سامح عوده
الحوار المتمدن-العدد: 1782 - 2007 / 1 / 1 - 08:06
المحور:
القضية الفلسطينية
نحن بانتظار نهاية الساعات الأخيرة من العام 2006 ليبدأ يوم جديد من عام جديد .. كل عام والجميع بألف خير والوطن بألف خير ... العام 2007 م يبدأ بأعياد إسلامية مسيحية على شعب مازال يعيش تحت الاحتلال .. شعب جعل من التسامح مفهوما للتعايش بين فئات شعبه .. وأديانه المختلفة .. مسيحيون ومسلمون ... نتمنى من الله العلي القدير أن يعم السلام في هذه الديار المقدسة التي لا زالت تعاني غياب السلام والتسامح، في هذا الوقت ازدانت المدن الفلسطينية الأخرى احتفاء بهذه المناسبة فعبرت أجواء الاحتفالات رغم الظروف القاسية التي يعيشها شعبنا عن تلك الوحدة الرائعة بين أبناء شعبنا الواحد مسلمين ومسيحيين وعن روح المحبة والتسامح والإخاء بين أبناء شعبنا.
الجرح عميق ونيران الفرقة ما تزال تشتت جسد الوطن , وتعمق من مأسات وأحزان الإخوة , نحن في أزمة مستفحلة تتنازع المصالح فيها كافة الفرقاء بين سوء تدبير الواقع المر , وبين العجز عن إيجاد ولو أنصاف حلول يمكن أن تخرجنا من هذا المستنقع , لا نعرف اقتناص عشق الأشياء الخالدة ولا تتويج مسيرة المبادئ والشهداء بنتائج أفنى لأجلها البعض زهرة شبابهم في ميادين القتال وبين طاولات سلام منحت البعض الغربة وقادت الآخرون إلى تخوم الموت , نعرف فقط كيف تقودنا دموع الأمهات إلى مواكب لتشييع الشهداء وفيها نتعلم استعمال بنادقنا لأننا في أحسن الأحوال نوجهها لمن هم معنا في نفس الخندق وتتعلم بها فرق الفصائل حرب العصابات في شوارع مدننا المحتلة .
لا شك أننا ونحن على عتبات العام الجديد نعيش حالة من الترقب لما هو قادم .. بسبب الأحداث التي أرقتنا خلال الأيام الماضية ، وما تبعها من إقتتال داخلي .. وحرب بين الأخوة تركت آثارها في كل مكان من هذا الوطن الجريح .. جراح متعددة ، بأيدي الأخوة لم تبرأ بعد .. ولم تجف قطرات الدم النازف في شوارعنا .. بالرغم من ذلك .. فان حمى التسميم الإعلامي مازالت تصم الأذن وتدمع العين بما يصدر من تصريحات من هذا وذاك .. وهنا فما آن لنا أن نستخلص العبر مما حدث ؟
السنا بحاجة الى إعادة النظر في أجندة العام 2006 م وقراءتها بتمعن لمعرفة أين أصبنا وأين أخطانا ؟...
باعتقادي إذا أمعنا النظر في سلسلة الأحداث التي تراكمت ككرة الثلج خلال العام الماضي .. فان إخفاقاتنا كثيرة .. في المقابل لم نحاول ولا في مرة من المرات أن نكون موضوعيين عند كل محطة فشل .. إنها حالة فشل ذريع تعودنا عليها .. ولازمتنا حتى أصبحت جزءً لا يتجزأ من تركيبتنا السياسية والاجتماعية .. لقد مارسنا خلال العام الماضي سلوكيات بعيده كل البعد عن التقاليد والأعراف الفلسطينية .. ونسينا او تناسينا .. حقول الدم التي قدمها شهداؤنا ومناضلونا عبر
قرن من الزمان .. تنكرنا لكل ما هو مقدس وشريف في المشهد الفلسطيني .. وحاولنا أن نعكس صورة قاتمة لواقعنا أمام الآخر .. نقلنا الصراع من صراع
مع الاحتلال الى صراع مع الذات .. وأظهرنا للعالم اجمع ان قضيتنا تمحورت في كرسي زائلة .
المشهد الفلسطيني أرقنا طوال العام ورأينا الخلافات بين الأخوة في "فتح" من جهة و "حماس" من جهة أخرى، والاحتلال لا يقف عند حدود "الفرجة" والتمتع بما يحدث من اقتتال ، بل يعمل على إشعال نار الفرقة ، وهذا القتل بين الإخوة أبناء الوطن الواحد، حتى يجد المحتل بحبوحة من الوقت لتعمل آلته العسكرية في قتل الأبرياء العزل، وكل لحظة تظهر على شاشات التلفاز المشهد الذي صار مألوفاً لدينا المستفيد الوحيد من الأحداث المؤسفة التي دارت خلال الأيام الماضية هي إسرائيل ليس غيرها ، بهدف تعميق الخلاف ليتدهور الوضع الى أسوأ مراحله ، ونجدنا أمام إعفاء من حوار داخلي جاد وحقيقي لتعزيز الوحدة الفلسطينية ولاستثمار النتائج للصالح الفلسطيني العام ولتفويت الفرصة سواء على إسرائيل او غيرها في شق وحدتنا الداخلية.
ولذلك فان المطلوب الآن وقف كل هذه المهاترات الإعلامية والتفرغ للمهمات والمسؤوليات الحقيقية والتحديات الماثلة أمام الرئاسة والحكومة وأمام كل شعبنا على حد سواء. فالمواطن الفلسطيني ينتظر بشغف الأيام القادمة عله يجد فيها خيط أمل تخفف معاناته ، التي تراكمت خلال الأشهر الماضية ، وتقربه من تحقيق حلمه الوطني بالتحرر من الاحتلال وإقامته دولته الفلسطينية التي طالما حلم بها والعيش بأمن وسلام مثل باقي شعوب الأرض، لا ان يظل بين مطرقة الاحتلال ، وسندان الصراع الداخلي الذي سيدفع الجميع ثمنه باهظا اذا ما استمرت خلافاتنا على هذا النحو وإذا ما استمرت طرق إدارتنا لهذه الخلافات بنفس ما شهدناه مؤخرا من أحداث واتهامات وحملات إعلامية مؤسفة ، ليكن عامنا الجديد عام خيرٍ ومحبةٍ .. ُتشرق شمس الحرية على وطننا الغالي وينعم الجميع بالخير والأمان التي طالما حلمنا بهما .
#سامح_عوده (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