أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صالح سليمان عبدالعظيم - !!لا تعايرني ولا أعايرك















المزيد.....

!!لا تعايرني ولا أعايرك


صالح سليمان عبدالعظيم

الحوار المتمدن-العدد: 1784 - 2007 / 1 / 3 - 12:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في البرنامج الشهير على القناة الفضائية العربية الأشهر، استضاف المذيع المشاغب إثنين من المتحدثين بخصوص الحرب اللبنانية الإسرائيلية الأخيرة. أحدهما من أبناء الأقليات العربية غير المسلمة المهاجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، متحدثاً باسم البيت الأبيض، ومدافعاً عن سياسات بوش في المنطقة العربية. أما الآخر فهو وزير لبناني سابق، يمثل التيار العروبي المقاوم والمنحاز صراحة وبلا ريب لحزب الله ومقاومة الجنوب اللبناني. وبعيداً عن مدى عمق القضايا التي يتناولها البرنامج، فإن المشاهد لا يمكنه أن يغفل عن تلك الملاسنات والمشاحنات التي تحدث بين طرفي الحوار، وبشكل خاص تلك اللحظات التي تتعالى فيها أصوات المدافعين عن أمريكا والغرب وإسرائيل والليبرالية وحقوق الأقليات من جانب، وأصوات المدافعين عن العروبة والمقاومة وشجب الدور الأمريكي والهيمنة الإسرائيلية في المنطقة من جانب آخر.

يتحول البرنامج، في الكثير من حلقاته، إن لم يكن كلها، إلى سيمفونية ردح من الطراز الرفيع. تنتقل الملاسنات من العام إلى الخاص، حيث التجريح والمهاترات الشخصية. وما يلفت النظر هنا، أن كلا الطرفين يستمران في الهجوم على بعضهما البعض طوال مدة الحلقة، لا يفكر أيا منهما في مخاطر ما يقوله أو في مخاطر ما يسمعه، وتأثيراته عليه. وعلى ما يبدو أن استراتيجية الجلوس أمام الكاميرا في الكثير من الفضائيات العربية تتمثل في شحذ كافة أساليب الهجوم، وعدم السكوت ولو للحظة أمام المتحدث أو المتحدثين الآخرين. فكل لحظة صمت واستكانة معناها إفساح المجال للطرف الآخر للهجوم والردح، مما يعني في التحليل الأخير خسارة هذا الطرف الصامت لوصلة الردح الخاصة به.

وكنموذج لفصائل الردح ودلالاتها المخيفة والمخزية في الوقت نفسه، يمكن الإشارة إلى ما حدث في البرنامج السالف الذكر بين الضيفين الكريمين! والذي حدث أن الوزير اللبناني السابق، المقاوم أو الذي يدعي المقاومة، قد أشار إلى اقتباس من كتابات الضيف الآخر العربي الأمريكي، يبين من خلاله الإتهامات السلبية التي يكيلها للإسلام والمسلمين والنبي الكريم. فما كان من هذا الضيف إلا أن رد قائلا بأن الوزير كان يعمل مستشاراً لهيئة إسرائيلية. ولم يكتف بذلك، بل أردف قائلا، وبتحدي يُحسد عليه، أنه إذا ما أراد الوزير فتح هذه الملفات، فإنه لديه العديد من الأشياء التي يمكنه التحدث عنها، والتي يحملها بين دفتي ملف جاهز بين يديه، ملوحاً به أمام شاشة القناة الفضائية الشهيرة، عملاً بالمثل المصري الشهير " لا تعايرني ولا أعايرك، الهم طايلني وطايلك".

وعلى ما يبدو أن اتهامات الطرفين لبعضهما البعض كانت صحيحة إلى حد بعيد. فالعربي الأمريكي، وهو نموذج من بعض هؤلاء العرب المهاجرين الذين يكتبون بالإنجليزية بضمير ويكتبون بالعربية بضمير آخر مخالف، لم يعتبر ما وُجه إليه تهمة تستوجب الدفاع أو الإعتذار. وعلى ما يبدو أن السيد الوزير السابق كان يعمل فعلاً مستشاراً لجهة إسرائيلية ما، فلم يدافع عن نفسه، ولم ينبس بكلمة واحدة، حيث كان ارتباكه شاهدا على فعلته.

وإذا كان هذا العربي الأمريكي واضحاً وصريحاً في مشروعه التغريبي الذي يبتغيه للعالم العربي ويبشر به، فلماذا يدعي البعض المقاومة ويدافعون عن العروبة ويهاجمون أمريكا وإسرائيل ليل نهار، بينما هم، وفي الخفاء، يعملون على الضد تماماً من توجهات خطاباتهم المعلنة؟ ولماذا تجذبهم نشوة خطاب المقاومة والعروبة، ويصرون على الحديث عنه أمام الملأ وعبر شاشات الفضائيات العربية المختلفة؟ هل يلعبون أدواراً مزدوجة، حيث يعلنون خطاباتهم الشفوية والمكتوبة بضمير الدفاع عن المقاومة والعروبة، بينما يمارسون حياتهم العملية بضمير آخر؟ وما الذي يجعلهم في حمأة دفاعاتهم المستمرة عن المقاومة والعروبة والمشروعات الوطنية يسقطون أمام جحافل الإغراءات المختلفة التي يتعرضون لها وتواجههم ليل نهار؟

الواقع أن ما حدث في هذا البرنامج قد أصابني بالخوف والريبة الشديدة، فنحن أمام مسؤول سابق، يتحدث بكل قوة عن المقاومة وعن الجنوب اللبناني، يهاجم إسرائيل، ويتخذ موقفاً واضحاً لا لبس فيه ولا غموض، ورغم ذلك إذا بنا نكتشف أنه كان يعمل مستشاراً لهيئة إسرائيلية. وهو الأمر الذي جعلني أعاود النظر إلى العربي الأمريكي الذي يمكن تصنيفه بسهولة، ولا يمثل بالنسبة لنا، رغم انتهازية وخطورة مشروعة المرسوم للمنطقة، صعوبة ما في فهمه وتحليله، حيث يمكن تصنيفه ضمن المشاريع الاستعمارية المرسومة للمنطقة والمستهدف انجازها.

الرجل لم يقل أكثر من ذلك، فهو يدافع بقوة عن الوجود والممارسات الأمريكية في العراق، ويدافع عن إسرائيل ولا يدينها، ويهاجم الحكومات العربية بإجمال، ولا يتورع عن مهاجمة الإسلام والمسلمين ونعتهم بأحقر التوصيفات. وهل هناك وضوح فكري وأيديولوجي أكثر من ذلك!! وماذا يريد المرء من عدوه أكثر من مثل هذا الوضوح في المواقف الفكرية والتوجهات الأيديولوجية.

أما مكمن الخطورة فيكمن في أصحابنا الآخرين، ممن هم على شاكلة الوزير السابق، هؤلاء الذين ينبحون حناجرهم بالحديث عن المقاومة، ويجروننا ورائهم بأحاديثهم الوطنية الثورية، لنكتشف فيما بعد أنهم خانونا وباعونا بأحقر الأثمان. من أسف أن الساحة العربية تمتلأ بالعديد من أمثال هؤلاء الذين يجمعون بين وجاهة المقاومة، إذا كان للمقاومة وجاهة الآن في عالمنا العربي، وبين أناقة التعامل مع الغرب، والإحساس بدفئ الإنتماء له، والإنتعاش بظل دولاراته.

أسوأ ما تؤدي إليه هذه الإزدواجية الخفية أنها، وبمرور الوقت، تقود إلى خلق مناخ عام من الريبة والشك في كل من يدعم خطاب المقاومة والعروبة والوطنية. حيث يصبح لسان حال الجميع، هو التشكيك وصعوبة تصديق المتحدث، بل والنيل منه والطعن في خطابه.

