أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - محمد نايف المحمود (أبو عماد): أيقونة الوفاء والانتماء في تاريخ القضية الفلسطينية















المزيد.....


محمد نايف المحمود (أبو عماد): أيقونة الوفاء والانتماء في تاريخ القضية الفلسطينية


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8168 - 2024 / 11 / 21 - 16:48
المحور: القضية الفلسطينية
    


في تاريخ العشائر الفلسطينية، تبرز شخصيات تركت بصمات واضحة في مسيرة مجتمعها، ومن هؤلاء الأفذاذ "محمد نايف المحمود" (أبو عماد)، الذي يُعَدُّ مثالاً حياً للوفاء والانتماء الأصيل لعشيرة عرب السّمنيّة. لقد كان (أبو عماد) شخصية محورية جمعت بين الحكمة والعطاء، مساهماً في تعزيز روح الترابط والتكاتف بين أبناء عشيرته، ومدافعاً عن قيمها ومبادئها.

لقد تميّز (أبو عماد) بدور ريادي بارز في خدمة عشيرته، عرب السّمنيّة، ووطنه فلسطين، حيث عُرف بتفانيه وإخلاصه في تعزيز روح الوحدة والانتماء بين أبناء عشيرته ومجتمعه الفلسطيني. جسّد (أبو عماد) القيم الأصيلة للتعاون والتآخي، فكان دائماً في مقدمة من يسعون لحل الخلافات بين أبناء العشيرة، وعمل على توحيد صفوفهم في مواجهة التحديات، ما ساهم في بناء مجتمع مترابط وقوي، قادر على الصمود في ظل الظروف الصعبة.

عكس (أبو عماد) التزامه العميق بالقضية الفلسطينية، فكان من المساهمين في جهود النضال والمقاومة ضد الاحتلال، وكان مؤمناً بأن دوره لا يقتصر على العشيرة فقط، بل يمتد ليشمل وطنه بأكمله. ومن خلال أفعاله ومواقفه الشجاعة، نجح في أن يكون صوتاً مسموعاً لقضايا العشيرة والوطن، داعياً إلى التمسك بالهوية الفلسطينية والحقوق المشروعة، ومعبراً عن آمال وآلام أبناء شعبه.

كان (أبو عماد) قدوة للأجيال الشابة، إذ أظهر كيف يمكن للإنسان أن يكون سنداً لأهله وعشيرته، وأن يوظف علاقاته وقوته الشخصية في خدمة القضايا العادلة، ليبقى رمزاً من رموز النضال والتفاني من أجل فلسطين وأبناء عشيرته عرب السّمنيّة.

(أبو عماد)، شخصية فلسطينية مناضلة أدَّتْ دوراً بارزاً في الكفاح الوطني الفلسطيني. ولد في فلسطين سنة 1936، وانخرط منذ شبابه في النضال ضد الاحتلال الصهيوني، حيث انضم إلى صفوف حركة التحرير الوطني الفلسطيني - فتح.

كان (أبو عماد) من الشخصيات المؤثرة في حركة فتح، وساهم في دعم الحركة النضالية عبر عدة أدوار سياسية وتنظيمية، وعمل إلى جانب قيادات فلسطينية بارزة في تعزيز العمل الوطني، وتنظيم الشباب الفلسطيني وتوجيههم نحو مواجهة الاحتلال.

ومن خلال التزامه بالقضية الفلسطينية طوال مسيرته، أصبح رمزاً من رموز الصمود والإصرار على تحقيق أهداف التحرر والاستقلال، وظل ملتزماً بالدفاع عن حقوق شعبه رغم التحديات والصعوبات. كان له دور اجتماعي ووطني بارز في المجتمع الفلسطيني. عُرف عنه التفاني في خدمة الناس وتقديم العون والمساعدة للفئات المحتاجة.

1. كان من الأشخاص الذين يبادرون إلى تقديم الدعم للمحتاجين والفقراء، سواء عبر جهود شخصية أو من خلال مؤسسات محلية.
2. ساهم في تعزيز الترابط بين أبناء العشيرة، حيث كان من الشخصيات التي تجمع الناس وتوحّدهم، وسعى دائماً إلى دعم التضامن الاجتماعي بين الفلسطينيين، خاصة في أوقات الأزمات، كما كانت لديه قدرة على حل النزاعات المحلية، والمشاركة في إصلاح ذات البين بين العائلات، ما عزز من دوره كمرجع اجتماعي وشخصية مؤثرة في مجتمعه.
3. كان له دور في تشجيع الشباب على التعليم والالتزام بالهوية الوطنية الفلسطينية.

