كلمة الأمين العام للحزب الشيوعي التركي كمال أوكويان في الاجتماع الشيوعي الأوروبي: الحديث عن رأسمالية -أفضل- معاداة للماركسية

أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا

الحوار المتمدن-العدد: 8183 - 2024 / 12 / 6 - 08:06
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    

حضر وفد الحزب الشيوعي التركي الاجتماع الشيوعي الأوروبي الذي نظمه الحزب الشيوعي اليوناني في البرلمان الأوروبي. ساهم الأمين العام للحزب الشيوعي التركي كمال أوكويان في هذا الحدث، الذي نُظم تحت عنوان «الاتحاد الأوروبي للحروب الإمبريالية والاستغلال الرأسمالي و العداء للشيوعية وعمل لينين العابر للزمن بشأن الولايات المتحدة الأوروبية»، بخطاب.
 
فيما يلي النص الكامل لخطاب أوكويان "من الولايات المتحدة الأوروبية إلى الاتحاد الأوروبي: الثناء على رأسمالية "أفضل" معاداة للماركسية":
 
إن كتب لينين ومقالاته وخطبه كانت موجهة دائماً نحو هدف محدد. ورغم أنه كان كاتباً يتمتع بإتقان ممتاز للغة وخطيباً فصيحاً، إلا أنه كان دائماً يضع في ذهنه احتياجات النضال من أجل الاشتراكية التي كانت تتوافق مع تلك اللحظة بعينها؛ وبهذا المعنى كان لينين ثوريا لا يتفوه بكلمات غير ضرورية أو يضيع الورق.   

ولعل هذا هو السبب الذي يجعلنا عندما نقرأ أعماله الكاملة، التي تتألف من عشرات المجلدات، من البداية إلى النهاية، بما في ذلك النصوص البرقية القصيرة، نشعر وكأننا نقرأ "عملاً واحداً" متكاملاً، إبداعياً، ديناميكياً.   

ولكن لا يسع المرء إلا أن يتعجب من كثافة مقاله الذي نشره عام 1915 تحت عنوان "حول شعار الولايات المتحدة الأوروبية". وهو نص لا يتجاوز 1500 كلمة. مقال قصير، ولكنه بالغ الأهمية إلى الحد الذي يجعل من الممكن تأليف كتاب شامل عنه وتنظيم اجتماعات بشأنه كما نفعل الآن. 

لا شك أن كل نص يجب تحليله مع الأخذ بعين الاعتبار السياق التاريخي الذي كتب فيه، ولكن في نفس الوقت يجب الكشف عن قيمته المعاصرة وإعادة إنتاجه مع الأخذ بعين الاعتبار الوقت الذي مر دون خيانة الاتجاه الرئيسي الذي قصده المؤلف. 

وبناء على هذا الفهم، وبعد مرور 109 أعوام على نشر المقال، يمكننا الإدلاء بالملاحظات التالية "حول شعار الولايات المتحدة الأوروبية": 

1. ينبغي أن نأخذ هذه المقالة جنبًا إلى جنب مع أعمال لينين الأخرى التي كانت نتاجًا لموقفه تجاه الارتباك والأزمة والخيانة التي شهدتها حركة العمال الدولية بعد اندلاع الحرب الإمبريالية في عام 1914 وكتابه "الإمبريالية" عام 1916. كل هذه المساهمات المكتوبة والشفوية هي دليل على أنه حتى في أحلك اللحظات وأكثرها يأسًا لم يتخل لينين أبدًا عن منظور الثورة الاشتراكية.

2. يقول لينين إنه في ظل "الظروف الاقتصادية للإمبريالية"، التي يمكن تفسيرها بظواهر مثل تصدير رأس المال وتقسيم العالم من قبل القوى الاستعمارية "المتقدمة" و"المتحضرة"، فإن الولايات المتحدة الأوروبية ستكون إما مستحيلة أو رجعية. مستحيلة بسبب التناقضات بين "حفنة" البلدان الرأسمالية المتقدمة، ورجعية بسبب الدمار الاقتصادي والسياسي الذي سيجلبه مثل هذا الاتحاد للشعوب العاملة في تلك "الحفنة" من البلدان ، وبقية العالم.