ورغم أن الواقع العربي لا يعدم العديد من الشرفاء الذين لم يصل بهم الحال إلى إزدواجية الضمائر والمواقف والتوجهات، إلا أن ممارسات العديد ممن هم على شاكلة سيادة الوزير سوف تؤدي لا محالة إلى خلق مناخ موات من التشكيك في الجميع. الغريب في الأمر أن الجميع يتساوى، حيث يصبح المؤيد للهيمنة الأمريكية الإسرائيلية في الكفة نفسها التي يوجد فيها المؤيد للمقاومة والرافض لهذه الهيمنة. ولعل هذا هو ما يفسر تلك التقلبات الفكرية الحادة التي يقوم بها العديد من المفكرين والكتاب العرب من مرحلة لأخرى. وهو تقلب، أو بالأحرى انقلاب، غير مؤسس على قناعات فكرية حقيقية، قدر تأسسه على انقلابات سياسية، ومصالح ذاتية ضيقة.

يعي الغرب هذه الوضعية الخاصة بالمفكرين والمسئولين العرب، كما تعيها الحكومات العربية، لذلك فهى لا تقلق مما قد يقوم به المفكر من ممانعة أو حتى ملاسنة لها، فإن آجلاً أو عاجلاً سوف تخترقه سهامها، بحيث يجد نفسه إما بين أروقة المؤسسات الغربية المختلفة، التي تصل حدودها القصوى، في العمل مستشاراً لإحدى مؤسسات الدولة العبرية، أو بين أروقة أى من المؤسسات العربية التي تصل في حدودها القصوى إلى الكتابة بالنيابة عما تمليه عليه الحكومات الداعمة لتلك المؤسسات. لا يمكن للمرء أن يقلل من خطورة هذه الأوضاع على وضعية العمل الوطني في عالمنا العربي، فالفضائح المتوالية، والمشاحنات المتصاعدة تكشف عن حجم المصاعب التي يواجهها الشرفاء، إن كان للكلمة من معنى الآن، في عالمنا العربي الموبوء بكل ما هو كامن تحت المناضد.



#صالح_سليمان_عبدالعظيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البنية النفسية لذوي الجنسيات المزدوجة
- الأستاذ شعارات
- الصحافة العربية والإنفلات الإلكتروني
- بقايا الوعى بين مخاطر الاستعلاء وأوهام الاستقواء
- !كفاية، إحنا وصلنا للنهاية
- الإخوان المسلمون والإخوان الأقباط
- جسد المرأة في القنوات الفضائية العربية
- نخب الأقليات والنموذج الإسرائيلي
- أشكال العنف ضد المرأة
- تقرير الأمم المتحدة حول العنف ضد الأطفال
- !عمارة يعقوبيان- عمارة كل العرب-
- من أسئلة الحمقي إلي حمق الكتابة
- ملف التوريث في العالم العربي
- -هاي- سذاجة أمريكية!!
- ثقافة الاستسلام وهزائم الأمم
- يحيي حقي بين المواجهة والمصالحة
- الإعلام العربي بين السلطة والممارسة
- حتى لا تتحول الشفافية إلى كلمة مبتذلة
- الأمريكيون والحيوانات الأليفة
- المثقف والتحولات العمرية


المزيد.....




- أمطار غزيرة وعواصف تجتاح مدينة أمريكية.. ومدير الطوارئ: -لم ...
- إعصار يودي بحياة 5 أشخاص ويخلف أضرارا جسيمة في قوانغتشو بجن ...
- يديعوت أحرونوت: نتنياهو وحكومته كالسحرة الذين باعوا للإسرائي ...
- غزة تلقي بظلالها على خطاب العشاء السنوي لمراسلي البيت الأبيض ...
- ماسك يصل إلى الصين
- الجزيرة ترصد انتشال جثامين الشهداء من تحت ركام المنازل بمخيم ...
- آبل تجدد محادثاتها مع -أوبن إيه آي- لتوفير ميزات الذكاء الاص ...
- اجتماع الرياض يطالب بفرض عقوبات فاعلة على إسرائيل ووقف تصدير ...
- وزير خارجية الإمارات يعلق على فيديو سابق له حذر فيه من الإره ...
- سموتريتش لنتيناهو: إذا قررتم رفع الراية البيضاء والتراجع عن ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صالح سليمان عبدالعظيم - !!لا تعايرني ولا أعايرك