الصحافة في العراق حرية مقيدة

محمد عبيد حمادي
أكاديمي وكاتب وباحث في الشأن السياسي العراقي والإقليمي
(Mohammed Obaid Hammadi)

الحوار المتمدن-العدد: 8167 - 2024 / 11 / 20 - 14:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

الصحافة هي مرآة الشعوب ووسيلة أساسية لتعزيز الديمقراطية ونقل الحقائق. في العراق، حيث تعيش البلاد في خضم تحولات سياسية واجتماعية مستمرة، تلعب الصحافة دورًا مركزيًا في تشكيل الرأي العام وكشف الفساد وتعزيز قيم الشفافية. ومع ذلك، تبقى هذه الحرية مقيدة، تعاني من تحديات سياسية وأمنية واقتصادية تعرقل قدرتها على القيام بدورها بالكامل.
تصنف العراق ضمن البلدان التي تعاني من تقييد الحريات الصحفية، وفقًا لتقارير المنظمات الدولية مثل منظمة “مراسلون بلا حدود”. على الرغم من أن الدستور العراقي لعام 2005 يكفل حرية التعبير والصحافة، فإن التطبيق على أرض الواقع يكشف عن فجوة بين النصوص القانونية والممارسات الفعلية.
العديد من الصحفيين في العراق يواجهون تهديدات بالقتل أو الاعتقال، خاصة عند تناولهم ملفات الفساد أو انتقادهم لأصحاب النفوذ السياسي. كما أن المؤسسات الإعلامية غالبًا ما تكون تحت ضغط الممولين أو الأحزاب السياسية التي تسعى لتوجيه التغطية الإعلامية بما يخدم مصالحها.
البيئة الأمنية المتوترة في العراق تفرض قيودًا كبيرة على الصحفيين. فاستهداف الإعلاميين والاعتداء على المكاتب الإعلامية أصبحت أحداثًا متكررة، لا سيما في المناطق التي تشهد اضطرابات أمنية.
من جهة أخرى، يُستخدم القضاء أحيانًا كأداة لقمع الصحفيين، حيث تُرفع دعاوى قضائية بتهم التشهير أو نشر أخبار “كاذبة” بهدف إسكات الأصوات الناقدة.
كما يعاني الإعلام العراقي من تحديات اقتصادية تجعل المؤسسات الصحفية تعتمد على التمويل الخارجي أو الدعم الحكومي. هذا الوضع يؤدي إلى غياب الاستقلالية ويفتح المجال لتوجيه السياسات التحريرية بما يخدم أجندات معينة. كما أن تدني الأجور وضعف التأمين المهني يجعل العمل الصحفي مخاطرة يصعب على الكثيرين تحملها.
على الرغم من التحديات، هناك جهود مستمرة لتحسين واقع الصحافة في العراق. تسعى منظمات المجتمع المدني إلى توفير دورات تدريبية للصحفيين، وتعزيز ثقافة الصحافة الاستقصائية، وحماية حقوق الإعلاميين. كما أن الحملات الدولية للضغط على الحكومة العراقية لاحترام حرية الصحافة ساهمت في تحسين بعض المؤشرات على الصعيد الحقوقي.
الصحافة في العراق تواجه قيودًا كبيرة تعيق دورها في بناء مجتمع ديمقراطي. ورغم هذه التحديات، يبقى الأمل معقودًا على وعي الصحفيين والمجتمع بأهمية حرية الإعلام كركيزة أساسية لتحقيق العدالة والمساءلة. مطلوب من الحكومة والمجتمع الدولي اتخاذ خطوات حقيقية لضمان حماية الصحفيين وتعزيز استقلالية المؤسسات الإعلامية لتبقى الصحافة صوتًا للحقيقة لا أداة لخدمة المصالح.

#محمد_عبيد_حمادي (هاشتاغ)       Mohammed_Obaid_Hammadi#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل