صلاح الدين محسن
كاتب مصري - كندي
(Salah El Din Mohssein)
الحوار المتمدن-العدد: 8131 - 2024 / 10 / 15 - 02:51
المحور:
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
من مدونتي 11-10-2024
الثأر عند الأفراد - العائلات - قد يظل كامناً كالجمر تحت الرماد لمدة 40 عاماً ثم يندلع نيراناً .. ليقتص ..
أما الثأر عند الشعوب , فقد يظل كاللغم , تحت رمال الصدور تتوارثه الشعوب , و لعدة عصور ..عصرا بعد عصر - و تتناقله كتب التاريخ - لمئات ولآلاف السنين .. حتي ينفجر اللغم
. تحت ذرائع ومسببات وعوامل انفجار ( حديثة ) عوامل مساعدة - ..
عن مصر واثيوبيا وسد النهضة والنزاع الذي إحتدم جداً حول المياه .. والي أين ؟ وكيف ستكون النهاية !؟
مؤخراً .. وجدت باليوتيوب شرحاً - ببراءة - لحكاية أوبرا عايدة - . الحكاية من أساسها تثير أحقاد وعداوات تاريخية قديمة جداً . تعود لآلاف السنين ! بين شعبي اثيوبيا و مصر ..! اذ قام الجيش المصري .. في قديم الزمان - في العصر الفرعوني - أو " الكيمتي " / لكي لا نغضب أحبائنا الآثاريين المصريين - بغزو اثيوبيا وأسر ملكها , مثلما أسر ابنته الأميرة عايدة - في غزوة سابقة - , ونقلهما لمصر . وعملت الاميرة , خادمة في البلاط الملكي المصري .. ثم تربطها قصة حب مع أمير مصري ,, الخ
القصة إختارها و أعدها ولحنها الايطالي الشهير : جوزيبيه ڤيردي (1813 - 1901) ( Giuseppe Verdi)
الشرح بديع , حيث تقوم به مغنية أوبرا مصرية , الجميلة " فرح الديباني " .. ( لينك بهامش 1 )
اعادة تمثيل أو حكي تلك القصص فيه - وبدون قصد - خطورة شديدة علي السلام بين البلدين
عزيزي القاريء : اعتبر نفسك اثيوبياً وأنت تسمع قصة أوبرا عايدة . عن ذهاب المصريين قديماً بحملة لمحاربة الاثيوبيين وأسر الملك .. , بعد أسر ابنته الأميرة " عايدة " في غزوة حربية سابقة .. .. !!
قبل التاريخ الميلادي , دول كثيرة تبادلت العدوان واحتلال واستعمار بعضها ..
من يعتبر تاريخ بلاده - القديم - في العدوان واحتلال واستعمار دول أخري .. مجداً قوميا ً ! و يتفاخر به ! انما ينكش - ولو دون قصد -علي نفسه وعلي بلاده غبار و نار ثأر قصاص و رغبة في الانتقام ..
والأحري بانسان متحضر , اذا ما ذكر ذلك عن بلاده , أن يعتبر عن أسفه وإعتذاره للشعوب التي سبق لأجداده القدماء , الاعتداء عليهم ..
تنمية التجارة وازدهارها بين الدول . يعوق انفجار ألغام الثأر والأحقاد التاريخية .. كما في عهد حتشبسوت - الملكة الفرعونية - التي حكمت 21 سنة . كان عصر رخاء بالداخل . وغالية عصرها كان سلام مع الجيران بالخارج .
فلتظل عداءات وحروب واستعمار ما قبل التاريخ القديم .. مدفونه في طي سجلات المؤرخين .. وتكفي البشرية , عداءات وعدوانيات عصرنا الحالي , وفظائع المستعمرين في القرنين الماضيين . و.. و .. فظائع الاستعمار الجديد , الموجود حالياً ! (الاستعمار بالوكالة ) في نهب ثروات الشعوب واستعبادها .
هذه القصة - أوبرا عايدة - ولو انها عمل أوبرالي - عالمي - :
صورة ملصق عرض أوبرا عايدة عام 1908م في كليفلاند - أوهايو الولايات المتحدة / وصور أخري - قبلها - ذوات صلة ( انظر هامش * ) ..
إلا ان اعادة عرض أو طرح الحديث عن - أوبرا عايدة - سواء وقت ظهورها , أو الآن - يثير حساسيات تاريخية وثأر للإثيوبيين ضد مصر والمصريين
( يوجد إثيوبيون كثيرون يجيدون العربية ، وتابعت طويلا في الميديا مناقشات غير ودية ، دارت حول سد النهضة . بين مصريين ينقصهم الوعي والدبلوماسية ، وعندهم غوغائية تؤجج من نيران الخلاف و المشكلة ، ويستفزون حماقات وعصبيات ، موجودة عند قادة اثيوبيا وكثيرين من شعبها للانتقام من مصر عن طريق حجز المياه ، وتعنتهم معها في المفاوضات الي درجة الاذلال . وليس سراً ان اثيوبيا. ماضية في بناء سدود أخري ( بتحريض من دولة بل دول معادية لمصر ) لجعل النيل بحيرة اثيوبية ، وحجب الماء عن مصر تماما ، وفِي ذلك أشد انتقام يؤدي لهلاك مصر والمصريين ( ثأر تاريخي . يحتاج اللي حكمة سياسية ودبلوماسية , في إدارة الأزمة . أما الغوغاء من البلدين فيبتعدون ويكفوا عن مجادلاتهم السيئة بالانترنت ) .
عندما احتفل الاثيوبيون بالملء الأول لبحيرة السد الاثيوبي .. أجري الاعلام الاثيوبي لقاءات - ظهرت بالفيديوهات ,مترجمة للعربي - مع المواطنين الاثيوبيين المحتفلين بداخل اثيوبيا , كانوا يعبرون عن فرحتهم ليس فقط بالمشروع والخير الذي سيأتي به , بل الفرحة كانت بالانتصار علي العدو المصري ! الذي يتعالي عليهم ويصفهم بالعبيد .. !
و لعل هذا - مؤخراً - تسبب فيه ( بقدر أو بآخر) بعض غوغاء المصريين -بالانترنت - , وسؤ تعبيراتهم عند مجادلاتهم لاثيوبيين من نفس النوعية الغوغائية . حول انشاء سد النهضة .. والشتائم والبذاءات المتبادلة - تطفح من خلالها ضغائن تاريخية قديمة - . تشعل حرائق , تطول العلاقة الودية بين الشعبين .. وقد اضطررت للتدخل - بالتعليق - أكثر من مرة , لأطلب المتحاورين بالابتعاد عن ذاك الأسلوب في الحوار . فالشعوب هي التي تدفع أثمان التكاليف الباهظة للحروب ..
تلك الحوارات المؤسفة , كانت قد دارت باللغة العربية . و من الواضح منها , وجود اثيوبيين يجيدون العربية . أغلب الظن انهم من مسلمي اثيوبيا و يقيمون بالقاهرة كطلاب حاصلين علي مِنَح دراسية مجانية بالأزهر - أو انهم من خريجي الأزهر . تعلموا العربية بمصر. ويقيمون في بلدهم اثيوبيا . وربما من بعض العاملين بالسلك الدبلوماسي بسفارة اثيوبيا في القاهرة .. ممن يجيدون العربية ( " آبي أحمد " نفسه / رئيس حكومتهم . من مسلمي إثيوبيا - كما هو واضح من الاسم . وان لم يعرف اللغة العربية )
نعود لأوبرا عايدة .. فأقول : أُرجح أن مؤلفها لم يكن حسن النية في إختيار تلك القصة الفرعونية .. حيث فيها نبش تاريخي يضر بالعلاقات بين إثيوبيا ومصر ..
هذا ما أرجحه وأتهم به " جوزيبيه ڤيردي" (1813 - 1901) . بانه كان ينفذ وسوسة سياسية إستعمارية لفنان . ليهيّء المناخ المساعد للأطماع الاستعمارية الايطالية. بعمل أوبرالي , يثير فتنة بين دولتين , من عداوات تاريخية قديمة , موجودة في طبقة سحيقة من جيولوجيا التاريخ .
ولاسيما انه في نفس سنوات تاريخ الاعداد و العزم علي عرض أوبرا عايدة ,في مصر , بمناسبة افتتاح قناة السويس - عهد الخديو اسماعيل - .. كان امبراطور اثيوبيا - الحبشة وقتذاك - " ثيودور الثاني " من سنة 1855 إلى سنة 1868 . يخطط لمنع وصول ماء النيل الأزرق عن مصر - 90% من مياه النيل التي تصل لمصر ! -
وننقل : لم تبدأ الأطماع الإيطالية في إحتلال الحبشة في الثلاثينات من القرن العشرين، وإنما بدأت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي ( من 1850 فما بعدها ) ، فبعد أن خطّطت إيطاليا واستولت .. الخ ...
https://journals.ekb.eg/article_21121.html
----- و حيث انها لا تزال " أوبرا عايدة " , تعد واحدة من الأوبرات العالمية ! - وليست فتنة و اثارة ضغينة تاريخية قديمة بين اثيوبيا ومصر ! - , ويمكن لأي مثقف - أو فنان - مصري - أن يتكلم عنها ببراءة .. !
لذا فلا غرو من أن تطالعنا الأخبار في أيامنا هذه - بما ستجدونه علي العديد من قناوات اليوتيوب وبالفيسبوك :
الجيش الإثيوبي يهدد مصر ويصفها بالعدو التاريخي ( التاريخي .. )
رئيس أركان الجيش الإثيوبي يقول : عدونا التاريخي هو مصر .
كما تبين أعلاه , ايطاليا - في القرن التاسع عشر , منذ حوالي 170 سنة , كانت تخطط لاحتلال الحبشة - إثيوبيا - وقت الاعداد لعرض أوبرا عايدة .. التي تثير وتحرض الحبشة اثيوبيا - علي مصر والمصريين .. لادخال الحبشة في حربين لا حرب واحدة .. مما يساعد علي هزيمتها ويُمَكِّن إيطاليا من إحتلالها ..
واليوم .. يوجد من يحرض الحبشة - اثيوبيا - أيضاً , ويمولها لبناء سد النهضة . لحبس ماء الحياة .. عن مصر وشعبها ..
( من ضمن - وفي مقدمة هؤلاء المحرضين والممولين , من هم محسوبون كأعداء لمصر ,, ومن هم محسوبون زوراً وكذباً , انهم أخوة وأشقاء ! ) ..
-----
هوامش - لينكات :
هامش1 :
فرح الديباني تقرأ أوبرا عايدة :
https://www.facebook.com/share/v/cjL8DQE9iBebu8KZ/
هامش * :
ملصق عرض أوبرا عايدة عام 1908م في كليفلاند - أوهايو الولايات المتحدة - ومعه ( قبله ) صور أخري ذوات صلة :
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%84%D9%81:Aida_poster_colors_fixed.jpg
------
#صلاح_الدين_محسن (هاشتاغ)
Salah_El_Din_Mohssein#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