أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محفوظ فرج - تاريخ التوظيف الأسطوري في القصة العراقية















المزيد.....

تاريخ التوظيف الأسطوري في القصة العراقية


محفوظ فرج

الحوار المتمدن-العدد: 1784 - 2007 / 1 / 3 - 10:49
المحور: الادب والفن
    


تاريخ التوظيف الأسطوري في القصة العراقية

يبدو لي أن بداية التجريب في توظيف الأسطورة في القصة العراقية كانت ساذجة إذ تأخذ التتابع في السرد على طريقة الخبر التاريخي ، والسير العربية الكبرى حيث يترتب الزمان ، وعد هذا النسق من أبسط أشكال النثر الحكائي التخيلي ، وقد كان كتاب القصة القصيرة يستعيرون جو الأساطير لقصصهم على هذه الطريقة من غير تمثل ، أو مقابلة بالحاضر ، وحين تتبع الدكتور
عبد الله ابراهيم بدايات توظيف الموروث البابلي في القصة العراقية ، وجد أن عطا أمين قد نشر قصته ( رؤيا صادقة ) عام 1919م وفي هذه القصة يقوم الراوي برحلة متخيلة الى مدينة بابل
لملاقات الكاهن المشهور ( بيروس ) ويقدم شكوى إليه عن حال بغداد ، وما جرى لها ، ويقدم الراوي وصفا تفصيليا لمدينة ( بابل ) وبرجها حيث يتعبد ( بيروس ) في قمته ، ويظهر برج بابل بطوابقه السبعة مماثلا لمعنى الأسطورة التي تفرض أنها بناء شامخ ، وهو ينهض على معبد الإله ( مردوخ )1 كما استعار عبد الحق فاضل جو الأساطير لقصصه ( الرائد ، البيك ، الانتقاد )2
في مجموعته ( حائرون ) وان كان لم يجعل من شخوص قصصه ما يناظرها آلهة أو أنصاف آلهة ولكنها اتخذت طابع الحكاية الشعبية في السرد أسلوبا لها ، كما استعار القصاص العراقيون بعد الحرب العالمية الثانية جوا غير واقعي تتحرك فيه شخوصهم كأجواء ألف ليلة وليلة ، كما في قصة ( في قرى الجن ) لجعفر الخليلي الذي يعج بالسحر ، والبخور ، والدراويش ، والعفريت الذي يصيح لبيك لبيك وبطل القصة شاب خطفته الجن في ليلة عرسه وزوجوه بعروس منهم
والجدير بالذكر أن توظيف الأسطورة والرمز اطارا لمضمون عصري حضاري برؤيا فنية معاصرة كانت وراءه أسباب متعددة منها أن التحول من الدين إلى القومية في الحياة السياسية للعصر أعطى أهمية عظمى لتراث ما قبل الاسلام على انه جزء من تراث الأمة بما فيه من ميثولوجيا إذ اتخذت أمثلته الأسطورية رموزا للحياة والموت لدى الشعراء ، وكتاب القصة القصيرة ،3 وكذلك فان توظيف الأسطورة في الشعر لدى الشعراء الرواد السياب ، البياتي ، خليل حاوي ، صلاح عبد الصبور كان له أثره الواضح في اتجاه القصة القصيرة نحو توظيف الأسطورة وتمثلها بأسلوب فني معاصر ، وقد دفع ذلك كتابها من التعرف على أساليب قصصية حديثة في ( التكنيك ) أن يطلعوا على أحدث الأساليب الغربية الحديثة في القصة القصيرة مثلما اطلع الشعراء كالسياب على أساليب التوظيف الأسطوري في الشعر الأجنبي ، فضلا عن ذلك فان تعدد أساليب القصة في العالم وتوظيفها لرموز وأساطير من مختلف أنحاء العالم دفع بالقاص العراقي إلى كتابة قصة قصيرة ذات ملامح عراقية عن طريق الميثولوجيا السومرية ، والبابلية ، والآشورية ولعل ذلك ما أكده ، محمود جنداري حين سئل عن أسباب توظيفه للأسطورة في قصصه قال ( أنا محلي قلبا وروحا ، وفكرا ، وتطلعا ،أنا مفتون بتاريخ العراق إلى حد اني بدأت أرى العالم من خلال العراق )4 ان شعور العراقي بأصالته وعمق انتمائه ؛ لأنه صانع أول ملحمة في التاريخ ألا وهي ملحمة كلكامش ، وجهود الباحثين في نشر تاريخهم العريق كما فعل الأستاذ طه باقر في دراساته وترجماته لتاريخ العراق القديم كترجمته لملحمة كلكامش وكتابه ( مقدمة في أدب العراق