محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)
الحوار المتمدن-العدد: 8156 - 2024 / 11 / 9 - 08:34
المحور:
القضية الفلسطينية
في تاريخ النضال الفلسطيني، برزت شخصيات قدّمت حياتها وأرواحها فداءً للوطن والقضية، مناضلون شَقُّوا طريقهم وسط التحديات والصعوبات، وساهموا بشكل كبير في إحياء روح المقاومة وإلهام الأجيال. ومن بين هذه الشخصيات، يبرز اسم المناضل علي كلّم (أبو لافي)، الذي اشتهر بمواقفه الثابتة والمبدئية تجاه قضيته وشعبه. لقد كرَّس (أبو لافي) حياته لمقارعة الاحتلال، وعمل في صفوف المقاومة، ليمثل رمزاً للصمود والتحدي الفلسطيني، ويروي ببطولاته جزءاً من الحكاية الفلسطينية .
علي كلّم (أبو لافي) ، التحق مبكِرّاً بصفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بعد أن ترك خلفه مقاعد الدراسة ، في بداية سبعينيات القرن الماضي ، شارك ضمن دورية استطلاع في منطقة الجليل الغربي شمال فلسطين المحتلة، وبعد اشتباك مع قوات العدو تشتَّت الرفاق ، وتاه (أبو لافي) في أرض الجليل ، وانقطعت أخباره ؛ حيثُ لجأ الى مغارة أم العيون في أرض عشيرة عرب السّمنيّة، وأمضى بجوارها شهرين كاملين يأكل من أرض العشيرة شمال شرق مدينة عكا ، ويشرب من مياهها العذبة، ويستحمُّ بمياه وادي القرن ، وبعد ذلك عاد مشياً على الأقدام إلى مخيم الرشيدية بجنوب لبنان ، حيثُ وجدَ ملصقاتِ نعيه شهيداً على جدران المخيم !
عُرف علي كلّم(أبو لافي) بشجاعته وإخلاصه لقضية فلسطين، حيث عمل جنباً إلى جنب مع رفاقه المناضلين في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، ومنهم وديع حداد وليلى خالد ، وشارك في العديد من العمليات الفدائية ضد الاحتلال .
تميَّز (أبو لافي) بروحه الوطنية وإصراره على الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، حيث كان من أوائل المناضلين الذين حملوا على عاتقهم مسؤولية الكفاح المسلّح ضد الاحتلال. لقد مثّل علي كلّم ( أبو لافي) نموذجاً حقيقيّاً للمقاومة والصمود، واستمر نضاله بوصفِهِ جزءاً من الجهود الفلسطينية الرامية لاستعادة الأرض والكرامة والحرية. كما تميَّز دوره بالجمع بين النضال المسلّح والعمل الإنساني، ما جعله شخصية محبوبة ومؤثِرّة بين أبناء شعبه. وفي ما يلي بعض من جوانب دوره الإنساني والنضالي:
1. كان علي كلّم (أبو لافي )
يَعُدُّ النضالَ المسلّح أحدَ السبل للدفاع عن الشعب الفلسطيني وحقوقه .
2. كان يؤمن بأن المقاومة تتجلّى ، أيضاً في دعم الشعب الفلسطيني، وكان يُقدِمّ يد العون لعائلات الشهداء و الأسرى والعائلات الفلسطينية الفقيرة في المخيمات .
كان له دور في نشر الوعي الوطني بين الشباب وتحفيزهم على الصمود والتضحية، وأهمية أن تكون المقاومة، بكلِّ أشكالِها جزءاً من حياتهم اليومية، سواء بالسلّاح أو بغيرِهِ.
3. يُعَدُّ ( أبو لافي) نموذجاً للشخصية النضالية التي لم تكتفِ بمقارعة الاحتلال عسكرياً فقط، بل أدركت أنَّ النضال يشمل أيضاً الدعم الإنساني والاجتماعي ؛ ما أكسبه حب الناس وأصبح رمزاً يحتذى به.
في عام 1979، التحق بصفوف حركة التحرير الوطني الفلسطيني - فتح . لِيُصبحَ انضمامُهُ نقطةَ تَحوُّل هامَّة في مسيرته النضالية ، وليبدأ العمل بشكل أكثر تنظيماً ضمن الهيكل العسكري والسياسي للحركة.
أصبح من خلال انضمامه لحركة فتح أكثر قرباً من "الختيار"، وأصبح جزءاً من الكفاح المستمر ضد الاحتلال الصهيوني ، كما شارك في العديد من الأنشطة العسكرية والتكتيكية ضد القوات الصهيونية.
كان ، من خلال نشاطه من القادة العسكريين البارزين في صفوف حركة فتح، وشارك في العديد من العمليات العسكرية المهمة ضد الاحتلال. وكان له دور في تحفيز المقاتلين على مواصلة المقاومة والقتال دفاعاً عن مدينة صيدا ، في فترة اجتياح 1982.
