أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - حالات استثنائية في قصص (‎صوب سماء الأحلام) لصلاح زنكنه / أحمد الباقري















المزيد.....

حالات استثنائية في قصص (‎صوب سماء الأحلام) لصلاح زنكنه / أحمد الباقري


صلاح زنكنه

الحوار المتمدن-العدد: 8156 - 2024 / 11 / 9 - 20:08
المحور: الادب والفن
    


‎يتميز الفن القصصي لصلاح زنكنه في مجموعته القصصية (صوب سماء الأحلام) بالمبالغة والسخرية والاستثناء, يختار القاص زوايا خاصة في الواقع, فيرصدها بذكاء وتتضمن تلك اللقطات الذكية استثناءً في الحدوث، وفي أغلب قصصه يشبه أسلوبه أسلوب زكريا تامر، الأسلوب فقط وليس الموضوع أو الشخصيات، إذ يغلب عليه طابع السخرية انطلاقاً ‎من المثل القائل - شر البلية ما يضحك, ففي قصته الأولى (القيد) ثمة ترميز لحالة إنسانية خاصة قابلة للتعميم, تقييد الانسان، ويمكن أن يكون هذا التقييد هو انعدام الحرية أو قيود التقاليد أو قيود الفقر أو قيود الآخرين. لم يعد الحب علاقة جميلة بين إنسانين متحابين بل اصبح قيداً ثقيلاً، ثم غدا ممجوجاً وتصب عليه اللعنات، فعندما يستيقظ الزوج من نومه يشعر بالقيود تكبل يديه، فيطلب من زوجته أن تفك وثاقه، فتندهش الزوجة من طلبه الغريب هذا، إذ إنها لم ترَ أي أثر لقيد, فتشير الى قيود الحب .. ونشعر بالسخرية في نبرة جوابها، فلعن الزوج هذا الشعور السامي إذ إنه متضايق من قيود أخرى، ثم يعيد طلبه بأن تبعد عنه السلاسل سلاسل حديدية استغربت الزوجة منه وتظن بأنه قد أصيب بلوثة عقلية، فتطلب منه أن يكتب لها عما يشعر به فيأتي جوابه باعثاً على اليأس .. إن الآخرين خاطوا فمه, وعندما لم تحرره الزوجة من قيوده ‎يموت من الأسى واللوعة ... وترى السلاسل تطوق زوجها من قمة رأسه الى أخمص قدميه.
ثمة فانتازيا في هذه القصة وشيء من الميتافيزيقيا, وذلك من خلال هذه الحالة الاستثنائية حين يشعر الإنسان بأنه مقيد بالأغلال في مجتمع من الكائنات البلهاوات الغبية.

وقصة (قيامة الدم) كابوس كافكاوي آخر، يستيقظ الشيخ عند أذان الفجر ليتوضأ، وعندما يفتح صنبور الماء يتدفق منه دم أحمر، وحين تريد المرأة الحائض أن تغتسل من الحيض وتفتح صنبور الماء, يتدفق ذلك السائل الأحمر، وكذلك الطفل الظمآن عندما يفتح صنبور الماء يجري الدم منه. ما هذا العالم الدموي؟ أهو إشارة لعالم الحرب الذي سالت فيه دماء غزيرة, أم عالم الجرائم التي ارتكبت عند غزو الكويت, حيث سالت دماء البشر في عالم العنف ذلك.
‎ثمة خيال قصصي واسع, البلدية راحت تسحب الدماء وترميها خارج المدينة لكنها كانت تعود مرة أخرى, ثمة جهد عابث سيزيفي في هذا الفعل الذي تقوم به البلدية, وكذلك ينبثق العبث مرة أخرى في الصورة القصصية الأخرى (مهندسو الطرق انشأوا ســــدوداً وحفروا مجاري تصريف الدماء، إلا إن دماء أخرى كانت تترك عـــروق أصحابها, تتجحفل مع فيض الدم الذي راح يعلو ويهدر ويجرف الناس والدواب والبيوت.