القديم ) كان له أثر في كبير في اطلاع القاص العراقي على الملاحم والأساطيرالعراقية واستلهامها في توظيفها رموزا مطروحة في رؤية فنية معاصرة ؛ ومن الأسباب البارزة في توظيف الأسطورة في القصة القصيرة هو أن القاص غالبا ما يعمد إلى ذلك لكي يبتعد عن ازعاجات أزمة بطله المأزوم في صراعه الانساني الباحث عن الحقيقة في خضم المعارك والتحولات السياسية غير المستقرة التي يخشى التصريح بها مباشرة 5؛ وربما يكون طموح القاص في أن يجعل ابداعه عملا جدبرا بالبقاء والخلود كخلود الأسطورة التي وظفها وهذه من المحفزات المهمة لتوظيف الأسطورة في القصة العراقية 6.
ويبدو ان رواية ( ليس ثمة أمل لجلجامش ) لخضير عبد الأمير عام 1971م كان لها وقعها الحسن في أنها أعطت الأسلوب الفني في الشكل الروائي الحديث عنصرا جديدا للألهام والأبداع مما دفع النقاد الى الاشارة بها فكتب عبد الرضا علي مقالة بعنوان توظيف الأسطورة في رواية ثمة امل لجلجامش ) وكتب صبري مسلم ( التوضيف الشعبي والا سطوري في ليس ثمة امل لجلجامش ) ان ارتكاز القاص على الاسطوره ليس امرا سهلا يمارس فيه القاص الطقوس الاسطوريه وانما هي عالم مظغوط مفتوح بأنماط مختلفه وقيم متباينه لشخوص وأحداث وتجارب ماضويه منها ماتكون عميقه او حيه جامده او متطوره لذلك فا لارتكاز عليها مشروط با لأنحياز لماهو حي ودينامي ،ومحكوم با دراك ووعي سابقيين يتطلب من القاص التفاعل وليس التعاطف،التمييز وليس الأندماج، التفرد وليس الذوبان في التعامل الجدلي مع الأسطورة ،هذه العمليه لا شك انها بحاجه الى ذهنيه حية قادرة على تشبيك الموروث الحسي ،والنفسي ،والاجتماعي من خلال حركة الجدل الانساني ،وهكذا ظهر التجريب الاسطوري الامثل في القصة العراقية القصيرة لدى محمود جنداري ،محمد خضير،محسن الخفاجي ، ناجح المعموري،جليل القيسي ،نعمان مجيد،عواد علي ،ولطيفه الدليمي .وقد اسس هؤلاء ملامح اتجاه فني جديد في السرد
لقد عكست نصوص هؤلاء تطورا في الرؤيا الفنيه لماهية الاسطورة،وطرائق التعامل معها ،واستفادت من تطورات الاجناس التي في هذا المنجز مع بعضها واخذ السرد من الشعرية كل ما هو مهم ومثير وكذلك الفنون من الفنون الاخرى،لذا كانت بعض النصوص ملفته للانتباه في خلخلة البنى السردية، وتحطيم البنى السردية ،وتحطيم الزمنيه والتقريب بين السرد والكتابة الشعرية الجديدة ، ولأن الصله قائمه بين الشعر والأسطوره كما قال ياكوبسن استفاد السرد من الاستعارة والتقابلات 7 وفي ذلك افاد كتاب القصة من اساليب تيار الوعي لجيمس جويس ، وفرجينيا وولف ،والذاكرة اللاارادية لمارسيل بروست ،وتنوع وجهات النظر لهنري جيمس ،وتعدد الاصوات للورنس داريل ،وتداخل الأزمنة لفوكنر ، وتنافذ الأشكال المعرفية لبورخس والرؤى الخارقة لكالفينو 8
اما في ما يتعلق في القصة الكردية فقد عرض حسين عارف بالتفصيل لأساليب التوظيف الاسطوري في القصه الكردية فوجدها منذ عام 1970 م وما بعدها لجأت الى الاسطورة والرمز شكلا تكنيكيا مورس على نطاق واسع من أجل التعرف على اساليب حديثة في السرد ووجد فيه ملاذا يعبر بواسطته عن وجهات نظر فكرية وسياسية ،ووجد اغلب كتاب القصة الذين لجأوا الى الاسطورة هم من الملتزمين سياسيا او يميلون افرادا الى هذه الايديولوجية او تلك كما لاحظ ان قسما كبيرا من القصص الكردية الاسطورية تدور حول المدينه الاسطورة ولكن المفهوم حولها والقصد يختلف من قاص الى قاص ،ويذكر قصص لجأت الى الرمز الاسطوري منها (المجتع الحديدي)لعبد الله السراج و(عذاب القبر في نفق بابا)لرؤوف حسن وغيرها 9


الهوامش
1)مجلة الأديب المعاصر / العدد 1 /1993 توظيف الموروث البابلي في القصه العراقيه القصيره
د.عبد الله ابراهيم ص 38
2) مجلة الاقلام العدد 4/1976/ملامح القصه القصيره في العراق د. عمر الطالب ص 47
3) مجلة الا قلام العدد1/1985/ الحركهة التموزيه في الشعر وتأثير اليوت /نذير العظمه ص6
4)مجلة افاق عربيه العدد11/1989/حوار مع محمود جنداري اجراه هاتف الثلج ص 126
5)هذا الرأي يراه عبد الرظا علي في نقده توظيف الأسطوره في (ليس ثمةامل لجلجامش) وحسين عارف ورعد عبد الجليل
6)مجلة الأقلام العدد 9/1972/ توظيف الاسطورة في رواية ليس ثمة امل لجلجامش عبد الرظا علي ص 75
7) الأقلام العدد1 ، 2 /1993 /الأسطورة مركز الأبداع ناجح المعموري ص46
8)الأقلام العدد 7،8 /1993/الكتابة الروائية عباس عبد جاسم ص23
9) الأقلام العدد 2،3 /1984 /اشال التكنيك الحديث في القصه الكرديه ص123


حقوقالنشر محفوظه للكاتب في كتابه المطبوع مناقشات ودراسات في الأدب الحديث



#محفوظ_فرج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قلادة العيون
- النقد الأسطوري
- انتقاء
- البهاء
- سامراء وأولويات المسرح العربي
- في ماهية الأسطورة
- العبّارة
- وجهك
- في البناء الأسطوري / محمود جنداري مثالاً
- قصيدة النثر بياضات الشاعر خزعل الماجدي
- الدوامّة


المزيد.....




- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...
- عبد الرحمن بن معمر يرحل عن تاريخ غني بالصحافة والثقافة
- -كذب أبيض- المغربي يفوز بجائزة مالمو للسينما العربية
- الوثائقي المغربي -كذب أبيض- يتوج بجائزة مهرجان مالمو للسينما ...
- لا تشمل الآثار العربية.. المتاحف الفرنسية تبحث إعادة قطع أثر ...
- بوغدانوف للبرهان: -مجلس السيادة السوداني- هو السلطة الشرعية ...
- مارسيل خليفة في بيت الفلسفة.. أوبرا لـ-جدارية درويش-
- أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة
- نيكول كيدمان تصبح أول أسترالية تُمنح جائزة -إنجاز الحياة- من ...
- روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محفوظ فرج - تاريخ التوظيف الأسطوري في القصة العراقية