4. تميز بمواقفه الإنسانية التي لم تقتصر على الفلسطينيين فقط، بل شملت تقديم يد العون لكل من يحتاج.

من خلال هذه الأدوار، أصبح محمد نايف المحمود (أبو عماد) رمزاً، ليس فقط للنضال، بل أيضاً للعطاء الإنساني والاجتماعي، تاركاً أثراً كبيراً في مجتمعه ومثالاً يحتذى به في خدمة الناس وقضاياهم.

محطات مُشرقة من تاريخ (أبي عماد) الوطني والاجتماعي:

1. كان له دور توجيهي كبير، حيث قدم النصح والإرشاد للشباب من أبناء العشيرة، مشجعاً إياهم على التَّعلُّم، وساهم في مساعدتهم للحصول على منح دراسية للدراسة في دول المنظومة الاشتراكية ودول أوروبا الشرقية.

2. كان (أبو عماد) رمزاً من رموز الثبات والصمود في وجه الضغوط السياسية والاجتماعية التي تعرض لها أبناء عشيرته. وكان موقفه ضد محاولات السلطات اللبنانية تهجير عشيرته إلى سوريا نابعاً من شعوره العميق بأهمية بقائهم في جنوب لبنان بالقرب من الحدود الفلسطينية، خاصة في فترة كان فيها جنوب لبنان يشهد الكثير من التوترات بسبب الصراع العربي الصهيوني.

تمكن (أبو عماد)، بفضل حكمته، من توجيه أبناء عشيرته وتحصينهم ضد محاولات تفريقهم وتهجيرهم. كما كان يتمتع بقدرة على بناء التحالفات مع شخصيات سياسية واجتماعية محلية، ما ساعد في تقوية موقفه ضد محاولات الضغط التي كانت تمارسها السلطات اللبنانية. كان يراهن على القوة الجماعية والروابط الاجتماعية التي تربط أفراد عشيرته ببعضهم البعض، ما جعلهم أكثر قدرة على المقاومة والصمود في وجه التحديات، ما يدفعنا إلى القول إنَّ دوره كان محورياً في مقاومة التهجير والحفاظ على الوجود الفلسطيني في جنوب لبنان.

3. عُرِضَتْ عليه الجنسية اللبنانية في فترة ثورة شمعون في لبنان يوليو 1958، كجزء من محاولات السلطات اللبنانية لتوطين اللاجئين الفلسطينيين، وكان هذا العرض جزءاً من سياسة بعض الأطراف السياسية لتثبيت وجودهم في البلاد، لكن (أبا عماد) رفض عرض الجنسية اللبنانية بشكل قاطع، ثم رفضها في العرض الثاني خلال فترة التجنيس سنة 1994، وذلك لأسباب وطنية وإنسانية عميقة. رفضه كان مستنداً إلى قناعاته الثابتة بأن الحصول على الجنسية اللبنانية يتعارض مع حق العودة إلى فلسطين. وبالنسبة إليه، كان التمسك بالهوية الفلسطينية وحق العودة إلى الوطن الأم هو الأساس، وكان يرى في منح الجنسية اللبنانية تنازلاً عن هذا الحق، وهو ما كان يرفضه رفضاً قاطعاً.

رفض (أبو عماد) لهذه العروض كان يعكس تمسكه بالمبادئ الفلسطينية، إذ كان يرى التوطين في لبنان يعني ضياع الأمل في العودة إلى فلسطين، وبالتالي ضياع قضية الفلسطينيين بالكليّة، كما أن موقفه كان يمثل رفضاً لكل محاولات إبعاد أبناء الشعب الفلسطيني من قضيته المركزية، وهي العودة إلى فلسطين.

4. كان محمد نايف المحمود (أبو عماد) شخصية قيادية ومؤثرة في مسيرة تطور مجتمع عرب السّمنيّة في جنوب لبنان، حيث سعى جاهداً لتحسين مستوى التعليم وتوفير فرص أفضل للأجيال القادمة. ومن أبرز مبادراته التي تركت أثراً كبيراً في المنطقة كانت محاولته تأسيس مدرسة لأبناء عشيرته، حيث كان يعتقد أن التعليم هو السبيل الوحيد لتعزيز هوية الشعب الفلسطيني والحفاظ على حقوقهم في مواجهة التحديات التي واجهوها في لبنان.

في بداية السعي لتأسيس المدرسة، تواصل (أبو عماد) مع وكالة الأونروا للحصول على الدعم اللازم، ولكن ظهرت خلافات حول أولويات استخدام الأراضي التي كانت مملوكة من قبل وضاح فخري، إذ كان فخري يفضل أن يُبنى مستشفى بدلاً من مدرسة، ما خلق نوعاً من التحدي والمنافسة حول الاستخدام الأفضل للأرض، لكن إصرار (أبي عماد) على أهمية التعليم، وتمسكه برؤيته لبناء مؤسسة تعليمية كانت أقوى من هذه المعارضة.

بفضل عزيمته، نجح (أبو عماد) في إقناع الجميع بضرورة بناء المدرسة بدلاً من المستشفى، ورغم الصعوبات والتحديات التي واجهته، تم بناء مدرسة الحولة الابتدائية والمتوسطة سنة1972/1973. كانت هذه المدرسة بمثابة إنجاز كبير، ليس فقط لأبناء عشيرة عرب السّمنيّة، بل للمجتمع الفلسطيني بشكل عام في المنطقة، حيث كانت وما زالت توفر فرصاً للتعليم الأساسي والمتوسط للأجيال الجديدة في بيئة كانت تفتقر إلى الكثير من الفرص التعليمية.

بدأ التعليم في مدرسة الحولة الابتدائية والمتوسطة في العام الدراسي 1973-1974.

تعاقب على إدارة المدرسة المديرون على النحو التالي:

شهدت المدرسة أوَّل مدير لها (أحمد أبو داهش) الذي تولّى إدارتها لأقلَّ من سنة. ثم تسلَّم بعده الأستاذ (مرعي مرعي-أبو نزار) حتى العام الدراسي 1980/ 1981.

وقام الأستاذ (محمود فهد)، في العام الدراسي 1982/ 1983 بدور المدير. أمَّا في العام الدراسي 1983/ 1984 تولّى الاستاذ (محمد فاعور) إدارتها. ثم تولّى الأستاذ (محمود فهد) إدارة المدرسة مجدداً من العام الدراسي 1984/ 1985 وحتى كانون أول 2004، لِتعقبه بعد ذلك المديرة (رنا مغربي) في إدارة المدرسة عام 2005. أمَّا اليوم فيعمل الأستاذ أحمد عزام على رأس إدارة المدرسة.

لم تكن المدرسة مجرد مكان للتعليم، بل كانت رمزاً للصمود والإصرار على التمسك بالهوية الفلسطينية وحق الأطفال في تلقي التعليم. وما يميز هذه المدرسة أنها استمرت في أداء دورها حتى يومنا هذا، حيث تخرج منها الأجيال التي حافظت على قيمها وتراثها، وظلت تشكل جزءاً مهماً من تاريخ وحياة أبناء عشيرة عرب السّمنيّة.

لقد نجح (أبو عماد) في تحقيق حلمه بتأسيس مدرسة تكون منارة للعلم، وتستمر في خدمة الأجيال القادمة، ما جعل هذه المدرسة تُعَدُّ إرثاً حياً يمتد عبر الزمن، ويعكس روح النضال والصمود في مواجهة التحديات.

5. كان دور (أبو عماد) في مد مخيم كفربدا بمياه نبع الطاسة من أبرز إنجازاته التي ساهمت بشكل كبير في تحسين الظروف الحياتية للاجئين الفلسطينيين في المخيم، فقد كانت مشكلة المياه أحد التحديات الكبيرة التي يواجهها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان، خاصة في المناطق التي تفتقر إلى البنية التحتية الأساسية، مثل مخيم كفربدا الذي كان يعاني من نقص حاد في مياه الشرب.

تمَّ التواصل، بفضل إصرار (أبي عماد)، مع الجهات المعنية في الدولة اللبنانية، بما في ذلك الجهات المحلية والمجتمعية، لتوفير حل جذري لمشكلة المياه في المخيم. كان (أبو عماد) يعلم أن توفير المياه ليس فقط أمراً أساسياً للصحة والراحة اليومية، بل هو أيضاً جزء من كرامة الناس وحاجاتهم الأساسية، ولذلك عمل على تأمين مياه نبع الطاسة الذي كان يشكل مصدراً مستداماً للمياه، وتكلَّلت الجهود بالنَّجاح وأفضت إلى مد خط مياه إلى المخيم لتلبية احتياجات سكانه.