علي كلّم( أبو لافي)، كان أحد الأسرى الفلسطينيين في معتقل أنصار سيّئ السُّمعة، حيث احتُجز فيه العديد من الأسرى الفلسطينيين واللبنانيين والعرب ، في ظروف اعتقال صعبة خلال فترة الاحتلال الصهيوني لجنوب لبنان بعد اجتياح عام 1982.
شارك (أبو لافي) مع صلاح التعمري في الدفاع عن حقوق الأسرى داخل المعتقل، وطالب بتحسين ظروفهم المعيشية وتوفير الاحتياجات الأساسية لهم، مثل الغذاء والعلاج الطبي، وعمل على مقاومة الظروف السَّيئة التي فرضتها إدارة المعتقل.
شارك أيضاً في تنظيم الإضرابات والاحتجاجات السلمية داخل المعتقل، بهدف الضغط على إدارة المعتقل لتحسين الأوضاع الإنسانية للمحتجزين. شكَّلَتْ هذه الإضرابات وسيلة فعالة للتعبير عن رفض الأسرى للانتهاكات والمطالبة بحقوقهم.
شارك علي كلّم (أبو لافي) ، وبالتعاون مع عمر حميدي فاعور وعمر مصطفى المحمود، بجرأة ، في أول عملية هروب من معتقل أنصار ، كان بطلها الفلسطيني نايف توهان المحمود المعروف بأبي أيمن ، يوم خرج من المعتقل بداخل برميل قمامة . يُعدُّ هذا الحدث من أبرز محطات النضال الفلسطيني في معتقل أنصار ، حيث جسَّد أسمى معاني الشجاعة والتَّحدي في وجه الاحتلال، وأثبت للعالم أن إرادة التَّحرر أقوى من أي جدران أو قيود. كانت مشاركة علي كلّم في هذه العملية كانت مثالاً على التضحية والمقاومة، لتصبح جزءاً لا يُنسى من تاريخ النضال الفلسطيني، حيث لم يكن هدفه فقط الهروب، بل إثبات أنَّ الشعب الفلسطيني لن يستسلم أبداً ، وسيظل يبتكر طرقاً لكسر القيود والتحرر من الظلم مهما بلغت الصعاب.
تَمَّ إطلاق سراحه من معتقل أنصار في عام 1985، وذلك في إطار صفقة تبادل الأسرى التي تمت بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني.
تعرَّض علي كلّم( أبو لافي) لحادث تسمُّم أثناء عملية تبادل الأسرى في عام 1985، نتيجة لعملية خبيثة من قبل الجهات الصهيونية.
تشير التفاصيل إلى أنَّ (أبا لافي) ورفاقه كانوا في مرحلة التبادل عندما شربوا ماءً مُسمَّماً ، ما أدّى إلى تدهور صحتهم. هذا التَّسمُّم كان جزءاً من الإجراءات القاسية التي اتبعتها سلطات الاحتلال في محاولة لإلحاق الأذى بالأسرى الفلسطينيين.
تُبرز هذه الحادثة التحديات والظروف القاسية التي واجهها الأسرى في المعتقلات، كما أنَّها تندرج ضمن الانتهاكات الإنسانية التي تعرَّض لها الأسرى الفلسطينيون خلال فترة الاحتلال.
يُعَدُّ المناضل الفلسطيني علي كلّم (أبو لافي) نموذجاً حيّاً للصمود والتضحيات التي يقدمها الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال والغاشم . كان (أبو لافي) طوال مسيرته ، رمزاً للنضال ضد القهر، مدافعاً عن حقوق الشعب الفلسطيني في الحرية والكرامة. إنَّ تضحياته وجهاده المستمر يعكسان إصرار الفلسطينيين على الحفاظ على هويتهم وأرضهم، وعلى تحقيق حلم العودة والاستقلال. يبقى علي كلّم( أبو لافي) مصدر إلهام للأجيال القادمة، ويؤكد على أنَّ الحقَّ لا بُدَّ أن ينتصر، مهما طال الزمن.
ختامًا، قال لي (أبو لافي) ، بحسرة ، ذات مساء بعد رحلة نضال طويلة ممزوجة بخيبة أمل مريرة : رغم أنَّ الثورة الفلسطينية لم تبلغ في بعض مراحلها مستوى طموحات وتضحيات الشعب الفلسطيني الجبّار العظيم ، إلّا أنَّ هذا الشعب ظلَّ صامداً وصابراً، ومتمسكاً بأرضه وهويته وحقه العادل في الحرية. تضحيات الفلسطينيين التي ملأت صفحات التاريخ بألمها وأملها تظلُّ شاهداً على إصرارهم وإرادتهم التي لا تنكسر، وتستحق قيادة على قدر تلك التضحيات العظيمة ؛ فالثورة الحقيقية للشعب الفلسطيني ليست مجرد حركة أو فترة زمنية، بل هي مسيرة مستمرة من أجل الكرامة والحرية، يقودها الشعب نفسه، بعزيمته الراسخة وروحه المقاومة.
#محمود_كلّم (هاشتاغ)
Mahmoud_Kallam#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