3. عندما يتحدث لينين عن تقسيم العالم بين "حفنة" من القوى، فإنه لا يقوم بتبرئة أشكال الهيمنة الطبقية القائمة في بقية البلدان. ولكن في تلك السنوات، كما هو الحال اليوم، لم يكن توزيع الرأسمالية على نطاق عالمي غير متساوٍ فحسب، بل كانت البلدان تلعب أدواراً مختلفة على الساحة الدولية. وهذه حقيقة موضوعية ونتاج لقانون التطور غير المتكافئ، الذي يصفه لينين في المقال بطابعه "المطلق". فرغم تفكك تلك القوى العظمى وتصفية ذلك الشكل من الاستعمار، فإن الرأسمالية لا تزال تنتج التفاوتات سواء في البلدان الفردية أو على نطاق عالمي. ولهذه التفاوتات أبعاد اقتصادية وسياسية.

4. ومن المفيد أيضاً أن نفكر في تأكيد لينين على أن الثورة الاشتراكية قد تندلع أولاً في بلد واحد أو بضعة بلدان في ظل قانون التطور غير المتكافئ للرأسمالية. ذلك أن قانون التطور غير المتكافئ يعني أن ديناميكيات الأزمة موزعة بشكل غير متكافئ أيضاً، وكما أكد ماركس مراراً وتكراراً فإن الثورات تتزامن مع فترات الأزمة. وقبل عام 1914، أولى لينين أهمية كبرى لفكرة "الانتقال الخالي من الأزمات إلى الاشتراكية"، التي بدأت تهيمن على الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية، ليس فقط لأنها تعني التخلي عن الصراع الطبقي، بل وأيضاً لأنها تعني إنكار الواقع الأكثر جوهرية للرأسمالية.

5. إن الترحيب من جانب بعض الماركسيين المزعومين بالاتحاد الأوروبي الذي نشأ بعد سنوات، باعتباره "تقدمًا "، هذه المرة كمشروع إمبريالي ملموس، هي نتيجة لنفس الخيانة. إن التوقع بأن المجتمعات في أوروبا المستقرة والخالية من الأزمات سوف تكون آمنة من حيث الرفاهة والحرية يعني البحث عن ملاذ في منطقة الراحة للسياسة البرجوازية والقطيعة المطلقة مع الماركسية. ومن بين الأسباب التي أدت إلى ظهور حركات يمينية وحتى فاشية تغذيها "الأزمات" في أجزاء عديدة من أوروبا، بعد سنوات عديدة من إثبات واضح ومتكرر أن الاتحاد الأوروبي المستقر والخالي من التناقضات هو مجرد وهم، هو الفجوة الاجتماعية والسياسية الهائلة التي تسبب فيها وقوع الحركة العمالية الثورية في فخ هذا الوهم. 

6. اليوم، في عام 2024، فإن الحديث عن رأسمالية "أفضل" أو "مستقرة"، ومحاولة إضفاء الطابع الديمقراطي على الرأسمالية أو إصلاحها، وفتح المجال للعدوان الإمبريالي باسم "الديمقراطية" أو "الحرية"، والانحياز إلى أي طرف في الحروب الإمبريالية، وتأجيل اتخاذ موقف طبقي مستقل ضد حكومة رأسمالية في هذا البلد أو ذاك، وإنكار حقيقة أن الثورة الاشتراكية هي الخيار الفعلي والوحيد لجميع البلدان، يجب أن يُنظر إليه ليس باعتباره شكلاً من أشكال الماركسية، بل باعتباره قطيعة مع الماركسية. هذا هو الاستنتاج الحالي الذي يمكن استخلاصه من مقال لينين.
 

#أحزاب_اليسار_و_الشيوعية_في_اوروبا (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل