بيل لا تعارض الزواج بشكل عام، إلا أن العديد من أتباع الحركة يعتبرون أن قوانين الزواج في الوقت الحاضر مجحفة بحق الرجل. ويُنظر إلى الزواج، في إطار فلسفة الريد بيل، على أنه علاقة غير متكافئة حيث يتم استغلال الرجل في القضايا المتعلقة بالنفقة، الحضانة، والطلاق. يرى البعض أن الرجل غالبًا ما يتحمل عبئًا ماليًا وصحيًا في هذا النوع من العلاقات، بينما قد تستفيد المرأة من بعض الامتيازات غير العادلة.
لذلك، يحث أنصار الريد بيل الرجال على توخي الحذر قبل الإقدام على الزواج، والاهتمام بتطوير أنفسهم وزيادة وعيهم قبل اتخاذ هذه الخطوة، بحيث لا يتحولوا إلى "ماكينات صرف آلي" في نظرهم، وهي فكرة تعبر عن استغلال الرجل كوسيلة للحصول على المال والمزايا الاجتماعية من خلال الزواج.
الريد بيل مقابل الميغتاو (MGTOW) يتمثل الاختلاف الرئيس بين فلسفة الريد بيل وحركة MGTOW في مواقفهم من العلاقات مع النساء. في حين أن الريد بيل لا يعارض الزواج أو العلاقات، ولكنه يشدد على ضرورة أن يكون الرجل على دراية كاملة بالقوانين التي تحكم هذه العلاقات قبل أن يدخل فيها، فإن حركة MGTOW تتبنى موقفًا أكثر تطرفًا، حيث تدعو الرجال إلى تجنب جميع العلاقات مع النساء بالكامل.
يشير مصطلح MGTOW إلى "الرجال السائرون في طريقهم الخاص" ويُعتبر هذا التيار أكثر تطرفًا من الريد بيل. يدعو أتباع MGTOW الرجال إلى العيش بعيدًا عن النساء وعدم الخوض في علاقات زوجية أو حتى عاطفية. يعتقد هؤلاء أن النساء في الوقت الحالي لا يقدمن شيئًا ذا قيمة للرجل، وأنه لا فائدة من الزواج أو العيش مع امرأة في ظل القوانين النسوية الحالية التي يُعتقد أنها تحابي النساء.
الانتشار في العالم العربي على الرغم من أن الريد بيل بدأت في المجتمعات الغربية، إلا أن أفكارها انتشرت بسرعة إلى العديد من الدول العربية، خصوصًا في دول شمال إفريقيا. حيث بدأ العديد من الشباب العرب في تبني هذه الفلسفة من خلال صفحات ومجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي. وأصبح من الشائع أن يتبادل هؤلاء الشباب النصائح والخبرات حول كيفية التعامل مع النساء، وكيفية تجنب الوقوع في فخ "الاستغلال النسوي".
ورغم الجدل الذي يحيط بهذه الحركة، فإنها تعتبر جزءًا من النقاشات المثيرة حول حقوق الرجال في المجتمعات الحديثة. يعتقد أنصار الريد بيل في العالم العربي أن هذه الفلسفة توفر للرجال طريقة جديدة للتعامل مع الواقع، بعيدًا عن القيم التقليدية التي يعتبرونها غير عادلة في العلاقات بين الجنسين.
الخاتمة الريد بيل هي حركة اجتماعية وفلسفية معقدة تجمع بين جوانب من علم الاجتماع وعلم النفس والحقوق الذكورية. تشكل رد فعل على ما يُعتبر "التوغل النسوي" في المجتمعات الغربية، وهي تدعو إلى توعية الرجال حول حقوقهم وكيفية إدارة حياتهم وعلاقاتهم بطريقة أكثر وعيًا واستقلالًا. وعلى الرغم من أن فلسفة الريد بيل ليست ضد النساء بشكل عام، إلا أنها تنتقد بعض القوانين والظروف الاجتماعية التي يرون أنها تحابي النساء على حساب الرجال.

#أحمد_زكرد (هاشتاغ)       Ahmed_Zakrad#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل