أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم عبدالله - على أعتاب الحب الممنوع: نداء امرأة لا تعود إلى بيت القلب قراءة نقدية في قصيدة : لن اعود لبيت القلب - جنور نامق – اربيل – كردستان العراق . بقلم : كريم عبدالله – العراق .















المزيد.....

على أعتاب الحب الممنوع: نداء امرأة لا تعود إلى بيت القلب قراءة نقدية في قصيدة : لن اعود لبيت القلب - جنور نامق – اربيل – كردستان العراق . بقلم : كريم عبدالله – العراق .


كريم عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 8159 - 2024 / 11 / 12 - 17:19
المحور: الادب والفن
    


على أعتاب الحب الممنوع: نداء امرأة لا تعود إلى بيت القلب
قراءة نقدية في قصيدة : لن اعود لبيت القلب - جنور نامق – اربيل – كردستان العراق .
بقلم : كريم عبدالله – العراق .
قصيدة "لن أعود إلى بيت القلب" للشاعرة جنور نامق هي نصّ شعري يتعامل مع موضوعات الحب والتقاليد والقيود الاجتماعية، وتعبّر عن صراع المرأة مع تاريخ طويل من القمع الاجتماعي والنفسي. من خلال الرمزية، والإيقاع الداخلي، والمفارقات العميقة، تبني القصيدة خطابًا مملوءً بالتوترات بين الرغبات الطبيعية والتوقعات المجتمعية، وبين ما يمكن تسميته "الذات العاطفية" و"الذات الممنوعة". القصيدة، التي ترجمتها يوسف شواني، تحمل في طياتها تأملات في الذات الأنثوية عبر إطار تاريخي وثقافي، ويظهر فيها حضور مكثف للغة الحزن والتمرد.

1. العنوان: "لن أعود إلى بيت القلب"
عنوان القصيدة يمثل النقطة التي تنطلق منها معظم الأسئلة الفلسفية التي تطرحها الشاعرة. "بيت القلب" هنا ليس مجرد مكان مادي، بل هو حالة نفسية وعاطفية وثقافية. قد يشير "بيت القلب" إلى معقل الحب أو الرغبة الإنسانية التي يتوق الإنسان للوصول إليها، ولكنه في السياق الذي تقدمه الشاعرة يمثل أيضًا سجنًا، قيدًا، أو فضاء محصورًا مليئًا بالضغوط الاجتماعية التي تحول دون أن يكون هذا "البيت" مكانًا طبيعيًا للحرية العاطفية. الشاعرة إذًا في العنوان تعلن رفضها العودة إلى هذا البيت، لأنها اكتشفت فيه ليس الأمان والحب، بل القيد والرفض.

2. الزمن والمكان: "قبل ألف سنة"
منذ البداية، تضعنا الشاعرة في حالة من التداخل بين الزمان والمكان. استخدام "قبل ألف سنة" لا يقتصر على تقديم الزمن بطريقة خطية، بل يشير إلى نوع من الديمومة والتكرار، وكأن الشاعرة تتحدث عن معاناة مستمرة عبر العصور. الزمن في القصيدة ليس مجرد مرجع تاريخي، بل هو تكثيف للحالة النفسية والاجتماعية التي تعيشها الشاعرة، حيث يظل الماضي حاضرًا، كأنها في حلقة مفرغة من الخوف والعجز، غير قادرة على الإفلات منه.

وفي المقابل، لا يتحدد المكان بشكل واضح، بل يتمثل في "مدينة القلب"، التي قد تكون بمثابة الرمز للحالة النفسية التي تشعر فيها الشاعرة بأنها سجينة لعواطفها. فهذه المدينة تبدو، من خلال الكلمات الواردة في القصيدة، وكأنها مكان مليء بالمتاهات الداخلية: "مدينة القلب" تصبح سجنًا عاطفيًا، يشبه المستنقع الذي يتكرر فيه الألم.

3. اللغة والصورة الشعرية: الصور الاستعارية والمجازات
تستخدم الشاعرة مجموعة من الصور الاستعارية التي تحاول من خلالها تصوير جفاف العاطفة والشعور بالعجز. على سبيل المثال، في السطر "لم أستطع إرواء الزهور مجددًا"، تعكس الشاعرة حالة من جفاف الحب والتعطش للعاطفة التي لم تعد قادرة على تلبيتها. هنا، الزهور ليست فقط رمزًا للجمال والخصوبة، بل أيضًا تمثل رمزية الخصب العاطفي، الذي أُعاق بسبب القيود الاجتماعية.

كذلك، قولها: "أصبحت لذبولها أصيص أربع حقب" يعكس شعورًا بالجمود العاطفي والروحي. الزمن هنا ليس مجرد تمرير لحظات عابرة، بل هو حالة من الثبات في مكان واحد، مثل الأصيص الذي يحبس الزهور في داخله ويمنعها من النمو. تكرار هذه الصورة يعزز الإحساس بالشلل العاطفي، حيث لا يمكنها إطلاق شعور الحب بحرية.

4. المفارقات الداخلية: التوتر بين الرغبة والخوف
أحد المفاتيح الرئيسية في القصيدة هو التوتر بين رغبة الشاعرة في الحب وبين الخوف الاجتماعي العميق الذي يفرضه الواقع. الشاعرة هنا توضح أنها لا تستطيع تذوق "نكهة القبلات"، رغم وجود الرغبة في ذلك. تقول: "شفتي سكر مر / لا أستطيع أن أتذوق نكهة القبلات"، ما يعكس مشاعر حقيقية من العاطفة المقموعة. السكر هنا ليس متعة أو لذة، بل هو مرارة وفقدان. فكأن العاطفة تتحول إلى عبء ثقيل.

هذا التوتر يتجسد أكثر في عبارتها: "إن لم أكن امرأة عالمة / في فتح الأبواب / دون أن تصدر صريرًا". الشاعرة تشير إلى أنها تتعرض لانتقادات دائمة بسبب تعبيرها عن رغباتها العاطفية والجسدية، وهو أمر يخالف المعايير المجتمعية. الأبواب هنا تمثل حدودًا أو حواجز، ويُطلب منها أن تكون قادرة على تجاوز هذه الحواجز دون إحداث ضجيج أو إثارة الجدل، وهو ما يعكس الضغط الكبير الذي يقع على المرأة لكي تكون "هادئة"، "خاضعة"، و"مؤدبة" في تعبيراتها.

5. الخوف والتقاليد: وراثة العجز
الشاعرة تسهب في الحديث عن تأثير "الوراثة" على تصوراتها العاطفية. تقول: "لقد ورثتها من أمي / الخوف والفزة والتجهم". هنا، تفتح الشاعرة بابًا آخر من التأمل: هل هو التكوين النفسي والجسدي الذي ترثه المرأة عبر الأجيال فقط؟ أم أن المجتمع هو الذي يفرض هذا الشكل من القمع عبر العادات والتقاليد؟ ورثت الشاعرة الخوف والقلق من "أمها"، وبالتالي تكرر نفس الأخطاء نفسها. هذا يشير إلى أن المجتمع والعائلة يعملان كقوى مهيمنة على العواطف الأنثوية، ولا يسمحان للمرأة بالانطلاق أو التعبير بحرية.

6. الرفض النهائي: الرفض لعودة إلى بيت القلب
القصيدة تنتهي بقرار حاسم: "لذلك.. أنا لا أعود إلى بيت القلب!". هذه الجملة النهائية تشكل ذروة التمرد والرفض الذي يبدأ منذ السطور الأولى. الشاعرة ترفض العودة إلى "بيت القلب" لأنه ليس مكانًا للحب الحر النقي، بل مكانٌ للقيود والضغوط. هي تدرك تمامًا أن العودة إلى هذا البيت تعني العودة إلى "الذل"، "الخوف"، و"العجز". ولذلك، تختار الخروج منه، حتى وإن كان ذلك يعني الانقطاع عن الحب أو العاطفة.

الخلاصة
في قصيدة "لن أعود إلى بيت القلب"، تُظهر الشاعرة جنور نامق ببراعة عجز المرأة عن التعبير عن حبها في ظل التقاليد المجتمعية. تعكس القصيدة تجربة المرأة المقهورة العاطفية، الممزقة بين الرغبة في الحب والخوف من التقاليد التي تمنعها من العيش بحرية. الشاعرة تستخدم الرمزية بمهارة لتصوير هذا الصراع الداخلي والتاريخي، وتؤكد في النهاية على ضرورة رفض هذه القيود، حتى وإن كانت العواقب صعبة.