أما قصة (وبقينا نحن) فهي عن عالم خرب, ترتحل عنه الأشجار ويغدو ميتاً منذراً بالكوارث, يرحل كل شيء عن هذا العالم, الطائرات والقطارات والسفن والبيوت والأسواق والشوارع والأرصفة وحتى الوطن يسافر ويترك مكانه الأثير, ولا يبقى هناك سوى (هم) في قلب الديجور والزمهرير, بقوا يتوسدون الأرض ويلتحفون السماء, كانوا يرتطمون بساحل اليأس وقد قطعت أقدامهم, فغدو كسيحين لا يقوون على الحراك.

وقصة (حصار) فهي عن حالة الإنسان المعاصر، تحاصره الأسرار من كل جانب وتوصد الأبواب دونه. هذه القصة، على الرغم من قصرها، هي خطاب مأساوي موجه لإنسان هذا العصر الذي تحاصره قوى غامضة لا يستطيع الفكاك منها.
أما قصة (حق النباح) فهي بحث عن الحرية، ثمة فانتازيا في جو هذه القصة, كلب هزيل يقرر الرحيل عن بلاده بعد أن أنهكه الجوع، فيلتقي كلبا آخر من بلاد أخرى، فيسأله عن أحوال بلاده وعما قيل عنها : يقال فيها خير وفير؟ فيجيب الكلب الآخر بالموافقة على ذلك الأمر, يستغرب الكلب الأول من رحيل الكلب الآخر عن بلاده, فيهمس هذا الكلب بأذن صاحبه بأن النباح محظور. فيرجع الكلب الأول الى بلاده مع الكلب الآخر.
ثمة ترميز واضح لحالة الإنسان في الأقطار العربية، فكما أن الحرية منعدمة في العراق، فهي منعدمة أيضا في الأقطار العربية، وتصبح الحرية هنا أغلى وأهم من الخبز .. إذن ما جدوى خبز يداف بالذل والإهانة؟

ويمكن أن نعتبر قصة (جهاز السعادة) من الخيال العلمي إلا إن فيها نقداً ساخراً لحالة الإنسان الشقي في عالم مصاب بمحنة الهم. ففي هذه القصة يخترع جهبذ في مملكة ما جهازاً للسعادة .. فتثبت صلاحية هذا الجهاز للاستعمال ... كان عمله يتلخص بإيقاف التفكير .. إذ إن البليد سعيد، وكما قال الشاعر العربي الكبير ابو الطيب المتنبي : ذو العقل يشقى بالنعيم بعقله وأخو الجهالة بالشقاوة ينعم, فينتشر استخدام هذا الجهاز ويقام حفل لمناسبة نجاح هذا الجهاز، غير أن المفاجأة تحدث بانتحار مخترع الجهاز وسط جمهرة الناس الذين لم يحزنوا ولم يتساءلوا برغم المصاب الأليم عن مخترعنا.
ثمة سخرية مريرة في خاتمة هذه القصة, لم يتساءل الناس عن المخترع الذي وفر لهم السعادة، السعادة التي باتوا لا يطيقونها.

أما قصة (صياد الغيوم) فهي عن الإنسان الحالم, ربما ترمز الغيوم الى الأحلام، وهي عن رجل يصيد الغيوم, لكن استمراره بهوايته الغريبة هذه تضر المجتمع، إذ أنه يحجز الغيوم ويؤسرها في أوان زجاجية، فيمنع المطر عن السقوط .. وفي هذه الحالة يحل القحط والجدب في تلك البلاد, وفي (ساعة يأس أو ساعة ثمالة، لا أحد يدري، راح يحطم كل تلك الزجاجات الصماء لتخرج الغيوم من قماقمها ترعد وتبرق وتفيض على الدنيا مطراً غزيراً) وهكذا يموت الصياد وتموت معه أحلامه إثر اندلاع الصواعق المنبعثة من غيومه, أستشف من خلال هذه القصة قتل أحلام الإنسان في عالم الكبت والاضطهاد.