كان تأمين هذا المصدر الحيوي للمياه أثر إيجابي كبير على حياة سكان المخيم، حيث ساعد في تحسين الظروف الصحية والبيئية، وقلل من معاناتهم اليومية بسبب نقص المياه. وكان لذلك أيضاً تأثير كبير على تعزيز مكانة (أبي عماد) بين أبناء عشيرته وأبناء المخيم بشكل عام، حيث كان يُعَدُّ رمزاً للقيادة والمثابرة في تلبية احتياجات مجتمعه، وبالتالي كان دور (أبي عماد) في مد مخيم كفربدا بمياه نبع الطاسة، ليس فقط من الناحية العملية، بل أيضاً من الناحية الرمزية، حيث برهن على أهمية القيادة الفعالة في تقديم الحلول العملية التي تساهم في تحسين حياة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.

ساهمَ (أبو عماد)، بفضل هذه الجهود، في خلق روح من الانتماء والتضامن بين أبناء عشيرته عرب السّمنيّة، وحافظ على تماسكهم رغم التحديات، ما جعله شخصية محبوبة ومرجعاً موثوقاً بين أفراد عشيرته.


أدَّى (أبو عماد) دوراً مهماً وفعّالاً في حل النزاعات بين أبناء عشيرته عرب السّمنيّة، وكان يُعَدُّ شخصية مرجعية ومحورية في تعزيز السلام والوحدة داخل العشيرة. من أبرز مساهماته في هذا السياق:

1. عرف عن (أبي عماد) الحكمة والقدرة على التوسط بين الأطراف المتنازعة، حيث كان يعمل على إيجاد حلول عادلة ومقبولة ترضي جميع الأطراف، وذلك بفضل امتلاكه مهارات دبلوماسية واجتماعية مكّنته من تقريب وجهات النظر بحكمة.

2. استثمر علاقاته القوية مع أفراد العشيرة والعشائر المجاورة لبناء أواصر من الثقة، حيث كان يسعى إلى تقريب وجهات النظر بين الأطراف المختلفة، معتمداً على قوة الترابط العائلي لتعزيز السلام بين أفراد عشيرته.

3. ركز (أبو عماد) على ترسيخ قيم التسامح والاحترام المتبادل داخل عشيرته، مؤكداً على أهمية حل الخلافات بروح الإخاء والتفاهم، ودفع الناس إلى تجاوز الخلافات الصغيرة من أجل المصلحة العامة للعشيرة.

4. كان يحرص على عقد جلسات صلح جماعية تجمع الأطراف المتنازعة، ويستعين في هذه الجلسات بكبار العشيرة والحكماء لدعم المصالحة وتعزيز الانسجام. وكان لهذه الجلسات أثر كبير في حل النزاعات وتعزيز روح التضامن.

5. كان (أبو عماد) يؤكد دوماً على أن مصلحة العشيرة ووحدتها تأتي فوق كل اعتبار، وكان ينجح، غالباً في إقناع الأطراف المتنازعة بتغليب المصلحة العامة للعشيرة على المصالح الشخصية.

أصبح (أبو عماد)، بفضل هذه الجهود، نموذجاً يحتذى به في إصلاح ذات البين، وساهم في تحقيق السلام والوئام داخل عشيرته عرب السّمنيّة، ما جعله شخصية محبوبة ومرجعية اجتماعية يعتمد عليها أبناء العشيرة في حل خلافاتهم.

ديوان (أبي عماد) للقهوة المُرّة واستخدامه كمضافة ومكان لحل المشاكل داخل عشيرة عرب السّمنيّة وخارجها: ديوان "القهوة المُرّة" للمناضل (أبي عماد)، هو مكان فعلي يُستخدم كمضافة تقليدية، حيث يجتمع فيه أبناء عشيرته عرب السّمنيّة وغيرهم من أفراد المجتمع. يرمز الديوان، بما فيه من عادات وأصول، إلى الكرم والضيافة، ويعكس قيم العشيرة وروح التضامن والتآخي، وأصبح مركزاً اجتماعياً تُحلُّ فيه النزاعات وتُناقش فيه القضايا العامة والخاصة.

دور ديوان "القهوة المُرّة" كمضافة لحل النزاعات:

1. تُعَدُّ القهوة المُرّة رمزاً للتراث الفلسطيني والعربي، وهي عادة متجذرة في المجتمع العربي، خاصة في المناسبات المهمة. وقد جعل (أبو عماد) من هذا الديوان مكاناً لتقديم القهوة المُرّة التي تُعَدُّ علامة على الاحترام وتقدير الضيف، كما تعبر عن الروح الكريمة والود بين أفراد العشيرة.
2. ديوان "القهوة المُرّة" يُعَدُّ مضافة لأبناء عشيرة عرب السّمنيّة، حيث يتجمع فيه أفراد العشيرة للتباحث حول أمورهم وقضاياهم، ما يعزز من الروابط الأسرية والعلاقات الاجتماعية. كان هذا الديوان مكاناً لمناقشة قضايا العشيرة والاستماع إلى مشكلات الأفراد بهدف تعزيز التواصل والتلاحم.

3. يُستخدم الديوان بوصفه مكاناً لحل النزاعات والخلافات بين أبناء العشيرة ومع أبناء العشائر الأخرى. كان (أبو عماد) شخصية تحظى باحترام كبير بين أفراد عشيرته والمجتمع المحلي، وكان يعتمد عليه الناس لحل الخلافات بفضل حكمته وقدرته على التوسط والتوصل إلى حلول عادلة ترضي الجميع. يُعَدُّ الديوان بمكانة "محكمة شعبية" تُطبق فيها أعراف العشيرة وتقاليدها في فض النزاعات بطرق ودّية.
4. يتم تقديم القهوة المُرّة في الديوان للضيوف كرمز للتقدير، وهي إشارة لبدء الحوار بشكل ودي وهادئ. تُستخدم القهوة المرة كجزء من طقوس الصلح، حيث يتناولها المتخاصمون كدلالة على انتهاء الخلاف وبدء صفحة جديدة بروح من التسامح والإخاء.

5. يُحْسَبُ الديوان مكاناً لتعزيز الوعي بالتراث ونقل القيم والعادات للأجيال الشابة من أبناء العشيرة، ليكونوا على دراية بأهمية الترابط وحل الخلافات بروح التسامح والاحترام. كان (أبو عماد) يشجع الشباب على الاستفادة من هذه التجارب وتعزيز انتمائهم لعشيرتهم وهويتهم.

6. لم يقتصر دور الديوان على أبناء عشيرة عرب السّمنيّة فقط، بل كان أيضاً مفتوحاً للجميع، حيث كان يجتمع فيه أفراد من عشائر أخرى للتشاور وحل القضايا المشتركة. وقد ساعد هذا التوجه في تقوية العلاقات بين العشائر المجاورة وإيجاد حلول جماعية للقضايا المشتركة، ما عزز من الترابط الاجتماعي.

كان ديوان "القهوة المُرّة" لمحمد نايف المحمود (أبي عماد) أكثر من مجرد مضافة، بل كان مؤسسة اجتماعية بحد ذاتها، تتجسد فيها قيم التسامح والضيافة وحل النزاعات، ليصبح رمزاً للمحبة والوحدة داخل عشيرته عرب السّمنيّة وخارجها.

لم يكن (أبو عماد) مجرد شخصية قيادية لعشيرته في لبنان، بل كان رمزاً للوحدة والتلاحم العشائري الذي تجاوز الحدود الجغرافية، إذِ امتدت جهوده إلى عشيرة عرب السّمنيّة في كل من سوريا والأردن، حيث أدَّى دوراً حيوياً في حل النزاعات والمشكلات المستعصية التي واجهت أبناء العشيرة، معتمداً على حكمته وثقله الاجتماعي.

كانت المساهمة في جمع التبرعات المالية لدعم قضايا العشيرة، من أبرز أدواره، وهو دور يعكس حسه العالي بالمسؤولية الاجتماعية والإنسانية. ومن أبرز هذه القضايا دوره في جمع الدية، حيث بذل جهوداً كبيرة لإيجاد حلول سلمية وعادلة للنزاعات، ما ساعد في تخفيف الأعباء عن أبناء العشيرة وحفظ النسيج الاجتماعي.

جعلته حكمته وحسن إدارته للمواقف الصعبة مرجعاً موثوقاً، ليس فقط لعشيرته، بل للعديد من العائلات والعشائر الأخرى التي كانت ترى فيه شخصية جامعة ومؤثرة. إنَّ امتداد نشاطاته عبر الحدود يعكس إدراكه العميق لوحدة المصير والمصلحة المشتركة بين أبناء العشيرة أينما كانوا، ما جعل ذكراه خالدة في وجدانهم.

حمل (أبو عماد) إرثاً كبيراً في استكمال مسيرة والده الشهيد نايف حسن المحمود (أبو حسن)، شيخ عشيرة عرب السّمنيّة في فلسطين الذي ترك بصمة عميقة خلال حياته، كونه يمثل رمزاً للتضحية والشجاعة في الدفاع عن قضية فلسطين. إنَّ تأدية (أبي عماد) لهذا الدور خلفاً لوالده، يعكس أهمية استمرار العطاء والعمل للحفاظ على الإرث الوطني والعشائري، خاصة في ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها القضية الفلسطينية. ويعدّ شيوخ العشائر عنصراً مهماً في النسيج الاجتماعي الفلسطيني، حيث يؤدون دوراً في قيادة المجتمع، تعزيز الوحدة، والوقوف في وجه أي محاولات للنيل من الحقوق الوطنية.

ختاماً، لا يمكن الحديث عن دور عشيرة عرب السّمنيّة في مخيم كفربدا الواقع شمال مدينة صور دون التوقف عند بصمة (أبي عماد) الذي سعى بكل إخلاص وهمة لتأمين أرض المخيم وشرائها لأبناء عشيرته، فقد جسّد (أبو عماد) بحرصه على مستقبل العشيرة وإصراره على توطيد استقرارهم نموذجاً حياً للعطاء والانتماء الحقيقي، ليصبح رمزاً للأجيال القادمة، ومثالاً يحتذى في التضحية والعمل الجماعي. ستبقى جهوده شاهدة على حبّه الكبير لعشيرته وإرادته القوية في الحفاظ على إرثها وكرامتها، ليظل اسمه محفوراً في ذاكرة عشيرة عرب السّمنيّة ووجدان كل من عرفه، ملهماً للأجيال القادمة للسير على خطاه في خدمة المجتمع والمستقبل المشترك.

تُوفي (أبو عماد)، المولود في جالين- فلسطين عام 1936، في يوم 26 يناير 2009 في لبنان، ووري جثمانه الثرى في مقبرة جمجيم، حيث انضم إلى أجداده ورفاق دربه من المناضلين، بعدَ مسيرة طويلة من البذل والتّضحيات والتّفاني.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرياضيات في التشفير والاتصالات: درع الأمان للمقاومة الفلسطي ...
- الرياضيات في مواجهة الإعلام المضاد: استراتيجيات فعّالة لمكاف ...
- أهمية تعلم الرياضيات: بناء العقل وتعزيز المهارات الحياتية
- الرياضيات في تصنيع الأسلحة والمعدات: قوة الابتكار لدى المقاو ...
- الذكاء الاصطناعي: ثورة التكنولوجيا وتغيير مستقبل الإنسان
- الذكاء الاصطناعي في خدمة الاغتيالات: استهداف المقاومين في فل ...
- نور الأمل
- مرارة الخيبة والأمل المستحيل !
- مرارة الخيبة وألم الخذلان !
- مرارة الخيبة وطعم الخذلان !
- علي كلّم (أبو لافي)-2/2: مرارة الخيبة وطعم الخذلان!
- علي كلّم (أبو لافي) : مرارة الخيبة وطعم الخذلان !
- علي كلّم( أبو لافي): رمز الصمود الفلسطيني وحكاية نضال لا تنت ...
- الطب الشعبي عند عشيرة عرب السّمنيّة في قضاء عكا
- صقرٌ مِنَ بيريّا !!!
- صقرٌ مِنَ بيريّا
- 42 عاماً على مجزرة صبرا وشاتيلا !
- 42 عاماً على مجزرة صبرا وشاتيلا !!!
- خربة عين حور
- أحزان مؤجلة


المزيد.....




- ساعر: هناك تقدم في صفقة التبادل مع حماس
- أعراس شعوب روسيا
- نواف سلام رئيسا مكلفا لتشكيل الحكومة اللبنانية بعد حصوله على ...
- بتكلفة 932 مليون دولار.. رئيس وزراء الهند يفتتح نفقاً في إقل ...
- محمد نبيل بنعبد الله يستقبل الرفيق أحمد الزوين.
- -ألماني بيولوجي-.. أسوأ كلمة في ألمانيا لعام 2024
- جدل محتدم في ألمانيا حول تقديم المزيد من الدعم لأوكرانيا
- محلل ومعلق تركي بارز يشرح أسباب عدم سعي أنقرة إلى مواجهة عسك ...
- لجنة النواب العراقي تعتبر سحب قانون شبكة الإعلام من جلسة الب ...
- نتنياهو يقدم مقترح الصفقة إلى الحكومة للمصادقة عليه يوم الثل ...


المزيد.....

- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - محمد نايف المحمود (أبو عماد): أيقونة الوفاء والانتماء في تاريخ القضية الفلسطينية