القصيدة :
لن اعود لبيت القلب - جنور نامق - ترجمة يوسف شواني
قبل الف سنة
في مثل هذا اليوم
لم استطع ارواء الزهور مجددا ،
اصبحت لذبولها أصيص اربع حقب ،
كلما مددت شفتي لاي رشفة
كان مزيفا فصل القلب
شفتي سكر مر
لا استطيع ان اتذوق نكهة القبلات
لو يخطفني دعاء الحب الى حضنه
ولكن لِمَ يأخذني !
إن لم اكن امراة عالمة
في فتح الابواب
دون ان تصدر صريرا،
ان كنت جاهلة في ارواء شتلات اللهفة
واطلاق صفوف القبلات في الهواء ..
الان،
استطيع ان اقول
بانني في مدينة القلب
كنت افشل امرأة في هذا التاريخ الأشيب
لم يبق أي كتاب عشق
لم أتمش فيه بملل
دون أن اقدر على ترجمة
نوتات الحب الحمراء الى لغات الفراشة
دون ان تسعفني جرأتي
لاقدم باقة ورد الى يد الحبيب
منذ الف عام
و انا في مدرسة الحب قابعة في نفس الصف !
لقد ورثتها من امي
الخوف والفزة والتجهم!.
منذ الف عام يعلمونني على الطاعة والتقوى ،
امراة تخاف الوقوف امام المطر
كيف لها أن ترتوي !
كيف يمكنها ايقاف حركة الغيوم بالنظرات
كيف تتجرأ ان تكبح الامواج ؟
المنبه ، الصوت ، الخطوط الحمراء
والاوامر الناهية ، لا تفعلي ، لا تذهبي !
تجنني منذ الف عام ،
منذ الف عام و البكاء تخمدني
وتبكي لنفسها ..
انا امرأة ممتلئة بالكذب
اكاد أجفّ بالكمامة
منذ الف عام و انا ارتشف كأس الذعر
فانا تلميذة في صف الحب
دون ان اهدي باقة ورد الى يد الحبيب
دون ان تسعفني جرأتي
لاترجم كلمة العشق
الى لغات الطيور ،
من دون ان استطيع اطلاق قبلة في الهواء.
لذلك ..
انا لا اعود الى بيت القلب !.



#كريم_عبدالله (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -بين زوبعة المشاعر وسكون الثلج: قراءة في صدى العزلة والتوق- ...
- خيوط الخيبة بين الصدفة والتردد: رحلة العم بايز في عالم الأوه ...
- تحت وطأة الغياب: بين صرخات الصمت ورغبات المستحيل قراءة فلسفي ...
- بين الخوف والاشتياق: رحلة العشق في فضاء الغياب قراءة تحليلية ...
- -ماذا لو: غواية الأسئلة وأسطورة الأمل في قصيدة ريما حمزة- قر ...
- -صوتٌ غارقٌ في صمت: تجليات الألم والوحدة في صهيل الرباب- قرا ...
- سيّدةُ وسادةُ الأحلام
- -أبواب جهنم: صراع القلب بين الحب والفراق- قراءة نقدية في قصي ...
- -وجوه العشق: تأملات في ضوء الشوق والحنين- قراءة نقدية تحليلي ...
- في العيون الزرقاء: عذابات الكائنات في زمن بلا ضمير قراءة نقد ...
- جرس الرعب: صرخات الصمت في ساحة المدرسة قراءة في نصّ : مشهد ا ...
- -تجليات الفقد: رحلة في غياهب الوجود- قراءة في قصيدة : أصداء ...
- رحلة إلى أعماق الروح: استكشاف مدن النجاة قراءة في قصيدة : مد ...
- تجليات البحر والأنثى: قصيدة الحب والاضطراب قراءة في قصيدة : ...
- قبلة الكمامات: بين الشغف والاحتراز قراءة في: قبلة الكمامات – ...
- عناق الألم: مشهد من ذاكرة الجرح قراءة في نصّ : بدايةُ حُلُم ...
- حلمٌ يُعانقُ الهشيم: قراءة في ملحمة الغياب والحنين قراءة في ...
- -نورسة الحياة: أنشودة الحزن في صباح بلا ألوان- قراءة في قصيد ...
- الذكريات المكسورة: قراءة في قصيدة ميدوسا وتجليات الحزن والأم ...
- قراءة تحليلية في قصيدة الشاعرة - منيرة الحاج يوسف : ملاذي من ...


المزيد.....




- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم عبدالله - على أعتاب الحب الممنوع: نداء امرأة لا تعود إلى بيت القلب قراءة نقدية في قصيدة : لن اعود لبيت القلب - جنور نامق – اربيل – كردستان العراق . بقلم : كريم عبدالله – العراق .