وقصة (طواحين امرأة) خطاب مأساوي عن الأسر، أستشف من خلال سرده المرأة لحالتها المأساوية بأن زوجها قد أعدم في الأسر, فتعيش بعده شقية يطاردها وحش الجوع وتبحث عن لقمة العيش. وفي تلميح في خاتمة القصة ندرك ان المرأة تبيع شرفها لتسدد بفعلتها الشائنة إيجار بيتها بعد أن هددها صاحب البيت وجاء اليها ليلا ليقبض الثمن, ويا له من ثمن باهظ, هذه القصة تقطر إنسانية وأسى وصرخة عالية في وجوه الذين جوعوا الإنسان وجعلوه يبيع أغلى ما لديه شرفه، يمكن أن نعتبرها وثيقة إدانة للنظام السياسي السابق الجائر الذي استحق الإزالة والمحق بسبب جرائمه وانتهاكاته للإنسان, ولكل ما يمت للإنسان بصلة. وأخيراً يضيف صلاح زنكنه صوته الساخر القوي الى الأصوات المجددة في القصة العراقية ويمزق بسكينه الحادة براقع الزيف والتشويه التي تغلف هيكل النظام السياسي المقبور.
إنها علامة شاهقة تشير الى جراحنا ومبضع يشق الدمامل والبثور التي انتشرت على أجسادنا في ذلك الماضي البغيض.
مجلة الأقلام / 2006



#صلاح_زنكنه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عمق الثيمة وبساطة اللغة في أحلام صلاح زنكنه .. مشتاق عبد اله ...
- ثلاث إضاءات على مجموعتي القصصية (وجع مر)
- من أرشيفي الورقي .. حوار أجرته معي الشاعرة كولالة نوري
- سماحيات 32
- ثلاث إضاءات لكتابي وجع مر
- مدن
- أسماء الشهور ومسمياتها عبر التقاويم الرومانية والسريانية وال ...
- خالد بن يزيد / بين الكيمياء والنساء
- لماذا قتل *كعب بن الأشرف* ومن حرض على قتله ؟!
- أكثر دول العالم امتلاكا للمطارات الدولية
- وزارة الزندقة
- أوجه تشابه الشعائر والفرائض الإسلامية مع مثيلتها اليهودية
- سماحيات 31
- ثلاث مطربات انطلقن من رحاب بغداد
- صلاح زنكنه في حوار جديد .. اجراه الصحفي قاسم وداي الربيعي
- # أمة مأزومة ومهزومة # حسبما يقولون ويقرون هؤلاء
- قصة (سيارة سوداء قبعة بيضاء) لصلاح زنكنه / قراءة الناقد علي ...
- محنة العراق .. محنة العراقيين
- خطأ غير مقصود / اقصوصة
- ذو اللحية المباركة / اقصوصة


المزيد.....




- -شظايا رسومات- معرض جماعي لـ9 فنانين تشكيليين بطنجة
- تراجع الإيرادات السينمائية بأميركا.. هل فقدت دور العرض بريقه ...
- “نزلها الآن” تحديث تردد كراميش 2024 على النايل سات وعرب سات ...
- “الحلقـة كاملـه HD” مسلسل قيامة عثمان الحلقة 174 مترجمة للعر ...
- من الستينيات إلى اليوم.. كيف جسدت السينما الفلسطينية شخصياته ...
- سنجاب عالق يفوز بجائزة التصوير الكوميدي للحياة البرية لعام 2 ...
- أول رد للمخرج عمر زهران بعد اتهامه بسرقة مجوهرات شاليمار شرب ...
- رجل أعمال مصري يدعو منتجي الأفلام إلى تصوير أعمالهم في موسكو ...
- لأول مرة.. فاليري غيرغييف يتولى قيادة أوركسترا باليه -كسارة ...
- الشاعر السوري أدونيس بعد سقوط بشار الأسد: -المسألة ليست تغيي ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - حالات استثنائية في قصص (‎صوب سماء الأحلام) لصلاح زنكنه / أحمد الباقري