|
إلى جماعة العدل والإحسان: المتاجرة بمآسي غزة لم تعد مربحة.
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 8139 - 2024 / 10 / 23 - 16:47
المحور:
القضية الفلسطينية
من أقوال محمود درويش: "ستنتهي الحرب ويتصافح القادة، وتبقى تلك العجوز تنتظر ولدها الشهيد، وتلك الفتاة تنتظر زوجها الحبيب، وأولئك الأطفال ينتظرون والدهم البطل. لا أعلم من باع الوطن، ولكنني رأيتُ من دفع الثمن." تلك هي وضعية سكان غزة الذين فقدوا ما يفوق خمسين ألف قتيل وأضعافهم من الجرحى والمعطوبين، ولازالت آلة الحرب الإسرائيلية في همجيتها تحصد أرواح الأبرياء وتدك الأرض والشجر في غزة ولبنان. كل هذا بسبب قرار غير مدروس من قبل قادة حماس، الذين زجوا بالقطاع في حرب غير متكافئة ومن أجل أهداف تخدم الأجندة الإيرانية. جبن الإسلامويين وخبث مسعاهم. في رسالة جماعة العدل والإحسان إلى حماس بعد مرور عام على "طوفان الأقصى"، تباكى أمينها العام على ما هم فيه عناصر حماس " من بلاء مبين ومحنة عظيمة يشيب لها الولدان"، ومعتذرا " عن التقصير في المؤازرة" بسبب "الحدود والقيود" التي يزعم منعها لهم من الالتحاق بالمقاومة. تعليل بئيس واعتذار جبان من زعيم جماعة تفاخرت، على مدى تسعة شهور، بالتحاق أطباء من أعضائها بغزة لتقديم الخدمات. وكانت حينها فرصة لكل الإسلامويين، بالتطوع للقتال في غزة وفي جنوب لبنان ضمن صفوف حزب الله. اليوم تبرر الجماعة تخاذلها بالحدود المغلقة و"اليد المكبلة"، وهي التي لا يتوقف أعضاؤها وقياديوها عن زيارة تركيا والتردد عليها طيلة العام دون أن تمنعهم السلطات المغربية، أو تغلق في وجوههم الحدود أو تحرمهم من جوازات السفر. فالخطوط الجوية مفتوحة ومتاحة نحو كل عواصم تركيا وإيران ولبنان ومصر وسوريا. فعن أي حدود يتحدثون؟ إذ لم يحدث أن تم منع عناصر الجماعة من المغادرة عبر مطارات المغرب أو موانئه. فما الذي منعهم من السفر والالتحاق بغزة أو لبنان؟ الإسلامويون دعاة خراب. لم يستوعب الإسلاموين الدروس مما يحصل في غزة ولبنان من تقتيل ودمار بسبب التهور والرهان الخاسر على "دول الممانعة" في دخول الحرب ضد إسرائيل. ألم يصل إلى علمهم أن الزعيم الإيراني خامنئي أبلغ إسماعيل هنية خلال اللقاء بينهما، في نونبر 2023، أن "إيران لن تدخل الحرب نيابة عن الحركة". بل وصل الأمر بخامنئي إلى حث "هنية على إسكات تلك الأصوات في الحركة الفلسطينية التي تدعو علنا إيران وحليفتها اللبنانية القوية جماعة حزب الله إلى الانضمام إلى المعركة ضد إسرائيل، بكامل قوتهما"، حسب ما صرح به مسؤول الحركة لـ"رويترز". ألم يخاطب محمد الضيف حلفاء محور المقاومة إلى الانضمام إلى النضال:"هذا هو اليوم الذي تلتحم فيه مقاومتكم مع أهلكم في فلسطين"؟ !! ومادام الأمر كذلك، فقد ألقى أمين عام جماعة العدل والإحسان، أسوة بكل التنظيمات الإسلاموية، مسؤولية إعلان الحرب ضد إسرائيل على الحكام العرب. إذا كانت إيران، السمسار المباشر في القضية الفلسطينية، رفضت خوض الحرب ضد إسرائيل نيابة عن الفلسطينيين، فكيف يطالب الإسلامويون الدول العربية، ومنها المغرب، بخوض حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل؟ إن غاية جماعة العدل والإحسان من التحريض على التظاهر وتنظيم المسيرات منذ إعلان حماس عن طوفانها، يوم 7 أكتوبر، ليس تحرير فلسطين، وإنما لتحقيق هدفين رئيسيين لا علاقة لهما بالوضع في غزة. أولهما: استغلال تعاطف الشعب المغربي مع الفلسطينيين في توسيع قاعدة الجماعة واستقطاب أعضاء جدد، بحيث تقدم الجماعة نفسها المناصر لحماس في حربها ضد إسرائيل والمعبر الوحيد عن صوت المواطنين وموقفهم المناهضة للحرب، من جهة، ومن أخرى، تشكيل نواة حاقدة على النظام لتكون بداية "القومة" بعد أن فشلت الجماعة في استغلال وتوظيف حركات احتجاجية سابقة لنفس الغاية. والجماعة، كما هو حال بقية الإسلامويين، لا تريد للحرب أن تنتهي ولا للقضية الفلسطينية أن تُحل، ولا للدولة الفلسطينية أن تقام. ذلك أن استمرار الحرب على غزة يعطي للإسلامويين فرصة الظهور بمظهر المدافع عن فلسطين ويسمح لهم بالاتجار بها وتحقيق مكاسب مادية وسياسية، وضمنها استعراض "القوة العددية" في الشوارع والساحات العمومية. ثانيهما: ممارسة مزيد من الضغوط على الدولة وعلى النظام لتحقيق بعض المكاسب. وأخطر المكاسب التي تراهن عليها الجماعة وحزب العدالة والتنمية هو "الغاء التطبيع" الذي سيعتبره الإسلامويون، في حالة تحققه، انتصارا على النظام سيزيد من شعبيتهم ويقوي شوكتهم. وهذا ما يتوجب التصدي له من طرف الدولة والأحزاب الوطنية والديمقراطية وباقي مكونات المجتمع التي تضع مصلحة الوطن العليا فوق كل اعتبار. فمنذ إبرام الاتفاق الثلاثي بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، والجماعة وخلْفها حلفاؤها، اتخذوا منه خبزهم اليومي، بحيث لا يتركوا أي مناسبة إلا ورفعوا شعار "إسقاط التطبيع". من خبث الجماعة أنها همشت القضية الوطنية الأولى مستهزئة بمن نادوا بجعل تازة قبل غزة. إذ لا تهم الجماعة ومعها باقي تنظيمات الإسلام السياسي، قضية الصحراء المغربية والمؤامرات التي تحاك ضدها، بقدر ما تهمهم غزة التي جرّتها حماس إلى الخراب والدمار، فيما جنبت حكمة السلطة الفلسطينية وحسن تقديرها للأمور، الضفة الغربية المصير الذي آلت إليه غزة ويؤول إليه لبنان. لقد خاطب أمين عام جماعة العدل والإحسان، من جعلوا "تازة قبل غزة" بما يكشف متاجرة الجماعة بالقضية الفلسطينية كالتالي: " ألا يعلم هؤلاء أن نصرة المظلوم واجبة كائنا من كان شرعا وقانونا ومروءة؟ هبْ أن أهل فلسطين ولبنان ليسوا مسلمين ولا عربا، وأن من اعتدى عليهم مسلمون، لكان لزاما علينا أن نحارب إخواننا المسلمين حتى يكفوا عن ظلمهم". "لنتبع الكذاب حتى لباب الدار" كما يقول المثل الشعبي، ونسائل الجماعة: أي موقف اتخذته من تقتيل الإيزيديين وسبي نسائهم من طرف تنظيم داعش؟ ومتى دعت الجماعة إلى مظاهرة أو مسيرة تنديدا بتلك الجرائم؟ وأي موقف للجماعة اليوم من جرائم التقتيل والتهجير في السودان؟ ألا يستدعي مقتل 150 ألف سوداني، من أبريل 2023 إلى غشت 2024، حسب منظمة "جينوسايد ووتش"، تضامنا ونصرة ودعوة لإنهاء الاقتتال؟ هل دم الفلسطيني أزكى من دم السوري والسوداني؟ إن عدم انتصار الإسلامويين لقضايا الإيزيديين والسوريين والسودانيين واليمنيين والليبيين ليس له من تفسير سوى كون تلك القضايا غير مربحة ماديا وسياسيا مقارنة بقضية غزة وفلسطين. ولم يعد خافيا على الشعب المغربي الاستغلال البشع للإسلامويين للدين ولفلسطين. فالمغاربة أدركوا الدوافع الحقيقة لهذه التنظيمات وخدمتها للأجندة الإيرانية التي تعيث تخريبا وتدميرا لدول وشعوب عربية باسم فلسطين؛ وقد فضحتها مؤامراتها ضد المغرب ووحدته الترابية. لهذا رفعوا شعار "تازة قبل غزة" انسجاما مع إيمانهم بأن قضية الصحراء المغربية هي قضيتهم الأولى.
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا منزلة بين الوطنية والعمالة.
-
خالد مشعل في جلباب بن لادن.
-
عام على طوفان الأقصى: التكلفة والمآل.
-
مسؤولية أوروبا في التصدي لجذور الهجرة غير النظامية.
-
أبعاد مؤامرة التحريض على -الحريـﯕ.
-
خلفيات الانقلاب المذهبي للفقيه الريسوني.
-
الفقيه الريسوني من إدانة جرائم إيران إلى الإشادة بها.
-
من صفة الريسونيَيْن اللؤم ونكران الجميل.
-
العداء الجزائري مقابل الانتصار الدبلوماسي المغربي.
-
عنتريات سماسرة حقوق الإنسان تُفسد فرص العفو الملكي.
-
الجزائر صانعة الإرهاب والانفصال والعداء.
-
جماعة العدل والإحسان ولُولُوش فوق الهَدْروش.
-
نهاية الابتزاز والرقص على الحبلين.
-
تجار حقوق الإنسان يتجاهلون انتهاكها في مخيمات تندوف.
-
استهداف الأجهزة الأمنية أعلى درجات الخيانة الوطنية.
-
أوروبا بين فكّي التطرف اليميني والتطرف الإسلاموي(3/3).
-
متى كان لخوانجية وعملاء إيران يؤمنون بالوطن؟ !!
-
أوروبا بين فكّي التطرف اليميني والتطرف الإسلاموي( 2/3).
-
أوروبا بين فكّي التطرف اليميني والتطرف الإسلاموي (1/3).
-
ما موقف عملاء إيران بعد إعلان دعمها للبوليساريو؟
المزيد.....
-
سوريا.. ما حقيقة صورة سجين -الحفرة- في سجن صيدنايا؟
-
أعلام المعارضة ترفرف.. احتفالات في مرتفعات الجولان المحتلة ب
...
-
غانتس: نحن أمام ساعات مصيرية لاستعادة مختطفينا في غزة
-
مقتل 3 جنود إسرائيليين من لواء جفعاتي بشمال غزة .. حيث الحصا
...
-
بعد مفاوضات طويلة.. اتفاق تجارة حرة بين الاتحاد الأوروبي ومي
...
-
بعد ألمانيا.. دول أوروبية تعلق طلبات اللجوء المقدمة من السور
...
-
ماذا يحدث في سوريا وماذا بعد؟ من وجهة نظر العمليات المنهجية
...
-
الجيش الإسرائيلي: مقتل 3 جنود في معارك شمال قطاع غزة
-
إيران تعلن انفتاحها على الحوار مع قيادة سوريا الجديدة
-
سوريون مقيمون في لبنان يعودون لبلادهم.. ما هي المعابر المفتو
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|